فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: لا يدخل الدجال المدينة

( بابٌُ لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ المَدِينَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: لَا يدْخل الدَّجَّال الْمَدِينَة.



[ قــ :1793 ... غــ :1879 ]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني إبراهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبيهِ عَن جَدِّهِ عنْ أبِي بَكْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ يَدْخُلُ المَدِينَةَ رُعْبُ المَسِيحِ الدَّجَّالِ لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بابٍُ ملَكَانِ.

مطابقته من حَيْثُ إِن رعب الدَّجَّال إِذا لم يدْخل الْمَدِينَة فَعدم دُخُوله بِنَفسِهِ بِالطَّرِيقِ الأولى.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي.
الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو إِسْحَاق الْقرشِي قَاضِي بَغْدَاد.
الثَّالِث: سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن أَبُو إِسْحَاق الزُّهْرِيّ الْقرشِي.
الرَّابِع: جده إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو مُحَمَّد.
الْخَامِس: أَبُو بكرَة، واسْمه: نفيع، بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء: ابْن الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ، وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَليّ بن عبد الله، وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( رعب الْمَسِيح الدَّجَّال) ، الرعب: بِالضَّمِّ الْخَوْف وَسمي الْمَسِيح مسيحا لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض، أَو لِأَنَّهُ مَمْسُوح اعين لِأَنَّهُ أَعور، أَو لسياحته، وَهُوَ فعيل بمعني فَاعل، وَيُقَال فِيهِ: مسيخ.
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، لِأَنَّهُ مُشَوه مثل الممسوخ، وَيُقَال فِيهِ: مسيح، بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة، للْفرق بَينه وَبَين الْمَسِيح ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.
وَأما معنى الدَّجَّال فكثير، واشتقاقه من الدجل وَهُوَ الْكَذِب والخلط، وَهُوَ كَذَّاب خلاط وَيجمع الدَّجَّال على دجالين ودجاجلة فِي التكسير، وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ من الدجل وَهُوَ: طلي الْبَعِير بالقطران، سمي بذلك لِأَنَّهُ يُغطي الْحق بسحره وَكذبه كَمَا يُغطي الرجل جرب بعيره بالدجالة، وَهُوَ القطران.
وَقيل: سمي بِهِ لضربه نواحي الأَرْض وقطعه لَهَا، يُقَال: دجل الرجل إِذا فعل ذَلِك.
وَقيل: هُوَ من الدجل بِمَعْنى التغطية.
.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: كل شَيْء غطيته فقد دجلته، وَمِنْه سميت دجلة لانتشارها على الأَرْض وتغطيتها مَا فاضت عَلَيْهِ.
وَقيل: مَعْنَاهُ المموه، قَالَه ثَعْلَب.
وَأما معنى الْمَسِيح بن مَرْيَم فعلى ثَلَاثَة وَعشْرين وَجها ذَكرنَاهَا فِي كتَابنَا.
قَوْله: ( على كل بابُُ) ، فِي رِوَايَة الْكشميهني: ( لكل بابُُ) .
فَإِن قلت: حَدِيث أنس: ( ترجف الْمَدِينَة بِأَهْلِهَا ثَلَاث رجفات) ، والرجف رعب، فَهَذَا يُعَارض حَدِيث الْبابُُ؟ قلت: لَا يُعَارضهُ، لِأَن الرجفة تكون من أهل الْمَدِينَة على من فِيهَا من الْمُنَافِقين والكافرين، فيخرجونهم من الْمَدِينَة بإخافتهم إيَّاهُم تَغْلِيظًا عَلَيْهِم وعَلى الدَّجَّال، فَيخرج المُنَافِقُونَ إِلَى الدَّجَّال فِرَارًا من أهل الْمَدِينَة.





[ قــ :1794 ... غــ :1880 ]
- حدَّثنا إسماعيلُ قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنْ نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ الله الْمُجْمِرِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى أنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ لاَ يَدْخُلُها الطَّاعُونُ ولاَ الدَّجَّالُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس واسْمه: عبد الله الْمدنِي إِبْنِ أُخْت مَالك بن أنس، ونعيم، بِضَم النُّون، والمجمر بِلَفْظ الْفَاعِل من الإجمار، مر فِي أول الْوضُوء.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن القعْنبِي، وَفِي الطِّبّ عَن عبد الله بن يُوسُف.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن الْحَارِث بن مِسْكين عَن ابْن الْقَاسِم، وَفِيه وَفِي الْحَج عَن قُتَيْبَة، الْكل عَن نعيم المجمر بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( على أنقاب الْمَدِينَة) ، الأنقاب جمع نقب، بِفَتْح النُّون، وَهُوَ جمع قلَّة وَجمع الْكَثْرَة: نقاب،.

     وَقَالَ  ابْن وهب: الأنقاب مدَاخِل الْمَدِينَة، وَقيل: هِيَ أَبْوَابهَا وفوهات طرقها الَّتِي يدْخل إِلَيْهَا مِنْهَا.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: هِيَ الطّرق الَّتِي يسلكها النَّاس، وَمِنْه قَوْله عز وَجل: { فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} ( ق: 63) .
.

     وَقَالَ  أَبُو الْمعَانِي: النقب الطَّرِيق فِي الْجَبَل، وَكَذَلِكَ النقب والمنقب والمنقبة عَن يَعْقُوب،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: النقب والنقب فِي أَي شَيْء كَانَ نقبه ينقبه نقبا، وَعَن الْقَزاز، وَيُقَال أَيْضا: نقب بِكَسْر النُّون، وَضبط ابْن فَارس بِالسُّكُونِ يَقْتَضِي أَن لَا يكون جمعه أنقابا كَمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة، وَإِنَّمَا يجمع على نقاب، كَمَا رَوَاهُ أَبُو سعيد، وَفِيه برهَان عَظِيم ظَهرت صِحَّته ببركة دُعَائِهِ للمدينة.
قَوْله: ( الطَّاعُون) ، الْمَوْت من الوباء.
وَقَوله: ( لَا يدخلهَا الطَّاعُون وَلَا الدَّجَّال) جملَة مستأنفة، بَيَان لموجب اسْتِقْرَار الْمَلَائِكَة على الأنقاب.




[ قــ :1795 ... غــ :1881 ]
- ( حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنَا الْوَلِيد قَالَ حَدثنَا أَبُو عَمْرو قَالَ حَدثنَا إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَيْسَ من بلد إِلَّا سيطؤه الدَّجَّال إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة لَيْسَ لَهَا من نقابها نقب إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة صافين يحرسونها ثمَّ ترجف الْمَدِينَة بِأَهْلِهَا ثَلَاث رجفات فَيخرج الله كل كَافِر ومنافق) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَالْمَدينَة " يَعْنِي لَا يدخلهَا الدَّجَّال والوليد هُوَ مُسلم الدِّمَشْقِي وَأَبُو عَمْرو هُوَ عبد الرَّحْمَن الْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَق هُوَ ابْن عبد الله بن أبي طَلْحَة والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْفِتَن عَن عَليّ بن حجر عَن الْوَلِيد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَن عمر بن عبد الْوَاحِد قَوْله " إِلَّا سيطؤه " مُسْتَثْنى من الْمُسْتَثْنى وَهُوَ قَوْله " لَيْسَ من بلد " وَهُوَ على ظَاهره وعمومه عِنْد الْجُمْهُور وشذ ابْن حزم فَقَالَ المُرَاد لَا يدْخلهُ بَعثه وَجُنُوده وَكَأَنَّهُ استبعد إِمْكَان دُخُول الدَّجَّال جَمِيع الْبِلَاد لقصر مدَّته وغفل عَمَّا ثَبت فِي صَحِيح مُسلم أَن بعض أَيَّامه يكون قدر السّنة قَالَه بَعضهم ( قلت) يحْتَمل أَن يكون إِطْلَاق قدر السّنة على بعض أَيَّامه لَيْسَ على حَقِيقَته بل لكَون الشدَّة الْعَظِيمَة الْخَارِجَة عَن الْحَد أطلق عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قدر السّنة قَوْله " إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة " يَعْنِي لَا يطؤهما الدَّجَّال وَذكر الطَّبَرِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو " إِلَّا الْكَعْبَة وَبَيت الْمُقَدّس " وَزَاد أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ " وَمَسْجِد الطّور " وَرَوَاهُ من حَدِيث جُنَادَة بن أبي أُميَّة عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي بعض الرِّوَايَات فَلَا يبْقى لَهُ مَوضِع إِلَّا وَيَأْخُذهُ غير مَكَّة وَالْمَدينَة وَبَيت الْمُقَدّس وجبل الطّور فَإِن الْمَلَائِكَة تطرده عَن هَذِه الْمَوَاضِع قَوْله " من نقابها " أَي نقاب الْمَدِينَة والنقاب بِكَسْر النُّون جمع نقب وَهُوَ جمع الْكَثْرَة وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِي الحَدِيث السَّابِق قَوْله " صافين " حَال من الْمَلَائِكَة وَهُوَ جمع صَاف من صف قَوْله " يحرسونها " من الْأَحْوَال المتداخلة قَوْله " ثمَّ ترجف الْمَدِينَة " أَي يحصل بهَا زَلْزَلَة بعد أُخْرَى ثمَّ فِي الرجفة الثَّالِثَة يخرج الله مِنْهَا من لَيْسَ مخلصا فِي إيمَانه وَيبقى بهَا الْمُؤمن المخلص فَلَا يُسَلط عَلَيْهِ الدَّجَّال وَفِيه أَيْضا معْجزَة ظَاهِرَة للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ أخبر عَن أَمر سَيكون قطعا وَفِيه بَيَان فضل الْمَدِينَة وَفضل أَهلهَا الْمُؤمنِينَ الخالصين




