فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا»

(بابُُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذَاً خَلِيلاً قالَهُ أبُو سَعِيدٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الَّذِي سبق قبل بابُُ، فراجع إِلَيْهِ.



[ قــ :3489 ... غــ :3656 ]
- حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا وُهَيْبٌ حدَّثنا أيُّوبُ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذَاً مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ ولَكِنْ أخِي وصاحِبِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب الْبَصْرِيّ، ووهيب تَصْغِير وهب بن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.

قَوْله: (لاتخذت أَبَا بكر) ، عدم اتِّخَاذه أَبَا بكر خَلِيلًا لعدم اتِّخَاذه خَلِيلًا من النَّاس، فَهَذَا الحَدِيث وَغَيره دلّ على نفي الْخلَّة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأحد من النَّاس.
فَإِن قلت: أخرج أَبُو الْحسن الْحَرْبِيّ فِي (فَوَائده) : عَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: إِن أحدث عهدي بنبيكم قبل مَوته بِخمْس، دخلت عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُول: (إِنَّه لم يكن نَبِي إلاَّ وَقد اتخذ من أمته خَلِيلًا، وَإِن خليلي أَبُو بكر ألاَ وَإِن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا.
فَإِن قلت: هَذَا لَا يُقَاوم الَّذِي فِي (الصَّحِيح) وَلَا يُعَارضهُ، على أَنه يُعَارضهُ مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث جُنْدُب: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل أَن يَمُوت بِخمْس: (إِنِّي أَبْرَأ إِلَى الله تَعَالَى أَن يكون لي مِنْكُم خَلِيل) .
فَإِن قلت: إِن ثَبت حَدِيث أبي بن كَعْب، فَمَا التَّوْفِيق بَينه وَبَين حَدِيث جُنْدُب؟ قلت: يحمل على أَنه بَرِيء من ذَلِك تواضعاً لرَبه وإعظاماً لَهُ، ثمَّ أذن الله لَهُ فِي ذَلِك الْيَوْم لما رَآهُ من تشوفه إِلَيْهِ وإكراماً لأبي بكر بذلك فَلَا يتنافى الخبران.
قَوْله: (وَلَكِن أخي وصاحبي) ، أَي: وَلَكِن هُوَ أخي فِي الدّين وصاحبي فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والحضر وَالسّفر، وَفِي رِوَايَة خَيْثَمَة فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن أَحْمد بن أبي الْأسود عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم شيخ البُخَارِيّ فِيهِ: وَلَكِن أخي وصاحبي فِي الله تَعَالَى.





[ قــ :3490 ... غــ :3657 ]
- حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ ومُوسَى قالاَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ.

     وَقَالَ  لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذَاً خَلِيلاً لاتَّخَذْتُهُ خَلِيلاً ولَكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلاَمِ أفْضَلُ.

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، أخرجه عَن مُعلى بن أَسد ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي ... إِلَى آخِره، وَكَذَا فِي أَكثر الرِّوَايَات التَّبُوذَكِي، وَهُوَ الصَّوَاب، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده: التنوخي، وَهُوَ تَصْحِيف.

قَوْله: ( وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام أفضل) ، قَالَ الدَّاودِيّ: لَا أرَاهُ مَحْفُوظًا، وَإِن كَانَ مَحْفُوظًا فَمَعْنَاه: إِن أخوة الْإِسْلَام دون المخاللة أفضل من المخاللة دون أخوة الْإِسْلَام، وَإِن لم يكن قَوْله: لَو كنت متخذاً خَلِيلًا غير رَبِّي صَحِيحا لم يجز أَن يُقَال: أخوة الْإِسْلَام أفضل، وَلَيْسَ يقْضِي فِي هَذَا بأخبار الْآحَاد.

حدَّثَنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ عنْ أيُّوبَ مِثْلَهُ
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، أخرجه عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مثل الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهَذِه الطّرق الثَّلَاثَة من أَفْرَاده.





