فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه

( بابُُ ذِكْرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورِوايَتِهِ عنْ رَبِّهِ)

أَي هَذَا بابُُ فِي ذكر النَّبِي وَرِوَايَته عَن ربه أَي: بِدُونِ وَاسِطَة جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَيُسمى بِالْحَدِيثِ الْقُدسِي.
وَقَالَ صَاحب التَّوْضِيح معنى هَذَا الْبابُُ أَنه روى عَن ربه السّنة كَمَا روى عَنهُ الْقُرْآن، وَهَذَا مُبين فِي كتاب الله { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى}


[ قــ :7138 ... غــ :7536 ]
- حدّثني مُحَمَّدُ بنُ عبْده الرَّحِيمِ، حَدثنَا أبُو زَيْدٍ سَعيدُ بنُ الرَّبِيعِ الهَرَوِيُّ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ قتادَةَ عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْوِيهِ عنْ رَبِّهِ قَالَ: إذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إليَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعاً، وإذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِراعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ باعاً، وإذَا أَتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم الَّذِي يُقَال لَهُ صَاعِقَة، وَسَعِيد بن الرّبيع بياع الثِّيَاب الهروية روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي جَزَاء الصَّيْد بِدُونِ الْوَاسِطَة.

والْحَدِيث يَأْتِي الْآن عَن أنس عَن أبي هُرَيْرَة، فعلى هَذَا الحَدِيث مُرْسل صَحَابِيّ.

والهرولة: الْإِسْرَاع، وَنَوع من الْعَدو وأمثال هَذِه الإطلاقات لَيست إِلَّا على التَّجَوُّز إِذْ الْبَرَاهِين الْعَقْلِيَّة قَائِمَة على استحالتها على الله تَعَالَى، فَمَعْنَاه: من تقرب إِلَيّ بِطَاعَة قَليلَة أجزيته بِثَوَاب كثير، وَكلما زَاد فِي الطَّاعَة أَزِيد فِي الثَّوَاب، وَإِن كَانَ كَيْفيَّة إِتْيَانه بِالطَّاعَةِ على التأني تكون كَيْفيَّة إتياني بالثواب على السرعة، وَالْغَرَض أَن الثَّوَاب رَاجِح على الْعَمَل مضاعف عَلَيْهِ كَمَا وكيفاً، وَلَفظ التَّقَرُّب والهرولة إِنَّمَا هُوَ على سَبِيل المشاكلة أَو طَرِيق الِاسْتِعَارَة أَو على قصد إِرَادَة لوازمها.





[ قــ :7139 ... غــ :7537 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، عنْ يَحْياى عنِ التَّيْمِيِّ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: رُبَّما ذَكَر النبيَّ قَالَ: إذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ مِنِّي شِبْراً، تَقَرَّبْتَ مِنْهُ ذِراعاً، وإذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِراعاً، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ باعاً أوْ بُوعاً
وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أبي سَمِعْتُ أنَساً عنِ النبيَّ يَرْوِيهِ عنْ رَبِّهِ عَزَّ وجَلْ
انْظُر الحَدِيث 7405 وطرفه
هَذَا الحَدِيث مثل الحَدِيث الَّذِي مضى غير أَن أنسا هُنَا يروي عَن أبي هُرَيْرَة وَهُنَاكَ روى عَن النَّبِي، وَهنا أَيْضا قَالَ مُعْتَمر بن سُلَيْمَان سَمِعت أبي سُلَيْمَان بن طرخان قَالَ سَمِعت أنسا يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيق بَيَان التَّصْرِيح بالرواية فِيهِ عَن الله عز وَجل، وَقد وَصله مُسلم من رِوَايَة مُعْتَمر.

وَيحيى هُوَ الْقطَّان، والتيمي هُوَ سُلَيْمَان بن طرخان.

