فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} [الحجرات: 2] الآية


[ قــ :34580 ... غــ :34581 ]
- ( { سُورَةُ الحُجُرَاتِ} )

أَي: هَذَا تَفْسِير بعض سُورَة الحجرات، وَفِي بَعْص النّسخ: الحجرات، بِدُونِ لفظ: سُورَة، وَهِي رِوَايَة غير أبي ذَر، وَرِوَايَة أبي ذَر: سُورَة الحجرات: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَدَنِيَّة، كلهَا مَا بلغنَا فِيهَا اخْتِلَاف،.

     وَقَالَ  السخاوي: نزلت بعد المجادلة وَقبل التَّحْرِيم، وَهِي ألف وَأَرْبَعمِائَة وَسِتَّة وَسَبْعُونَ حرفا.
وثلاثمائة وَثَلَاث وَأَرْبَعُونَ كلمة.
وثمان عشرَة آيَة.
.

     وَقَالَ  الزّجاج: يقْرَأ الحجرات بِضَم الْجِيم وَفتحهَا وَيجوز فِي اللُّغَة التسكين وَلَا أعلم أحدا قَرَأَهُ وَهِي جمع الْحجر وَالْحجر جمع حجرَة وَهُوَ جمع الْجمع، وَالْمرَاد بيُوت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

( بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
ثبتَتْ الْبَسْمَلَة لأبي ذَر لَيْسَ إلاَّ.

وَقَالَ مُجاهِدٌ لَا تُقْدِّمُوا لَا تَفتَانوا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يَقْضِي الله عَلَى لِسَانِهِ.

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} ( الحجرات: 1) وَفسّر قَوْله: { لَا تفتاتوا} أَي: لَا تسبقوا من الإفتيات وَهُوَ افتعال من الْفَوْت وَهُوَ السَّبق إِلَى الشَّيْء دون ائتمار من يؤتمر، ومادته فَاء وواء وتاء مثناة من فَوق،.

     وَقَالَ  الْمُفَسِّرُونَ: اخْتلف فِي معنى قَوْله تَعَالَى: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا} الْآيَة.
فَعَن ابْن عَبَّاس.
لَا تَقولُوا خلاف الْكتاب وَالسّنة.
وَعنهُ: لَا تتكلموا بَين يَدي كَلَامه، وَعَن جَابر وَالْحسن: لَا تذبحوا قبل أَن يذبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمرهمْ أَن يُعِيدُوا الذّبْح، وَعَن عَائِشَة: لَا تَصُومُوا قبل أَن يَصُوم نَبِيكُم، وَعَن عبد الله بن الزبير، قَالَ: قدم وَفد من بني تَمِيم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَمر الْقَعْقَاع بن معبد بن زُرَارَة،.

     وَقَالَ  عمر: أَمر الْأَقْرَع بن حَابِس،.

     وَقَالَ  أَبُو بكر: مَا أردْت إلاَّ خلافي،.

     وَقَالَ  عمر: مَا أردْت خِلافك.
فارتفعت أصواتهما فَأنْزل الله عز وَجل: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} الْآيَة، وَعَن الضَّحَّاك: يَعْنِي فِي الْقِتَال وَشَرَائِع الدّين يَقُول: لَا تقضوا أمرا دون الله وَرَسُوله، وَعَن الْكَلْبِيّ: لَا تسبقوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول وَلَا فعل حَتَّى يكون هُوَ يَأْمُركُمْ، وَعَن ابْن زيد: لَا تقطعوا أمرا دون الله وَرَسُوله وَلَا تَمْشُوا بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( لَا تقدمُوا) ، بِضَم التَّاء وَتَشْديد الدَّال الْمَكْسُورَة.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: قدمه وأقدمه منقولان بتنقيل الحشو والهمزة من قدمة إِذا تقدمه وَحذف مَفْعُوله ليتناول كل مَا يَقع فِي النَّفس مِمَّا يقدم، وَعَن ابْن عَبَّاس: أَنه قَرَأَ بِفَتْح التَّاء وَالدَّال وَقَرَأَ: لَا تقدمُوا، بِفَتْح التَّاء وَتَشْديد الدَّال بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ من تتقدموا.