[ قــ :3491 ... غــ :3658 ]
- حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ أخبرنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ عبْدِ الله بنِ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ أهْلُ الكُوفَةِ إِلَى ابنِ الزُّبَيْرِ فِي الجَدِّ فَقَالَ أمَّا الَّذِي قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذَاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً لاتَّخَذْتُهُ أنْزَلَهُ أبَا يَعْنِي أبَا بَكْرٍ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ: فضل أبي بكر حَيْثُ أجَاب بِأَن الْجد كَالْأَبِ فِي اسْتِحْقَاق الْمِيرَاث.
وَابْن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم: هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، وَقد مر عَن قريب.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( كتب أهل الْكُوفَة) أَي: بعض أَهلهَا، وَهُوَ عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، وَكَانَ ابْن الزبير جعله على قَضَاء الْكُوفَة.
قَوْله: ( فِي الْجد) أَي: فِي مَسْأَلَة الْجد وميراثه.
قَوْله: ( أما الَّذِي) ، جَوَاب، أما، هُوَ قَوْله: أنزلهُ، وَالْفَاء فِيهِ محذوفة، أَي: أنزل أَبُو بكر الْجد منزلَة الْأَب فِي الْإِرْث، وَحَاصِله أَنه قَالَ فِي جوابهم: أما الَّذِي قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَقه: ( لَو كنت متخذاً خَلِيلًا لاتخذته) ، جعل الْجد كَالْأَبِ وأنزله مَنْزِلَته فِي اسْتِحْقَاق الْمِيرَاث، يُرِيد أَنه يَرث وَحده دون الْأُخوة كَالْأَبِ، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة، وَعند الشَّافِعِي وَمَالك، أَنه يقاسم الْإِخْوَة مَا لم ينقصهُ ذَلِك عَن الثُّلُث، وَهُوَ قَول زيد.


( بابٌُ)
أَي: هَذَا بابُُ وَهَذَا كالفصل لما قبله.





[ قــ :349 ... غــ :3659 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله قالاَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ عنْ مُحَمَّدِ ابنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عنْ أبِيهِ قَالَ أتَتِ امْرَأةٌ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمَرَهَا أنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ قالَتْ أرَأيْتَ إنْ جِئْتُ ولَمْ أجِدْكَ كأنَّهَا تَقُولُ المَوْتُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إنْ لَمْ تَجِدِينِي فأتِي أبَا بَكْرٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ إِشَارَة إِلَى فَضله.
وَفِيه: إِشَارَة أَيْضا إِلَى أَنه هُوَ الْخَلِيفَة من بعده، وأصرح من هَذَا دلَالَة على أَنه هُوَ الْخَلِيفَة من بعده، مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عصمَة بن مَالك، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله إِلَى من ندفع صدقَات أَمْوَالنَا بعْدك؟ قَالَ: إِلَى أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِيه ضعف، وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي ( مُعْجَمه) من حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة، قَالَ: بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْرَابِيًا، فَسَأَلَهُ إِن أَتَى عَلَيْهِ أَجله من يَقْضِيه؟ فَقَالَ: أَبُو بكر، ثمَّ سَأَلَهُ من يَقْضِيه بعده؟ قَالَ: عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ... الحَدِيث.

والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى، وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن زيد الْقرشِي الْأمَوِي، وَكِلَاهُمَا من أَفْرَاده، وَإِبْرَاهِيم بن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَحْكَام عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَفِي الِاعْتِصَام عَن عبيد الله بن سعد، وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عباد بن مُوسَى وَعَن حجاج بن الشَّاعِر.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن عبد بن حميد.

