فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ثناء الناس على الميت

(بابُُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة ثَنَاء النَّاس على الْمَيِّت، وَالثنَاء عَلَيْهِ بِأَن يذكر عَنهُ من أَوْصَاف جميلَة وخصال حميدة.



[ قــ :1312 ... غــ :1367 ]
- حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فأثْنُوا عَلَيْهَا خَيْرا فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرى فأثْنُوا عَلَيْهَا شَرّا فَقَالَ وَجَبَتْ فقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ مَا وَجَبَتْ قَالَ هاذا أثْنَيْتُمْ عليهِ خَيْرا فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ وَهاذا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأرْضِ.

(الحَدِيث 7631 طرفه فِي: 2462) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا) .
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وآدَم هُوَ ابْن إِيَاس.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مروا بِجنَازَة) ، ويروى: (مر بِجنَازَة) ، بِضَم الْمِيم على صِيغَة الْمَجْهُول: (فَأَثْنوا عَلَيْهَا) أَي: على الْجِنَازَة، وأثنوا من الثَّنَاء: بالثاء الْمُثَلَّثَة بعْدهَا النُّون وبالمد، وَهُوَ يسْتَعْمل فِي الْخَيْر وَلَا يسْتَعْمل فِي الشَّرّ، وَقيل: يسْتَعْمل فيهمَا، وَقيل: اسْتِعْمَال الثَّنَاء فِي الشَّرّ لُغَة شَاذَّة.
فَإِن قلت: قد عرفت أَن الثَّنَاء الممدودة لَا يسْتَعْمل إلاَّ فِي الْخَيْر، وَكَيف وَقد اسْتعْمل فِي الشَّرّ فِي كَلَام الفصيح؟ قلت: قد قيل هَذَا على اللُّغَة الشاذة، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال: اسْتعْمل هَذَا لأجل المشاكلة والتجانس كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} (الشورى: 04) .
وَأخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث من حَدِيث ابْن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب (عَن أنس بن مَالك، قَالَ: مر بِجنَازَة فَأثْنى عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَجَبت وَجَبت وَجَبت، وَمر بِجنَازَة فَأثْنى عَلَيْهَا شرا، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجَبت وَجَبت وَجَبت) الحَدِيث، وَفِي آخِره: (أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض.
.
) وَأخرج الْحَاكِم من حَدِيث النَّضر بن أنس: (كنت قَاعِدا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر بِجنَازَة فَقَالَ: مَا هَذِه الْجِنَازَة؟ قَالُوا: جَنَازَة فلَان الْفُلَانِيّ، كَانَ يحب الله وَرَسُوله وَيعْمل بِطَاعَة الله وَيسْعَى فِيهَا، فَقَالَ: وَجَبت وَجَبت وَجَبت.
وَمر بِجنَازَة أُخْرَى فَقَالَ: مَا هَذِه الْجِنَازَة؟ قَالُوا: جَنَازَة فلَان الْفُلَانِيّ، كَانَ يبغض الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيعْمل بِمَعْصِيَة الله وَيسْعَى فِيهَا، فَقَالَ: وَجَبت وَجَبت وَجَبت.
قَالُوا: يَا رَسُول الله، قَوْلك فِي الْجِنَازَة وَالثنَاء عَلَيْهَا أثني على الأول خير، وعَلى الآخر شَرّ، فَقلت فيهمَا وَجَبت وَجَبت وَجَبت، فَقَالَ: نعم يَا أَبَا بكر، إِن لله مَلَائِكَة ينْطق على لِسَان بني آدم بِمَا فِي الْمَرْء من الْخَيْر وَالشَّر) .
.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ، وَفِي هَذَا الحَدِيث تَفْسِير مَا أبهم من الْخَيْر وَالشَّر فِي حَدِيث الْبابُُ، وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة: (أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة فَقيل: هَذَا بئس الرجل، وأثنوا عَلَيْهِ شرا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُونَ ذَلِك؟ قَالُوا نعم.
قَالَ: وَجَبت،.