قَوْله رُبمَا ذكر النَّبِي، أَي: رُبمَا ذكر أَبُو هُرَيْرَة النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، كَذَا فِي الرِّوَايَات كلهَا، وَلَيْسَ فِيهِ الرِّوَايَة عَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وروى مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا يحيى هُوَ ابْن سعيد وَابْن أبي عدي كِلَاهُمَا عَن سُلَيْمَان، فَذكره بِلَفْظ: عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، قَالَ: قَالَ الله عز وَجل فَإِن قلت: قَالَ هُنَا إِذا تقرب العَبْد مني وَفِي الحَدِيث السَّابِق قَالَ: إِذا تقرب العَبْد إِلَيّ قلت: الأَصْل: من، واستعماله بإلى لقصد معنى الِانْتِهَاء، وَالصَّلَاة تخْتَلف بِحَسب الْمَقْصُود.
قَوْله: أَو بوعاً قَالَ الْخطابِيّ: البوع مصدر بَاعَ إِذا مد بَاعه وَيحْتَمل أَن يكون جمع بَاعَ مثل سَاق وسوق، وَمعنى الحَدِيث مضاعفة الثَّوَاب حَتَّى يكون مشبهاً بِفعل من أقبل نَحْو صَاحبه قدر شبر فَاسْتَقْبلهُ صَاحبه ذِرَاعا، وَقد يكون معنه التَّوْفِيق لَهُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يقرب فِيهِ.





[ قــ :7140 ... غــ :7538 ]
- حدّثنا آدَمُ، حدّثنا شُعْبَةُ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ زِيادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ يَرْوِيهِ عنْ ربِّكُمْ قَالَ: لِكلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ والصَّوْمُ لِي، وَأَنا أجْزِي بِهِ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مضى فِي الصّيام بأتم مِنْهُ فِي: بابُُ فضل الصَّوْم من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَمضى أَيْضا فِي التَّوْحِيد فِي بابُُ قَوْله الله تَعَالَى: { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}
قَوْله: لكل عمل أَي: من الْمعاصِي كَفَّارَة أَي: مَا يُوجب سترهَا وغفرانها، قيل: جَمِيع الطَّاعَات لله.
وَأجِيب بِأَن الصَّوْم لم يتَقرَّب بِهِ إِلَى معبود غير الله بِخِلَاف غَيره من الطَّاعَات.
فَإِن قلت: جَزَاء الْكل من الله تَعَالَى؟ قلت: رُبمَا فوض جَزَاء غير الصّيام إِلَى الْمَلَائِكَة.
قَوْله: ولخلوف بِضَم الْخَاء؛ الرَّائِحَة المتغيرة للفم.
فَإِن قلت: الله منزه عَن الأطيبية.
قلت: هُوَ على سَبِيل الْفَرْض، يَعْنِي: لَو فرض لَكَانَ أطيب مِنْهُ.
فَإِن قلت: دم الشَّهِيد كريح الْمسك والخلوف أطيب مِنْهُ فالصائم أفضل من الشَّهِيد؟ قلت: منشأ الأطيبية رُبمَا تكون الطَّهَارَة لِأَنَّهُ طَاهِر، وَالدَّم نجس.
فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي تَحْرِيم إِزَالَة الدَّم مَعَ أَن رَائِحَته مُسَاوِيَة لرائحة الْمسك وَعدم تَحْرِيم إِزَالَة الخلوف مَعَ أَنه أطيب مِنْهُ؟ قلت: إِمَّا أَن تَحْصِيل مثل ذَلِك الدَّم محَال بِخِلَاف الخلوف، أَو أَن تَحْرِيمه مُسْتَلْزم للجرح، أَو رُبمَا يُؤَدِّي إِلَى ضَرَر كأدائه إِلَى النَّحْر، أَو أَن الدَّم لكَونه نجسا وَاجِب الْإِزَالَة شرعا.





[ قــ :7141 ... غــ :7539 ]
- حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ قتادَةَ.
ح.