[ قــ :1796 ... غــ :188 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله أنَّ أبَا سَعِيدٍ الخدْرِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ حدَّثنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا طَويلا عنِ الدَّجالِ فكانَ فِيما حدَّثنَا بهِ أنْ قالَ يأتِي الدَّجَّالُ وهْوَ مُحَرَّمٌ عليْهِ أنْ يَدْخُلَ نِقابَ المدِينَةِ بَعْضَ السِّباخِ الَّتِي بالمَدِينَةِ فيَخْرُجُ إليْهِ يَوْمَئِذٍ رجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ أوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فيَقُولُ أشْهَدُ أنَّكَ الدَّجالُ الَّذِي حَدثنَا عنْكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَديثَهُ فيَقُولُ الدَّجَّالُ أرأيْتَ إنْ قتَلْتُ هذَا ثُمَّ أحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأمرِ فيَقُولُونَ لاَ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْييهِ فيَقُولُ حِينَ يُحْييهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أشَدَّ بَصِيرَةً منِّي الْيَوْمَ فيَقُولُ الدَّجَّالُ أقْتُلُهُ فَلا اسلَّطُ عَلَيْهِ.

( الحَدِيث 881 طرفه فِي: 371) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يدل على أَن الدَّجَّال ينزل على سبخَة من سباخ الْمَدِينَة، وَلَا يقدر على الدُّخُول إِلَى الْمَدِينَة وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد الْأَيْلِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْفِتَن عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن السَّمرقَنْدِي عَن أبي الْيَمَان بِهِ، وَعَن عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، ثَلَاثَتهمْ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن أبي دَاوُد وَسليمَان بن سيف عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( حَدثنَا) ، فعل ومفعول، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاعله، قَوْله: ( عَن الدَّجَّال) أَي: عَن حَاله وَفعله.
قَوْله: ( أَن قَالَ) ، كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: قَوْله يَأْتِي الدَّجَّال.
قَوْله: ( وَهُوَ محرم عَلَيْهِ) ، جملَة حَالية.
( ومحرم) على صِيغَة الْمَفْعُول من التَّحْرِيم، قَوْله: ( أَن يدْخل) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، أَي: دُخُوله وَهِي فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ فِي تَقْدِير الْفَاعِل.
قَوْله: ( ينزل) جملَة مستأنفة كَانَ الْقَائِل يَقُول: إِذا كَانَ الدُّخُول عَلَيْهِ حَرَامًا فَكيف يفعل؟ قَالَ ينزل بعض السباخ، بِكَسْر السِّين: حمع سبخَة، وَهِي الأَرْض الَّتِي تعلوها الملوحة، مَعْنَاهُ: ينزل خَارج الْمَدِينَة على أَرض سبخَة من سباخ الْمَدِينَة.
قَوْله: ( فَيخرج إِلَيْهِ) أَي: إِلَى الدَّجَّال.
