فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الكيل على البائع والمعطي

( بابٌُ الْكَيْلُ عَلَى الْبائِعِ والْمُعْطِى)

هَذَا بابُُ فِي بَيَان مؤونة الْكَيْل على البَائِع، وَكَذَا مؤونة الْوَزْن، أَي: فِيمَا يُوزن على البَائِع.
قَوْله: ( والمعطي) أَي: ومؤونة الْكَيْل على الْمُعْطِي أَيْضا، سَوَاء كَانَ بَائِعا أَو موفيا للدّين أَو غير ذَلِك.

وَقَالَ الْفُقَهَاء: إِن الْكَيْل وَالْوَزْن فِيمَا يُكَال ويوزن من المبيعات على البَائِع، وَمن عَلَيْهِ الْكَيْل وَالْوَزْن فَعَلَيهِ أُجْرَة ذَلِك، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر.
.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: كل بيع فِيهِ كيل أَو وزن أَو عدد فَهُوَ على البَائِع حَتَّى يُوفيه إِيَّاه، فَإِن قَالَ: أبيعك النَّخْلَة فجذاذها على المُشْتَرِي، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَعِنْدنَا أَن مؤونة الْكَيْل على البَائِع وَوزن الثّمن على المُشْتَرِي، وَفِي أُجْرَة النقادوجهان، وَيَنْبَغِي أَن يكون على البَائِع، وَأُجْرَة النَّقْل الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِي تَسْلِيم الْمَنْقُول على المُشْتَرِي، صرح بِهِ الْمُتَوَلِي.
.

     وَقَالَ  بعض أَصْحَابنَا: على الإِمَام أَن ينصب كيالاً ووزانا فِي الْأَسْوَاق ويرزقهما من سهم الْمصَالح.

وَقَالَت الْحَنَفِيَّة: وَأُجْرَة نقد الثّمن ووزنه على المُشْتَرِي، وَعَن مُحَمَّد بن الْحسن: أُجْرَة نقد الثّمن على البَائِع، وَعنهُ أَن أُجْرَة النَّقْد على رب الدّين بعد الْقَبْض، وَقَبله على الْمَدِين، وَأُجْرَة الكيال على البَائِع فِيمَا إِذا كَانَ البيع مكايلة، وَكَذَا أُجْرَة وزن الْمَبِيع وذرعه وعده على البَائِع، لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء من تَمام التَّسْلِيم، وَهُوَ على البَائِع، وَكَذَا إِتْمَامه.

وقَوْلِ الله تَعَالى { وإذَا كَالُوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ( المطففين: 3) .
يعْنِي كالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ كَقَوْلِهِ يَسْمَعُونَكُمْ: يَسْمَعُونَ لَكُمْ
قَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: الْكَيْل، وَالتَّقْدِير: بابُُ فِي بَيَان الْكَيْل، وَفِي بَيَان معنى قَوْله: { وَإِذا كالوهم} ( المطففين: 3) .
وَقد بَينه بقوله: يَعْنِي: كالوهم ... إِلَى آخِره، وَفِي بعض النّسخ: لقَوْل الله تَعَالَى: { وَإِذا كالوهم} ( المطففين: 3) .
فعلى هَذِه يَقع هَذَا تعليلاً للتَّرْجَمَة، فوجهه أَنه لما كَانَ الْكَيْل على البَائِع وعَلى الْمُعْطِي، بالتفسير الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَجب عَلَيْهِمَا تَوْفِيَة الْحق الَّذِي عَلَيْهِمَا فِي الْكَيْل وَالْوَزْن، فَإِذا خانوا فيهمَا بِزِيَادَة أَو نُقْصَان فقد دخلا تَحت قَوْله تَعَالَى: { ويل لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذين ... } ( المطففين: 1) .
إِلَى قَوْله: { يخسرون} ( المطففين: 1) .
وعَلى النُّسْخَة الْمَشْهُورَة تكون الْآيَة من التَّرْجَمَة، وَهَذِه السُّورَة مَكِّيَّة فِي رِوَايَة همام وَقَتَادَة وَمُحَمّد بن ثَوْر عَن معمر،.

