فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الدعاء إذا كثر المطر حوالينا ولا علينا

( بابُُ الدعاءِ إذَا كَثُرَ المَطَرُ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء عِنْد كَثْرَة الْمَطَر بقوله: ( أللهم حوالينا وَلَا علينا) هَذَا إِذا أضيف الْبابُُ إِلَى الدُّعَاء، وَيجوز قطع الْإِضَافَة، فَحِينَئِذٍ يكون الدُّعَاء مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ.
وَقَوله: ( حوالينا) خَبره، وَيكون التَّقْدِير: هَذَا بابُُ تَرْجَمته الدُّعَاء إِذا كثر الْمَطَر حوالينا، يَعْنِي بِلَفْظ: حوالينا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يكون الدُّعَاء عَاملا فِي: حوالينا، وَإِن كَانَ عمل الْمصدر الْمُعَرّف بِاللَّامِ قَلِيلا، لَكِن بِشَرْط كَون الدُّعَاء مجرورا بِإِضَافَة الْبابُُ إِلَيْهِ، إِذْ لَو كَانَ مُبْتَدأ: و ( إِذا كثر الْمَطَر) خَبره، لزم الْفَصْل بَين الْمصدر ومعموله بأجنبي، هُوَ الْخَبَر، وَأَن يكون، حوالينا، بَيَانا للدُّعَاء أَو بَدَلا.



[ قــ :989 ... غــ :1021 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبِي بَكْرٍ قَالَ حدَّثنا مُعْتَمِرٌ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ ثَابِتٍ عنْ أنَسٍ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا فقَالُوا يَا رسُولَ الله قَحَطَ المَطَرُ واحْمَرَّتِ الشَّجَرُ وهَلَكَتِ البَهَائِمُ فادْعُ الله يَسْقِينَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا مَرَّتَيْنِ وايْمُ الله مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحابٍ فَنَشَأتْ سَحَابَةٌ وأمْطَرَتْ ونَزَلَ عنِ المِنْبَرِ فَصلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَلَمَّا قامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبُ صاحُوا إلَيْهِ تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ وانْقَطَعَتِ السُّبخلُ فادْعُ الله يَحْبِسْهَا عَنَّا فَتَبَسَّمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولاَ عَلَيْنَا فكَشَطَتِ المَدِينَةُ فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَهَا وَلاَ تُمْطِرُ بِالمَدِينَةِ قَطْرَةً فنَظَرْتُ إلَى المَدِينَةِ وَإنَّهَا لَفِي مِثْلَ الإكْلِيلِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأعَاد حَدِيث أنس أَيْضا من طَرِيق ثَابت عَنهُ لأجل هَذِه التَّرْجَمَة، وَلأَجل مُغَايرَة الروَاة، وَإِنَّمَا وضع رِوَايَة ثَابت هُنَا لقَوْله: ( وَمَا تمطر بِالْمَدِينَةِ قَطْرَة) لِأَن ذَلِك أبلغ فِي انكشاف الْمَطَر، وَهَذِه اللَّفْظَة لم تقع إلاّ فِي هَذِه الرِّوَايَة.
قَوْله: ( احْمَرَّتْ الشّجر) يَعْنِي: تغير لَوْنهَا عَن الخضرة إِلَى الْحمرَة من اليبس، وأنث الْفِعْل بِاعْتِبَار جنس الشّجر.
قَوْله: ( وَهَلَكت الْبَهَائِم) ، ويروى: ( الْمَوَاشِي) ، وَهِي: الدَّوَابّ والأنعام.
قَوْله: ( مرَّتَيْنِ) ظرف لِلْقَوْلِ لَا للسقي.
قَوْله: ( وأيم الله) ، الْهمزَة فِيهِ همزَة الْوَصْل، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى.
قَوْله: ( قزعة من سَحَاب) أَي: قِطْعَة مِنْهُ.
قَوْله: ( لم يزل الْمَطَر) ويروى: ( لم تزل تمطر) ، قَوْله: ( تكشطت) أَي تكشفت يُقَال: كشطت الجل عَن ظهر الْفرس، والغطاء عَن الشَّيْء: إِذا كشفته عَنهُ، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: ( فكشطت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( الإكليل) ، بِكَسْر الْهمزَة، وَهُوَ شَيْء مثل عِصَابَة تزين بالجواهر، وَيُسمى التَّاج إكليلاً.