امْتَحَنَ أخْلَصَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى} ( الحجرات: 3) وَفَسرهُ بقوله: أخْلص،.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة.
قَالَ: أخْلص الله قُلُوبهم فِيمَا أحب.

تَنَابَزُوا يَدْعَى بِالكَفْرِ بَعْدَ الإسْلامِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} ( الحجرات: 11) بِمَا حَاصله من مصدره، وَهُوَ التَّنَابُز، وَهُوَ أَن يدعى الرجل بالْكفْر بعد الْإِسْلَام، وَحَاصِله مَا قَالَه مُجَاهِد: لَا تَدْعُو الرجل بالْكفْر وَهُوَ مُسلم، وَعَن عِكْرِمَة: هُوَ قَول الرجل للرجل: فَاسق يَا مُنَافِق يَا كَافِر، وَسبب نُزُوله مَا رَوَاهُ الضَّحَّاك، قَالَ: فِينَا نزلت هَذِه الْآيَة فِي بني سَلمَة قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَمَا منا رجل إلاَّ لَهُ إسمان أَو ثَلَاثَة.
فَكَانَ إِذا دَعَا الرجل الرجل قُلْنَا: يَا رَسُول إِنَّه يغْضب من هَذَا فَأنْزل الله تَعَالَى: { وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} ( الحجرات: 11) .

يَلِتْكُمْ يَنْقُصْكُمْ ألَتْنا: نَقَصْنا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله لَا يلتكم من أَعمالكُم شَيْئا إِن الله غَفُور رَحِيم} ( الحجرات: 41) وَفسّر: ( يلتكم) بقوله: ( ينقصكم) وَهُوَ من لات يليت ليتا.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: لاته عَن وَجهه يليته ويلوته ليتا أَي: حَبسه عَن وَجهه وَصَرفه، وَكَذَلِكَ ألاته عَن وَجهه فعل وأفعل بِمَعْنى: وَيُقَال أَيْضا: مَا ألاته من عمله شَيْئا.
أَي: مَا انقصه.
مثل ألته.
قَوْله: ( ألتنا: نقصنا) ، هَذَا فِي سُورَة الطّور ذكره هُنَا اسْتِطْرَادًا.


( بابٌُ: { لَا تَرْفَعُوا أصْوَاتكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيِّ} ( الحجرات: ) الآيَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل} إِلَى آخر الْآيَة.
وَحَدِيث الْبابُُ يُفَسر الْآيَة وَيبين سَبَب نُزُولهَا.

تشْعُرُونَ تَعْلَمُونَ، وَمِنْهُ الشَّاعِرُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَأَنْتُم لَا تشعرون} ( الحجرات: ) وَفَسرهُ بقوله: تعلمُونَ، وَكَذَا فسره الْمُفَسِّرُونَ.
قَوْله: ( وَمِنْه الشَّاعِر) ، أَرَادَ بِهِ من جِهَة الِاشْتِقَاق، يُقَال: شَعرت بالشَّيْء اشعر بِهِ شعرًا.
أَي: فطنت لَهُ، وَمِنْه سمي الشَّاعِر لفطنته فَافْهَم.



[ قــ :458 ... غــ :4845 ]
- حدَّثنا يَسَرَةُ بنُ صَفْوَانَ بنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ حدَّثنا نافِعُ بنُ عُمَرَ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الخَيْرَانِ يَهْلِكَانِ أبَا بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ الله عَنْهُمَا رَفَعا أصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ فأشارَ أحدُهُما بالأُقْرَعِ بنِ حابِسٍ أخِي بَنِي مُجاشِعٍ وَأشارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ نَافِ لَا أحْفَظُ اسْمَهُ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أرَدْتَ إلاّ خِلافِي قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلافَكَ فَارْتَفَعَتْ أصْوَاتِهُما فِي ذَلِكَ فَأنْزَلَ الله: { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أصْوَاتَكُمْ} الآيَةَ.