     وَقَالَ  السّديّ: مَدَنِيَّة.
.

     وَقَالَ  الْكَلْبِيّ: نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَرِيقه من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة،.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَبَّاس فِي ( مقامات التَّنْزِيل) : نظرت فِي اخْتلَافهمْ فَوجدت أول السُّورَة مدنيا، كَمَا قَالَ السّديّ، وَآخِرهَا مكيا، كَمَا قَالَ قَتَادَة.
.

     وَقَالَ  الواحدي عَن السّديّ: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَبهَا رجل يُقَال لَهُ: أَبُو جُهَيْنَة، وَمَعَهُ صَاعَانِ يَكِيل بِأَحَدِهِمَا وَيَكْتَال بِالْآخرِ، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة.
وَفِي ( تَفْسِير) الطَّبَرِيّ: كَانَ عِيسَى بن عمر فِيمَا ذكر عَنهُ يجعلهما حرفين، وَيقف عَليّ: كالوا وعَلى: وزنوا، فِيمَا ذكر ثمَّ يبتدىء فَيَقُول: هم يخسرون، وَالصَّوَاب عندنَا فِي ذَلِك الْوَقْف على: هم، يَعْنِي: كالوهم.
قَوْله: ( يَعْنِي: كالوا لَهُم) ، حذف الْجَار وأوصل الْفِعْل، وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ: أَن يكون على حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْمكيل وَالْمَوْزُون.
أَي: كالوا مكيلهم.

وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا
هَذَا التَّعْلِيق ذكره ابْن أبي شيبَة من حَدِيث طَارق بن عبد الله الْمحَاربي بِسَنَد صَحِيح.
قَوْله: ( اكتالوا) ، أَمر للْجَمَاعَة من الاكتيال، وَالْفرق بَين الْكَيْل والاكتيال أَن الاكتيال إِنَّمَا يسْتَعْمل إِذا كَانَ الْكَيْل لنَفسِهِ، كَمَا يُقَال: فلَان مكتسب لنَفسِهِ وكاسب لنَفسِهِ وَلغيره، وكما يُقَال: اشتوى إِذا اتخذ الشواء لنَفسِهِ، وَإِذا قيل: شوى، هُوَ أَعم من أَن يكون لنَفسِهِ وَلغيره.

ويُذْكَرُ عنْ عُثْمَانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ إذَا بِعْتَ فَكِلْ وإذَا ابْتَعْتَ فاكْتَلْ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن معنى قَوْله: ( إِذا بِعْت فَكل) ، هُوَ معنى قَوْله فِي التَّرْجَمَة: بابُُ الْكَيْل على البَائِع،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هَذَا لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَن معنى قَوْله: ( إِذا بِعْت فَكل) ، أَي: فأوفِ، وَإِذا ابتعت فاكتل، أَي: استوفِ.
قَالَ: وَالْمعْنَى أَنه إِذا أعْطى أَو أَخذ لَا يزِيد وَلَا ينقص أَي: لَا لَك وَلَا عَلَيْك.
قلت: لَا ينْحَصر مَعْنَاهُ على مَا ذكره، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيث رَوَاهُ اللَّيْث وَلَفظه: أَن عُثْمَان، قَالَ: كنت أَشْتَرِي التَّمْر من سوق بني قينقاع، ثمَّ أجلبه إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ أفرغه لَهُم وَأخْبرهمْ بِمَا فِيهِ من المكيلة، فيعطوني مَا رضيت بِهِ من الرِّبْح، ويأخذونه بخبري، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ: ( إِذا بِعْت فَكل) فَظهر من ذَلِك أَن مَعْنَاهُ: إِعْطَاء الْكَيْل حَقه، وَهُوَ أَن يكون الْكَيْل عَلَيْهِ، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ طلب عدم الزِّيَادَة أَو نقصانه، فَظهر من ذَلِك أَن وَجه الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة مَا ذَكرْنَاهُ.

وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عبيد الله بن الْمُغيرَة عَن منقذ مولى سراقَة عَن عُثْمَان بِهَذَا، ومنقذ مَجْهُول الْحَال، لَكِن لَهُ طَرِيق آخر أخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالْبَزَّار من طَرِيق مُوسَى بن وردان عَن سعيد ابْن الْمسيب عَن عُثْمَان بِهِ.
فَإِن قلت: فِي طَرِيقه ابْن لَهِيعَة؟ قلت: هُوَ من قديم حَدِيثه، لِأَن ابْن عبد الحكم أوردهُ فِي ( فتوح مصر) من طَرِيق اللَّيْث عَنهُ.



[ قــ :2042 ... غــ :2126 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ منِ ابْتاعَ طَعَاما فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَه.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ النَّهْي عَن بيع الطَّعَام إلاَّ بعد الِاسْتِيفَاء، وَهُوَ الْقَبْض، وَإِذا أَرَادَ البيع بعده يكون الْكَيْل عَلَيْهِ، وَهُوَ معنى التَّرْجَمَة، وَقد مضى معنى هَذَا الحَدِيث فِي آخر حَدِيث عَن ابْن عمر أَيْضا فِي آخر: بابُُ مَا ذكر فِي الْأَسْوَاق.

والْحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن سَلمَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر على مَا يَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَأخرجه مُسلم فِي حَدِيث نَافِع فِي لفظ: ( فنهانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيعه حَتَّى ننقله من مَكَانَهُ) ، وَفِي لفظ: ( حَتَّى يَسْتَوْفِيه ويقبضه) ، وَرُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، وَلَفظه: ( فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ) ، وَرُوِيَ من حَدِيث سَالم عَن ابْن عمر وَلَفظه: ( أَنهم كَانُوا يضْربُونَ على عهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا اشْتَروا طَعَاما جزَافا أَن يبيعوه فِي مَكَانَهُ حَتَّى يحولوه) .
وَفِي لفظ: ( حَتَّى يؤووه إِلَى رحالهم) ، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( من اشْترى طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يكتاله) ، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث جَابر بن عبد الله، يَقُول: ( كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِذا ابتعت الطَّعَام فَلَا تبعه حَتَّى تستوفيه) .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر وَلَفظه: ( نهى أَن يَبِيع أحد طَعَاما اشْتَرَاهُ بكيل حَتَّى يَسْتَوْفِيه) ، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس: ( من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ) .
وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث زيد بن ثَابت: نهى أَن تبَاع السّلع حَيْثُ تبْتَاع حَتَّى يجوزوها إِلَى رحالهم.
وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي آخر: بابُُ الْأَسْوَاق.