     وَقَالَ  فِي الَّتِي أثنوا عَلَيْهَا خيرا كَذَلِك) .
وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ: (مروا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ: وَجَبت، ثمَّ مروا بِأُخْرَى فَأَثْنوا عَلَيْهَا شرا، فَقَالَ: وَجَبت، ثمَّ قَالَ: إِن بَعْضكُم على بعض شُهَدَاء) .
وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم السَّلَام، شُهَدَاء الله فِي السَّمَاء وَأَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، إِن بَعْضكُم على بعض شَهِيد) .
قَوْله: (وَجَبت) أَي: وَجَبت الْجنَّة فِي الأول، وَوَجَبَت النَّار فِي الثَّانِي، وَالْمرَاد بِالْوُجُوب الثُّبُوت، أَو هُوَ فِي صِحَة الْوُقُوع كالشيء الْوَاجِب، وَحَاصِل الْمَعْنى أَن ثناءهم عَلَيْهِ بِالْخَيرِ يدل على أَن أَفعاله كَانَت خيرا فَوَجَبت لَهُ الْجنَّة، وثناءهم عَلَيْهِ بِالشَّرِّ يدل على أَن أَفعاله كَانَت شرا فَوَجَبت لَهُ النَّار، وَذَلِكَ لِأَن الْمُؤمنِينَ شُهَدَاء بَعضهم على بعض، لما صرح فِي الحَدِيث، والتكرير فِيهِ فِي رِوَايَة مُسلم وَغَيره لتأكيد الْكَلَام وتحقيقه لِئَلَّا يشكوا فِيهِ،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: معنى هَذَا الحَدِيث عِنْد الْفُقَهَاء إِذا أثنى عَلَيْهِ أهل الْفضل والصدق، لِأَن الفسقة قد يثنون على الفسقة فَلَا يدْخلُونَ فِي معنى هَذَا الحَدِيث، وَالْمرَاد، وَالله أعلم، إِذا كَانَ الثَّنَاء بِالشَّرِّ مِمَّن لَيْسَ لَهُ بعدوٍّ، لِأَنَّهُ قد يكون للرجل الصَّالح الْعَدو، وَإِذا مَاتَ عدوه فَذكر عَن ذَلِك الرجل الصَّالح شرا فَلَا يدْخل الْمَيِّت فِي معنى هَذَا الحَدِيث، لِأَن شَهَادَته كَانَت لَا تجوز عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِن كَانَ عدلا للعداوة والبشر غير معصومين.
فَإِن قيل: كَيفَ يجوز ذكر شَرّ الْمَوْتَى، مَعَ وُرُود الحَدِيث الصَّحِيح عَن زيد بن أَرقم فِي النَّهْي عَن سبّ الْمَوْتَى وَذكرهمْ إلاَّ بِخَير.
وَأجِيب: بِأَن النَّهْي عَن سبّ الْأَمْوَات غير الْمُنَافِق وَالْكَافِر والمجاهر بِالْفِسْقِ أَو بالبدعة، فَإِن هَؤُلَاءِ لَا يحرم، وَذكرهمْ بِالشَّرِّ للحذر من طريقهم، وَمن الِاقْتِدَاء بهم، وَقيل: لَا بُد أَن يكون ثناؤهم مطابقا لأفعاله.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن يكون النَّهْي عَن سبّ الْمَوْتَى مُتَأَخِّرًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَيكون نَاسِخا، وَقيل: حَدِيث أنس الْمَذْكُور يجْرِي مجْرى الْغَيْبَة فِي الْأَحْيَاء، فَإِن كَانَ الرجل أغلب أَحْوَاله الْخَيْر، وَقد يكون مِنْهُ الْغَلَبَة فالإغتياب لَهُ محرم، وَإِن كَانَ فَاسِقًا مُعْلنا فَلَا غيبَة فِيهِ، فَكَذَلِك الْمَيِّت، فَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا يُنْهِي عَنهُ من سبّ الْأَمْوَات،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الثَّنَاء على عُمُومه لكل مُسلم مَاتَ، فَإِذا ألهم الله النَّاس، أَو معظمهم، الثَّنَاء عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك دَلِيلا أَنه من أهل الْجنَّة، سَوَاء كَانَت أَفعاله تَقْتَضِي ذَلِك أم لَا، لِأَنَّهُ، وَإِن لم تكن أَفعاله مقتضية فَلَا تتحتم عَلَيْهِ الْعقُوبَة، بل هُوَ فِي الْمَشِيئَة، فَإِذا ألهم الله النَّاس الثَّنَاء عَلَيْهِ استدللنا بذلك أَن الله تَعَالَى قد شَاءَ الْمَغْفِرَة لَهُ، وَبِهَذَا تظهر فَائِدَة الثَّنَاء فِي قَوْله: (وَجَبت) ، وَقيل: هَذَا خَاص بالمثنين الْمَذْكُورين لغيب أطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ، ورد بِأَن كلمة: من، تستدعي الْعُمُوم والتخصيص بِلَا مُخَصص، لَا يجوز.
