فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [البقرة: 22]

(بابُُ: قوْلُهُ تَعَالَى: { فَلاَ تَجْعَلُوا لله أنْدَاداً وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الْبَقَرَة: 22)

ذكر هَذِه الْآيَة تَوْطِئَة للْحَدِيث الَّذِي ذكره بعْدهَا، وَلما خَاطب الله عز وَجل أَولا النَّاس من الْمُؤمنِينَ وَالْكَفَّارَة وَالْمُنَافِقِينَ بقوله: { يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم} (الْبَقَرَة: 21) إِلَى قَوْله: { فَلَا تجْعَلُوا} أَي: وحدوا ربكُم الَّذِي من صِفَاته مَا ذكر، خَاطب الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ بقوله: { فَلَا تجْعَلُوا الله أنداداً} وَهُوَ جمع: ند بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الدَّال وَهُوَ النظير قَوْله: { وَأَنْتُم تعلمُونَ} جملَة حَالية، أَي: وَالْحَال أَنكُمْ تعلمُونَ أَن الله تَعَالَى منزه عَن الأنداد والأضداد والأشباه.

وَمن أول الْبابُُ إِلَى هُنَا سقط جَمِيعه من رِوَايَة السَّرخسِيّ وَلِهَذَا إِلَّا يُوجد فِي كثير من النّسخ، وَيُوجد بعضه فِي بعض.



[ قــ :4230 ... غــ :4477 ]
- ح دَّثني عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حدّثنا جَرِيرٌ عنْ منْصُورٍ عَنْ أبي وائِلٍ عنْ عَمْروِ بنِ شُرْحَبِيلَ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ سألتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ عِنْدَ الله قَالَ أنْ تَجْعَلَ لله نِدًّا وهْوَ خلَقَكَ.

قُلْتُ إنَّ ذَالِكَ لَعَظِيمٌ.

قُلْتُ ثمَّ أيّ قَالَ وأنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخافُ أنْ يطْعَمَ مَعَكَ.

قُلْتُ ثمَّ أيّ قَالَ أنْ تُزَانِيَ حَلَيلَةَ جارِكَ.


ذكر هَذَا الحَدِيث مناسباً لِلْآيَةِ الَّتِي قبله.
وَعُثْمَان هُوَ أَخُو أبي بكر بن أبي شيبَة، وَأَبُو بكر اسْمه عبد الله، وَاسم أبي شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان، وَهُوَ جدهما، وأبوهما مُحَمَّد بن أبي شيبَة وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا هُنَا عَن مُسَدّد، وَأخرجه فِي التَّوْحِيد أَيْضا عَن قُتَيْبَة وَفِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن كثير وَفِي الْمُحَاربين عَن عَمْرو بن عَليّ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن عُثْمَان بن إِسْحَاق.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق عَن مُحَمَّد بن كثير.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن بنْدَار.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ وَفِيه وَفِي الرَّجْم عَن قُتَيْبَة وَفِي الْمُحَاربَة عَن مُحَمَّد بن بشار.

قَوْله: (أَن تجْعَل لله ندا) قدمه لِأَنَّهُ أعظم الذُّنُوب، قَالَ الله تَعَالَى: { إِن الشّرك لظلم عَظِيم} (لُقْمَان: 13) ثمَّ ثناه بِالْقَتْلِ لِأَن عِنْد الشَّافِعِيَّة أكبر الْكَبَائِر بعد الشّرك الْقَتْل ثمَّ ثلثه بِالزِّنَا، لِأَنَّهُ سَبَب لاختلاط الْأَنْسَاب لَا سِيمَا مَعَ حَلِيلَة الْجَار، لِأَن الْجَار يتَوَقَّع من جَاره الذب عَنهُ وَعَن حريمه فَإِذا قَابل هَذَا بالذب عَنهُ كَانَ من أقبح الْأَشْيَاء.
قَوْله: (ثمَّ أَي؟) قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: أَي: هَهُنَا مشدد منون، كَذَا سمعته من أبي مُحَمَّد بن الخشاب، قَالَ: لَا يجوز إلاَّ تنوينه لِأَنَّهُ إسم مُعرب غير مُضَاف.
قَوْله: (وَأَن تقتل ولدك) فِيهِ ذمّ شَدِيد للبخيل لِأَن بخله أَدَّاهُ إِلَى قتل وَلَده مَخَافَة أَن يَأْكُل مَعَه.
قَوْله: (تخَاف) ، فِي مَوضِع الْحَال.
قَوْله: (أَن تُزَانِي) من بابُُ المفاعلة من الزِّنَا مَعْنَاهُ: أَن تَزني بِرِضَاهَا، وَلأَجل هَذَا ذكره من بابُُ المفاعلة.
قَوْله: (حَلِيلَة) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة: الزَّوْجَة، سميت بذلك لكَونهَا تحل لَهُ فَهِيَ حَلِيلَة بِمَعْنى محلّة لكَونهَا تحل مَعَه بِضَم الْحَاء، وَقيل: لِأَن كلا مِنْهُمَا يحل أزرة الآخر، وَهِي أَيْضا: عرسه وظعينته وربضه وطلعته وحنته وبيته وقعيدته وشاعته وبعلته وضبينته وجارته وفرشه وَزَوجته وعشيرته وَأَهله.