قَالَ ابنُ الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ هاذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ ذالِكَ عَنْ أبِيهِ يَعْنِي أبَا بَكْرٍ رَضِيَ الله عنهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وبسرة، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالسِّين الْمُهْملَة وَالرَّاء ابْن صَفْوَان بن جميل، بِالْجِيم ضد الْقَبِيح.
الملخمي بِسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة الدِّمَشْقِي، وَنَافِع بن عمر الجُمَحِي بِضَم الْجِيم وَفتح الْمِيم وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة، وَابْن أبي مليكَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم واسْمه زُهَيْر.
وَكَانَ عبد الله قَاضِي مَكَّة على عهد ابْن الزبير، رَضِي الله عَنْهُم.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ من الثلاثيات لِأَن عبد الله تَابِعِيّ وَهُوَ من الْمَرَاسِيل، وَقيل: صورته صُورَة الْإِرْسَال لَكِن ظهر فِي آخِره ابْن أبي مليكَة حمله عَن عبد الله بن الزبير، وَسَيَأْتِي فِي الْبابُُ الَّذِي بعده التَّصْرِيح بذلك، وَقد مضى الحَدِيث فِي وَفد بني تَمِيم من وَجه آخر.

قَوْله: ( كَاد الخيران يهلكان) ، بالنُّون.
قَوْله: ( أَبَا بكر) ، بِالنّصب خبر: كَانَ، وَعمر، عطف عَلَيْهِ كَذَا لأبي ذَر وَفِي رِوَايَة بِحَذْف النُّون: يهلكا بِلَا ناصب وَلَا جازم وَهِي لُغَة، وَالْأَصْل: يهلكان، بالنُّون، ( والخيران) بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمَكْسُورَة أَي: الفاعلان للخير الْكثير يهلكان، وَفِي ( التَّوْضِيح) .
وَيجوز بِالْمُهْمَلَةِ أَيْضا.
قلت: أَرَادَ الْخَبَر بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الْعَالم، وَيجوز فِي الْخَبَر الْفَتْح وَالْكَسْر.
قَالَه ابْن الْأَثِير.
قَوْله: ( حِين قدم عَلَيْهِ ركب بني تَمِيم) ، كَانَ قدومهم سنة تسع من الْهِجْرَة، والركب أَصْحَاب الْإِبِل فِي السّفر.
قَوْله: ( فَأَشَارَ أَحدهمَا بالأقرع بن حَابِس) ، فِيهِ حذف تَقْدِيره: سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُؤمر عَلَيْهِم أحدا فَأَشَارَ أَحدهمَا هُوَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ أَشَارَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُؤمر الْأَقْرَع بن حَابِس، والأقرع لقبه واسْمه فراس بن حَابِس بن عقال، بِالْكَسْرِ وَتَخْفِيف الْقَاف: ابْن مُحَمَّد بن سُفْيَان بن مجاشع بن عبد الله بن دارم التَّمِيمِي الدَّارمِيّ، وَكَانَت وَفَاة الْأَقْرَع فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: ( بِرَجُل آخر) ، وَهُوَ الْقَعْقَاع بن معبد بن زُرَارَة بن عدس بن يزِيد بن عبد الله بن دارم التَّمِيمِي الدَّارمِيّ، قَالَ الْكَلْبِيّ: كَانَ يُقَال لَهُ تيار الْفُرَات لجوده.
قَوْله: ( مَا أردْت إِلَّا خلافي) أَي لَيْسَ مقصودك إِلَّا مُخَالفَة قولي.
قَوْله: ( قَالَ ابْن الزبير) أَي عبد الله بن الزبير بن الْعَوام.
قَوْله: ( يسمع) ، بِضَم الْيَاء من الأسماع، وَلَا شكّ أَن رفع الصَّوْت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوق صَوته حرَام بِهَذِهِ الْآيَة.
فَإِن قلت: ثَبت فِي ( الصَّحِيح) أَن عمر اسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده نسَاء من قُرَيْش يكلمنه عالية أصواتهن.
قلت: يحْتَمل أَن يكون ذَلِك قبل النَّهْي أَو يكون علو الصَّوْت كَانَ بالهيئة الاجتماعية لَا بانفراد كل مِنْهُنَّ.
قَوْله: ( عَن أَبِيه يَعْنِي أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) ، قَالَ الْكرْمَانِي: أطلق الْأَب على الْجد مجَازًا، لِأَن أَبَا بكر أَبُو أم عبد الله، وَهِي أَسمَاء بنت أبي بكر،.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَالَ مغلطاي: يحْتَمل أَنه أَرَادَ بذلك أَبَا بكر عبد الله بن الزبير، أَو أَبَا بكر عبد الله بن أبي مليكَة.
فَإِن لَهُ ذكرا فِي الصَّحَابَة عِنْد ابْن أبي عمر وَأبي نعيم، وَهَذَا بعيد عَن الصَّوَاب،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) وَأغْرب بعض الشُّرَّاح ثمَّ ذكر مَا ذكره بَعضهم.
قلت: لَا يشك فِي بعده عَن الصَّوَاب، وَلَكِن يُؤَاخذ بَعضهم بقوله، قَالَ مغلطاي، فَذكره هَكَذَا يشْعر بالتحقير، وَكَذَلِكَ صَاحب ( التَّلْوِيح) يَقُول: وَأغْرب بعض الشُّرَّاح، مَعَ أَنه شَيْخه وَلم يشرع الَّذِي جمعه إلاَّ من كتاب شَيْخه هَذَا وَلم يذكر من خَارج إلاَّ شَيْئا يَسِيرا.





