فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب

( بابٌُ كيْفَ آخَى النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ أصْحَابِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَيْفيَّة إخاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه، قَالَ أَبُو عمر: كَانَت المؤاخاة مرَّتَيْنِ مرّة بَين الْمُهَاجِرين خَاصَّة، وَذَلِكَ بِمَكَّة.
وَمرَّة بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَهَذِه هِيَ الْمَقْصُودَة هُنَا.

وقالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ آخَى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنِي وبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ
هَذِه قِطْعَة من حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ بِتَمَامِهِ فِي الْبيُوع فِي أول بابُُ من أبوابه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز ابْن عبد الله عَن أبراهيم بن سعد عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: قَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: لما قدمنَا الْمَدِينَة آخى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيني وَبَين سعد بن الرّبيع ... الحَدِيث.

وَقَالَ أبُو جُحَيْفَةَ آخَى النَّبِيُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ سَلْمانَ وأبِي الدَّرْدَاءِ
أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء: اسْمه وهب بن عبد الله السوَائِي، وَهُوَ من صغَار الصَّحَابَة، قيل: مَاتَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لم يبلغ الْحلم، نزل الْكُوفَة وابتنى بهَا دَارا، مَاتَ فِي سنة أَربع وَسبعين، وَهَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ بِتَمَامِهِ فِي كتاب الصّيام فِي: بابُُ من أقسم على أَخِيه ليفطر فِي التَّطَوُّع، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن جَعْفَر بن عَوْف عَن أبي العميس عَن عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه، قَالَ: آخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَى آخِره.



[ قــ :3754 ... غــ :3937 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قدِمَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ فآخَى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَهُ وبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيِّ فعَرَضَ عَلَيْهِ أنْ يُنَاصِفَهُ أهْلَهُ ومالَهُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بارَكَ الله لَكَ فِي أهْلِكَ ومالِكَ دُلَّنِي على السُّوقِ فرَبِح شَيْئَاً مِن أقِطٍ وسَمْنٍ فرآهُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ أيَّامٍ وعَلَيْهِ وضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقال النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمانِ قَالَ يَا رسُولَ الله تَزَوَّجْتُ امْرَأةً مِنَ الأنْصَارِ قَالَ فَما سُقْتَ فِيهَا فَقال وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْلِمْ ولَوْ بِشَاةٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن فِيهِ كَيْفيَّة المؤاخاة، وَمُحَمّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، والْحَدِيث مر فِي كتاب الْبيُوع فِي أول أبوابه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زُهَيْر عَن حميد عَن أنس إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( قدم عبد الرَّحْمَن) أَي: الْمَدِينَة، ويروى بِوُجُود لفظ: الْمَدِينَة.
قَوْله: ( فربح) الْفَاء فِيهِ فَاء الفصيحة، أَي: فدله فَذهب فاتجر فربح.
قَوْله: ( وَعَلِيهِ وضر) الْوَاو فِيهِ للْحَال، والوضر، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة: اللطخ من الخلوق أَو طيب لَهُ لون.
قَوْله: ( مَهيم) بِفَتْح الْمِيم وَالْيَاء آخر الْحُرُوف: أَي: مَا الْخَبَر.
قَوْله: ( نواة) ، بالنُّون وَهُوَ وزن خَمْسَة دَرَاهِم.
وَفِيه: أَن الْوَلِيمَة بعد الْبناء.
<

( بابٌُ)

أَي: هَذَا بابُُ إِن قَدرنَا هَكَذَا يكون لفظ بابُُ معرباً، وَإِلَّا فَهُوَ غير مُعرب، لِأَن الْإِعْرَاب يَسْتَدْعِي التَّرْكِيب، وَهُوَ كالفصل للبابُ الَّذِي قبله.


