فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة: 267]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى { أنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسِبْتُمْ} ( الْبَقَرَة: 762) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: { أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} ( الْبَقَرَة: 762) .
من حلالات كسبكم، وَعَن مُجَاهِد المُرَاد بهَا التِّجَارَة،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِنَّه وَقع فِي الأَصْل: كلوا، بدل: أَنْفقُوا،.

     وَقَالَ : إِنَّه غلط.
وَفِي ( التَّلْوِيح) : وَفِي بعض النّسخ: { كلوا من طَيّبَات مَا كسبتم} فَالْأول التِّلَاوَة، وَكَانَ الثَّانِي من طغيان الْقَلَم.



[ قــ :1980 ... غــ :2065 ]
- حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ أبِي وَائِلٍ عَن مَسْرُوقٍ عَن عائشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أنْفَقَتِ المَرْأةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مفْسِدَةٍ كانَ لَهَا أجْرُها بِما أنْفَقَتْ ولِزَوْجِهَا بِما كَسَبَ ولِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لاَ يَنْقُصْ بَعْضُهُمْ أجْرَ بَعْضٍ شيْئا.
.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بِمَا كسب) ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ أجر الْمَرْأَة إِذا تَصَدَّقت، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ من ثَلَاث طرق.
الأول: عَن آدم عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور وَالْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
الثَّانِي: عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن مَسْرُوق عَنْهَا.
وَالثَّالِث: عَن يحيى بن يحيى عَن جرير عَن مَنْصُور عَن شَقِيق عَن مَسْرُوق عَنْهَا.
وَهنا أخرجه: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة أخي أبي بكر بن أبي شيبَة عَن جرير ابْن عبد الحميد عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن أبي وَائِل عَن شَقِيق عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَنْهَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( غير مفْسدَة) أَي: غير منفقة فِي وَجه لَا يحل.





[ قــ :1981 ... غــ :066 ]
- حدَّثني يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عنْ مَعْمَرٍ عَن هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا أنفَقَتِ المَرْأةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عنْ غَيْرِ أمْرِهِ فَلَهُ نِصْفُ أجْرِهِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( من كسب زَوجهَا) ، فَإِن كَسبه من التِّجَارَة وَغَيرهَا، وَهُوَ مَأْمُور بِأَن ينْفق من طَيّبَات مَا كسب.
وَيحيى بن جَعْفَر بن أعين أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيّ البيكندي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعبد الرَّزَّاق ابْن همام الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ، وَمعمر، بِفَتْح الميمين: ابْن رَاشد، وَهَمَّام بن مُنَبّه.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن يحيى فِي النَّفَقَات.
وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن مُحَمَّد بن رَافع، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن الْحسن بن عَليّ الْخلال، كلهم عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ.

قَوْله: ( من غير أمره) أَي: من غير أَمر الزَّوْج.
قَالَ الْكرْمَانِي: كَيفَ يكون لَهَا أجر وَهُوَ بِغَيْر أَمر الزَّوْج؟ فَأجَاب: بقوله: قد يكون بِإِذْنِهِ وَلَا يكون بأَمْره، ثمَّ قَالَ: قد تقدم أَنه لَا ينقص بَعضهم أجر بعض فَلم يكن لَهُ النّصْف؟ ثمَّ أجَاب بقوله: ذَلِك فِيمَا كَانَ بأَمْره أَو أجرهَا هُوَ نصف الْأجر وَلَا ينقص عَمَّا هُوَ أجره الَّذِي هُوَ النّصْف.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: الحديثان غير متناقضين، وَذَلِكَ أَن قَوْله: ( لَهَا نصف أجره) ، يُرِيد أَن أجر الزَّوْج وَأجر مناولة الزَّوْجَة يَجْتَمِعَانِ فَيكون للزَّوْج النّصْف وللمرأة النّصْف، فَذَلِك النّصْف هُوَ أجرهَا كُله، وَالنّصف الَّذِي للزَّوْج هُوَ أجره كُله.

     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيّ هُوَ على الْمجَاز أَي أَنَّهُمَا سَوَاء فِي المثوبة كل وَاحِد مِنْهَا لَهُ أجر كَامِل وهما اثْنَان فكأنهما نِصْفَانِ، وَقيل: يحْتَمل أَن أجرهما مثلان، فَأشبه الشَّيْء المنقسم بنصفين.