قَوْله: (أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض) .
الْخطاب للصحابة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَلمن كَانَ على صفتهمْ من الْإِيمَان، وَحكى ابْن التِّين أَن ذَلِك مَخْصُوص بالصحابة لأَنهم كَانُوا ينطقون بالحكمة بِخِلَاف من بعدهمْ، ثمَّ قَالَ: وَالصَّوَاب أَن ذَلِك يخْتَص بالثقات والمتقين.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الظَّاهِر أَن الَّذِي أثنوا عَلَيْهِ شرا كَانَ من الْمُنَافِقين.
قلت: ويستأنس لما قَالَه بِمَا رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث أبي قَتَادَة بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصلِّ على الَّذِي أثنوا عَلَيْهِ شرا، وَصلى على الآخر.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: فِيهِ: دلَالَة على جَوَاز ذكر الْمَرْء بِمَا يُعلمهُ إِذا وَقعت الْحَاجة إِلَيْهِ، نَحْو سُؤال القَاضِي الْمُزَكي وَنَحْوه.





[ قــ :1313 ... غــ :1368 ]
- حدَّثنا عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ حدَّثنا دَاوُدُ بنُ أبي الفُرَاتِ عنْ عَبْدِ الله بنِ بُرَيْدَةَ عنْ أبِي الأسْوَدِ قَالَ قَدِمْتُ المَدِينَةَ وقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ فَجَلَسْتُ إلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَمَرَّ بِهِمْ جَنَازَةُ فأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرا فَقَالَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فأُثْنِيَ عَلَى صاحِبِهَا خَيْرا فَقَالَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شرَّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ أبُو الأسْوَدِ فقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ قَالَ.

قُلْتُ كَمَا قالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ فقُلْنَا وثَلاَثَةٌ قَالَ وثَلاَثَةٌ فقُلْنَا واثْنَان قالَ واثْنَانِ ثُمَّ لَمْ نَسْألْهُ عنِ الوَاحِدِ.

(الحَدِيث 8631 طرفه فِي: 346) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة قَوْله: (حَدثنَا) ، كَذَا وَقع لأكْثر الروَاة، وَذكر أَصْحَاب الْأَطْرَاف أَنه أخرجه قَائِلا: قَالَ عَفَّان، وَبِذَلِك جزم الْبَيْهَقِيّ،.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّلْوِيح) : كَذَا ذكره البُخَارِيّ مُعَلّقا عَن شَيْخه، فَقَالَ:.

     وَقَالَ  عَفَّان،.

     وَقَالَ هُ أَيْضا أَبُو الْعَبَّاس الطرقي، وَخلف فِي كتاب (الْأَطْرَاف) : وَالَّذِي فِي نسخه سَمَاعنَا: حَدثنَا عَفَّان، وعَلى تَقْدِير صِحَة الأول فقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي (صَحِيحه) فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا عَفَّان إِلَى آخِره.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَفَّان، بتَشْديد الْفَاء: ابْن مُسلم، بِكَسْر اللَّام الْخَفِيفَة: الصفار.
