فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من كذب في حلمه

( بابُُ مَنْ كَذَبَ فِي حُلْمِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان إِثْم من كذب فِي حلمه، بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام، وَهُوَ مَا يرَاهُ النَّائِم.



[ قــ :6671 ... غــ :7042 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حَدثنَا سُفْيانُ، عنْ أيُّوبَ، عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبّاس عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ ولَنْ يَفْعَلَ ومَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وهُمْ لهُ كارِهُونَ أوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيامَةِ، ومَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وكُلِّفَ أنْ يَنْفُخَ فِيها ولَيْسَ بِنافِخٍ
قَالَ سُفْيانُ: وصَلَهُ لَنا أيُّوبُ.

انْظُر الحَدِيث 2225 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: من تحلم بحلم وَإِنَّمَا قَالَ فِي التَّرْجَمَة: من كذب فِي حلمه، وَلَفظ الحَدِيث: من تحلم، إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرقه، وَهُوَ مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَفعه: من كذب فِي حلمه كلف يَوْم الْقِيَامَة عقد شعيرَة، وَصَححهُ الْحَاكِم.

وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسَدّد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة بالقصة الأولى والقصة الثَّالِثَة وَفِي الرُّؤْيَا عَن مُحَمَّد بن بشار بالقصة الثَّانِيَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن قُتَيْبَة بالقصة الأولى.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الرُّؤْيَا عَن بشر بن هِلَال بالقصة الثَّانِيَة.

قَوْله: من تحلم أَي: من تكلّف الْحلم، لِأَن بابُُ التفعل للتكلف.
قَوْله: لم يره جملَة وَقعت صفة لقَوْله: تحلم.
قَوْله: كلف على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: كلف يَوْم الْقِيَامَة أَي: يعذب بذلك، وَذَلِكَ التَّكْلِيف نوع من الْعَذَاب وَالِاسْتِدْلَال بِهِ ضَعِيف فِي جَوَاز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق، كَيفَ وَأَنه لَيْسَ بدار التَّكْلِيف؟ قَوْله: وَلنْ يفعل أَي: وَلنْ يقدر على ذَلِك قَوْله: وهم لَهُ أَي: لمن اسْتمع كَارِهُون لَا يُرِيدُونَ استماعه قَوْله: أَو يفرون مِنْهُ شكّ من الرَّاوِي قَوْله: الآنك بِالْمدِّ وَضم النُّون وبالكاف وَهُوَ الرصاص الْمُذَاب.
قَوْله: وكلف يحْتَمل أَن يكون عطفا تفسيرياً لقَوْله: عذب وَأَن يكون نوعا آخر.
قَوْله: أَن ينْفخ فِيهَا أَي: أَن ينْفخ الرّوح فِي تِلْكَ الصُّورَة.
قَوْله: وَلَيْسَ بنافخ أَي: لَيْسَ بِقَادِر على النفخ.

قَوْله: قَالَ سُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
وَصله لنا أَي: وصل الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الروَاة، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن الحَدِيث فِي الطّرق الآخر الَّتِي بعده مَوْقُوف غير مَرْفُوع إِلَى النَّبِي
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حدّثنا أبُو عَوَانَة عنْ قَتادَة عنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ: مَنْ كَذَبَ فِي رُؤْياهُ.

وَقَالَ شُعْبَةُ عنْ أبي هاشِمِ الرُّمَّانِيِّ: سَمِعْتُ عِكْرِمَة قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ: قَوْلَهُ مَنْ صَوَّرَ ومنْ تَحَلَّمَ ومنِ اسْتَمَعَ.

هَذِه ثَلَاث طرق معلقَة مَوْقُوفَة: الأول: قَوْله:.

     وَقَالَ  قُتَيْبَة، هُوَ ابْن سعيد أحد مشايخه: حَدثنَا أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح الْيَشْكُرِي عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَرِوَايَة قُتَيْبَة هَذِه وَصلهَا فِي نسخته عَن أبي عوَانَة رِوَايَة النَّسَائِيّ عَنهُ من طَرِيق عَليّ بن مُحَمَّد الْفَارِسِي عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زَكَرِيَّا بن حيوية عَن النَّسَائِيّ، وَلَفظه: عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من كذب فِي رُؤْيَاهُ كلف أَن يعْقد بَين طرفِي شعيرَة، وَمن اسْتمع.
.
الحَدِيث، وَمن صور.
.
الحَدِيث.

الثَّانِي: قَوْله:.

