فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب أحب الأسماء إلى الله عز وجل

( بابُُ أحَبِّ الأسْماءِ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عز وَجل، وَلَفظه: بابُُ مُضَافَة إِلَى لفظ الأحب،.

     وَقَالَ  بَعضهم: ورد بِهَذَا اللَّفْظ حَدِيث أخرجه مُسلم من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر رَفعه: إِن أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عز وَجل، عبدا الله، وَعبد الرَّحْمَن.
قلت: هَذَا غير لفظ التَّرْجَمَة بِعَينهَا، وَلَكِن يعلم مِنْهُ أَن أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عز وَجل عبد الله وَعبد الرَّحْمَن،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يلْحق بِهَذَيْنِ الإسمين مَا كَانَ مثلهمَا: كَعبد الرَّحِيم وَعبد الْملك وَعبد الصَّمد، وَإِنَّمَا كَانَت أحب إِلَى لِأَنَّهَا تَضَمَّنت مَا هُوَ وصف وَاجِب لله تَعَالَى، وَمَا هُوَ وصف للْإنْسَان وواجب لَهُ وَهُوَ الْعُبُودِيَّة، وَقيل: الْحِكْمَة فِي الِاقْتِصَار على الإسمين وهما لَفْظَة الله وَلَفظ الرَّحْمَن، لِأَنَّهُ لم يَقع فِي الْقُرْآن إِضَافَة عبد إِلَى إسم من أَسمَاء الله تَعَالَى غَيرهمَا قَالَ الله تَعَالَى: { وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ} ( الْجِنّ: 19) .

     وَقَالَ  فِي آيَة أُخْرَى: { ( 52) وَعباد الرَّحْمَن} ( الْفرْقَان: 63) وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى: { قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} ( الْإِسْرَاء: 110) .



[ قــ :5857 ... غــ :6186 ]
- حدَّثنا صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ أخبرنَا ابنُ عُيَيْنَةَ حَدثنَا ابنُ المُنْكَدِرِ عَنْ جابِر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ القاسِمَ، فَقُلْنا: لَا نَكْنِيكَ أَبَا القاسِمِ وَلَا كَرامَةَ، فأخْبِرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمان.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( سم ابْنك عبد الرَّحْمَن) لِأَن عبد الرَّحْمَن من أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عز وَجل، كَمَا مضى الْآن فِي حَدِيث مُسلم، وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ إسم أحب مِنْهُ لأَمره بذلك، وَالْغَالِب أَنه لَا يَأْمر إلاَّ بالأكمل، وَلَقَد تعسف الْكرْمَانِي فِي وَجه الْمُطَابقَة حَيْثُ قَالَ: جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى: أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عبد الرَّحْمَن، وَهَذَا كَمَا ترى بَيَان وَجه الْمُطَابقَة من حَدِيث غير حَدِيث الْبابُُ،.

     وَقَالَ  أَيْضا: أَو الأحب، بِمَعْنى المحبوب، وَهَذَا خُرُوج عَن ظَاهر معنى اللَّفْظ.

وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة، وَابْن الْمُنْكَدر هُوَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن عَمْرو النَّاقِد وَغَيره.

قَوْله: ( وَلَا كَرَامَة) بِالنّصب أَي: لَا نكرمك كَرَامَة.
قَوْله: ( فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِضَم الْهمزَة على الْبناء للْمَجْهُول ويروى بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل.