فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يكره من السمر بعد العشاء

(بابُُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يكره من السمر بعد صَلَاة الْعشَاء، وَمرَاده من السمر مَا يكون فِي أَمر مُبَاح، وَأما الْمحرم فَلَا اخْتِصَاص لَهُ بِوَقْت، بل هُوَ حرَام فِي جَمِيع الْأَوْقَات، والسمر، بِفَتْح الْمِيم: من المسامرة.
وَهِي: الحَدِيث بِاللَّيْلِ.
وَرَوَاهُ بَعضهم بِسُكُون الْمِيم وَجعله الْمصدر، وأصل السمر: لون ضوء الْقَمَر لأَنهم كَانُوا يتحدثون فِيهِ.

السَّامِرُ مِنَ السَّمَرِ والْجَمْعُ السُّمَّارُ والسَّامِرُ ههُنَا فِي موضِعِ الْجَمُعِ هَذَا هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده،.

     وَقَالَ  بَعضهم: اسْتشْكل ذَلِك لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم للسامر ذكر فِي التَّرْجَمَة، وَالَّذِي يظْهر لي أَن المُصَنّف أَرَادَ تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: { سامرا تهجرون} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) .
وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله هَهُنَا، أَي: فِي الْآيَة.
قلت: لَا إِشْكَال فِي ذَلِك أصلا، وَدَعوى ذَلِك من قُصُور الْفَهم، وَالتَّعْلِيل بقوله لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم للسامر ذكر فِي التَّرْجَمَة غير موجه، وَلَا تَحْتَهُ طائل، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لما ذكر لفظ السمر الَّذِي هُوَ إِمَّا إسم وَإِمَّا مصدر، كَمَا ذكرنَا، أَشَارَ إِلَى لفظ: السامر، مُشْتَقّ من: السمر، وَهُوَ المُرَاد من قَوْله: (السامر من السمر) ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى أَن لفظ السامر تَارَة يكون مُفردا وَيكون بِهِ جمعه: سمار، بِضَم السِّين وَتَشْديد الْمِيم، كطالب وطلاب، وَكَاتب وَكتاب.
وَتارَة يكون جمعا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: والسامر هَهُنَا، يَعْنِي فِي هَذَا الْموضع، وَذَلِكَ كالباقر والجامل للبقر وَالْجمال، يُقَال: سمر الْقَوْم وهم يسمرون بِاللَّيْلِ، أَي: يتحدثون فهم سمار وسامر، وَقَول هَذَا الْقَائِل: الَّذِي يظْهر لي ... إِلَى آخِره، أَخذه من كَلَام الْكرْمَانِي.
وَكِلَاهُمَا تائه، وَمَتى ذكر الْآيَة هَهُنَا حَتَّى يَقُول: وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله هَهُنَا أَي فِي الْآيَة؟ وَهَذَا كَلَام صادر من غير تفكر وَلَا بَصِيرَة، وَالتَّحْقِيق مَا ذَكرْنَاهُ الَّذِي لم يطلع عَلَيْهِ شَارِح، وَلَا من بفكره قارح.



[ قــ :583 ... غــ :599]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى قَالَ حدَّثنا عَوْفٌ قَالَ حدَّثنا أبُو المِنْهَالِ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ أبي إلَى أبي بَرَزَةَ الأَسْلَمِيِّ فَقَالَ لَهُ أبِي حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي المكْتُوبَةَ قَالَ كَانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ وَهْيَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي العصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أحَدُنَا إلَى أهْلِهِ فِي أقْصَى المَدِينَةِ والشَّمْسُ حَيَّةٌ ونَسِيتُ مَا قالَ فِي المَغْرِبِ قَالَ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يُؤَخِّرَّ العِشَاءَ قَالَ وكانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا وكانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صلاَةِ الغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ أحَدُنَا جَلِيسَهُ ويَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إلَى المِائَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَكَانَ يكره النّوم قبلهَا والْحَدِيث بعْدهَا) ، والْحَدِيث بعد الْعشَاء هُوَ السمر، وَهَذَا الحَدِيث إِلَى قَوْله: (ونسيت مَا قَالَ فِي الْمغرب) ، قد مر فِي: بابُُ وَقت الظّهْر عِنْد الزَّوَال، رَوَاهُ: عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن أبي الْمنْهَال، وَهَهُنَا: عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن عَوْف الْأَعرَابِي عَن أبي الْمنْهَال سيار بن سَلامَة، وَاسم ابي بَرزَة: نَضْلَة بن عبيد الْأَسْلَمِيّ.
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، هُنَاكَ بِجَمِيعِ تعلقاته.
قَوْله: (حَدثنَا كَيفَ كَانَ) بِلَفْظ الْأَمر.