فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم

( بابُُ بَيْعِ الإمامِ عَلَى النَّاسِ أمْوالَهُمْ وضِياعَهُمْ، وقَدْ بَاعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَبَّراً مِنْ نُعَيْمِ بنِ النَّحَّامِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم بيع الإِمَام على النَّاس أَمْوَالهم وضياعهم، وَهُوَ جمع ضَيْعَة وَهِي الْعقار، قَالَه الْكرْمَانِي،.

     وَقَالَ  أَيْضا هُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام.
قلت: وَقد فسر الْجَوْهَرِي الضَّيْعَة بالعقار أَيْضا،.

     وَقَالَ  صَاحب دستور اللُّغَة الضَّيْعَة الْقرْيَة.
قلت: وَفِي اصْطِلَاح النَّاس كَذَلِك لَا يطلقون الضَّيْعَة إلاَّ على الْقرْيَة وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْن الْأَثِير أَيْضا: مَا يكون مِنْهُ معاش الرجل كالضيعة وَالتِّجَارَة والزراعة وَنَحْو ذَلِك، وَذكره فِي بابُُ الضَّاد مَعَ الْيَاء.
ثمَّ قيل: إِنَّمَا أضَاف البيع إِلَى الإِمَام ليشير إِلَى أَن ذَلِك يَقع مِنْهُ فِي مَال السَّفِيه، أَو فِي وَفَاء دين الْغَائِب، أَو من يمْتَنع أَو غير ذَلِك ليتَحَقَّق أَن للْإِمَام التَّصَرُّف فِي الْأَمْوَال فِي الْجُمْلَة.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا يَبِيع الإِمَام على النَّاس أَمْوَالهم إِذا رأى مِنْهُم سفهاً فِي أَحْوَالهم، فَأَما من لَيْسَ بسفيه فَلَا يُبَاع عَلَيْهِ شَيْء من مَاله إِلَّا فِي حق يكون عَلَيْهِ.
قَوْله: وَقد بَاعَ النَّبِي مُدبرا من نعيم بن النحام: وَإِنَّمَا ذكره فِي معرض الِاسْتِدْلَال لما ذكره قبله، وَإِنَّمَا بَاعَ مدبره لِأَنَّهُ أنفد جَمِيع ذَات يَده فِي الْمُدبر لِأَنَّهُ تعرض للهلكة فنقض فعله، وَإِنَّمَا لم ينْقض على الَّذِي قَالَ لَهُ: لَا خلابة، لِأَنَّهُ لم يفوت على نَفسه جَمِيع مَاله ونعيم مُصَغرًا هُوَ النحام لِأَنَّهُ قَالَ: سَمِعت نحمة نعيم أَي: سلْعَته فِي الْجنَّة وَلَفظ الابْن زَائِد،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: نعيم بن عبد الله النحام الْقرشِي الْعَدوي، وَإِنَّمَا سمي النحام لِأَنَّهُ، قَالَ: دخلت الْجنَّة فَسمِعت نحمة من نعيم فِيهَا، والنحمة السعلة، وَقيل: النحنحة الْمَمْدُود آخرهَا فَسُمي بذلك: النحام، كَانَ قديم الْإِسْلَام، يُقَال إِنَّه أسلم بعد عشرَة أنفس قبل إِسْلَام عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَكَانَ يكتم إِسْلَامه، وَكَانَت هجرته عَام خَيْبَر، وَقيل: بل هَاجر فِي أَيَّام الْحُدَيْبِيَة، وَقيل أَقَامَ بِمَكَّة حَتَّى كَانَ قبل الْفَتْح قتل بأجنادين شَهِيدا سنة ثَلَاث عشرَة فِي آخر خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، وَقيل: قتل يَوْم اليرموك فِي رَجَب سنة خمس عشرَة.



[ قــ :6801 ... غــ :7186 ]
- حدّثنا ابنُ نُمَيْرٍ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، حَدثنَا إسْماعِيل، حدّثنا سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، عنْ عَطاءٍ، عنْ جابِرٍ قَالَ: بَلَغَ النبيَّ أَن رَجُلاً مِنْ أصْحابِهِ أعْتَقَ غُلَاما عنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لهُ مالٌ غيْرَهُ، فَباعَهُ بِثَمانِمائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أرْسَلَ بِثَمَنِهِ إلَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن نمير هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير مصغر نمر الْحَيَوَان الْمَشْهُور، وَمُحَمّد بن بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد، وَسَلَمَة بن كهيل مصغر كهل وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، وَجَابِر هُوَ ابْن عبد الله، وَكَذَا وَقع فِي بعض النّسخ.

والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْعتْق عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي وَغَيره.
وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن شيخ البُخَارِيّ وَغَيره.

قَوْله: عَن دبر يَعْنِي: علق عتقه بعد مَوته وَوَقع هُنَا للكشميهني: عَن دين، بِفَتْح الدَّال وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون، قيل: هُوَ تَصْحِيف، وَالْمَشْهُور هُوَ الأول.
وَالرجل الْمَذْكُور هُوَ أَبُو مَذْكُور، وَاسم الْغُلَام: يَعْقُوب، وَالْمُشْتَرِي: نعيم النحام.