فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه

( بابٌُ)

أَي: هَذَا بابُُ، وَهُوَ كالفصل لما قبله.

كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنامُ قَلْبُهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ مِينَاءَ عنْ جابِرٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذَا وَصله البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن عبَادَة عَن يزِيد بن هَارُون عَن سليم بن حَيَّان عَن سعيد بن ميناء عَن جَابر فِي كتاب الِاعْتِصَام.
وَسَعِيد بن ميناء، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون ممدودة: أَبُو الْوَلِيد الْمَكِّيّ.

قَوْله: ( تنام عينه) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: تنام عَيناهُ، بالتثنية، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب التَّهَجُّد فِي: بابُُ قيام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ، فِي حَدِيث عَائِشَة مطولا.
وَفِيه: ( فَقلت: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم { : أتنام قبل أَن توتر؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَة} إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي) .



[ قــ :3407 ... غــ :3569 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ سَعيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّهُ سألَ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَيْفَ كانَتْ صَلاَةُ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَانَ قالَتْ مَا كانَ يَزِيدُ فِي رمَضَانَ ولاَ فِي غَيْرِهِ علَى إحْداى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أرْبَعَ رَكْعَاتٍ فَلاَ تَسْألْ عنْ حُسْنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعَاً فَلاَ تَسْألْ عنْ حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً فقُلْتُ يَا رسولَ الله تَنامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ قَالَ تَنامُ عَيْنِي وَلَا يَنامُ قَلْبِي.
( انْظُر الحَدِيث 7411 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن نوم عينه وَعدم نوم قلبه من الصِّفَات الْعَظِيمَة والخصال الجليلة.
وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الْمَتْن قد مضى فِي كتاب التَّهَجُّد كالحديث الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.





[ قــ :3408 ... غــ :3570 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني أخِي عنْ سُلَيْمَانَ عنْ شَرِيكِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي نَمِرٍ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ يُحَدِّثُنَا عنْ لَ يْلَةَ أُسْرِيَ بالنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جاءَ ثلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أنْ يُوحاى إلَيْهُ وهْوَ نائِمٌ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ فَقَالَ أوَّلُهُمْ أيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ.

     وَقَالَ  آخِرُهُمْ خُذُوا خَيرَهُمْ فَكانَتْ تِلْكَ فلَمْ يَرَهُمْ حتَّى جاؤُوا لَيْلَةً أُخْراى فِيما يَرَى قَلْبُهُ والنَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نائِمَةٌ عَيْنَاهُ ولاَ يَنامُ قَلْبُهُ وكَذالِكَ الأنْبِيَاءُ تَنامُ أعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَتَوَلاَّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَخُوهُ أَبُو بكر بن عبد الحميد، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي.

قَوْله: ( ثَلَاثَة نفر) هم الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: الَّذِي يظْهر لي أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كَانُوا: جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل.
لِأَنِّي رَأَيْت فِي كتب كَثِيرَة مَخْصُوصَة بالمعراج أَنهم نزلُوا عَلَيْهِ والبراق مَعَهم.
قَوْله: ( قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ) ، قيل: لَيْسَ فِي أَكثر الرِّوَايَات هَذِه اللَّفْظَة، وَأَن تِلْكَ مَحْفُوظَة فَلم يَأْته عقيب تِلْكَ اللَّيْلَة، بل بعْدهَا بِسنتَيْنِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أسرِي بِهِ قبل الْهِجْرَة بِثَلَاثَة سِنِين، وَقيل: بِسنتَيْنِ، وَقيل: بِسنة.
قَوْله: ( أَيهمْ هُوَ) ، أَي: الثَّلَاثَة مُحَمَّد، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَائِما بَين اثْنَيْنِ أَو أَكثر، وَقد قيل: كَانَ نَائِما بَين عَمه حَمْزَة وَابْن عَمه جَعْفَر بن أبي طَالب.
قَوْله: ( وأوسطهم) هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ نَائِما بَينهمَا.
قَوْله: ( خُذُوا خَيرهمْ) أَي: لأجل أَن يعرج بِهِ إِلَى السَّمَاء.
قَوْله: ( فَكَانَت تِلْكَ) أَي: كَانَت الْقِصَّة تِلْكَ الْحِكَايَة لم يَقع شَيْء آخر.
قَوْله: ( فِيمَا يرى قلبه) أَي: بَين النَّائِم وَالْيَقظَان.
فَإِن قلت: ثَبت فِي الرِّوَايَات الْأُخْرَى أَنه فِي الْيَقَظَة.
قلت: أَن قُلْنَا بتعدده فَظَاهر، وَإِن قُلْنَا باتحاده فَيمكن أَن يُقَال: كَانَ ذَلِك أول وُصُول الْملك إِلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على كَونه نَائِما فِي الْقِصَّة كلهَا، وَالله سبخانه وَتَعَالَى أعلم.