فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} [الفتح: 15]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} حقٌّ { وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ} باللّعبِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول الله تَعَالَى: { يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} هَذَا الْمِقْدَار فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: { يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} الْآيَة.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة وَأَحَادِيث بابُُهَا مَا أَرَادَ فِي الْأَبْوَاب قبلهَا: أَن كَلَام الله تَعَالَى صفة قَائِمَة بِهِ وَأَنه لم يزل متكلماً وَلَا يزَال.
انْتهى.
وَمعنى قَوْله: { يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} هُوَ أَن الْمُنَافِقين تخلفوا عَن الْخُرُوج مَعَ رَسُول الله إِلَى غَزْوَة تَبُوك وَاعْتَذَرُوا بِمَا علم الله إفكهم فِيهِ، وَأمر الله رَسُوله أَن يقْرَأ عَلَيْهِم قَوْله: { فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِىَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ} فأعلمهم بذلك وَقطع أطماعهم بخروجهم مَعَه، فَلَمَّا رَأَوْا الفتوحات قد تهيأت لرَسُول الله أَرَادوا الْخُرُوج مَعَه رَغْبَة مِنْهُم فِي الْمَغَانِم، فَأنْزل الله { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} الْآيَة فَهَذَا معنى الْآيَة: أَن يبدلوا أمره لَهُ بِأَن لَا يخرجُوا مَعَه بِأَن يخرجُوا مَعَه، فَقطع الله أطماعهم من ذَلِك مُدَّة أَيَّامه، بقوله: { فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِىَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ} قَوْله: { لقَوْل فصل} وَفِي رِوَايَة أبي ذَر { وَإنَّهُ لقَوْل فصل} وَفسّر قَوْله: فصل بقوله: حق وَفِي غير رِوَايَة أبي ذَر ثَبت حق بِغَيْر ألف وَلَام، وَسقط من رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي، وَفسّر قَوْله: { وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ} باللعب كَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.



[ قــ :7093 ... غــ :7491 ]
- حدّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدثنَا سُفْيانُ، حَدثنَا الزُّهْرِيُّ، عنْ سَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تَعَالَى: { يُؤْذِيني ابنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهرَ وَأَنا الدهْرُ، بِيَدِي الأمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ}
انْظُر الحَدِيث 4826 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي إِثْبَات إِسْنَاد القَوْل إِلَى الله تَعَالَى.
وَهَذَا الحَدِيث من الْأَحَادِيث القدسية.

قَوْله: يُؤْذِينِي من المتشابهات وَكَذَلِكَ الْيَد والدهر، فإمَّا أَن يُفَوض وَإِمَّا أَن يؤول، وَالْمرَاد من الْإِيذَاء النِّسْبَة إِلَيْهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيق لَهُ، وتؤول الْيَد بِالْقُدْرَةِ والدهر بالمدهر أَي: مُقَلِّب الدهور.
قَوْله: أَنا الدَّهْر يرْوى بِالنّصب أَي: أَنا ثَابت فِي الدَّهْر باقٍ فِيهِ.

والْحَدِيث مضى أَولا: فِي تَفْسِير سُورَة الجاثية وَثَانِيا: فِي كتاب الْأَدَب.