الثَّانِي: دَاوُد بن أبي الْفُرَات، بِلَفْظ النَّهر الْمَشْهُور، وَاسم أبي الْفُرَات: عَمْرو، وَهُوَ كندي وَلَهُم شيخ آخر يُقَال لَهُ: دَاوُد بن أبي الْفُرَات، وَاسم أَبِيه: بكر، وَاسم جده: أَبُو الْفُرَات، وَهُوَ أشجعي من أهل الْمَدِينَة أقدم من الْكِنْدِيّ.
الثَّالِث: عبد الله بن بُرَيْدَة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، مر فِي أَوَاخِر كتاب الْحيض.
الرَّابِع: أَبُو الْأسود ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان من سَادَات التَّابِعين، ولي الْبَصْرَة وَهُوَ أول من تكلم فِي النَّحْو بعد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ، وَهُوَ الْمَشْهُور بالدؤلي، وَفِيه اختلافات: فَقيل، بِضَم الدَّال وَسُكُون الْوَاو وبالضم والهمزة الْمَفْتُوحَة، قَالَ الْأَخْفَش: هُوَ بِالضَّمِّ وَكسر الْهمزَة، إلاَّ أَنهم فتحُوا الْهمزَة فِي النِّسْبَة استثقالاً للكسرتين، وياء النِّسْبَة، وَرُبمَا قَالُوا: بِضَم الدَّال وَفتح الْوَاو المقلوبة عَن الْهمزَة،.

     وَقَالَ  ابْن الْكَلْبِيّ: بِكَسْر الدَّال وقلب الْهمزَة يَاء.
الْخَامِس: عمر ابْن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: عَفَّان بن مُسلم الصفار مَذْكُور فِي بعض النّسخ بالصفار وَفِي بَعْضهَا بِدُونِهِ.
وَفِيه: رِوَايَة عبد الله بن بُرَيْدَة معنعنة عَن أبي الْأسود، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب (التتبع) عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ أَن ابْن بُرَيْدَة إِنَّمَا يروي عَن يحيى بن يعمر عَن أبي الْأسود، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: سَمِعت أَبَا الْأسود، قيل: إِن ابْن بُرَيْدَة ولد فِي عهد عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فقد أدْرك أَبَا الْأسود بِلَا ريب، لَكِن البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا يَكْتَفِي بالمعاصرة فَلَعَلَّهُ أخرجه شَاهدا، وَاكْتفى للْأَصْل بِحَدِيث أنس الَّذِي قبله.
وَفِيه: قَالَ الْكرْمَانِي: وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم بصريون.
قلت: دَاوُد مروزي، وَلكنه تحول إِلَى الْبَصْرَة، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشَّهَادَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز،.

     وَقَالَ : حَدثنَا يحيى بن مُوسَى وَهَارُون بن عبد الله الْبَزَّار، قَالَا: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا دَاوُد بن أبي الْفُرَات حَدثنَا عبد الله بن بُرَيْدَة (عَن أبي الْأسود الديلِي، قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمروا بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ عمر: وَجَبت، فَقلت لعمر: مَا وَجَبت؟ قَالَ: أَقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَا من مُسلم يشْهد لَهُ ثَلَاثَة إلاَّ وَجَبت لَهُ الْجنَّة.
قُلْنَا: وإثنان؟ قَالَ: وإثنان، قَالَ: وَلم نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوَاحِد) .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ وَفِي لَفظه: (أَرْبَعَة) مثل لفظ البُخَارِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدمت الْمَدِينَة) أَي: مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (وَقد وَقع مرض) ، جملَة حَالية، وَزَاد البُخَارِيّ فِي الشَّهَادَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات: (وهم يموتون موتا ذريعا) ، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، أَي: سَرِيعا.
قَوْله: (فَجَلَست إِلَى عمر) ، يحْتَمل أَن يكون إِلَى هَهُنَا على بابُُه بِمَعْنى الِانْتِهَاء والغاية، وَالْمعْنَى انْتهى جلوسي إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْأَوْجه أَن يكون إِلَى هَهُنَا بِمَعْنى: عِنْد، أَي: جَلَست عِنْد عمر كَمَا قَالَ فِي قَول الشَّاعِر:
(أم لَا سَبِيل إِلَى الشَّبابُُ وَذكره ... أشهى إِلَيّ من الرَّحِيق السلسل)

قَوْله: (فَأثْنى على صَاحبهَا خيرا) بِنصب: خيرا، فِي أَكثر الْأُصُول، وَكَذَا شرا.
