فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق

(بابٌُُ .

     قَوْلُهُ : { وَتُخْفَى فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أحَقُّ أنْ تَخْشَاهُ} (الْأَحْزَاب: 73)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وتخفي فِي نَفسك} وَأول الْآيَة: { وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك} الْآيَة.
نزلت فِي زَيْنَب بنت جحش كَمَا يَأْتِي الْآن، وقصتها مَذْكُورَة فِي التَّفْسِير، وحاصلها.
أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى ذَات يَوْم إِلَى زيد بن حَارِثَة مَوْلَاهُ لحَاجَة فأبصر زَيْنَب بنت جحش زَوجته قَائِمَة فِي درعها وخمار فَأَعْجَبتهُ وَكَأَنَّهَا وَقعت فِي نَفسه، فَقَالَ: سُبْحَانَ الله مُقَلِّب الْقُلُوب، وَانْصَرف فجَاء زيد فَذكرت لَهُ فَفِي الْحَال ألْقى الله كراهتها فِي قلبه، فَأَرَادَ فراقها، فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أُفَارِق صَاحِبَتي.
فَقَالَ لَهُ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اتَّقِ الله وَأمْسك عَلَيْك زَوجك، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ تَقول} أَي: اذكر حِين تَقول: { للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي: بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ زيد بن حَارِثَة.
(وأنعمت) أَنْت عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ (وتخفي فِي نَفسك) أَن لَو فَارقهَا تَزَوَّجتهَا، وَعَن ابْن عَبَّاس: تخفي فِي نَفسك حبها.
قَوْله: (مَا الله مبديه) ، أَي: الَّذِي الله مظهره (وتخشى النَّاس) أَي: تستحيهم، قَالَه ابْن عَبَّاس وَالْحسن، وَقيل: تخَاف لائمة النَّاس أَن يَقُولُوا: أَمر رجلا بِطَلَاق امْرَأَته ثمَّ نَكَحَهَا حِين طَلقهَا،.

     وَقَالَ  ابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَالْحسن: مَا نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، آيَة أَشد عَلَيْهِ من هَذِه الْآيَة.
قَوْله: (وَالله أَحَق أَن تخشاه) ، لَيْسَ المُرَاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خشِي النَّاس وَلم يخْش الله بل الْمَعْنى أَن الله أَحَق أَن تخشاه وَحده وَلَا تخش أحدا مَعَه وَأَنت تخشاه وتخشى النَّاس أَيْضا، فَاجْعَلْ الخشية لله وَحده، وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي حَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَن العَبْد غير ملوم على مَا يَقع فِي قلبه من مثل هَذِه الْأَشْيَاء مَا لم يقْصد فِيهِ المأثم.



[ قــ :4527 ... غــ :4787 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حدَّثنا مُعَلَّى بنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادٍ بنِ زَيْدٍ حدَّثنا ثَابِتٌ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّ هاذِهِ الآيَةَ: { وَتُخْفَى فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ} (الْأَحْزَاب: 73) نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ وَزَيدٍ بنِ حَارِثَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ صَاعِقَة.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عَبدة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان لؤين لقب لَهُ.