     وَقَالَ  شُعْبَة، عَن أبي هَاشم اسْمه يحيى بن دِينَار، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: عَن أبي هِشَام قيل: إِنَّه غلط، والرماني بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم نِسْبَة إِلَى قصر الرُّمَّان بواسط كَانَ ينزل قصر الرُّمَّان بوسط.
الثَّالِث: قَوْله: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة ... إِلَى آخِره، كَذَا وَقع فِي الأَصْل مُخْتَصرا على أَطْرَاف الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة، وَجَزَاء هَذِه الشُّرُوط الْمَذْكُورَة هُوَ كلف وصب وعذب كَمَا تقدم، وَكَذَا وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي مستخرجه من طَرِيق عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري عَن أَبِيه عَن شُعْبَة بن أبي هَاشم بِهَذَا السَّنَد مُقْتَصرا على قَوْله: عَن أبي هُرَيْرَة.

حدّثنا إسْحاقُ حدّثنا خالِدٌ عنْ خالِدٍ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنِ اسْتَمَعَ ومَنْ تَحَلَّمَ ومَنْ صَوَّرَ نَحْوَهُ.

إِسْحَاق هُوَ ابْن شاهين، وخَالِد شَيْخه هُوَ ابْن عبد الله الطَّحَّان، وخَالِد شَيْخه هُوَ الْحذاء، كَذَا أخرجه مُخْتَصرا.
وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق وهب بن مُنَبّه عَن خَالِد بن عبد الله فَذكره بِهَذَا السَّنَد إِلَى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي فرفعه، وَلَفظه: من اسْتمع إِلَى حَدِيث قوم وهم لَهُ كَارِهُون صب فِي أُذُنه الآنك، وَمن تحلم كلف أَن يعْقد شعيرَة يعذب بهَا وَلَيْسَ بفاعل، وَمن صور صُورَة عذب حَتَّى يعْقد بَين شعيرتين وَلَيْسَ عاقداً.

تابَعَهُ هِشامٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلَهُ.

أَي: تَابع خَالِدا الْحذاء هِشَام بن حسان فِي رِوَايَته عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله: قَوْله يَعْنِي: قَول ابْن عَبَّاس، يَعْنِي: مَوْقُوفا عَلَيْهِ.





[ قــ :667 ... غــ :7043 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ، حدّثنا عَبْدُ الصَّمدِ حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ عنْ أبِيهِ، عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مِنْ أفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعلي بن مُسلم الطوسي نزيل بَغْدَاد مَاتَ قبل البُخَارِيّ بِثَلَاث سِنِين، وَعبد الصَّمد هُوَ ابْن عبد الْوَارِث بن سعيد وَقد أدْركهُ البُخَارِيّ بِالسِّنِّ، وَعبد الرَّحْمَن بن دِينَار مُخْتَلف فِيهِ قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: صَدُوق،.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين: فِي حَدِيثه عِنْدِي ضعف، وَمَعَ ذَلِك عُمْدَة البُخَارِيّ فِيهِ على شَيْخه عَليّ، على أَنه لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ شَيْئا إلاَّ وَله فِيهِ متابع أَو شَاهد والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: من أفرى الفرى بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء أفعل التَّفْضِيل أَي: أكذب الكذبات والفرى بِكَسْر الْفَاء وَالْقصر جمع فِرْيَة وَهِي الكذبة الْعَظِيمَة الَّتِي يتعجب مِنْهَا ويروى أَن من أفرى الفرى.
قَوْله: أَن يري بِضَم الْيَاء وَكسر الرَّاء من الإراءة وَهُوَ فعل وفاعل.
وَقَوله: عَيْنَيْهِ بِالنّصب مَفْعُوله الأول وَقَوله: مَا لم تَرَ مفعول ثَان أَي: الَّذِي لم تره، ويروى: مَا لم يريَا، بالتثنية بِاعْتِبَار رُؤْيَة عَيْنَيْهِ مثنى.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هُوَ لَا يرى عَيْنَيْهِ بل ينْسب إِلَيْهِمَا الرُّؤْيَة.
قلت: الْمَقْصُود نسبته إِلَيْهِمَا وإخباره عَنْهُمَا بِالرُّؤْيَةِ.
فَإِن قلت: الْكَذِب فِي الْيَقَظَة أَكثر ضَرَرا لتعديه إِلَى غَيره ولتضمنه الْمَفَاسِد، فَمَا وَجه تَعْظِيم الْكَاذِب فِي رُؤْيَاهُ بذلك؟ .
قلت: هُوَ لِأَن الرُّؤْيَا جُزْء من النُّبُوَّة والكاذب فِيهَا كَاذِب على الله وَهُوَ أعظم الفرى وَأولى بعظيم الْعقُوبَة.