فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب صيد المعراض

( بابُُُ: {صَيْدِ المِعْرَاضِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم صيد المعراض، وَقد مر تَفْسِير المعراض عَن قريب.

{وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي المَقْتُولَةِ بِالبُنْدُقَةِ: تِلْكَ المَوْقُوذَةُ}
قيل: لَا وَجه لذكر أثر ابْن عمر وَلَا للآثار الَّتِي بعده فِي هَذَا الْبابُُ قلت: فِيهِ وَجه حسن وَهُوَ أَن المقتولة بالبندقة موقوذة، كَمَا أَن مقتولة المعراض بِغَيْر حَده موقوذة فَهَذَا الْمِقْدَار كافٍ فِي الْمُطَابقَة وَتَعْلِيق ابْن عمر وَصله الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن عَامر الْعَقدي عَن زُهَيْر هُوَ ابْن مُحَمَّد عَن زيد بن أسلم عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول: المقتولة بالبندقة تِلْكَ الموقوذة.

{وَكَرِهَهُ سَائِمٌ وَالقَاسِمُ وَمُجَاهِدٌ وَإبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَالحَسَنُ.
وَكَرِهَ الحَسَنُ رَمِي البنْدُقَةِ فِي القُرَى وَالأمْصَارِ، وَلا يَرَى بِهِ بَأسا فِيما سِوَاهُ.

أَي: كره سَالم بن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، أكل مقتولة البندقة، وَكَذَلِكَ كرهه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَمُجاهد بن جبر وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَالْحسن الْبَصْرِيّ، أما أثر سَالم وَالقَاسِم فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) عَن الثَّقَفِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا كَانَا يكرهان البندقة إلاَّ مَا أدْركْت ذَكَاته وَأما أثر مُجَاهِد فاخرجه ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن ابْن الْمُبَارك عَن معمر عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد أَنه كرهه، وَأما أثر إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فاخرجه ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن حَفْص عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم: لَا تَأْكُل مَا أصبت بالبندقية إلاَّ أَن تذكي.
وَأما أثر عَطاء فَأخْرجهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ عَطاء: إِذا رميت صيدا ببندقة فأدركت ذَكَاته فكله وإلاَّ فَلَا تؤكله.
وَأما أثر الْحسن فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْأَعْلَى عَن هِشَام عَن الْحسن، إِذْ رمى الرجل الصَّيْد بالجلاهقة فَلَا تَأْكُل إِلَّا أَن تدْرك ذَكَاته.

     وَقَالَ  بَعضهم: والجلاهقة بِضَم الْجِيم وَتَشْديد اللَّام وَكسر الْهَاء بعْدهَا قَاف هِيَ: البندقة بِالْفَارِسِيَّةِ، وَالْجمع جلاهق قلت: الْمَشْهُور فِي لِسَان الفارسية أَن اسْم البندقة كل كمان.
قَوْله: ( وَكره الْحسن) ، أَي: الْبَصْرِيّ ( رمى البندقة فِي الْقرى) الخ.
إِنَّمَا كرهه فِي الْقرى والأمصار تَحَرُّزًا عَن إِصَابَة النَّاس بِخِلَاف الصَّحرَاء، وَهَذَا ظَاهر.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وَمِمَّنْ روينَا عَنهُ أَنه كره صيد البندقة ابْن عمر وَالنَّخَعِيّ وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر.



[ قــ :5182 ... غــ :5476 ]
- حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيٍّ بنَ حَاتِمٍ، رَضِيَ الله عَنهُ، قَالَ: سألْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنِ المِعْرَاضِ؟ فَقَالَ: إذَا أصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ فَإذَا أصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإنَّهُ وَقِيذٌ فَلا تَأْكُلْ فَقُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي؟ قَالَ: إذَا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَكُلْ قُلْتُ: فِإنْ أكَلَ؟ قَالَ: فَلا تَأْكُلْ فَإنَّهُ لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْكَ إنَّمَا أمَسَكَ عَلَى نَفْسِهِ قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فأجِدُ مَعَهُ كَلْبا آخَرَ؟ قَالَ: لَا تَأْكُلْ فَإنَّكَ إنَّما سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى آخَرَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَقد مضى الحَدِيث الْآن، وَالْكَلَام فِيهِ وَعبد الله بن أبي السّفر بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء، وَاسم أبي السّفر سعيد بن يحمد الْهَمدَانِي الْكُوفِي يروي عَن عَامر الشّعبِيّ.

قَوْله: ( فَإِنَّهُ لم يمسك عَلَيْك) ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} ( الْمَائِدَة: 4) .