قَوْله: ( رجل هُوَ خير النَّاس) قَالَ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، يُقَال: إِن هَذَا الرجل هُوَ الْخضر، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَالَ مُسلم فِي صَحِيحه وَكَذَا قَالَ معمر فِي جَامِعَة بَلغنِي أَن ذَلِك الرجل هُوَ الْخضر عَلَيْهِ الْخضر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَوْله: ( أَو من خير النَّاس) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( أَرَأَيْت؟) ، أَي: أَخْبرنِي.
قَوْله: ( فَيَقُولُونَ) ، الْقَائِلُونَ بِهِ إِمَّا الْيَهُود ومصدقوه من أهل الشقاوة، وَإِمَّا أَعم مِنْهُم، وقالوه خوفًا مِنْهُ لَا تَصْدِيقًا، أَو قصدُوا بِهِ عدم الشَّك فِي كفره، وَكَونه دجالًا.
قَوْله: ( أَشد بَصِيرَة مني الْيَوْم) لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرنِي بِأَن عَلامَة الدَّجَّال أَنه يحيى الْمَقْتُول، فزادت بصيرته بِحُصُول تِلْكَ الْعَلامَة، ويروى: ( أَشد مني بَصِيرَة الْيَوْم) ، فالمفضل والمفضل عَلَيْهِ كِلَاهُمَا هُوَ نفس الْمُتَكَلّم لكنه مفضل بِاعْتِبَار غَيره.
قَوْله: ( أَقتلهُ فَلَا أسلط عَلَيْهِ) أَي: أَقتلهُ فَلَا أسلط على قَتله، وأسلط على صِيغَة الْمَجْهُول، وَلَا بُد من تَقْدِير الْهمزَة الإنكارية.
ويروى بِظُهُور الْهمزَة لفظا وَأما حَدِيث، وَكَأَنَّهُ يُنكر على إِرَادَته الْقَتْل وَعدم تسلطه عَلَيْهِ.
ويروى ( فَلَا يُسَلط عَلَيْهِ) أَي: لَا يقدر على قَتله بِأَن يَجْعَل الله بدنه كالنحاس لَا يجْرِي عَلَيْهِ السَّيْف، أَو بِأَمْر آخر نَحوه، وروى مُسلم فِي ( صَحِيحه) عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يخرج الدَّجَّال فَيتَوَجَّه قبله رجل من الْمُؤمنِينَ فَتَلقاهُ المسايح مسايح الدَّجَّال فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْن تعمد؟ فَيَقُول: أعمد إِلَى هَذَا الَّذِي خرج، قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أَو مَا تؤمن بربنا؟ فَيَقُول: مَا بربنا خَفَاء، فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ! فَيَقُول بَعضهم لبَعض: أَلَيْسَ قد نهاكم ربكُم أَن تقتلُوا أحدا دونه؟ قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّال، فَإِذا رَآهُ الْمُؤمن قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فيأمر الدَّجَّال بِهِ فيشج، فَيَقُول: خذوه فيوسع ظَهره وبطنه ضربا، قَالَ: فَيَقُول أَو مَا تؤمن بِي؟ قَالَ: فَيَقُول: أَنْت الْمَسِيح الْكذَّاب، قَالَ: فينشر بِالْمِنْشَارِ من مفرقه حَتَّى يفرق بَين رجلَيْهِ، قَالَ ثمَّ يمشي الدَّجَّال بَين القطعتين، ثمَّ يَقُول لَهُ: قُم، فيستوي قَائِما، ثمَّ يَقُول لَهُ أتؤمن بِي؟ فَيَقُول: مَا ازددت فِيك إلاَّ بَصِيرَة.
قَالَ: ثمَّ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّه لَا يفعل بعدِي بِأحد من النَّاس، قَالَ: فَيَأْخذهُ الدَّجَّال حَتَّى يذبحه، فَيجْعَل مَا بَين رقبته إِلَى ترقوته نُحَاسا فَلَا يَسْتَطِيع إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: فَيَأْخُذ يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فيقذف بِهِ، فيحسب النَّاس أَنما قذفه إِلَى النَّار، وَإِنَّمَا ألقِي فِي الْجنَّة.
، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا أعظم النَّاس شَهَادَة عِنْد رب الْعَالمين)
.
<