فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الغسل بعد الحرب والغبار

( بابُُ الغَسْلِ بَعْدَ الحَرْبِ والغبارِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا جَاءَ من غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد الْفَرَاغ من الْحَرْب، وَبَيَان كَون الْغُبَار على رَأس جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي تِلْكَ الْحَرْب، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما فرغ يَوْم الخَنْدَق من الْحَرْب اغْتسل وَأَتَاهُ جِبْرِيل، وعَلى رَأسه الْغُبَار، وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَن يذهب إِلَى بني قُرَيْظَة كَمَا يَجِيء الْآن بَيَانه فِي حَدِيث الْبابُُ، والترجمة الْمَذْكُورَة مُشْتَمِلَة على شَيْئَيْنِ: على الْغسْل وعَلى الْغُبَار، فَلَا يَتَّضِح مَعْنَاهَا إلاَّ بِمَا ذكرنَا، وَبِذَلِك يحصل التطابق أَيْضا بَينهَا وَبَين حَدِيث الْبابُُ.



[ قــ :2685 ... غــ :2813 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرنَا عبْدَةُ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الخَنْدَقِ ووضَعَ السِّلاَحَ واغْتَسَلَ فأتاهُ جِبرِيلُ وقَدْ عَصَبَ رأسَهُ الغُبارُ فَقَالَ وَضَعْتَ السِّلاحَ فوَالله مَا وَضَعْتُهُ فقالَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأيْنَ قَالَ هاهُنَا وأوْمأ إِلَيّ بَنِي قُرَيْظَةَ قالَتْ فخَرَجَ إلَيْهِمْ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
وَجه الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث قد مر الْآن.
قَوْله: ( مُحَمَّد) ، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِغَيْر نِسْبَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام، وَعَبدَة ضد الْحرَّة هُوَ ابْن سُلَيْمَان.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( يَوْم الخَنْدَق) ، هُوَ خَنْدَق مَدِينَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حفره الصَّحَابَة لما تحزبت عَلَيْهِم الْأَحْزَاب فَيوم الخَنْدَق هُوَ يَوْم الْأَحْزَاب، قَالَ مَالك: كَانَت غَزْوَة الخَنْدَق فِي سنة أَربع، وَقيل: سنة خمس.
قَوْله: ( وَقد عصب رَأسه) ، بِفَتْح الْعين وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ جملَة حَالية أَي: ركب رَأسه الْغُبَار وعلق بِهِ كالعصابة.
قَوْله: ( بني قُرَيْظَة) ، بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وبالظاء الْمُعْجَمَة: قَبيلَة من الْيَهُود، وَفِيه قتال الْمَلَائِكَة بِالسِّلَاحِ ومصاحبتهم الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله تَعَالَى، وَأَنَّهُمْ فِي عونهم مَا استقاموا، فَإِن خانوا فَارَقْتهمْ، يدل على ذَلِك قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَعَ كل قَاض ملكان يسددانه مَا أَقَامَ الْحق، فَإِذا جَازَ تركاه.
والمجاهد حَاكم بِأَمْر الله فِي أعوانه وَأَصْحَابه.