[ قــ :7094 ... غــ :749 ]
- حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حَدثنَا الأعْمَشُ، عنْ أبي صالِحٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُولُ الله عَزَّ وجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنا أجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وأكْلهُ وشُرْبَهُ مِنْ أجْلِي، والصَّوْمُ جُنَّةٌ، ولِلصَّائِمِ فَرْحَتانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: يَقُول الله
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن يروي هُنَا عَن الْأَعْمَش، كَذَا وَقع عِنْد جَمِيع الروَاة إلاّ أَن أَبَا عَليّ بن السكن قَالَ حَدثنَا أَبُو نعيم حَدثنَا سُفْيَان الْأَعْمَش، زَاد فِيهِ: سُفْيَان الثَّوْريّ، قَالَ أَبُو عَليّ الجياني: الصَّوَاب قَول من خَالفه من سَائِر الروَاة، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّوْم فِي: بابَُُيْنِ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: الصَّوْم لي سَائِر الْعِبَادَات لله تَعَالَى وَوجه التَّخْصِيص بِهِ هُوَ أَنه لم يعبد أحد غير الله بِهِ إِذْ لم تعظم الْكفَّار فِي عصر من الْأَعْصَار معبوداً لَهُم بالصيام، بِخِلَاف السُّجُود وَالصَّدَََقَة وَنَحْوهمَا.
قَوْله: يدع أَي: يتْرك.
قَوْله: جنَّة بِضَم الْجِيم أَي: ترس.
قَوْله: حِين يلقى ربه يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِيه إِثْبَات رُؤْيَة الله تَعَالَى.
قَوْله: ولخلوف بِضَم الْخَاء على الْأَصَح، وَقيل بِفَتْحِهَا، وَهُوَ رَائِحَة الْفَم المتغيرة.
قَوْله: أطيب عِنْد الله لَا يتَصَوَّر الطّيب على الله إلاَّ بطرِيق الْفَرْض، أَي: لَو تصور الطّيب عِنْد الله لَكَانَ الخلوف أطيب.





[ قــ :7095 ... غــ :7493 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ، عبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنَا مَعْمَرٌ، عنْ هَمَّامٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيْنَما أيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْياناً خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ فَناداهُ ربُّهُ: يَا أيُّوبُ ألَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى يَا ربِّ، ولاكِنْ لَا غِنَى بِي عنْ بَرَكَتِكَ
انْظُر الحَدِيث 79 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فناداه ربه: يَا أَيُّوب
وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد، وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم ابْن مُنَبّه.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ من اغْتسل عُريَانا.

قَوْله: رجل جَراد بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْجِيم جمَاعَة كَثِيرَة مِنْهُ كالجماعة الْكَثِيرَة من النَّاس.
قَوْله: فناداه ربه أَي: قَالَ الله لَهُ.
قَوْله: أغنيتك من الإغناء.





[ قــ :7096 ... غــ :7494 ]
- حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي عَبْدِ الله الأغَرِّ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَنْزِلُ ربُّنا تَبارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللّيلِ الآخِرُ، فَيَقولُ: مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ لهُ؟ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مِنْ يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ لَهُ؟
انْظُر الحَدِيث 1145 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: فَيَقُول
وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وَأَبُو عبد الله الْأَغَر بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء واسْمه سلمَان الْجُهَنِيّ الْمدنِي.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب التَّهَجُّد فِي: بابُُ الدُّعَاء فِي الصَّلَاة من آخر اللَّيْل.

وَلم يزل من النُّزُول كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والسرخسي، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: يتنزل من بابُُ التفعل، وَهَذَا من بابُُ المتشابهات وَالْأَمر فِيهَا قد علم أَنه إِمَّا التَّفْوِيض وَإِمَّا التَّأْوِيل بنزول ملك الرَّحْمَة، وَمن الْقَائِلين فِي إِثْبَات هَذَا وَإنَّهُ لَا يقبل التَّأْوِيل أَبُو إِسْمَاعِيل الْهَرَوِيّ، وَأورد هَذَا الحَدِيث من طرق كَثِيرَة فِي كِتَابه الْفَارُوق مثل حَدِيث عَطاء مولى أم صبية عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: إِذا ذهب ثلث اللَّيْل ... .
فَذكر الحَدِيث وَزَاد: فَلَا يزَال بهَا حَتَّى يطلع الْفجْر، فَيَقُول: هَل من داعٍ فيستجاب لَهُ؟ أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَحَدِيث ابْن مَسْعُود وَفِيه: فَإِذا طلع الْفجْر صعد إِلَى الْعَرْش أخرجه ابْن خُزَيْمَة.
وَأخرجه أَبُو إِسْمَاعِيل من طَرِيق أُخْرَى عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: جَاءَ رجل من بني سليم إِلَى رَسُول الله فَقَالَ: عَلمنِي ... فَذكر الحَدِيث وَفِيه: فَإِذا انفجر الْفجْر صعد وَمن حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، وَفِي آخِره: ثمَّ يَعْلُو رَبنَا على كرسيه وَمن حَدِيث جَابر وَفِيه: ثمَّ يَعْلُو رَبنَا إِلَى السَّمَاء الْعليا، إِلَى كرسيه وَمن حَدِيث أبي الْخطاب أَنه سَأَلَ النَّبِي عَن الْوتر، فَذكر الحَدِيث وَفِي آخِره: حَتَّى إِذا طلع الْفجْر ارْتَفع قَالَ بَعضهم: هَذِه الطّرق كلهَا ضَعِيفَة.
قلت: ألم يعلم هُوَ أَن الحَدِيث إِذا رُوِيَ من طرق كَثِيرَة ضَعِيفَة تشتد فيشد بَعْضهَا بَعْضًا؟ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبابُُ.
وَأَمْثَاله إلاَّ التَّسْلِيم والتفويض إِلَى مَا أَرَادَ الله من ذَلِك، فَإِن الْأَخْذ بِظَاهِرِهِ يُؤَدِّي إِلَى التجسيم، وتأويله يُؤَدِّي إِلَى التعطيل، والسلامة فِي السُّكُوت والتفويض.

