فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السعوط بالقسط الهندي والبحري "

( بابُُ السَّعُوطِ بالقُسْطِ الهِنْدِيِّ والبَحْرِيِّ وهْوَ الكُسْتُ.
مِثْلُ الكافُورِ والقافُورِ مِثْلُ كُشِطَتْ وقُشِطَتْ نُزِعَتْ.
وقَرَأ عبْد الله قُشِطَتْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان السعوط بِالْقِسْطِ، بِضَم الْقَاف قَالَ الْجَوْهَرِي: عقاقير الْبَحْر،.

     وَقَالَ  ابْن السّكيت: الْقَاف بدل من الْكَاف، وَفِي ( الْمُنْتَهى) لأبي الْمَعَالِي: الكست والكسط والقسط، ثَلَاث لُغَات وَهُوَ جزر الْبَحْر، وَفِي ( الْجَامِع) لِابْنِ البيطار: أجوده مَا كَانَ من بِلَاد الْمغرب وَكَانَ أَبيض خَفِيفا، وَهُوَ البحري، وَبعده الَّذِي من بِلَاد الْهِنْد وَهُوَ غليظ أسود خَفِيف مثل الغشاء، وَبعده الَّذِي من بِلَاد سوريا وَهُوَ ثقيل ولونه لون البقس ورائحته ساطعة، وأجودها مَا كَانَ حَدِيثا أَبيض ممتلئاً غير متآكل وَلَا زهم يلْدغ اللِّسَان وقوته مسخنة مَدَرَة للبول والطمث وينفع من أوجاع الْأَرْحَام إِذا اسْتعْمل، وَذكر لَهُ مَنَافِع كَثِيرَة.
قَوْله: ( الْهِنْدِيّ والبحري) قَالَ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ: الْقسْط نَوْعَانِ: هندي وَهُوَ أسود، وبحري وَهُوَ أَبيض، والهندي أشدهما حرارة.
قَوْله: ( وَهُوَ الكست) أَي: الْقسْط بِالْقَافِ هُوَ الكست بِالْكَاف، أَرَادَ أَنه يُقَال بِالْقَافِ وبالكاف لقرب مخرج الْقَاف من مخرج الْكَاف.
قَوْله: ( مثل الكافور والقافور) .
كَمَا يُقَال: الكافور بِالْكَاف وَيُقَال بِالْقَافِ، وَقد مر هَذَا فِي: بابُُ الْقسْط للحادة، قَوْله: ( مثل كشطت وقشطت) بِمَعْنى كَمَا يُقَال أَيْضا فيهمَا بِالْكَاف وَالْقَاف، كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: ( نزعت) زَاده النَّسَفِيّ فِي رِوَايَته، وَأَرَادَ بِهِ أَن معنى كشطت نزعت، يُقَال: كشطت الْبَعِير كشطاً نزعت جلده، وَلَا يُقَال: سلخت،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: كشطت الجل عَن ظهر الْفرس أَو الغطاء عَن الشَّيْء إِذا كشفته عَنهُ، والقسط لُغَة فِيهِ، وَفِي قِرَاءَة عبد الله: وَإِذا السَّمَاء قشطت، وَهُوَ معنى قَوْله: قَرَأَ عبد الله: قشطت، أَي عبد الله بن مَسْعُود، وَلم تشتهر هَذِه الْقِرَاءَة.



[ قــ :5392 ... غــ :5692 ]
- حدّثنا صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ أخبرنَا ابنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَن عُبَيْد الله عنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ محْصَنٍ، قالَتْ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُولُ: عَلَيْكُم بِهاذَا العُودِ الهِنْدِيِّ فإنَّ فِيهِ سبْعَة أشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ العُذْرَةِ وَيُلَدُّ بِهِ مِن ذاتِ الجَنْبِ.
ودَخَلْتُ عَلى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بابُْنٍ لِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعامَ فبَالَ علَيْهِ فَدَعَا بِماءٍ فَرَشَّ عَلَيْهِ.
( انْظُر الحَدِيث 223) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، وَأم قيس بنت مُحصن الأَسدِية أَسد خُزَيْمَة كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول اللَّاتِي بايعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي أُخْت عكاشة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب وَعَن مُحَمَّد بن عتاب.
وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن يحيى بن يحيى وَآخَرين.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بن سعيد وَغَيره.

