فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من استوهب من أصحابه شيئا

( بابُُ مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أصْحَابِهِ شَيْئاً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من استوهب من أَصْحَابه شَيْئا، سَوَاء كَانَ عينا أَو مَنْفَعَة.
وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره: جَازَ، بِغَيْر كَرَاهَة إِذا كَانَ يعلم طيب خاطرهم.

وَقَالَ أَبُو سَعيدٍ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْماً

هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي الرّقية، أخرجه البُخَارِيّ مَوْصُولا بِتَمَامِهِ فِي كتاب الْإِجَارَة فِي: بابُُ مَا يعْطى فِي الرّقية، بِفَاتِحَة الْكتاب.



[ قــ :2457 ... غــ :2569 ]
- حدَّثنا ابنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حدَّثني أَبُو حازِمٍ عنْ سَهْلٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْسَلَ إِلَى امْرَأةٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وكانَ لَهَا غُلامٌ نَجَّارٌ قَالَ لَهَا مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنا أعْوَادَ المِنْبَرِ فأمَرَتْ عَبْدَهَا فذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ فصَنَعَ لَهُ مِنْبَراً فلَمَّا قَضاهُ أرْسَلَتْ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ قَدْ قَضَاهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْسِلِي بِهِ إلَيَّ فَجاؤا بِهِ فاحْتَمَلَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوَضَعَهُ حيْثُ تَرَوْنَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل إِلَى امْرَأَة) إِلَى آخِره فَإِن إرْسَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهَا وَقَوله لَهَا بِأَن تَأمر غلامها يعْمل أَعْوَاد الْمِنْبَر استيهاب فِيهِ من الْمَرْأَة.

وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي الْمصْرِيّ، وَأَبُو غَسَّان، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة وبالنون: واسْمه مُحَمَّد بن مطرف اللَّيْثِيّ، وَأَبُو حَازِم سَلمَة ابْن دِينَار وَسَهل بن سعد الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْجُمُعَة فِي بابُُ الْخطْبَة على الْمِنْبَر، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( أرسل إِلَى امْرَأَة من الْأَنْصَار) ، وَفِي كثير من النّسخ: إِلَى امْرَأَة من الْمُهَاجِرين،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: أَكثر الرِّوَايَات أَنَّهَا من الْأَنْصَار، ولعلها كَانَت هَاجَرت وَهِي مَعَ ذَلِك أنصارية الأَصْل، وَفِي أصل ابْن بطال أَيْضا من الْأَنْصَار.
قَوْله: ( فليعمل أَعْوَاد) أَي: ليفعل لنا فعلا فِي أَعْوَاد من نجر وتسوية وخرط يكون مِنْهَا مِنْبَر.
قَوْله: ( فَلَمَّا قَضَاهُ) ، أَي: صنعه وأحكمه،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْعبارَة عَمَّا يعالج من الْأَشْيَاء ويعتمل تقع بِثَلَاثَة أَلْفَاظ هِيَ: الْفِعْل والصنع والجعل، وأجمعها فِي الْمَعْنى: الْفِعْل، وأوسعها فِي الِاسْتِعْمَال: الْجعل، وأخصها فِي التَّرْتِيب: الصنع.
تَقول: فعل فلَان خيرا، وَفعل شرا، وَلَفظ الْجعل يسترسل على الْأَعْيَان وَالصِّفَات، وَلَفظ الصنع يسْتَعْمل غَالِبا فِيمَا يدْخلهُ التَّدْبِير.