[ قــ :043 ... غــ :17 ]
- حدَّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخبرنَا جَرِيرٌ عنْ مُغِيرَةَ عنِ الشَّعْبِيِّ عَن جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ تُوُفِّيَ عَبْدُ الله بنُ عَمُرِو بنِ حَرَامٍ وعلَيْهِ دَيْنٌ فاسْتَعَنْتُ النبيَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى غُرَمائِهِ أنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ فطَلَب النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إليْهِمْ فلَم يَفْعَلُوا فَقَالَ لي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أصْنافا الْعَجْوَةَ عَلى حِدَةٍ وعَذْقَ زَيْدٍ علَى حِدَةٍ ثُمَّ أرْسِلْ إلَيَّ فَفَعَلْتُ ثُمَّ أرْسَلْتُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَلَسَ عَلَى أعْلاهُ أوْ فِي وَسَطهِ ثُمَّ قَالَ كِلْ لِلْقَوْمِ فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أوْفَيْتُهُمْ الَّذِي لَهُمْ وبَقِيَ تَمْرِي كأنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيءٌ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كِل للْقَوْم) فَإِنَّهُ يُعْطي.
والترجمة: بابُُ الْكَيْل على البَائِع والمعطي، وعبدان هُوَ عبد الله بن عُثْمَان وَقد تكَرر ذكره، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، ومغيرة، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا: هُوَ ابْن مقسم، بِكَسْر الْمِيم: أَبُو هِشَام الضَّبِّيّ الْكُوفِي، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاستقراض عَن مُوسَى، وَفِي الْوَصَايَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَابق أَو الْفضل بن يَعْقُوب، وَفِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن أبي شُرَيْح، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة: عَن أبي نعيم.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَصَايَا عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا وَعَن عَليّ بن حجر بِهِ وَعَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( عبد الله بن عَمْرو بن حرَام) : هُوَ وَالِد جَابر بن عبد الله الصَّحَابِيّ، وَحرَام، بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ.
قَوْله: ( وَعَلِيهِ دين) : الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( فاستعنت) من الِاسْتِعَانَة وَهُوَ طلب العون.
قَوْله: ( أَن يضعوا من دينه) ، أَي: أَن يتْركُوا مِنْهُ شَيْئا.
قَوْله: ( فَلم يَفْعَلُوا) ، أَي: لم يتْركُوا شَيْئا، وَكَانُوا يهودا.
قَوْله: ( فصنف تمرك أصنافا.
.
)
أَي: اعزل كل صنف مِنْهُ على حِدة.
قَوْله: ( الْعَجْوَة على حِدة) ، مَنْصُوب بعامل مَحْذُوف تَقْدِيره: ضع الْعَجْوَة وَحدهَا، وَهُوَ ضرب من أَجود التَّمْر بِالْمَدِينَةِ.
قَوْله: ( وعذق زيد على حِدة) ، بِالنّصب أَيْضا عطف، على العجزة أَي: ضع عذق زيد وَحده، والعذق: بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة، وَزيد: علم شخص نسب إِلَيْهِ هَذَا النَّوْع من التَّمْر.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : نوع من التَّمْر رَدِيء، وَفِي ( الصِّحَاح) العذق بِالْفَتْح النَّخْلَة وبالكسر الكباسة.
قَوْله: ( فَفعلت) ، أَي: مَا أَمر بِهِ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فَجَلَسَ على أَعْلَاهُ) أَي: فَجَلَسَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَعلَى التَّمْر، وَفِيه حذف وَهُوَ: فجَاء فَجَلَسَ.
قَوْله: ( ثمَّ قَالَ: كِلْ) ، بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون اللَّام، لِأَنَّهُ أَمر من: كال يَكِيل.
قَوْله: ( وَبَقِي تمري) إِلَى آخِره، فِيهِ معْجزَة ظَاهِرَة للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَظُهُور بركته.

وَقَالَ فِرَاسٌ عنِ الشَّعْبي قَالَ حدَّثني جابِرٌ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَما زَالَ يَكيلُ لَهُمْ حتَّى أدَّاهُ
فراس، بِكَسْر الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وَفِي آخِره سين مُهْملَة: ابْن يحيى الْمكتب، وَقد مر فِي الزَّكَاة، وَهَذَا طرف من الحَدِيث الْمَذْكُور وَصله البُخَارِيّ فِي آخر أَبْوَاب الْوَصَايَا بِتَمَامِهِ، وَفِيه اللَّفْظ الْمَذْكُور.

وَقَالَ هِشَامٌ عنْ وهْبٍ عنْ جابِرٍ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جُذَّ لَهُ فأوْف لَهُ
هِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة، ووهب هُوَ ابْن كيسَان مولى عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة، وَقد وصل البُخَارِيّ هَذَا التَّعْلِيق فِي الاستقراض.
قَوْله: ( جذ) ، بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الذَّال الْمُعْجَمَة، وَيجوز فِيهَا الحركات الثَّلَاث، وَهُوَ أَمر من الْجذاذ وَهُوَ قطع العراجين.
قَوْله: ( لَهُ) أَي: للْغَرِيم فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث أَن بعض الْوَرَثَة يقوم مقَام الْبَعْض.