فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من اعتمر قبل الحج

( بابُُ مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الحَجِّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من اعْتَمر قبل أَن يحجّ، هَل يجْزِيه أم لَا؟


[ قــ :1694 ... غــ :1774 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ أنَّ عِكْرَمَةَ بنَ خالِدٍ سألَ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الحَجِّ فَقَالَ لاَ بأسَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

وَرِجَاله خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت عَن عُثْمَان بن مَسْعُود بن يزِيد أَبُو الْحسن الْخُزَاعِيّ الْمروزِي الْمَعْرُوف بِابْن شبويه، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: روى عَنهُ البُخَارِيّ، مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ بطرسوس، قَالَه الْحَافِظ الدمياطي،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: هَذَا أَحْمد بن مُحَمَّد هُوَ ابْن مرْدَوَيْه.
قلت: هُوَ أَحْمد بن مُوسَى أَبُو الْعَبَّاس، يُقَال لَهُ مرْدَوَيْه السمسار الْمروزِي، وَذكره ابْن أبي خَيْثَمَة فِيمَن قدم بَغْدَاد، وَمَات فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وروى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا.
الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي.
الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْمَكِّيّ.
الرَّابِع: عِكْرِمَة بن خَالِد بن الْعَاصِ بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم، مَاتَ سنة أَربع عشرَة وَمِائَة.
الْخَامِس: عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَمْرو بن عَليّ عَن أبي عَاصِم عَن ابْن جريج.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج أَيْضا عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن مخلد بن يزِيد وَيحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، كِلَاهُمَا عَن ابْن جريج.

قَوْله: ( أَن عِكْرِمَة بن خَالِد سَأَلَ ابْن عمر) ، قيل: هَذَا السِّيَاق يَقْتَضِي أَن هَذَا الْإِسْنَاد مُرْسل، لِأَن ابْن جريج لم يدْرك زمَان سُؤال عِكْرِمَة لِابْنِ عمر.
انْتهى.
قلت: عدم إِدْرَاك ابْن جريج سُؤال عِكْرِمَة عَن ابْن عمر لَا يسْتَلْزم نفي سَماع ابْن جريج عَن عِكْرِمَة هَذَا.
قَوْله: ( لَا بَأْس) ، يَعْنِي: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِذا اعْتَمر قبل أَن يحجّ، وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة: لَا بَأْس على أحد أَن يعْتَمر قبل أَن يحجّ.

قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ ابنُ عُمَرَ اعْتَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبْلَ أنْ يَحُّجَّ
عِكْرِمَة هُوَ ابْن خَالِد الْمَذْكُور، وَهُوَ مُتَّصِل بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.

وَقَالَ إبرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنِ ابنِ إسْحَاقَ قَالَ حدَّثني عِكْرِمَةُ ابنُ خالِدٍ قَالَ سألْتُ ابنَ عُمَرَ مُثْلَهُ
إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو إِسْحَاق الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمدنِي، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ بِبَغْدَاد، وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسبعين سنة، وَابْن إِسْحَاق هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار صَاحب ( الْمَغَازِي) ذكر هَذَا التَّعْلِيق عَن ابْن إِسْحَاق الْمُصَرّح بالاتصال تَقْوِيَة لما قبلهَا، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق أَحْمد عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَلَفظه: ( حَدثنِي عِكْرِمَة بن خَالِد بن الْعَاصِ المَخْزُومِي، قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فِي نفر من أهل مَكَّة فَلَقِيت عبد الله بن عمر، فَقلت: إِنَّا لم نحج قطّ، أفنعتمر من الْمَدِينَة؟ قَالَ: نعم، وَمَا يمنعكم من ذَلِك، فقد اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمْرَة كلهَا قبل حجه؟ قَالَ: فاعتمرنا) .

حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ قَالَ حدَّثنا أبُو عَاصِمٍ قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ عِكْرِمَةُ بنُ خالِدٍ سألْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مِثْلَهُ.

عَمْرو بن عَليّ بن بَحر بن كَبِير أَبُو حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي، وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم: الشَّيْبَانِيّ أَبُو عَاصِم النَّبِيل الْبَصْرِيّ، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَهَذَا من ابْن عمر قد يدل أَن فرض الْحَج نزل قبل اعتماره، إِذْ لَو اعْتَمر قبله مَا صَحَّ استدلاله على مَا ذكره، وَيتَفَرَّع على ذَلِك فرض الْحَج: هَل هُوَ على الْفَوْر أَو التَّرَاخِي؟ وَالَّذِي جنح إِلَيْهِ ابْن عمر يدل على أَنه على التَّرَاخِي، وَهُوَ الَّذِي تعضده الْأُصُول أَن فِي فرض الْحَج سَعَة وفسحة، وَلَو كَانَ وقته مضيقا لوَجَبَ إِذا أَخّرهُ إِلَى سنة أُخْرَى أَن يكون قَضَاء لَا أَدَاء، فَلَمَّا ثَبت أَن يكون أَدَاء فِي أَي وَقت أَتَى بِهِ، علم أَنه لَيْسَ على الْفَوْر.
انْتهى.
قلت: هَذَا أَخذه من كَلَام ابْن بطال، وَفِي دَعْوَاهُ أَنه على التَّرَاخِي، بِمَا ذكره نظر لِأَنَّهُ يلْزم من صِحَة تَقْدِيم أحد النُّسُكَيْنِ على الآخر نفي الْفَوْرِيَّة، وَفِيه خلاف قد ذَكرْنَاهُ فِي أول الْحَج، وَالله أعلم.