[ قــ :4583 ... غــ :4846 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا أزْهَر بنُ سَعْدٍ أخْبَرَنا ابنُ عَوْن قَالَ أنْبَأَنِي مُوسَى بنُ أنَسٍ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ رَضِي الله عنهُ أنَّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افْتَقَدَ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ الله أنَا أعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ فَأتاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسا فِي بَيْتِهِ مُنَكَّسا رَأسَهُ فَقَالَ لهُ مَا شَأنُكَ فَقَالَ شَر كانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أهْلِ النَّارِ فَأتَى الرَّجُلُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبَرَهُ أنَّهُ قَالَ كَذَا وَكذا فَقَالَ مُوسَى فَرَجَعَ إلَيْهِ المَرَّةَ الآخِرَةَ بِبشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ إلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إنَّكَ لَسْتَ مِنْ أهْلِ النَّارِ وَلَكِنَّكَ مِنْ أهْلِ الجنةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَانَ يرفع صَوته فَوق صَوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَمر هَذَا الحَدِيث فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَهَذَا مُكَرر صَرِيحًا لَيْسَ فِيهِ زِيَادَة إلاَّ ذكره فِي التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة، وَابْن عون هُوَ عبد الله، ومُوسَى هُوَ ابْن أنس بن مَالك قَاضِي الْبَصْرَة، يروي عَن أَبِيه.

قَوْله: ( فَقَالَ رجل) هُوَ سعيد بن معَاذ.
قَوْله: أَنا أعلم لَك علمه الْقيَاس أَن يَقُول: أَنا أعلم لَك حَاله لَا علمه، لَكِن قَوْله: مصدر مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول أَي: أعلم لِأَجلِك علما يتَعَلَّق بِهِ.
قَوْله: ( لكنك من أهل الْجنَّة) ، صَرِيح فِي أَنه من أهل الْجنَّة وَلَا مُنَافَاة بَينه وَبَين الْعشْرَة المبشرة لِأَن مفهموم الْعدَد لَا اعْتِبَار لَهُ.
فَلَا يَنْفِي الزَّائِد أَو الْمَقْصُود من الْعشْرَة الَّذين قَالَ فيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَفْظ: بشرت بِالْجنَّةِ، أَو المبشرون بدفعة وَاحِدَة، فِي مجْلِس وَاحِد، وَلَا بُد من التَّأْوِيل إِذْ بِالْإِجْمَاع أَزوَاج الرَّسُول وَفَاطِمَة والحسنان وَنَحْوهم من أهل الْجنَّة.