قَوْله: ( عَلَيْكُم) أَي: إفعلوه، وَهُوَ اسْم للْفِعْل بِمَعْنى: خُذُوا، وَيسْتَعْمل بِالْبَاء وبغيرها، يُقَال: عَلَيْك بزيد، وَعَلَيْك زيدا.
قَوْله: ( الْعود الْهِنْدِيّ) خشب يُؤْتى بِهِ من بِلَاد الْهِنْد طيب الرَّائِحَة قَابض فِيهِ مرَارَة يسيرَة، وقشره كَأَنَّهُ جلد موشى وَيصْلح إِذا مضغ أَو يمضمض بطبيخه لطيب النكهة، وَإِذا شرب مِنْهُ قدر مِثْقَال نفع من لزوجة الْمعدة وضعفها وَسُكُون لهيبها وَإِذا شرب بِالْمَاءِ نفع من وجع الكبد ووجع الْجنب وقرحة الأمعاء والمغص، وأجود الْعود المندلي ثمَّ الْهِنْدِيّ.
قَالَ الشَّافِعِي: الْهِنْدِيّ يفضل على المندلى بِأَنَّهُ لَا يُولد الْقمل.
وَالْعود على أَنْوَاع: الْهِنْدِيّ أفضل من الْكل، فَلذَلِك خصّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالذكر.
قَوْله: ( سَبْعَة أشفية) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْفَاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف: جمع شِفَاء كأدوية جمع دَوَاء.
.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سَبْعَة أشفية فِي الْقسْط فَسمى مِنْهَا اثْنَيْنِ ووكل بَاقِيهَا إِلَى طلب الْمعرفَة أَو الشُّهْرَة فِيهَا، وَقد عدد الْأَطِبَّاء فِيهَا عدَّة مَنَافِع.
فَإِن قلت: إِذا كَانَ فِيهِ كَثْرَة الْمَنَافِع فَمَا وَجه تخصيصها بِسبع؟ قلت: تعْيين السَّبْعَة لما أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمهَا بِالْوَحْي وتحققها وَأما غَيرهَا من الْمَنَافِع فقد علمت بالتجربة، فَذكر مَا علمه بِالْوَحْي دون غَيره، أَو نقُول: إِنَّمَا فصل مِنْهَا مَا دعت الْحَاجة إِلَيْهِ وَسكت عَن غَيره، كَأَنَّهُ لم يبْعَث لبَيَان تفاصيل الطِّبّ وَلَا ليعلم صَنعته، وَقد ذكر الْأَطِبَّاء من مَنَافِع الْقسْط: أَنه يدر الطمث وَالْبَوْل، وَيقتل ديدان الأمعاء، وَيدْفَع السم وَحمى الرّبع والورد، ويسخن الْمعدة، ويحرك شَهْوَة الْجِمَاع، وَيذْهب الكلف طلاء.
قَوْله: ( من الْعذرَة) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسكن الذَّال الْمُعْجَمَة، وَهُوَ وجع فِي الْحلق يهيج من الدَّم، وَقيل: هِيَ قرحَة تخرج بَين الْأنف وَالْحلق تعرض للصبيان عِنْد طُلُوع الْعذرَة، وَهِي خمس كواكب تَحت الشعرى العبور، ويطلع وسط الْحر، وَفِي ( الْمُحكم) : الْعذرَة نجم إِذا طلع اشْتَدَّ الْحر، والعذرة والعاذور دَاء فِي الْحلق، وَرجل مَعْذُور أَصَابَهُ ذَلِك،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هُوَ وجع فِي الْحلق من الدَّم، وَذَلِكَ الْموضع يُسمى: عذرة، وَهُوَ قريب من اللهاة، واللهاة هِيَ اللحمة الْحَمْرَاء الَّتِي فِي آخر الْفَم وَأول الْحلق، وَعَادَة النِّسَاء فِي علاجها أَن تَأْخُذ الْمَرْأَة خرقَة فتفتلها فَتلا شَدِيدا وَتدْخلهَا فِي أنف الصَّبِي وتطعن ذَلِك الْموضع فينفجر مِنْهُ دم أسود، وَرُبمَا أقرحته، وَذَلِكَ الطعْن يُسمى دغراً.
وَمعنى قَوْله فِي الحَدِيث: ( تدغرن أَوْلَادكُنَّ) أَنَّهَا تغمز حلق الصَّبِي بإصبعها فَترفع ذَلِك الْموضع وتكبسه.
قَوْله: ( ويلد بِهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: بِالْقِسْطِ، يُقَال: لدا لرجل فَهُوَ ملدود، واللدود بِفَتْح اللَّام مَا يصب فِي أحد جَانِبي الْفَم.
قَوْله: ( من ذَات الْجنب) هُوَ ورم فِي الغشاء المستبطن للأضلاع.
.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: ذَات الْجنب بِالضَّمِّ.
قَوْله: ( السل) وَفِي ( البارع) : هُوَ الَّذِي يطول مَرضه، وَعَن النَّضر: هُوَ الدُّبَيْلَة وَهِي قرحَة تثقب الْبَطن، وَقيل: هِيَ الشوصة، وَفِي ( الْمُنْتَهى) : الجناب بِالضَّمِّ دَاء فِي الْجنب.

قَوْله: ( وَدخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِلَى آخِره، قد مر فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ بَوْل الصّبيان: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ: أخبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أم قيس بنت مُحصن أَنَّهَا أَتَت بِابْن لَهَا صَغِير لم يَأْكُل الطَّعَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأجلسه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجره فَبَال على ثَوْبه، فَدَعَا بِمَاء فنضحه وَلم يغسلهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.