[ قــ :3755 ... غــ :3938 ]
- ( حَدثنِي حَامِد بن عمر عَن بشر بن الْمفضل حَدثنَا حميد حَدثنَا أنس أَن عبد الله بن سَلام بلغه مقدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة فَأَتَاهُ يسْأَله عَن أَشْيَاء فَقَالَ إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ إِلَّا نَبِي مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة وَمَا أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة وَمَا بَال الْوَلَد ينْزع إِلَى أَبِيه أَو إِلَى أمه قَالَ أَخْبرنِي بِهِ جِبْرِيل آنِفا قَالَ ابْن سَلام ذَاك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة قَالَ أما أول أَشْرَاط السَّاعَة فَنَار تَحْشُرهُمْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَأما أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد الْحُوت وَأما الْوَلَد فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة نزع الْوَلَد وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل نزعت الْوَلَد قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله قَالَ يَا رَسُول الله إِن الْيَهُود قوم بهت فاسألهم عني قبل أَن يعلمُوا بِإِسْلَامِي فَجَاءَت الْيَهُود فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي رجل عبد الله ابْن سَلام فِيكُم قَالُوا خيرنا وَابْن خيرنا وأفضلنا وَابْن أفضلنا فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرَأَيْتُم إِن أسلم عبد الله بن سَلام قَالُوا أَعَاذَهُ الله من ذَلِك فَأَعَادَ عَلَيْهِم فَقَالُوا مثل ذَلِك فَخرج إِلَيْهِم عبد الله فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالُوا شَرنَا وَابْن شَرنَا وتنقصوه قَالَ هَذَا كنت أَخَاف يَا رَسُول الله) مطابقته للتَّرْجَمَة لبابُ هِجْرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَاهِرَة وَذَلِكَ أَنا قد ذكرنَا أَن الْأَبْوَاب الْمَذْكُورَة بعد بابُُ هِجْرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلهَا تَابِعَة لبابُ هِجْرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحامد بن عمر بن حَفْص بن عبد الله بن أبي بكرَة الثَّقَفِيّ البكراوي من أهل الْبَصْرَة شيخ مُسلم أَيْضا وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن الْفضل ابْن لَاحق أَبُو إِسْمَاعِيل الرقاشِي الْبَصْرِيّ والْحَدِيث مر فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي بابُُ قَول الله عز وَجل { وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْله ينْزع بالزاي الْمَكْسُورَة أَي يشبه أَبَاهُ وَيذْهب إِلَيْهِ قَوْله " فَزِيَادَة كبد الْحُوت " الزِّيَادَة هِيَ الْقطعَة المنفردة الْمُعَلقَة بالكبد وَهِي فِي الطّعْم فِي غَايَة اللَّذَّة وَيُقَال أَنَّهَا أهنأ طَعَام وأمرؤه وَوَقع فِي حَدِيث ثَوْبَان أَن تحفتهم حِين يدْخلُونَ الْجنَّة زِيَادَة كبد النُّون وَالنُّون هُوَ الْحُوت الَّذِي عَلَيْهِ الأَرْض وَالْإِشَارَة بذلك إِلَى نَفاذ الدُّنْيَا وَفِي حَدِيث ثَوْبَان بِزِيَادَة وَهِي أَنه ينْحَر لَهُم عقيب ذَلِك نون الْجنَّة الَّذِي كَانَ يَأْكُل من أطرافها وشرابهم عَلَيْهِ من عين تسمى سلسبيلا وَذكر الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ يَنْطَح الثور الْحُوت بقرنه فيأكل مِنْهُ أهل الْجنَّة ثمَّ يحيا فينحر الثور بِذَنبِهِ فيأكلونه ثمَّ يحيا فيستمران كَذَلِك وَهَذَا مُنْقَطع ضَعِيف قَوْله أما الْوَلَد وَفِي رِوَايَة الْفَزارِيّ عَن حميد فِي تَرْجَمَة آدم وَأما شبه الْوَلَد قَوْله " نزع الْوَلَد " بِالنّصب على المفعولية أَي جذبه إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَة الْفَزارِيّ " كَانَ الشّبَه لَهُ " قَوْله " قوم بهت " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْهَاء جمع بهيت كقضيب وقضب.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي جمع بهوت وَهُوَ كثير الْبُهْتَان.




[ قــ :3756 ... غــ :3939 ]
- ( حَدثنَا عَليّ بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو سمع أَبَا الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم قَالَ بَاعَ شريك لي دَرَاهِم فِي السُّوق نَسِيئَة فَقلت سُبْحَانَ الله أيصلح هَذَا فَقَالَ سُبْحَانَ الله وَالله لقد بعتها فِي السُّوق فَمَا عابه أحد فَسَأَلت الْبَراء بن عَازِب فَقَالَ قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نتبايع هَذَا البيع فَقَالَ مَا كَانَ يدا بيد فَلَيْسَ بِهِ بَأْس وَمَا كَانَ نَسِيئَة فَلَا يصلح والق زيد بن أَرقم فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ أعظمنا تِجَارَة فَسَأَلت زيد بن أَرقم فَقَالَ مثله) مطابقته للتَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة أَولا فِي قَوْله فَقَالَ قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نتبايع وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار والْحَدِيث مر فِي كتاب الْبيُوع فِي بابُُ بيع الْوَرق بِالذَّهَب نَسِيئَة وَفِي كتاب الشّركَة فِي بابُُ الِاشْتِرَاك فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة قَوْله " والق " أَمر من لَقِي يلقى قَوْله " مثله " أَي مثل مَا قَالَ الْبَراء
( وَقَالَ سُفْيَان مرّة فَقَالَ قدم علينا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وَنحن نتبايع.

     وَقَالَ  نَسِيئَة إِلَى الْمَوْسِم أَو الْحَج)
أَي قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة الرَّاوِي وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن سُفْيَان روى مرّة مثل الَّذِي مضى وَلَيْسَ فِيهِ تعْيين مُدَّة النَّسِيئَة وروى أُخْرَى بِتَعْيِين الْمدَّة وَهُوَ قَوْله إِلَى الْمَوْسِم قَوْله أَو الْحَج شكّ من الرَّاوِي أَي أَو إِلَى وَقت الْحَج -