فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الوكالة في الحدود

( بابُُ الوَكالَة فِي الحُدودِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْوكَالَة فِي إِقَامَة الْحُدُود.

4132

- 5132 حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ أخبرنَا اللَّيْثُ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ زَيْدِ بنِ خالِدٍ وَأبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ واغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأةِ هذَا فإنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْهَا ... مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( أغد يَا أنيس) إِلَى آخِره، فَإِن أمره بذلك تَفْوِيض لَهُ.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، وَزيد بن خَالِد يكنى أَبَا طَلْحَة الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي ثَمَانِيَة مَوَاضِع فِي الندور وَفِي الْمُحَاربين وَفِي الصُّلْح وَفِي الْأَحْكَام وَفِي الشُّرُوط وَفِي الِاعْتِصَام وَفِي خبر الْوَاحِد وَفِي الشَّهَادَات.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن قُتَيْبَة وَعَن عَمْرو النَّاقِد وَعَن أبي الطَّاهِر وحرملة وَعَن عبد بن حميد.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن إِسْحَاق بن مُوسَى وَعَن نصر بن عَليّ وَغير وَاحِد كلهم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقَضَاء وَفِي الرَّجْم عَن قُتَيْبَة وَفِي الْقَضَاء والشروط عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين وَفِي الرَّجْم عَن مُحَمَّد بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَعَن عبد الْعَزِيز بن سَلمَة وَعَن مُحَمَّد بن رَافع.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْحُدُود من أبي بكر بن أبي شيبَة وَهِشَام بن عمار وَمُحَمّد بن الصَّباح.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( قَالَ: واغد يَا أنيس) ، طرف من حَدِيث طَوِيل أخرجه فِي كتاب الْمُحَاربين فِي: بابُُ الِاعْتِرَاف بِالزِّنَا، حَدثنَا عَليّ بن عبد الله أخبرنَا سُفْيَان، قَالَ: حفظناه من الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبرنِي عبيد الله أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَزيد ابْن خَالِد، قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ رجل فَقَالَ: أنْشدك الله إلاَّ قضيت بَيْننَا بِكِتَاب الله، فَقَامَ خَصمه وَكَانَ أفقه مِنْهُ، فَقَالَ: اقْضِ بَيْننَا بِكِتَاب الله وإيذن لي، قَالَ: قل.
قَالَ: إِن ابْني كَانَ عسيفاً على هَذَا فزنى بامرأته، فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَة شَاة وخادم، ثمَّ سَأَلت أهل الْعلم فَأَخْبرُونِي أَن على ابْني جلد مائَة وتغريب عَام، وعَلى امْرَأَته الرَّجْم.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله، جلّ ذكره: الْمِائَة شَاة وَالْخَادِم مَرْدُود، وعَلى ابْنك جلد مائَة وتغريب عَام، وأغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا، فَإِن اعْترفت فارجمها.
فغدا عَلَيْهَا فَاعْترفت فرجمها ... الحَدِيث، وَذكر هُنَا هَذِه الْقطعَة لأجل التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة.
قَوْله: ( واغدُ) أَمر من: غَدا يَغْدُو، وبالغين الْمُعْجَمَة من الغدو، وَهُوَ الذّهاب وَهُوَ عطف على مَا تقدم عَلَيْهِ فِي الحَدِيث.
قَوْله: ( يَا أنيس) تَصْغِير أنس، وَهُوَ أنيس بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ، وَيُقَال: مكبرا، ذكر لَهُ عمر حَدِيثا، وَإِنَّمَا خصّه من بَين الصَّحَابَة قصدا إِلَى أَنه لَا يُؤمر فِي الْقَبِيلَة إلاَّ رجل مِنْهُم لنفورهم عَن حكم غَيرهم، وَكَانَت الْمَرْأَة أسلمية.

وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْوكَالَة فِي الْحُدُود وَالْقصاص، فَذهب أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِلَى أَنه لَا يجوز قبُولهَا فِي ذَلِك، وَلَا يُقَام الْحَد وَالْقصاص حَتَّى يحضر الْمُدَّعِي، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  ابْن أبي ليلى وَجَمَاعَة: تقبل الْوكَالَة فِي ذَلِك، وَقَالُوا: لَا فرق بَين الْحُدُود وَالْقصاص والديون إلاَّ أَن يَدعِي الْخصم أَن صَاحبه قد عَفا عَنهُ فتوقف عَن النّظر فِيهِ حَتَّى يحضر.





[ قــ :2219 ... غــ :2316 ]
- حدَّثنا ابنُ سَلاَّمٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عنْ أيُّوبَ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَة عنْ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ قالَ جِيءَ بالنُّعَيْمَانِ أَو ابنِ النُّعَيْمانِ أَو ابنِ النُّعَيْمَانِ شارِباً فأمرَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ كانَ فِي البَيْتِ أنْ يَضْرِبوا قَالَ فكُنتُ أَنا فِيمَنْ ضَرَبَهُ فضَرَبناهُ بالنِّعالَ والجَرِيدِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَأمر من كَانَ فِي الْبَيْت أَن يضربوه) ، لِأَن الإِمَام إِذا لم يتول إِقَامَة الْحَد بِنَفسِهِ وَولى غَيره كَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة التَّوْكِيل.

وَرِجَاله: مُحَمَّد بن سَلام، قَالَ الْكرْمَانِي: الصَّحِيح البيكندي البُخَارِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَابْن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، وَعقبَة بن الْحَارِث بن عَامر الْقرشِي النَّوْفَلِي الْمَكِّيّ، لَهُ صُحْبَة، أسلم يَوْم فتح مَكَّة، روى لَهُ البُخَارِيّ ثَلَاثَة أَحَادِيث.

قَوْله: ( بالنعيمان) ، بِالتَّصْغِيرِ.
قَوْله: ( أَو بِابْن النعيمان) ، شكّ من الرَّاوِي، وَوَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَة: جِيءَ بنعمان أَو نعيمان، فَشك هَل هُوَ بِالتَّكْبِيرِ أَو التصغير، وَفِي رِوَايَة: بالنعيمان، بِغَيْر شكّ، وَوَقع عِنْد الزبير بن بكار فِي النّسَب من طَرِيق أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجل يُقَال لَهُ النعيمان، يُصِيب الشَّرَاب ... فَذكر الحَدِيث نَحوه، وروى ابْن مَنْدَه من حَدِيث مَرْوَان بن قيس السّلمِيّ من صحابة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مر بِرَجُل سَكرَان يُقَال لَهُ نعيمان، فَأمر بِهِ فَضرب ... الحَدِيث، وَهُوَ: النعيمان بن عَمْرو بن رِفَاعَة بن الْحَارِث بن سَواد بن مَالك بن غنم بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ الَّذِي شهد بَدْرًا، وَكَانَ مزاحا.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: إِنَّه كَانَ رجلا صَالحا، وَأَن الَّذِي حَده النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ ابْنه.
قَوْله: ( شارباً) ، حَال، يَعْنِي: متصفاً بالشرب، لِأَنَّهُ حِين جِيءَ بِهِ لم يكن شارباً حَقِيقَة، بل كَانَ سَكرَان، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي الْحُدُود، وَهُوَ سَكرَان، وَزَاد عَلَيْهِ: فشق عَلَيْهِ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن حد الشّرْب أخف الْحُدُود،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَفِيه: أَن حد الْخمر لَا يستأنى فِيهِ الْإِقَامَة كَحَد الْحَامِل لتَضَع الْحمل.
وَفِيه: إِقَامَة الْحُدُود وَالضَّرْب بالنعال والجريد، وَكَانَ ذَلِك فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رتبه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثَمَانِينَ.