فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه

( بابُُ إسْلاَمِ سَلْمَانَ الْفَارِسيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر شَيْء فِيهِ دلَالَة على إِسْلَام سلمَان الْفَارِسِي، وَقد مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ الشِّرَاء من الْمُشْركين كَيْفيَّة إِسْلَام سلمَان ومكاتبته وقصته مَشْهُورَة وولاه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْعرَاق وَكَانَ يعْمل فِي الخوص بِيَدِهِ فيأكل مِنْهُ، عَاشَ مِائَتَيْنِ وَخمسين سنة بِلَا خلاف.
وَقيل ثَلَاثمِائَة وَخمسين، وَقيل إِنَّه أدْرك وَحي عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَمَات بالمداين سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ.



[ قــ :3762 ... غــ :3946 ]
- حدَّثني الحَسَنُ بنُ عُمَرَ بنِ شَقِيق حدَّثنا مُعْتَمِرٌ قَالَ أبي ح وحدَّثنا أبُو عُثْمَانَ عنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ.


لَيْسَ فِيهِ شَيْء يدل على التَّرْجَمَة إلاَّ أَن يُقَال: إِن تداوله هَذَا الْعدَد من وَاحِد إِلَى وَاحِد إِنَّمَا كَانَ لطلب الْإِسْلَام، فَبِهَذَا المقدرا تحصل الْمُطَابقَة.
ومعتمر بن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ.
قَوْله: ( وَحدثنَا) ، بِالْوَاو إشعاراً بِأَنَّهُ حَدثهُ غير ذَلِك أَيْضا، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل بِضَم الْمِيم وَكسرهَا النَّهْدِيّ، بِفَتْح النُّون التَّابِعِيّ.
قَوْله: ( إِنَّه تداوله) ، أَي: تداولته الْأَيْدِي أَي: أَخَذته هَذِه مرّة وَهَذِه مرّة، والرب السَّيِّد وَالْمَالِك، وَأَرَادَ بِهِ سلمَان الْمَالِك.





[ قــ :3763 ... غــ :3947 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَوْفٍ عنْ أبِي عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ أنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ.


سُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي.
قَوْله: ( من رام هُرْمُز) ، بالراء وَضم الْمِيم وبالميم وبالزاي، وَقيل: إِنَّه بِفَتْح الْمِيم الأولى، وَهِي بَلْدَة بخوزستان، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالزاي من بِلَاد فَارس قريب عراق الْعَرَب، وروى ابْن عَبَّاس عَن سلمَان: أَنه قَالَ: كنت من أَصْبَهَان من قَرْيَة جي، بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْيَاء، وَكَانَ أبي دهقاناً.





[ قــ :3764 ... غــ :3948 ]
- حدَّثني الحَسَنُ بنُ مُدْرِكٍ حدَّثنَا يَحْيَى بنُ حَمَّادٍ أخْبَرَنَا أبُو عَوَانَةَ عنْ عَاصِمٍ الأحْوَلِ عنْ أبِي عُثْمَانَ عنْ سَلْمَانَ قَالَ فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى ومُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتُّمَائَةِ سَنَةٍ.


هَذَا لَا تعلق لَهُ بالترجمة، وَكَذَلِكَ الَّذِي قبله، وَإِنَّمَا ذكرهمَا اتِّفَاقًا لِكَوْنِهِمَا يتعلقان بِهِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: تعلق هَذِه الْأَحَادِيث بِإِسْلَامِهِ يَعْنِي: أَنه أسلم بعد تداول بضعَة عشر رَبًّا وَبعد هجرته عَن وَطنه وَبعد عيشه مُدَّة طَوِيلَة، وَالْحسن بن مدرك بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من الْإِدْرَاك مر فِي آخر الْحيض، وَأَبُو عوَانَة الوضاح الْيَشْكُرِي، وَقد مر غير مرّة، وَالْمرَاد بالفطرة الْمدَّة الَّتِي لَا يبْعَث فِيهَا رَسُول من الله تَعَالَى، وَلَا يمْتَنع أَن يكون فِيهَا نَبِي يَدْعُو إِلَى شَرِيعَة الرَّسُول الْأَخير.
قلت: من الْأَنْبِيَاء فِي الفترة: حَنْظَلَة بن صَفْوَان نَبِي أَصْحَاب الرس، قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ من ولد إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَانَ فِي فَتْرَة، وَمِنْهُم: خَالِد بن سِنَان الْعَبْسِي، وروى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: جَاءَت بنت خَالِد بن سِنَان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبسط لَهَا ثَوْبه،.

     وَقَالَ : بنت نَبِي ضيعه قومه، وَعَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: لما ظهر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمَكَّة وفدت عَلَيْهِ ابْنة خَالِد بن سِنَان وَهِي عَجُوز كَبِيرَة فَرَحَّبَ بهَا،.

     وَقَالَ : مرْحَبًا بابُنة أخي، كَانَ أَبوهَا نَبيا، وَإِنَّمَا ضيعه قومه، وَمِنْهُم: شُعَيْب بن ذِي مهزم، غير شُعَيْب بن ضيفون، ذكر السُّهيْلي أَنه نَبِي من الْعَرَب فِي زمن معد بن عدنان،.

     وَقَالَ  ابْن كثير: وَالظَّاهِر أَن هَؤُلَاءِ كَانُوا قوما صالحين يدعونَ إِلَى الْخَيْر، فقد ثَبت فِي الصَّحِيح عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: ( أَنا أولى النَّاس بِعِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، لِأَنَّهُ لَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي) .
قيل: يحْتَمل أَن يكون مُرَاده: نَبِي مُرْسل، وَلَا يمْتَنع أَن يكون نَبِي غير مُرْسل يَدْعُو النَّاس إِلَى شَرِيعَة الرَّسُول الْأَخير، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَالْحَمْد لله على التَّمام، وعَلى النَّبِي الصَّلَاة وَالسَّلَام.