     وَقَالَ  لي خَلِيفَةُ: حدّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، عنْ سَعيدٍ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أبي العالِيَةِ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيما يَرْوِيهِ عنْ رَبِّهِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أنْ يَقُولَ: إنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بنِ مَتَّى، ونَسَبَهُ إِلَى أبِيهِ

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فِيمَا يرويهِ عَن ربه
وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة رفيع مُصَغرًا عَن ابْن عَبَّاس.
وَالثَّانِي: بطرِيق المذاكرة عَن خَليفَة بن خياط عَن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن زُرَيْع مصغر زرع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة ... إِلَى آخِره، وَسَاقه على لفظ سعيد، وَمضى الحَدِيث فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، فِي تَرْجَمَة يُونُس، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن حَفْص بن عمر بالسند الْمَذْكُور هُنَا، وَمضى أَيْضا فِي تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام، وَصرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ عَن ابْن عَبَّاس.

قَوْله: وَنسبه إِلَى أَبِيه جملَة حَالية مُوضحَة، وَقيل: مَتى اسْم أمه وَالْأول أصح عِنْد الْجُمْهُور، وَإِنَّمَا خصصه من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء لِئَلَّا يتَوَهَّم غَضَاضَة فِي حَقه بِسَبَب نزُول قَوْله تَعَالَى: { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} قَوْله: إِنَّه خير ويروى: أَنا خير، وَهِي الْأَشْهر.
قَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل لفظ: أَنا، أَن يكون كِنَايَة عَن رَسُول الله، أَو عَن كل مُتَكَلم، وَإِنَّمَا قَالَه مَعَ أَنه سيد ولد آدم قبل علمه بِأَنَّهُ سيدهم وأفضلهم، أَو قَالَه تواضعاً وهضماً لنَفسِهِ.





[ قــ :714 ... غــ :7540 ]
- حدّثنا أحْمَدُ بنُ أبي سُرَيْجٍ، أخبرنَا شَبابَُةُ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ مُعاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عنْ عَبْدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ قَالَ: رَأيْتُ رسولَ الله يَوْمَ الفَتْحِ عَلى ناقَةٍ لهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ، أوْ: مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ، قَالَ: فَرَجَّعَ فِيها.
قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعاوِيَةُ يَحْكِي قراءَةَ ابنِ مُغَفَّلٍ،.

     وَقَالَ : لوْلا أنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِي النبيَّ فَقُلْتُ لِمُعاوِيَةَ كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ قَالَ:، ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

ا
تعلق هَذَا الحَدِيث بِالْبابُُِ من حَيْثُ إِن الرِّوَايَة عَن الرب أَعم من أَن تكون قُرْآنًا أَو غَيره بالواسطة أَو بِدُونِهَا، لَكِن الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن المتداول على الْأَلْسِنَة مَا كَانَ بِغَيْر الْوَاسِطَة.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: معنى هَذَا الْبابُُ لَهُ، روى عَن ربه السّنة كَمَا روى عَنهُ الْقُرْآن، وَدخُول حَدِيث ابْن مُغفل فِيهِ للتّنْبِيه على أَن الْقُرْآن أَيْضا رِوَايَة لَهُ عَن ربه.
وَقيل: قَول النَّبِي، قَالَ الله، و: روى عَن ربه، سَوَاء.

وَشَيخ البُخَارِيّ أَحْمد بن أبي سُرَيج مصغر السرج بِالسِّين الْمُهْملَة وبالراء وبالجيم واسْمه الصَّباح أَبُو جَعْفَر النَّهْشَلِي الرَّازِيّ، وشبابُة بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الباءين الموحدتين ابْن سوار بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو وبالراء الْفَزارِيّ بِالْفَتْح، وَمُعَاوِيَة بن قُرَّة الْمُزنِيّ، وَعبد الله بن مُغفل بِضَم الْمِيم وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْفَاء الْمَفْتُوحَة الْمُزنِيّ ويروى الْمُغَفَّل بِالْألف وَاللَّام.

وَمضى الحَدِيث فِي فَضَائِل الْقُرْآن فِي: بابُُ الترجيع.