قَوْله: ( أَرَأَيْت) أَي: أَخْبرنِي.
قَوْله: ( إِن جِئْت وَلم أجدك) كَأَنَّهَا كنت عَن موت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ومرادها: إِن جِئْت فوجدتك قد مت، مَاذَا أعمل؟ وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: فَإِن رجعت فَلم أجدك؟ تعررض بِالْمَوْتِ.
وَفِي رِوَايَة الْحميدِي فِي ( الْأَحْكَام) كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْت.
.





[ قــ :3493 ... غــ :3660 ]
- حدَّثني أحمدُ بنُ أبِي الطَّيِّبِ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ مُجَالِدٍ حدَّثنا بَيانُ بنُ بِشْرٍ عنْ وَبَرَةَ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمَّارَاً يقُولُ رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا مَعَهُ إلاَّ خَمْسَةُ أعْبُدٍ وامْرَأتَانِ وأبُو بَكْرٍ.
( الحَدِيث 0663 طرفه فِي: 7583) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِي أبي بكر فَضِيلَة خَاصَّة لسبقه فِي الْإِسْلَام حَيْثُ لم يسلم أحد قبله من الرِّجَال الْأَحْرَار، وَأحمد بن أبي الطّيب، اسْمه سُلَيْمَان الْمروزِي الْبَغْدَادِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث، وَإِسْمَاعِيل بن مجَالد بِالْجِيم ابْن عُمَيْر الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَلَيْسَ لَهُ عِنْد البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وَبَيَان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف نون: ابْن بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: الْمعلم الأحمسي بالمهملتين التَّابِعِيّ، ووبرة، بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتحهَا ابْن عبد الرَّحْمَن الْحَارِثِيّ، وَهَمَّام بن الْحَارِث النَّخعِيّ الْكُوفِي مر فِي الصَّلَاة.
وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد، وعمار هُوَ ابْن يَاسر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي إِسْلَام أبي بكر عَن عبد الله عَن يحيى بن معِين.

قَوْله: ( وَمَا مَعَه) أَي: مِمَّن أسلم.
قَوْله: ( إلاَّ خَمْسَة أعبد) ، وهم: بِلَال، وَزيد بن حَارِثَة، وعامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر فَإِنَّهُ أسلم قَدِيما مَعَ أبي بكر، وَأَبُو فكيهة مولى صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف، ذكر ابْن إِسْحَاق أَنه أسلم حِين أسلم بِلَال فَعَذَّبَهُ أُميَّة فَاشْتَرَاهُ أَبُو بكر فَأعْتقهُ، وَعبيد بن زيد الحبشي.
وَذكر ابْن السكن فِي ( كتاب الصَّحَابَة) : عَن عبد الله بن دَاوُد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( وَرثهُ من أَبِيه هُوَ وَأم أَيمن) .
وَفِي ( التَّلْوِيح) : هم: عمار، وَزيد بن حَارِثَة، وبلال، وعامر بن فهَيْرَة، وشقران والمرأتان خَدِيجَة وَأم الْفضل زوج الْعَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
وَقيل: الْمَرْأَتَانِ خَدِيجَة وَأم أَيمن أَو سميَّة.
قلت: عمار بن يَاسر مولى بن مَخْزُوم وَأمه سميَّة بنت خياط، وَكَانَ هُوَ وَأَبوهُ يُعَذبُونَ فِي الله ( فَمر بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وهم يُعَذبُونَ،.

     وَقَالَ  صبرا آل يَاسر، فَإِن مَوْعدكُمْ الْجنَّة)
، وشقران، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْقَاف: لقب واسْمه صَالح بن عدي الحبشي، وَقيل: أَوْس، وَقيل: هُرْمُز، وَرثهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أمه، وَقيل: عَن أَبِيه، وَقيل: كَانَ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فوهبه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.





[ قــ :3494 ... غــ :3661 ]
- حدَّثني هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ حدَّثنا صدَقَةُ بنُ خالِدٍ حدَّثنا زَيْدُ بنُ واقِدٍ عنْ بُسْرِ بنِ عُبَيْدِ الله عنْ عائِذِ الله أبِي إدْرِيسَ عنْ أبِي الدَّرْدَاءِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنْتُ جالِسَاً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذْ أقْبَلَ أبُو بَكْر آخِذاً بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أبْدَى عنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَّا صاحِبُكُمْ فَقَدْ غامَرَ فَسَلَّمَ.