[ قــ :458 ... غــ :570 ]
- حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ أبِي حازِمٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ عنْ أبيهِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كُنْتُ يَوْماً جالِساً مَعَ رِجالٍ منْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنْزِلٍ فِي طَريقِ مَكَّةَ ورسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نازِلٌ أمامَنا والقَوْمُ مُحْرِمُونَ وأنَا غَيرْرُ مُحْرِمٍ فأبْصَرُوا حِمَاراً وحْشياً وَأَنا مَشْغُولٌ أخْصِفُ نعلِي فَلَمْ يُؤْذُونِي بِهِ وأحَبُّو لوْ أنِّي أبْصَرْتُهُ فالْتَفَتُّ فأبْصَرْتُهُ فقُمْتُ إلاى الفَرَسِ فأسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ ونَسِيتُ السَّوْطَ والرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ ناوِلُونِي السَّوْطَ والرُّمْحَ فَقَالُوا لَا وَالله لَا نُعِينُكَ علَيْهِ بِشَيْءٍ فغَضِبْتُ فنَزَلْتُ فأخَذْتُهُما ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ علَى الحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وقدْ ماتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يأكُلُونَهُ ثُمَّ إنَّهُمْ شَكُّوا فِي أكْلِهِمْ إيَّاهُ وهُمْ حُرُمٌ فرُحْنَا وخَبَاتُ العَضُدَ مَعي فأدْرَكْنا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَألْناهُ عنْ ذالِكَ فَقال معَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فقُلْتُ نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ فأكَلَهَا حتَّى نَفَّدَهَا وهْوَ مُحْرِمٌ فحدَّثنِي بِهِ زيْدُ بنُ أسْلَمَ عنْ عَطَاءِ بنِ يَسارٍ عنْ أبِي قَتادَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَقَالَ: مَعكُمْ شَيْء؟) فَإِنَّهُ فِي معنى الاستيهاب من الْأَصْحَاب، قَالَ ابْن بطال: استيهاب الصَّيْد حسن إِذا علم أَن نَفسه تطيب بِهِ، وَإِنَّمَا طلب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أبي سعيد، وَكَذَا من أبي قَتَادَة وَغَيرهم ليؤنسهم بِهِ وَيرْفَع عَنْهُم اللّبْس فِي توقفهم فِي جَوَاز ذَلِك، وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَقد تكَرر ذكره، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَأَبُو حَازِم هُوَ سَلمَة بن دِينَار وَأَبُو قَتَادَة اسْمه الْحَارِث السّلمِيّ، بِفَتْح السِّين وَاللَّام الْأنْصَارِيّ الخزرجي.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ إِذا صَاد الْحَلَال فأهدى للْمحرمِ الصَّيْد فَأَكله، وَمضى أَيْضا فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب عَقِيبه، كلهَا مُتَوَالِيَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( وَرَسُول الله) ، الْوَاو، فِيهِ وَالْوَاو فِي: وَالْقَوْم، وَالْوَاو فِي: أَنا غير محرم، كلهَا للْحَال.
قَوْله: ( وَأَنا مَشْغُول أخصف نَعْلي) جملَة حَالية أَيْضا، وَمعنى: أخصف؛ أخرز.
قَالَ تَعَالَى: { وطفقا يخصفان} ( الْأَعْرَاف: ، وطه: 11) .
أَي: يلزقا الْبَعْض بِالْبَعْضِ.
قَوْله: ( فعقرته) من الْعقر وَهُوَ الْجرْح، وَلَكِن المُرَاد هَهُنَا عقره عقراً شَدِيدا حَتَّى مَاتَ مِنْهُ.
قَوْله: ( ثمَّ جِئْت بِهِ) ، أَي: بالحمار الْمَذْكُور.
قَوْله: ( وهم حرم) ، جملَة حَالية.
قَوْله: ( حَتَّى نفدها) ، بتَشْديد الْفَاء وبإهمال الدَّال: يُرِيد أكلهَا حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا، يُقَال: نفد الشَّيْء إِذا فني، وَرُوِيَ بِكَسْر الْفَاء المخففة، ورده ابْن التِّين.
قَوْله: ( فَحَدثني بِهِ) ، قَائِل هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر الرَّاوِي عَن أبي حَازِم، أَي: حَدثنِي بِهَذَا الحَدِيث زيد ابْن أسلم أَبُو أُسَامَة أَيْضا عَن عَطاء بن يسَار ضد الْيَمين أبي مُحَمَّد الْهِلَالِي مولى مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي قَتَادَة الْمَذْكُور عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.