فِيهِ: التحريض على قيام آخر اللَّيْل.
قَالَ تَعَالَى: { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاَْسْحَارِ} وَمن جِهَة الْعقل أَيْضا هُوَ وَقت صفاء النَّفس لخفة الْمعدة لانهضام الطَّعَام وانحداره عَن الْمعدة وَزَوَال كلال الْحَواس وَضعف الْقوي وفقدان المشوشات وَسُكُون الْأَصْوَات وَنَحْو ذَلِك.





[ قــ :7097 ... غــ :7495 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، حَدثنَا أَبُو الزِّناد أنَّ الأعْرَجَ حدَّثَهُ أنّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أنّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم القِيامَةِ وبِهاذَا الإسْنادِ: قَالَ الله: أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: قَالَ الله وَهُوَ من الْأَحَادِيث القدسية.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع يروي عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج.

قَوْله: نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة من حَدِيث مُسْتَقل.

وَقَوله: أنْفق أنْفق عَلَيْك حَدِيث آخر مُسْتَقل، وَقد سبق مرَارًا مثله وَهُوَ إِمَّا أَنه سَمعه من رَسُول الله مَعَ الَّذِي بعده فِي سِيَاق وَاحِد فنقله كَمَا سَمعه، أَو سمع الرَّاوِي من أبي هُرَيْرَة كَذَلِك فَرَوَاهُ كَمَا سَمعه، وَقيل: كَانَ هَذَا فِي أول صحيفَة بعض الروَاة عَن أبي هُرَيْرَة بِالْإِسْنَادِ مُتَقَدما على الْأَحَادِيث فَلَمَّا أَرَادَ نقل حَدِيث مِنْهَا ذَكرُوهُ مَعَ الْإِسْنَاد.

قَوْله: نَحن الْآخرُونَ أَي: فِي الدُّنْيَا السَّابِقُونَ فِي الْآخِرَة.

قَوْله: وَبِهَذَا الْإِسْنَاد أَي: الْإِسْنَاد الْمَذْكُور، وَهُوَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان ... إِلَى آخِره.
قَوْله: أنْفق بِفَتْح الْهمزَة أَمر من الْإِنْفَاق أَي: أنْفق على عباد الله.
قَوْله: أنْفق بِضَم الْهمزَة فعل الْمُتَكَلّم من الْمُضَارع جَوَاب الْأَمر، فَإِذا أنْفق العَبْد أعطَاهُ الله عوضه بل أَكثر مِنْهُ أضعافاً مضاعفة.





[ قــ :7099 ... غــ :7497 ]
- حدّثنا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، حَدثنَا ابنُ فُضَيْلٍ، عنْ عُمارَةَ، عَن أبي زُرْعَةَ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: هاذِهِ خَدِيجَةُ أتتْكَ بإناءٍ فِيهِ طَعامٌ أوْ إناءٍ فِيهِ شَرَابٌ فأقْرِئْها مِنْ رَبِّها السّلاَمَ وبَشِّرْها بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.