     وَقَالَ  يَا رسُولَ الله إنَّهُ كانَ بَيْنِي وبَيْنَ ابنِ الخَطَّابِ شَيْءٌ فأسْرَعْتُ إلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فسألْتُهُ أنْ يَغْفِرَ لِي فأبَى علَيَّ فأقْبَلْتُ إلَيْكَ فقالَ يَغْفِرُ الله لَكَ يَا أبَا بَكْر ثلاثَاً ثُمَّ إنَّ عُمَرَ نَدِمَ فأتَى مَنْزِلَ أبِي بَكْرٍ فسَألَ أثَمَّ أبُو بَكْرٍ فقالُوا لَا فأتَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسلَمَ عَلَيْهِ فجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَمَعَّرُ حتَّى أشْفَقَ أبُو بَكْرٍ فَجَثَا علَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله وَالله أنَا كُنْتُ أظْلَمَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ الله بعَثَنِي إلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وقالَ أبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسانِي بنَفْسِهِ ومالِهِ فَهَلْ أنْتُمْ تَارِكُو لِي صاحِبي مرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.
( الحَدِيث 1663 طرفه فِي: 0464) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِشَام بن عمار بن نصير أَبُو الْوَلِيد السّلمِيّ الدِّمَشْقِي، وَصدقَة بن خَالِد أَبُو الْعَبَّاس مولى أم الْبَنِينَ بنت أبي سُفْيَان بن حَرْب أُخْت مُعَاوِيَة، وَزيد بن وَاقد، بِكَسْر الْقَاف الدِّمَشْقِي: ثِقَة قَلِيل الحَدِيث، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث، وَبسر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة الْحَضْرَمِيّ الشَّامي، وعائذ الله، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة من العوذ: ابْن عبد الله الْخَولَانِيّ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالنون، وكنيته أَبُو إِدْرِيس وَهَؤُلَاء كلهم شَامِيُّونَ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن عبد الله، قيل: إِنَّه حَمَّاد الْأَيْلِي وَهُوَ من أَفْرَاده.

