فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس

( بابُُُ: { قِسْمَةِ الإمامِ الأضَاحِيَّ بَيْنَ النَّاسِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قسْمَة الإِمَام الْأَضَاحِي بَين النَّاس بِنَفسِهِ أَو بوكيله، وغرضه من هَذِه التَّرْجَمَة بَيَان قسمته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الضَّحَايَا بَين أَصْحَابه فَإِن كَانَ قسمهَا بَين الْأَغْنِيَاء كَانَت من الْفَيْء أَو مَا يجْرِي مجْرَاه مِمَّا يجوز أَخذه للأغنياء وَإِن كَانَ قسمهَا بَين الْفُقَرَاء خَاصَّة كَانَت من الصَّدَقَة، وَإِنَّمَا أَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذَا وَالله أعلم إِن إِعْطَاء الشَّارِع الضَّحَايَا لأَصْحَابه دَلِيل على تأكدها وندبهم إِلَيْهَا.
قيل: لَو كَانَ الْأَمر كَمَا ذكر لم يخف ذَلِك على الصَّحَابَة الَّذين قصدُوا تَركهَا وهم موسرون.
وَأجِيب بِأَن من تَركهَا مِنْهُم لم يَتْرُكهَا لِأَنَّهَا غير وكيدة، وَإِنَّمَا تَركهَا لما رُوِيَ عَن معمر وَالثَّوْري عَن أبي وَائِل.
قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ: إِنِّي لأدع الْأَضْحَى وَأَنا مُوسر مَخَافَة أَن يرى جيراني أَنه حتم عليّ، وروى الثَّوْريّ عَن ابْن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة.
قَالَ: لِأَن لَا أضحي أحب أَن أرَاهُ حتما عليّ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: وَهَكَذَا يَنْبَغِي للْعَالم الَّذِي يَقْتَدِي بِهِ إِذا خَفِي من الْعَامَّة أَن يلتزموا السّنَن الْتِزَام الْفَرَائِض أَن يَتْرُكهَا لِئَلَّا يتأسى بِهِ، وَلِئَلَّا يخْتَلط على النَّاس أَمر دينهم فَلَا يفرقُوا بَين فرضهم ونفلهم.



[ قــ :5251 ... غــ :5547 ]
- حدَّثنا مُعاذُ بنُ فَضَالَةَ حدَّثنا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ بَعْجَةَ الجُهَنِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: قَسَمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْنَ أصْحَابِهِ ضَحَايَا فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! صَارَتْ جَذَعَةٌ؟ قَالَ: ضَحِّ بِها.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِشَام هُوَ الدستوَائي، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وبعجة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم ابْن عبد الله الْجُهَنِيّ، وَهُوَ تَابِعِيّ مَعْرُوف مَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث.

وَأخرجه مُسلم فِي الْأَضَاحِي عَن ابْن أبي شيبَة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَغَيره.

قَوْله: ( لعقبة) ، أَي: ابْن عَامر.
قَوْله: ( صَارَت جَذَعَة) أَي: حصلت لي جَذَعَة.
وَلَفظه أَعم من أَن يكون من الْمعز لَكِن قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره: كَانَت هَذِه رخصَة لعقبة كَمَا كَانَ مثلهَا رخصَة لأبي بردة فِي حَدِيث الْبَراء، وَيُقَال: الْجَذعَة وصف لسن معِين من بَهِيمَة الْأَنْعَام، فَمن الضَّأْن مَا أكمل السّنة، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَقيل: دونهَا، ثمَّ اخْتلف فِي تَقْدِيره، فَقيل: ابْن سِتَّة أشهر، وَقيل: ثَمَانِيَة، وَقيل: عشرَة، وَحكى التِّرْمِذِيّ عَن وَكِيع أَنه ابْن سِتَّة أشهر أَو سَبْعَة أشهر، وَأما الْجذع من الْمعز فَهُوَ مَا دخل فِي السّنة الثَّانِيَة، وَمن الْبَقر مَا أكمل الثَّالِثَة، وَمن الْإِبِل مَا دخل فِي الْخَامِسَة.
قَوْله: ( ضح) ، أَمر من ضحى يُضحي.
قَوْله: ( بهَا) ، أَي: بالجذعة الْمَذْكُورَة.