ويروى: (خير وَشر) ، بِالرَّفْع فيهمَا، وأثني على صِيغَة الْمَجْهُول.
فَوجه النصب مَا قَالَه ابْن بطال: إِنَّه أَقَامَ الْجَار وَالْمَجْرُور مقَام الْمَفْعُول الأول، وَخيرا مقَام الْمَفْعُول الثَّانِي.
.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: خيرا، صفة لمصدر مَحْذُوف وأقيمت مقَامه فنصب لِأَن: أثنى، مُسْند إِلَى الْجَار وَالْمَجْرُور، والتفاوت بَين الْإِسْنَاد إِلَى الْمصدر والإسناد إِلَى الْجَار وَالْمَجْرُور قَلِيل.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هُوَ مَنْصُوب بِإِسْقَاط الْجَار أَي: فَأثْنى عَلَيْهَا بِخَير، وَوجه الرّفْع ظَاهر، وَهُوَ أَن: أُثنى، مُسْند إِلَيْهِ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: الصَّوَاب بِالرَّفْع، وَفِي نَصبه بعد فِي اللِّسَان.
قَوْله: (وَجَبت) أَي: الْجنَّة، كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: (قَالَ أَبُو الْأسود) وَهُوَ الرَّاوِي الْمَذْكُور، وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: (وَمَا وَجَبت؟) اسْتِفْهَام عَن معنى الْوُجُوب فيهمَا مَعَ اخْتِلَاف الثَّنَاء بِالْخَيرِ وَالشَّر.
قَوْله: (أَيّمَا مُسلم) إِلَى آخِره، مقول قَول النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (شهد لَهُ أَرْبَعَة) أَي: أَرْبَعَة من الْمُسلمين، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: ثَلَاثَة، كَمَا ذكرنَا.
فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي اخْتِلَاف هَذَا الْعدَد حَيْثُ جَاءَ أَرْبَعَة وَثَلَاثَة وَاثْنَانِ؟ قلت: لاخْتِلَاف الْمعَانِي، لِأَن الثَّنَاء قد يكون بِالسَّمَاعِ الفاشي على الْأَلْسِنَة فاستحب فِي ذَلِك التَّوَاتُر وَالْكَثْرَة، وَالشَّهَادَة لَا تكون إلاَّ بالمعرفة بأحوال الْمَشْهُود لَهُ، فَيَأْتِي فِي ذَلِك أَرْبَعَة شُهَدَاء، لِأَن ذَلِك أَعلَى مَا يكون من الشَّهَادَة، أَلا يرى أَن الله تَعَالَى جعل فِي الزِّنَى أَرْبَعَة شُهَدَاء، فَإِن قصروا يَأْتِي فِيهِ ثَلَاثَة، فَإِن قصروا فِيهِ يَأْتِي فِيهِ شَاهِدَانِ؟ لِأَن ذَلِك أقل مَا يَجْزِي فِي الشَّهَادَة على سَائِر الْحُقُوق رَحْمَة من الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ، وتجاوزا عَنْهُم حَيْثُ أجْرى أُمُورهم فِي الْآخِرَة على نمط أُمُورهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَلِهَذَا لم يسْأَلُوا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْوَاحِد، حَيْثُ قَالَ: (ثمَّ لم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد) أَي: ثمَّ لم نسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثَنَاء الشَّخْص الْوَاحِد: هَل يَكْتَفِي بِهِ؟ وَذَلِكَ أَن هَذَا الْمقَام مقَام عَظِيم فَلَا يَكْتَفِي فِيهِ بِأَقَلّ من النّصاب.