قَوْله: ( عَن بسر بن عبيد الله) ، وَفِي رِوَايَة عبد الله بن الْعَلَاء عِنْد البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير: حَدثنِي بسر بن عبيد الله حَدثنِي أَبُو إِدْرِيس سَأَلت أَبَا الدَّرْدَاء.
قَوْله: ( أما صَاحبكُم) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أما صَاحبك، بِالْإِفْرَادِ.
قَوْله: ( فقد غامر) ، بالغين الْمُعْجَمَة أَي: خَاصم ولابس الْخُصُومَة وَنَحْوهَا من الْأُمُور، يُقَال: دخل فِي غمرة الْخُصُومَة وَهِي معظمها، وغمر الْحَرْب وَنَحْوهَا، والمغامر الَّذِي يَرْمِي بِنَفسِهِ فِي الْأُمُور والحروب، وَقيل: من المعاجلة أَي: سارع.
قَوْله: ( فَسلم) ، بتَشْديد اللَّام من السَّلَام، وَوَقع عِنْد أبي نعيم فِي ( الْحِلْية) : حَتَّى سلم على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يذكر الرَّد، وَهُوَ مِمَّا يحذف للْعلم بِهِ، وقسيم: إِمَّا مَحْذُوف نَحوه، وَأما غَيره فَلَا أعلمهُ.
قَوْله: ( أثَمَّ؟) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الْمِيم والهمزة للاستفهام أَي: أهنا أَبُو بكر؟ قَوْله: ( شَيْء) ، وَفِي رِوَايَة التَّفْسِير: بيني وَبَينه محاورة، بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: مُرَاجعَة.
قَوْله: ( نَدِمت) ، زَاد مُحَمَّد بن الْمُبَارك: على مَا كَانَ.
قَوْله: ( فَسَأَلته أَن يغْفر لي) وَفِي رِوَايَة التَّفْسِير: أَن يسْتَغْفر لَهُ فَلم يفعل حَتَّى أغلق بابُُه فِي وَجهه.
قَوْله: ( فَأبى عَليّ) ، زَاد مُحَمَّد بن الْمُبَارك: فتبعته إِلَى البقيع حَتَّى خرج من دَاره.
قَوْله: ( ثَلَاثًا) ، أَي: أعَاد هَذِه الْكَلِمَة ثَلَاث مَرَّات.
قَوْله: ( يتمعر) ، بِالْعينِ الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة أَي: تذْهب نضارته من الْغَضَب، وَأَصله من المعر، وَهُوَ: الجدب، يُقَال: أمعر الْمَكَان إِذا أجدب، وَيُقَال: مَعْنَاهُ يتَغَيَّر لَونه من الضجر، وَيُقَال: ذهب رونقه حَتَّى صَار كالمكان الأمعر.
قَوْله: ( حَتَّى أشْفق أَبُو بكر) أَي: حَتَّى خَافَ أَبُو بكر أَن يكون من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عمر مَا يكره.
قَوْله: ( فَجَثَا) ، بِالْجِيم والثاء الْمُثَلَّثَة أَي: برك على رُكْبَتَيْهِ.
قَوْله: ( أَنا كنت أظلم) أَي: من عمر فِي الْقِصَّة الْمَذْكُورَة، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ البادي.
قَوْله: ( مرَّتَيْنِ) أَي: قَالَ ذَلِك القَوْل مرَّتَيْنِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مرَّتَيْنِ، ظرف لقَالَ.
أَو لقَوْله: كنت.
قَوْله: ( وواساني) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: وأوساني، وَالْأول أوجه لِأَنَّهُ من الْمُوَاسَاة.
قَوْله: ( تاركو لي صَاحِبي) ، وَفِي رِوَايَة التَّفْسِير ( تاركون لي) ، على الأَصْل.
قَوْله: ( لي) فصل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بالجار وَالْمَجْرُور عناية بِتَقْدِيم لفظ الِاخْتِصَاص، وَذَلِكَ جَائِز كَقَوْل الشَّاعِر:
( فَرَشُني بِخَير لَا أكونن ومدحتي ... كناحت يَوْمًا صَخْرَة بعسيل)

