فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} [التوبة: 34]

(بابُُ قوْلِهِ: { والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضّةَ وَلَا يَنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيمٍ} (التَّوْبَة: 34)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: (وَالَّذين) الْآيَة، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ ذكر لفظ: بابُُ، وَهَذِه الْآيَة نزلت فِي عَامَّة أهل الْكتاب وَالْمُسْلِمين، وَقيل: بل خَاصَّة بِأَهْل الْكتاب، وَقيل: بل هُوَ كَلَام مُسْتَأْنف فِي حق من لَا يُزكي من هَذِه الْأمة.
قَالَه ابْن عَبَّاس وَالسُّديّ وَعَامة الْمُفَسّرين: وَقَرَأَ يحيى بن يعمر، بِضَم النُّون وَالزَّاي والعامة بِكَسْر النُّون، وَأما الْكَنْز فَقَالَ مَالك: عَن عبد الله ابْن دِينَار عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: الْكَنْز هُوَ المَال الَّذِي لَا تُؤدِّي مِنْهُ الزَّكَاة وَهُوَ الْمُسْتَحق عَلَيْهِ الْوَعيد.
قَوْله: (وَلَا يُنْفِقُونَهَا) الضَّمِير يرجع إِلَى الذَّهَب وَالْفِضَّة من جِهَة الْمَعْنى لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا جملَة وافية وعدة كَثِيرَة، وَقيل: إِلَى الْكُنُوز، وَقيل: إِلَى الْأَمْوَال.
قَوْله: (فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم) جعل الْوَعيد لَهُم بِالْعَذَابِ مَوضِع الْبُشْرَى بالنعيم.



[ قــ :4405 ... غــ :4659 ]
- ح دَّثنا الحَكَمُ بنُ نافِعٍ أخبرَنا شُعَيْبٌ حَدثنَا أبُو الزّنادِ أنَّ عبْدَ الرَّحْمانِ الأعْرَجَ حدَّثَهُ أنّهُ قَالَ حدّثني أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أنّهُ سَمِعَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ يَكُونُ كَنْزُ أحَدِكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ شُجاعاً أقرَعَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (شجاعاً أَقرع) وَأخرجه هُنَا مُخْتَصرا وَقد مضى فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ إِثْم مَانع الزَّكَاة، بِغَيْر هَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي هُرَيْرَة بأتم مِنْهُ، وَأخرج بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور هُنَا بِعَيْنِه عَن أبي هُرَيْرَة بِعَين الْمَتْن الْمَذْكُور.
وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وبالنون الْخَفِيفَة: عبد الله بن ذكْوَان، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن هُرْمُز الْأَعْرَج، والشجاع الْحَيَّة فَإِذا كَانَ الشجاع أَقرع يكون أقوى سما.





[ قــ :4406 ... غــ :4660 ]
- ح دَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثَنا جَرِيرٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْب قَالَ مَرَرْتُ عَلَى أَبى ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ مَا أنْزَلَكَ بهاذِهِ الأَرْضِ قَالَ كُنَّا بالشَّأْمِ فَقَرَأتُ: { والذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيمٍ} قالَ مُعاوِيَة: مَا هاذِهِ فِينَا مَا هاذِهِ إلاَّ فِي أهْلِ الكِتَابِ قَالَ.

قُلْتُ إنَّها لَفِينا وَفِيهمْ.
.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وحصين، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ الْكُوفِي، وَزيد بن وهب الْهَمدَانِي الْكُوفِي خرج إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبض النَّبِي وَهُوَ فِي الطَّرِيق، مَاتَ سنة سِتّ وَسبعين، وَأَبُو ذَر اسْمه جُنْدُب بِضَم الْجِيم.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ مَا أدّى زَكَاته فَلَيْسَ بكنز، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( بالربذة) ، بالراء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة المفتوحات: قَرْيَة قريبَة من الْمَدِينَة وَكَانَ سَبَب إِقَامَته هُنَاكَ أَنه لما كَانَ بِالشَّام وَقعت بَينه وَبَين مُعَاوِيَة مناظرة فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة، فتضجر خاطره فارتحل إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ تضجر مِنْهَا فارتحل إِلَى الربذَة.


(بابُُ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَي بِها جِباهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ وظُهُورُهُمْ هاذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (التَّوْبَة: 35)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عزل وَجل: { يَوْم يحمى عَلَيْهَا} الْآيَة، وَلَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: بابُُ، وَمضى تَفْسِير هَذِه الْآيَة فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ إِثْم مَانع الزَّكَاة.



[ قــ :4406 ... غــ :4661 ]
- وَقَالَ أحْمَدُ بنُ شَبِيبِ بنِ سَعِيدٍ حَدثنَا أبي عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ خالِدِ بنِ أسْلَمَ قَالَ خَرَجْنا مَعَ عبْدِ الله بنِ عُمَرَ فَقَالَ هاذَا قَبْلَ أنْ تُنْزَلَ الزَّكاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَها طُهْراً لِلأَمْوَالِ.
(انْظُر الحَدِيث 1404) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله هَذَا قبل أَن تنزل الزَّكَاة، وَأحمد بن شبيب.
بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: من أَفْرَاد البُخَارِيّ يروي عَن أَبِيه شبيب بن سعيد أبي عبد الرَّحْمَن الْبَصْرِيّ، وَيُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وخَالِد بن أسلم على وزن أفعل التَّفْضِيل أَخُو زيد بن أسلم مولى عمر بن الْخطاب، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
والْحَدِيث مضى بِهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ مَا أدّى زَكَاته فَلَيْسَ بكنز، بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.