فَإِن قلت: هَل يخْتَص الثَّنَاء الَّذِي ينفع الْمَيِّت بِالرِّجَالِ أم يشْتَرك فِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء، فَإِذا قُلْنَا: يشتركون فِيهِ، فَهَل يَكْتَفِي فِي ذَلِك بامرأتين؟ أَو لَا بُد من رجل وَامْرَأَتَيْنِ أَو أَربع نسْوَة؟ قلت: الظَّاهِر الِاكْتِفَاء بِاثْنَيْنِ مُسلمين، وَإنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى قيام امْرَأتَيْنِ مقَام رجل وَاحِد، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير من رِوَايَة إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن قسطاس عَن سعد بن إِسْحَاق بن كَعْب بن عجْرَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا لأَصْحَابه: (مَا تَقولُونَ فِي رجل قتل فِي سَبِيل الله؟ قَالُوا: ألله وَرَسُوله أعلم.
قَالَ الْجنَّة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ: فَمَا تَقولُونَ فِي رجل مَاتَ فَقَامَ رجلَانِ ذَوا عدل فَقَالَا: لَا نعلم إلاَّ خيرا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم.
قَالَ: الْجنَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ: فَمَا تَقولُونَ فِي رجل مَاتَ فَقَامَ رجلَانِ ذَوا عدل، فَقَالَا: لَا نعلم خيرا، فَقَالُوا: النَّار، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مذنب، وَالله غَفُور رَحِيم) .
فقد يُقَال: لَا يكْتَفى بِشَهَادَة النِّسَاء، ألاَ يُرى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكتف بِشَهَادَة الْمَرْأَة الَّتِي أثنت على عُثْمَان بن مَظْعُون بقولِهَا: شهادتي عَلَيْك أَبَا السَّائِب، فَقَالَ لَهَا: وَمَا يدْريك؟ وَقد يُجَاب عَنهُ: بِأَنَّهُ إِنَّمَا أنكر عَلَيْهَا الْقطع بِأَن الله أكْرمه، وَذَلِكَ مغيب عَنْهَا، بِخِلَاف الشَّهَادَة للْمَيت بأفعاله الجميلة الَّتِي كَانَ متلبسا بهَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، والْحَدِيث الَّذِي فِيهِ قَضِيَّة عُثْمَان بن مَظْعُون رَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيث حَارِثَة بن زيد: أَن أم الْعَلَاء امْرَأَة من الْأَنْصَار قد بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته أَنهم اقتسموا للمهاجرين قرعَة، فطار لنا عُثْمَان بن مَظْعُون فأنزلناه فِي أَبْيَاتنَا، فوجع وَجَعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا توفّي وَغسل وكفن فِي أثوابه دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا عُثْمَان بن مَظْعُون، رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب، فشهادتي عَلَيْك، لقد أكرمك الله تَعَالَى، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه؟ فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله، فَمن؟ فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما هُوَ فقد جَاءَهُ الْيَقِين فوَاللَّه إِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَاذَا يفعل بِي قَالَت فوَاللَّه مَا أزكي بعده أحدا) .
.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ.
فَإِن قلت: هَل يخْتَص الثَّنَاء الَّذِي ينفع الْمَيِّت بِكَوْنِهِ مِمَّن خالطه وَعرف حَاله أم هُوَ على عُمُومه؟ قلت: الظَّاهِر الأول بِدَلِيل قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَدِيث أنس الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي فِي (مُسْنده) بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ: قَالَ رَسُول الله: (مَا من مُسلم يَمُوت فَيشْهد لَهُ أَرْبَعَة من أهل أَبْيَات من جِيرَانه الأدنين أَنهم لَا يعلمُونَ إلاَّ خيرا، إلاَّ قَالَ الله تَعَالَى: قد قبلت علمكُم وغرت لَهُ مَا لَا تعلمُونَ) .