قلت: رشني: أَمر من راش يريش، يُقَال: رَشَّتْ فلَانا: أصلحت حَاله، وَالْوَاو فِي: ومدحتي للمصاحبة، أَي: مَعَ مدحتي والاستشهاد فِيهِ فِي قَوْله: يَوْمًا، فَإِنَّهُ ظرف فصل بِهِ بَين الْمُضَاف وَهُوَ قَوْله: كناحت، وَبَين الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ: صَخْرَة، وَالتَّقْدِير: كناحت صَخْرَة يَوْمًا بعسيلٍ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة: وَهُوَ قضيب الْفِيل، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَبِهَذَا يرد على أبي الْبَقَاء حَيْثُ يَقُول إِن حذف النُّون من خطأ الروَاة، لِأَن الْكَلِمَة: لَيست مُضَافَة وَلَا فِيهَا ألف وَلَام، وَإِنَّمَا يجوز فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَا وَجه لإنكاره لوُقُوع مثل هَذِه كثيرا فِي الْأَشْعَار وَفِي الْقُرْآن أَيْضا فِي قِرَاءَة ابْن عَامر، { وَكَذَلِكَ زين لكثير من الْمُشْركين قتل أَوْلَادهم شركائهم} ، بِنصب أَوْلَادهم، وجر شركائهم.
قَوْله: ( فَمَا أوذي بعْدهَا) أَي: فَمَا أوذي أَبُو بكر بعد هَذِه الْقَضِيَّة لأجل مَا أظهره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم من تَعْظِيمه أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وَفِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد: الدّلَالَة على فضل أبي بكر على جَمِيع الصَّحَابَة، وَلَيْسَ يَنْبَغِي للفاضل أَن يغاضب من هُوَ أفضل مِنْهُ، وَجَوَاز مدح الرجل فِي وَجهه، وَمحله: إِذا أَمن عَلَيْهِ الافتتان والاغترار.
وَفِيه: مَا طبع عَلَيْهِ الْإِنْسَان من البشرية حَتَّى يحملهُ الْغَضَب على ارْتِكَاب خلاف الأولى.
لَكِن الْفَاضِل فِي الدّين يسْرع الرُّجُوع إِلَى الأول لقَوْله تَعَالَى: { إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا} ( الْأَعْرَاف: 01) .
وَفِيه: أَن غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَو بلغ فِي الْفضل الْغَايَة، فَلَيْسَ بمعصوم.
وَفِيه: اسْتِحْبابُُ سُؤال الاسْتِغْفَار والتحلل من الْمَظْلُوم.
وَفِيه: أَن من غضب على صَاحبه نسبه إِلَى أَبِيه أوجده وَلم يسمه باسمه، وَذَلِكَ من قَول أبي بكر لما جَاءَ وَهُوَ غَضْبَان من عمر: كَانَ بيني وَبَين ابْن الْخطاب، فَلم يذكرهُ باسمه، وَنَظِيره قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إِن كَانَ ابْن أبي طَالب يُرِيد أَن ينْكح ابنتهم.
وَفِيه: أَن الرّكْبَة لَيست بِعَوْرَة.





[ قــ :3495 ... غــ :366 ]
- حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ المُخْتَارِ قَالَ خالِدٌ الحَذَّاءُ حدَّثنا عنْ أبِي عُثْمَانَ قَالَ حدَّثني عَمْرُو بنُ العَاصِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ فأتَيْتُهُ فَقُلْتُ أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ قَالَ عائِشَةُ فقُلْتُ مِنَ الرّجَالِ فَقَالَ أبُوهَا.

قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قالَ ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فَعَدَّ رِجالاً.
(الحَدِيث 663 طرفه فِي: 8534) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَذَلِكَ لِأَن كَون أحب النَّاس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر، يدل على أَن لَهُ فضلا كثيرا وَأَنه أفضل النَّاس بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَعبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ الدّباغ، وخَالِد هُوَ ابْن مهْرَان الْحذاء، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، بالنُّون، وَرِجَال هَذَا الْإِسْنَاد كلهم بصريون إلاَّ الصَّحَابِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن إِسْحَاق بن شاهين وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن إِبْرَاهِيم ابْن يَعْقُوب وَبُنْدَار.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أبي قدامَة عبيد الله بن سعيد.

قَوْله: (خَالِد الْحذاء حَدثنَا) هُوَ من تَقْدِيم الِاسْم على الصّفة، وَقد استعملوه كثيرا، تَقْدِير الْكَلَام: حَدثنَا عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا خَالِد الْحذاء عَن أبي عُثْمَان.
قَوْله: (ذَات السلَاسِل) بسينين مهملتين وَالْمَشْهُور فتح الأولى على لفظ جمع السلسلة، وَضَبطه كَذَلِك أَبُو عبيد الْبكْرِيّ، وضبطها ابْن الْأَثِير بِالضَّمِّ ثمَّ فسره بِمَعْنى: السلسال، أَي: السهل، وَفَسرهُ أَبُو عبيد: بِأَنَّهُ اسْم مَكَان سمي بذلك لأَنهم كَانُوا مبعوثين إِلَى أَرض بهَا رمل ينْعَقد بعضه على بعض كالسلسلة، وَكَانَت غَزْوَة ذَات السلَاسِل سنة سبع، كَذَا صَححهُ ابْن أبي خَالِد فِي (تَارِيخه) .
.