قَوْله: فَرجع فِيهَا من الترجيع وَهُوَ ترديد الصَّوْت فِي الْحلق وتكرار الْكَلَام جَهرا بعد إخفائه، وَقَول مُعَاوِيَة يدل على أَن الْقِرَاءَة بالترجيع والألحان أَن تجمع نفوس النَّاس إِلَى الإصغاء والفهم، ويستميلها ذَلِك حَتَّى لَا يكَاد يصير عَن اسْتِمَاع الترجيع المشوب بلذة الْحِكْمَة المفهمة.
قَوْله: كَيفَ كَانَ ترجيعه؟ قَالَ: ثَلَاث مَرَّات.
فَإِن قلت: فِي رِوَايَة مُسلم بن إِبْرَاهِيم فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح عَن شُعْبَة: قَالَ مُعَاوِيَة: لَو شِئْت أَن أحكي لكم قِرَاءَته لفَعَلت، وَهَذَا ظَاهره أَنه لم يرجع.
قلت: يحمل الأول على أَنه حكى الْقِرَاءَة دون الترجيع.



( بابُُ مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِير التَّوْرَاةِ وغَيْرِها مِنْ كُتُبِ الله بِالعَرَبِيَّةِ وغيْرِهالِقَوْلِ الله تَعَالَى: { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَاءِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يجوز من تَفْسِير التَّوْرَاة وَغَيرهَا مثل الْإِنْجِيل وَالزَّبُور والصحف الَّتِي نزلت على بعض الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، بِالْعَرَبِيَّةِ أَي: باللغة الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا من اللُّغَات.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَوْله: تَفْسِير التوارة وَغَيرهَا، وَكتب الله عطف الْخَاص على الْعَام، وَفِي بعض النّسخ لم يُوجد لفظ وَغَيرهَا، فَهُوَ عطف الْعَام على الْخَاص، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بالعبرانية مَوضِع الْعَرَبيَّة.
قَوْله: لقَوْل الله تَعَالَى: { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَاءِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} قيل: الْآيَة لَا تدل على التَّفْسِير وَأجِيب بِأَن الْغَرَض أَنهم يتلونها حَتَّى يترجم عَن مَعَانِيهَا، وَالْحَاصِل أَن الَّذِي بِالْعَرَبِيَّةِ مثلا يجوز التَّعْبِير عَنهُ بالعبرانية وَبِالْعَكْسِ، وَهل تَقْيِيد الْجَوَاز لمن لَا يفقه ذَلِك اللِّسَان أَو لَا؟ الأول قَول الْأَكْثَرين، وَقد كَانَ وهب بن مُنَبّه وَغَيره يترجمون كتب الله إلاَّ أَنه لَا يقطع على صِحَّتهَا لقَوْله، لَا تصدقوا أهل الْكتاب فِيمَا يفسرونه من التَّوْرَاة بِالْعَرَبِيَّةِ، لثُبُوت كتمانهم لبَعض الْكتاب وتحريفهم لَهُ.



[ قــ :714 ... غــ :7541 ]
- وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أَخْبرنِي: أبُو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ أنَّ هِرَقْلَ دَعا تُرْجُمانَهُ، ثُمَّ دَعا بِكتابِ النبيِّ فَقَرأهُ بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله ورسولِهِ إِلَى هِرَقْلَ: { قُلْ ياأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبابًُُا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} الْآيَة.

ا
هَذَا قِطْعَة من الحَدِيث الطَّوِيل الَّذِي مضى مَوْصُولا فِي بَدْء الْوَحْي.

وَأَبُو سُفْيَان صَخْر بن حَرْب الْأمَوِي وَالِد مُعَاوِيَة، وهرقل اسْم قَيْصر الرّوم، والترجمان الَّذِي يعبر بلغَة عَن لُغَة.

قَوْله: دَعَا ترجمانه وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بترجمانه، وَكَانَ غَرَض النَّبِي، فِي إرْسَاله إِلَيْهِ أَن يترجم عِنْده ليفهم مضمونه، وَاحْتج أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِحَدِيث هِرقل وَأَنه دَعَا ترجمانه وَترْجم لَهُ كتاب رَسُول الله، بِلِسَانِهِ حَتَّى فهمه على أَنه يجوز قِرَاءَته بِالْفَارِسِيَّةِ،.

     وَقَالَ : إِن الصَّلَاة تصح بذلك.