فَإِن قلت: هَل ينفع الثَّنَاء على الْمَيِّت بِالْخَيرِ وَإِن خَالف الْوَاقِع أم لَا بُد أَن يكون الثَّنَاء عَلَيْهِ مطابقا للْوَاقِع؟ قلت: قَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء أصَحهمَا أَن ذَلِك يَنْفَعهُ، وَأَن لم يُطَابق الْوَاقِع لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَا يَنْفَعهُ إلاَّ بالموافقة لم يكن للثناء فَائِدَة، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من رِوَايَة فرات بن السَّائِب عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن العَبْد سيرزق الثَّنَاء والستر وَالْحب من النَّاس حَتَّى تَقول الْحفظَة: رَبنَا إِنَّك تعلم ونعلم غير مَا يَقُولُونَ، فَيَقُول: أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُ مَا لَا يعلمُونَ، وَقبلت شَهَادَتهم على مَا يَقُولُونَ) .
فَإِن قلت: الحَدِيث الْمَذْكُور الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يعلى يدل على أَن المُرَاد الثَّنَاء المطابق بِدَلِيل قَوْله: (قد قبلت علمكُم) ، وَالْعلم لَا يُخَالف الْوَاقِع.
قلت: المُرَاد بِالْعلمِ: الشَّهَادَة، كَمَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يعلى عَن ابْن عمر، وَكَذَلِكَ فِي (مُسْند أَحْمد) فِي هَذَا الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة: (قد قبلت شَهَادَتهم) ، وَمعنى قَوْله: (غفرت لَهُ مَا لَا يعلمُونَ) ، أَي: من الذُّنُوب الَّتِي لم يطلعوا عَلَيْهَا.
فَإِن قلت: عل تشْتَرط فِي هَذِه الشَّهَادَة الْعَدَالَة كَسَائِر الشَّهَادَات؟ أم تَكْفِي فِي ذَلِك شَهَادَة الْمُسلمين وَإِن لم يَكُونُوا بِوَصْف الْعَدَالَة المشترطة فِي الشَّهَادَة؟ قلت: يدل على الأول حَدِيث كَعْب بن عجْرَة الَّذِي ذَكرْنَاهُ آنِفا، لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: (فَقَامَ رجلَانِ ذَوا عدل) ، وعَلى الثَّانِي يدل ظَاهر حَدِيث الْبابُُ، وَمَعَ هَذَا الأَصْل فِي الشَّهَادَة الْعَدَالَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: فَضِيلَة هَذِه الْأمة.
وَفِيه: إِعْمَال الحكم بِالظَّاهِرِ.
وَفِيه: جَوَاز ذكر الْمَرْء بِمَا فِيهِ من خير أَو شَرّ للْحَاجة، وَلَا يكون ذَلِك من الْغَيْبَة، وَذكر الْغَزالِيّ وَالنَّوَوِيّ إِبَاحَة الْعلمَاء الْغَيْبَة فِي سِتَّة مَوَاضِع، فَهَل تُبَاح فِي حق الْمَيِّت أَيْضا؟ وَإِن مَا جَازَ غيبَة الْحَيّ بِهِ جَازَت غيبَة الْمَيِّت بِهِ، أم يخْتَص جَوَاز الْغَيْبَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع المستثناة بِالْإِحْيَاءِ، يَنْبَغِي أَن ينظر فِي السَّبَب الْمُبِيح للغيبة إِن كَانَ قد انْقَطع بِالْمَوْتِ كالمصاهرة والمعاملة، فَهَذَا لَا يذكر فِي حق الْمَيِّت، لِأَنَّهُ قد انْقَطع ذَلِك بِمَوْتِهِ، وَإِن لم يَنْقَطِع ذَلِك بِمَوْتِهِ كجرح الروَاة وَكَونه يُؤْخَذ عَنهُ اعْتِقَاد أَو نَحوه فَلَا بَأْس بِذكرِهِ بِهِ ليحذر ويتجنب.
وَفِيه: جَوَاز الشَّهَادَة قبل الاستشهاد.
وَفِيه: اعْتِبَار مَفْهُوم الْمُوَافقَة لِأَنَّهُ سَأَلَ عَن الثَّلَاثَة وَلم يسْأَل عَمَّا فَوق الْأَرْبَعَة كالخمسة مثلا.
وَفِيه: أم مَفْهُوم الْعدَد لَيْسَ دَلِيلا قَطْعِيا، بل هُوَ فِي مقَام الِاحْتِمَال.