     وَقَالَ  ابْن سعد وَالْحَاكِم: فِي سنة ثَمَان فِي جمادي الْآخِرَة، وَذكر ابْن إِسْحَاق: أَن أم الْعَاصِ بن وَائِل كَانَت من بلي، فَبَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى الْعَرَب يستنفر إِلَى الْإِسْلَام يستألفهم بذلك حَتَّى إِذا كَانَ على مَاء بِأَرْض حذام يُقَال لَهُ: السلَاسِل، وَبِه سميت تِلْكَ الْغَزْوَة، ذَات السلَاسِل، على مَا يَأْتِي الْبَاقِي فِي الْمَغَازِي.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: سميت ذَات السلَاسِل لِأَن الْمُشْركين ارْتبط بَعضهم إِلَى بعض مَخَافَة أَن يَفروا، وَعَن يُونُس عَن ابْن شهَاب، قَالَ: هِيَ مَشَارِق الشَّام إِلَى بلي وَسعد الله وَمن يليهم من قضاعة وَكِنْدَة وبلقين وصحنان وكفار الْعَرَب، وَيُقَال لَهَا: بدر الْآخِرَة،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: وَهِي وَادي الْقرى بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة عشرَة أَيَّام.
قَوْله: (فَقلت: أَي النَّاس أحب إِلَيْك؟) هَذَا السُّؤَال من عمر، وَإِنَّمَا كَانَ لما وَقع فِي نَفسه حِين أمره على الْجَيْش وَفِيهِمْ أَبُو بكر وَعمر أَنه مقدم عِنْده فِي الْمنزلَة عَلَيْهِم، فَسَأَلَهُ لذَلِك.
قَوْله: (فعد رجَالًا) ، ويروى: فعدد رجَالًا يحْتَمل أَن يكون مِنْهُم أَبُو عُبَيْدَة ابْن الْجراح، على مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبيد الله بن شَقِيق.
قَالَ: قلت لعَائِشَة: أَي أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أحب إِلَيْهِ؟ قَالَت: أَبُو بكر، قلت: ثمَّ من؟ قَالَت: عمر، قلت: ثمَّ من؟ قَالَت: أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح.
قلت: ثمَّ من؟ فَسَكَتَتْ) قيل: يحْتَمل أَن يُفَسر بعض الرِّجَال الَّذين أبهموا فِي حَدِيث الْبابُُ بِأبي عُبَيْدَة.





[ قــ :3496 ... غــ :3663 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبَرَنِي أبُو سلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ عَوْفٍ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فأخَذَ مِنْهَا شَاة فطَلَبَهُ الرَّاعِي فالْتَفَتَ إلَيْهِ الذئْبُ فقالَ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي وبَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قدْ حَمَلَ عَلَيْهَا فالْتَفَتَتْ إلَيْهِ فكَلَّمَتْهُ فقالَتْ إنِّي لَمْ أخْلقْ لهَذَا ولَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ قَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ الله فقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَرِجَال إِسْنَاده على هَذَا النسق قد تكَرر ذكرهم جدا.
والْحَدِيث قد مر فِي: بابُُ مَا ذكر عَن بني إِسْرَائِيل فِي، بابُُ مُجَرّد بعد حَدِيث الْغَار، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة بِغَيْر هَذَا الطَّرِيق، وَفِيه تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَقد مر الْكَلَام فِي: بَيْنَمَا وَبينا، غير مرّة.
قَوْله: ( رَاع) ، مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ متصف.
بقوله: ( فِي غنمه) وَخَبره هُوَ قَوْله: ( عدا عَلَيْهِ الذِّئْب) .
قَوْله: ( يَوْم السَّبع) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، ويروى بِالسُّكُونِ، وَبَقِيَّة الْكَلَام قد مرت هُنَاكَ.





