فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط

( بابُُ الخِتانِ بَعْدَ الكِبَرِ وَنَتْفِ الإبْطِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْخِتَان بعد كبر الرجل، ويروى: بَعْدَمَا كبر، وَفِي بَيَان نتف الْإِبِط،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَجه ذكر هَذَا الْبابُُ فِي كتاب الاسْتِئْذَان هُوَ أَن الْخِتَان لَا يحصل إلاَّ فِي الدّور والمنازل الْخَاصَّة وَلَا يدْخل فِيهَا إلاَّ بالاستئذان.



[ قــ :5964 ... غــ :6297 ]
- حدَّثنا يَحْياى بنُ قَزَعَةَ حَدثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عَن ابنِ شِهابٍ عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتانُ والاسْتِحْدَادُ وَنَتْفُ الإبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأظْفارِ.
( انْظُر الحَدِيث 5889) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَيحيى بن قزعة بِالْقَافِ وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات الْحِجَازِي، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

والْحَدِيث مضى فِي اللبَاس فِي: بابُُ قصّ الشَّارِب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( الْفطْرَة) أَي: سنة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام الَّذين أمرنَا أَن نقتدي بهم.
وَأول من أَمر بهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ تَعَالَى: { وَإِذا ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات} ( الْبَقَرَة: 124) والتخصيص بالخمس لَا يُنَافِي الرِّوَايَة القائلة بِأَنَّهَا عشر: والسواك والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق والاستنجاء وَغسل البراجم، وَهَذِه الْخَمْسَة وَفِيه رِوَايَات أخر.
قَوْله: ( الْخِتَان) وَاجِب على ظَاهر الْأَقْوَال على الرِّجَال وَالنِّسَاء.
وَفِي قَول: سنة فِيهَا، وَبِه قَالَ مَالك والكوفيون، وَفِي قَول: وَاجِب على الرِّجَال دون النِّسَاء، وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا: الْخِتَان سنة للرِّجَال ومكرمة للنِّسَاء وَلَكِن هَذَا ضَعِيف: وَاخْتلفُوا فِي وقته، فَقَالَت الشَّافِعِيَّة: بعد الْبلُوغ وَيسْتَحب فِي السَّابِع بعد الْولادَة اقْتِدَاء بِأَمْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِنَّهُ ختنهما يَوْم السَّابِع من ولادتهما، رَوَاهُ الْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.

     وَقَالَ : صَحِيح الْإِسْنَاد،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: الْخِتَان للغلام مَا بَين سبع سِنِين إِلَى الْعشْر،.

     وَقَالَ  مَالك: عَامَّة مَا رَأَيْت الْخِتَان ببلدنا إِذا أشغر،.

     وَقَالَ  مَكْحُول: إِن إِبْرَاهِيم، صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه، ختن ابْنه إِسْحَاق لسبعة أَيَّام وختن ابْنه إِسْمَاعِيل لثلاث عشرَة سنة.
قَوْله: ( والاستحداد) أَي: اسْتِعْمَال الْحَدِيد الْحلق الْعَانَة، وَعَن الشّعبِيّ: استحد الرجل إِذا نور مَا تَحت إزَاره وَهُوَ خلاف الْمَعْهُود.
قَوْله: ( وتقليم الْأَظْفَار) أَي: قصها.





[ قــ :5965 ... غــ :698 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْب بنُ أبي حَمْزَة حدّثنا أَبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ ثَمانِينَ سَنَةً، واخْتَتَنَ بالقَدُومِ، مُخَفَّفَةً.
( انْظُر الحَدِيث 3356) .


مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة جدا لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام اختتن بعد الْكبر.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَأَبُو الزِّنَاد بِكَسْر الزَّاي وبالنون المخففة عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( بعد ثَمَانِينَ سنة) وَقع فِي ( الْمُوَطَّأ) من رِوَايَة أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا على أبي هُرَيْرَة: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أول من اختتن وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة، واختتن بالقدوم، وعاش بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة.
وَفِي ( فَوَائِد ابْن السماك) من طَرِيق أبي أويس عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا، وَأكْثر الرِّوَايَات على مَا وَقع فِي حَدِيث الْبابُُ أَنه اختتن وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة.
وَقد جمع بَعضهم بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام عَاشَ مِائَتي سنة مِنْهَا ثَمَانُون غير مختون وَمِنْهَا مائَة وَعِشْرُونَ وَهُوَ مختون، فَمَعْنَى الأول: اختتن لثمانين مَضَت من عمره، وَمعنى الثَّانِي لمِائَة وَعشْرين بقيت من عمره: قلت: إِنَّمَا يجمع بَينهمَا إِذا كَانَا متساويين فِي الصِّحَّة، وَحَدِيث الْبابُُ لَا يقاومه الآخر لما فِي صِحَّته من النّظر، على أَن الْبَعْض ذهب إِلَى عدم صِحَّته.
قَوْله: ( واختتن بالقدوم) بِفَتْح الْقَاف وَضم الدَّال بتخفيفها وَفِي آخر مِيم، قيل: هِيَ آلَة النجار، وَقيل: إسم مَوضِع،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: الْقدوم بِالتَّخْفِيفِ الْآلَة وبالتشديد الْموضع، وَقد يتَّفق لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْأَمْرَانِ يَعْنِي: أَنه اختتن بالآلة وَفِي الْموضع، وَعَن يحيى ابْن سعيد: الْقدوم الفأس، وَعَن عبد الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح، قَالَ: الْقدوم الْقرْيَة، وَعَن الْحَازِمِي: قَرْيَة كَانَت عِنْد حلب، وَقيل: كَانَ مجْلِس إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله: ( مُخَفّفَة) تَقْدِيره: أَعنِي مُخَفّفَة الدَّال.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله: حَدثنَا قُتَيْبَةُ حَدثنَا المُغِيرَةُ عنْ أبي الزِّنادِ،.

     وَقَالَ : بالقَدُّومِ، مُشَدَّدَةً وهْوَ مَوْضِعٌ
أَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا إِلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْقدوم، فَفِي رِوَايَة شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي رِوَايَة الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد بِالتَّشْدِيدِ أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: مُشَدّدَة، أَعنِي: بتَشْديد الدَّال.





[ قــ :5966 ... غــ :699 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أخبرنَا عَبَّادُ بنُ مُوسَى حَدثنَا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ أبي إسْحاقَ عَنْ سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابنُ عَبّاسٍ مِثْلُ مَنْ أنْتَ حِينَ قُبِضَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: أَنا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ، قَالَ: وكانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ.
( انْظُر الحَدِيث 699 طرفه فِي: 6300) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي كَونه مُشْتَمِلًا على الْخِتَان، وَهَذَا الْمِقْدَار كافٍ.
وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم الَّذِي يُقَال لَهُ صَاعِقَة الْبَغْدَادِيّ، وَعباد بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن مُوسَى الْخُتلِي بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق الْمُشَدّدَة من الطَّبَقَة السُّفْلى من شُيُوخ البُخَارِيّ.
وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( مختون) أَي: وَقع عَلَيْهِ الْخِتَان وَهُوَ إسم مفعول من ختن، وَمرَاده أَنه كَانَ أدْرك حِين ختن وَذَلِكَ لقَوْله.
( وَكَانُوا لَا يختنون) أَي: كَانَت عَادَتهم أَنهم لَا يختنون صبيانهم إِلَّا إِذا أدركوا، وَقيل: قَوْله: ( وَكَانُوا)
إِلَى آخِره مدرج، ورد بِأَن الأَصْل أَنه من كَلَام من نقل عَنهُ الْكَلَام السَّابِق.
فَإِن قلت: قد روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا ابْن عشر، وروى عَنهُ عبيد الله بن عبد الله: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى وَأَنا قد ناهزت الِاحْتِلَام.
قلت: الصَّحِيح الْمَحْفُوظ أَن عمره عِنْد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ثَلَاث عشرَة سنة، لِأَن أهل السّير قد صححوا أَنه ولد بِالشعبِ، وَذَلِكَ قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين.
وَأما قَوْله: وَأَنا ابْن عشر، فَمَحْمُول على إِلْغَاء الْكسر على أَنه روى أَحْمد من طَرِيق آخر عَنهُ أَنه كَانَ حينئذٍ ابْن خمس عشرَة سنة، قَوْله: ( لَا يختنون) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبكسرها.
قَوْله: ( حَتَّى يدْرك) أَي: حَتَّى يبلغ.


( وَقَالَ ابْن إِدْرِيس عَن أَبِيه عَن أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا ختين) هَذَا طَرِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق ابْن إِدْرِيس هَذَا وَهُوَ عبد الله بن إِدْرِيس بن يزِيد بن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود الأودي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالدال الْمُهْملَة الْكُوفِي.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي أحد الْأَعْلَام كَانَ نَسِيج وَحده وفريد زَمَانه يروي عَن أَبِيه إِدْرِيس وَإِدْرِيس يروي عَن أبي إِسْحَق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي عَن سعيد بن جُبَير