فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تمني القرآن والعلم

( بابُُ تَمَنِّي القُرْآنِ والعِلْمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تمني قِرَاءَة الْقُرْآن وَتَحْصِيل الْعلم، وأضاف إِلَيْهِ: الْعلم، بطرِيق الْإِلْحَاق بِهِ فِي الحكم وَهَذَا حسن وَكَذَا كل تمن فِي أَبْوَاب الْخَيْر وَلَكِن إِنَّمَا يحوز مِنْهَا مَا كَانَ فِي معنى هَذَا الحَدِيث إِذا خلصت النِّيَّة فِي ذَاك، وخلص ذَلِك من الْبَغي والحسد.



[ قــ :6843 ... غــ :7232 ]
- حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ، حدّثنا جَرِيرٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي صالِحٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: لَا تَحاسُدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجُلٌ آتاهُ الله القُرْآن فَهْوَ يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيلِ والنَّهار يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هاذا لَفعلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ الله مَالا يُنْفِقُهُ فِي حقِّهِ فَيَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِي لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعلُ
انْظُر الحَدِيث 5026 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: لَو أُوتيت لِأَن فِيهِ التَّمَنِّي.

وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

والْحَدِيث يَأْتِي فِي التَّوْحِيد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي كتاب الْعلم عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.

قَوْله: إلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ أَي: فِي خَصْلَتَيْنِ، ويروى: فِي اثْنَيْنِ، أَي: فِي شَيْئَيْنِ.
قَوْله: رجل آتَاهُ الله الْمُضَاف فِيهِ مَحْذُوف أَي: خصْلَة رجل.
قَوْله: آنَاء اللَّيْل وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: من آنَاء اللَّيْل، بِزِيَادَة: من.
قَوْله: يَقُول: لَو أُوتيت أَي: سامعه يَقُول: لَو أُوتيت، أَي: لَو أَعْطَيْت، وَظَاهره أَن الْقَائِل هُوَ الَّذِي أُوتِيَ الْقُرْآن وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا ذَكرْنَاهُ وأوضحه فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَلَفظه: فَسَمعهُ جَار لَهُ فَقَالَ: لَيْتَني أُوتيت ... إِلَى آخِره.
قَوْله: لفَعَلت أَي: لقرأت أَولا ولأنفقت ثَانِيًا.
قيل: هَذَا غِبْطَة لَا حسد.
وَأجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ: لَا حسد إِلَّا فيهمَا، لَكِن هَذَانِ لَا حسد فيهمَا فَلَا حسد كَقَوْلِه تَعَالَى: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الاُْولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} قَالَ الْكرْمَانِي: والْحَدِيث مر فِي كتاب الْعلم.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الَّذِي مضى فِي كتاب الْعلم من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود: لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ الله مَالا فَسَلَّطَهُ على هَلَكته فِي الْحق، وَرجل آتَاهُ الله الْحِكْمَة فَهُوَ يقْضِي بهَا وَيعلمهَا.

حدّثنا قُتَيْبَةُ حدّثنا جَريرٌ بِهَذَا.

أَي: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد حَدثنَا جرير بن عبد الحميد بِهَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لَهُ شيخين فِي هَذَا الحَدِيث: أَحدهمَا عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير، وَالْآخر قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير أَيْضا.