فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13]


[ قــ :23324 ... غــ :23325 ]
- ( سُورَةُ لُقْمانَ)

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة لُقْمَان، وَهِي مَكِّيَّة وفيهَا اخْتِلَاف فِي آيَتَيْنِ قَوْله: { وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} ( لُقْمَان: 72) ، فَذكر السّديّ أَنَّهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ، وَقَوله: { إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} ( لُقْمَان: 43) نزلت فِي رجل من محَارب بِالْمَدِينَةِ،.

     وَقَالَ  ابْن النَّقِيب: قَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ مَكِّيَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ، وَعَن الْحسن: إلاَّ آيَة وَاحِدَة، وَهِي قَوْله عز وَجل: { الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة} ( النَّمْل: 32، لُقْمَان: 4) لِأَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة مدنيتان، وَهِي أَربع وَثَلَاثُونَ آيَة وَخَمْسمِائة وثمان وَأَرْبَعُونَ كلمة، وَأَلْفَانِ وَمِائَة وَعشرَة أحرف.

ولقمان بن باعور بن ناخر بن تارخ وَهُوَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَو قَالَ السُّهيْلي: لُقْمَان بن عنقابن سرون عَاشَ ألف سنة.
وَأدْركَ دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأخذ عَنهُ الْعلم، وَكَانَ يُفْتِي قبل مبعث دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَمَّا بعث دَاوُد قطع الْفتيا، وَقيل: كَانَ تلميذاً لِأَلف نَبِي، وَعند ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد: كَانَ عبدا أسود عَظِيم الشفتين مشقق الْقَدَمَيْنِ، وَعَن ابْن عَبَّاس: كَانَ عبدا حَبَشِيًّا بخاراً،.

     وَقَالَ  سعيد بن الْمسيب: كَانَ من سودان مصر ذُو مشافر، أعطَاهُ الله الْحِكْمَة وَمنعه النُّبُوَّة، وَعَن جَابر بن عبد الله: كَانَ قَصِيرا أفطس من النُّبُوَّة،.

     وَقَالَ  ابْن قُتَيْبَة: لم يكن نَبيا فِي قَول أَكثر النَّاس وَكَانَ رجلا صَالحا، وَعَن ابْن الْمسيب: كَانَ خياطاً، وَعَن الزّجاج: كَانَ نجاداً بِالدَّال الْمُهْملَة، كَذَا هُوَ بِخَط جمَاعَة من الْأَئِمَّة، وَقيل: رَاعيا،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: كَانَ يحكم وَيَقْضِي فِي بني إِسْرَائِيل، وزمانه مَا بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعند الحوتي عَن عِكْرِمَة: كَانَ نَبيا، وَهُوَ قد تفرد بِهَذَا القَوْل،.

     وَقَالَ  وهب بن مُنَبّه: كَانَ ابْن أُخْت أَيُّوب،.

     وَقَالَ  مقَاتل: ابْن خَالَة أَيُّوب، وَاسم ابْنه: أنعم، وَكَانَ كَافِرًا فَمَا زَالَ حَتَّى أسلم، وَقيل: مشْكم، وَقيل: ماثان، وَقيل: ثاران.

{ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
لم تثبت الْبَسْمَلَة وَلَفظ سُورَة إلاَّ لأبي ذَر، وَلم تثبت الْبَسْمَلَة فَقَط للنسفي.

لاَ تُشْرِكْ بِاللَّه إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
أَولهَا هُوَ قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم} ( لُقْمَان: 31) أَي: أذكر إِذْ قَالَ لُقْمَان.
قَوْله: ( وَهُوَ يعظه) جملَة حَالية.
قَوْله: ( لَا تشرك بِاللَّه) أَي: مَعَ الله.
قَوْله: ( لظلم) ، الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه، والمشرك ينْسب نعْمَة الله إِلَى غَيره لِأَن الله هُوَ الرَّزَّاق والمحيي والمميت.





[ قــ :4516 ... غــ :4776 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا جَرِيرٌ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبُسُوا إيمانُهُمْ بِظُلْمٍ} ( الْأَنْعَام: 8) .
شَقَّ ذالِكَ عَلَى أصْحابِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقالُوا أَيّنَا لَمْ يَلْبسْ إيمانَهُ بِظُلْمٍ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُ لَيْس بِذَاكَ ألاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمانَ لإبْنِهِ: { إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَجَرِير، بِالْجِيم: هُوَ ابْن عبد الحميد يروي عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس النَّخعِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بابُُ ظلم دون ظلم،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: سبق الحَدِيث مُسْتَوفى فِي: بابُُ سُؤال جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا سبق فِي الْبابُُ الَّذِي ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: ( لَيْسَ بِذَاكَ) ويروى: لَيْسَ بذلك.