[ قــ :3497 ... غــ :3664 ]
- حدَّثنا عَبْدَانُ أخبَرنا عَبْدُ الله عنْ يُونُسَ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرَني ابنُ المُسَيِّبِ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ بَيْنَا أنَا نائمٌ رأيْتُنِي على قلِيبٍ علَيْهَا دَلْوٌ فنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شاءَ الله ثُمَّ أخذَهَا ابنُ أبِي قُحافَةَ فنَزَعَ بِهَا ذُنوباً أَو ذَنُوبَينِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَالله يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبَاً فأخَذَهَا ابنُ الخَطَّابِ فلَمْ أرَ عَبْقَرِيَّاً مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ فِي الْمَنَام وَهُوَ ينْزع من القليب، وَذكره قبل عمر وَهُوَ يدل على سبق أبي بكر على عمر، وَأَن عمر من بعده، وَأما ضعفه فِي النزع فَلَا يدل على النَّقْص لِأَن أَيَّامه كَانَت قَصِيرَة على مَا ذكرنَا.
وعبدان هُوَ عبد الله بن عُثْمَان وَشَيْخه عبد الله بن الْمُبَارك.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن حَرْمَلَة بن يحيى، وَقد مر نَظِيره فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن عبد الله بن عمر، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
والقليب: بِئْر يحْفر فيقلب ترابها قبل أَن تطوى، والغرب: الدَّلْو أكبر من الذَّنوب، والعبقري: كل شَيْء يبلغ النِّهَايَة بِهِ، والعطن: مناخ الْإِبِل.





[ قــ :3498 ... غــ :3665 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ أخبرنَا عبْدُ الله أخبرَنا مُوساى بنُ عُقْبَةَ عنْ سالِمِ بنِ عَبْدِ الله عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ الله إليْهِ يَومَ القِيَامَةِ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ إنَّ أحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي إلاَّ أنْ أتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاءَ قَالَ مُوساى فقُلْتُ لِسالِمٍ أذَكَرَ عَبْدُ الله مَنْ جَرَّ إزَارَهُ فَقال لَمْ أسْمَعْهُ ذَكَرَ إلاَّ ثَوْبَهُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِنَّك لست تصنع ذَلِك خُيَلَاء) وَفِيه: فَضِيلَة لأي بكر حَيْثُ شهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ بِمَا يُنَافِي مَا يكره، وَعبد الله شيخ شيخ البُخَارِيّ هُوَ ابْن الْمُبَارك.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن أَحْمد بن يُونُس وَفِي الْأَدَب عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن النُّفَيْلِي عَن زُهَيْر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن عَليّ بن حجر.

قَوْله: ( خُيَلَاء) ، أَي: كبرا وتبختراً، وانتصابه على أَنه مفعول لَهُ أَي: لأجل الْخُيَلَاء.
قَوْله: ( لم ينظر الله إِلَيْهِ) أَي: لَا يرحمه، فالنظر هُنَا مجَاز عَن الرَّحْمَة، وَأما إِذا اسْتعْمل فِي الْمَخْلُوق يُقَال: لَا ينظر إِلَيْهِ زيد، فَهُوَ كِنَايَة.
قَوْله: ( يسترخي) لَعَلَّ عَادَته أَنه عِنْد الْمَشْي يمِيل إِلَى أحد الطَّرفَيْنِ إلاَّ أَن يحفظ نَفسه عَن ذَلِك.
قَوْله: ( فَقلت لسالم) الْقَائِل هُوَ مُوسَى بن عقبَة.
قَوْله: ( أذكر؟) فعل مَاض دخلت عَلَيْهِ همزَة الِاسْتِفْهَام.
( وَعبد الله) فَاعله.
قَوْله: ( فَقَالَ) ، أَي: فَقَالَ سَالم: لم أسمع عبد الله ذكر فِي حَدِيثه إلاَّ ثَوْبه.