انْظُر الحَدِيث 380
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فأقرئها من رَبهَا السَّلَام وَهُوَ بِمَعْنى التَّسْلِيم عَلَيْهَا.

وَابْن فُضَيْل بِالتَّصْغِيرِ اسْمه مُحَمَّد، وَعمارَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم ابْن الْقَعْقَاع، وَأَبُو زرْعَة بِضَم الزَّاي وَسُكُون الرَّاء وبالعين الْمُهْملَة اسْمه هرم البَجلِيّ.

وَمضى الحَدِيث فِي المناقب فِي: بابُُ تَزْوِيج النَّبِي خَدِيجَة وفضلها، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

قَوْله: فَقَالَ هَذِه خَدِيجَة أتتك الْقَائِل هُوَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد تقدم فِي المناقب: أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: أَتَى جِبْرِيل النَّبِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذِه خَدِيجَة قد أَتَت ... الحَدِيث.
وهذاك يُوضح هَذَا.
وَنقل الْكرْمَانِي هَذَا هَكَذَا، ثمَّ قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَالْحَدِيث غير مَرْفُوع بل هُوَ مَوْقُوف، يَعْنِي بِالنّظرِ إِلَى صُورَة هَذَا فَقَوْل بَعضهم: جزم الْكرْمَانِي أَن هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف غير مَرْفُوع، مَرْدُود مُجَرّد تشنيع عَلَيْهِ بِلَا وَجه لِأَن مَقْصُوده بِالنّظرِ إِلَى مَا ورد هُنَا مُخْتَصرا، وَلم يجْزم بِأَنَّهُ مَوْقُوف.
قَوْله: أتتك وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: تَأْتِيك، بِصِيغَة الْمُضَارع، وَتقدم هُنَاكَ: أَتَت، بِغَيْر ضمير.
قَوْله: بِإِنَاء فِيهِ طَعَام أَو إِنَاء فِيهِ شراب هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي ذَر: بِإِنَاء فِيهِ طَعَام أَو إِنَاء أَو شراب،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مَا معنى مَا قَالَه ثَانِيًا: أَو إِنَاء؟ ثمَّ أجَاب: يَعْنِي قَالَ: إِنَاء فِيهِ طَعَام أَو أطلق الْإِنَاء وَلم يذكر مَا فِيهِ، وَلم يُوجد فِي بعض النّسخ الثَّانِي وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَو أدام، مَكَانَهُ، وَهَذَا الترديد شكّ من الرَّاوِي: أَو شراب، بِالرَّفْع والجر.
قَوْله: بِبَيْت فِي التَّوْضِيح بَيت الرجل قصره وبيته دَاره وبيته شرفه.
قَوْله: من قصب قَالَ الْكرْمَانِي: يُرِيد بِهِ قصب الدّرّ المجوف، وَقيل: اصْطِلَاح الجوهريين أَن يَقُولُوا: قصب من الدّرّ وقصب من الْجَوْهَر،.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: أَرَادَ بقصر من زمردة مجوفة أَو من لؤلؤة مجوفة.
قَوْله: لَا صخب فِيهِ أَي: لَا صياح وَلَا جلبة.
قَوْله: وَلَا نصب أَي: وَلَا تَعب،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: يَعْنِي لاعوج.





[ قــ :7100 ... غــ :7498 ]
- حدّثنا مُعاذُ بنُ أسَدٍ، أخبرنَا عَبْدُ الله، أخبرنَا مَعْمَرٌ، عنْ هَمَّامٍ بنِ مُنَبِّهٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: قَالَ الله
ومعاذ بِضَم الْمِيم وبالذال ابْن أَسد أَبُو عبد الله الْمروزِي نزل الْبَصْرَة روى عَن عبد الله بن مبارك الْمروزِي.

والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة السَّجْدَة من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَهَذَا من الْأَحَادِيث القدسية.

قَوْله: أَعدَدْت أَي: هيأت.
قَوْله: لعبادي الْإِضَافَة فِيهِ للتشريف أَي: لعبادي المخلصين، ويروى: لعبادي.
فَقَط.





[ قــ :7101 ... غــ :7499 ]
- حدّثنا مَحْمُودٌ، حدّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ، أَخْبرنِي سُلَيْمانُ الأحْوَلُ أنَّ طاوُساً أخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كانَ النبيُّ إِذا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْل قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْت نورُ السَّماوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْت قَيِّمُ السَّماوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ ربُّ السَّماواتِ والأرْضِ ومَنْ فِيهِنَّ، أنْتَ الحقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحقُّ ولِقاؤُكَ الحَقُّ، والجَنَّةُ حقٌّ والنَّارُ حَقٌّ والنَّبِيُّونَ حَقٌّ والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ وبِكَ آمَنْت وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنْبَتُ وبِكَ خاصَمْتُ وإلَيْكَ حاكَمْتُ، فاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، أنْتَ إلاهِي لَا إلاهَ إلاَّ أنْتَ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وقولك الْحق وَمعنى الْحق الثَّابِت اللَّازِم.

ومحمود هُوَ ابْن غيلَان الْمروزِي، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب التَّهَجُّد وَمضى أَيْضا بِالْقربِ من أَوَائِل التَّوْحِيد فِي: بابُُ قَوْله تَعَالَى: { وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}
، { وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُو اْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} وَمضى الْكَلَام فِيهِ.





[ قــ :710 ... غــ :7500 ]
- حدّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ، حدّثنا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حدّثنا يُونُسُ بنُ يَزِيدَ الإيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ وسَعِيدَ بن المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ وعُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله عنْ حَدِيثِ عائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَها أهْلُ الإفْكِ مَا قالُوا، فَبَرَّأها الله مِمَّا قَالُوا، وكُلٌّ حدّثني طائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ الَّذِي حدّثني عنْ عائِشَةَ قالَتْ: ولاكِنْ وَالله مَا كُنْتُ أظُنُّ أنَّ الله يُنْزِلُ فِي براءَتِي وَحْياً يُتْلاى، ولَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أحْقَرَ مِنْ أنْ يَتَكَلَّمَ الله فِيَّ بِأمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَراى رسولُ الله فِي النَّوْمِ رُؤْيا يُبَرِّئُنِي الله بِها، فأنْزَلَ الله تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ جَآءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} العَشْرَ الْآيَات.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: أَن يتَكَلَّم الله وَهَذَا طرف من قصَّة الْإِفْك، وَقد ذكر مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد قطعا يسيرَة فِي مَوَاضِع مِنْهَا فِي الْجِهَاد والشهادات وَالتَّفْسِير، وَسَاقه بِتَمَامِهِ فِي الشَّهَادَات وَفِي تَفْسِير سُورَة النُّور.

وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة.

قَوْله: وكل أَي: كل وَاحِد من الْأَئِمَّة الْمَذْكُورين حَدثنِي طَائِفَة أَي: بَعْضًا.
قَوْله: ينزل بِالضَّمِّ من الْإِنْزَال.





[ قــ :7103 ... غــ :7501 ]
- حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حدّثنا المُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُولُ الله إِذا أرادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوها عَلَيْهِ حتَّى يَعْمَلَها، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها بِمِثْلِها.
وإنْ تَرَكَها مِنْ أجْلِي فاكْتُبُوها لَهُ حَسَنَةً، وَإِذا أرادَ أنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْها فاكْتُبُوها لهُ حَسَنَةً، فَإِن عَمِلَها فاكْتبُوها لهُ بِعَشْرِ أمْثالِها إِلَى سَبَعْمِائَةٍ ضِعْف
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: يَقُول الله
وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن.

وَهُوَ من الْأَحَادِيث القدسية وَمضى فِي كتاب الرقَاق فِي: بابُُ من هم بحسنة أَو بسيئة ... مثله من حَدِيث ابْن عَبَّاس.

قَوْله: من أَجلي أَي: امتثالاً لحكمي وخالصاً لي أَقُول: من أَجلي، يَعْنِي: خوفًا مني.