فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: ما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية

( بابٌُ مَا كانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإنَّهُمَا يَترَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بالسَّوِيَّةِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ مَا كَانَ من خليطين إِلَى آخِره، وَكلمَة: مَا، هُنَا تَامَّة نكرَة متضمنة معنى حرف الِاسْتِفْهَام، وَمَعْنَاهَا أَي: شَيْء كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان، والخليطان تَثْنِيَة خليط، وَاخْتلف فِي المُرَاد بالخليط، فَذهب أَبُو حنيفَة إِلَى أَنه الشَّرِيك، لِأَن الخليطين فِي اللُّغَة الَّتِي بهَا خاطبنا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هما الشريكان اللَّذَان اخْتَلَط مَالهمَا وَلم يتَمَيَّز كالخليطين من النَّبِيذ.
قَالَه ابْن الْأَثِير، وَمَا لم يخْتَلط مَعَ غَيره فليسا بخليطين، هَذَا مَا لَا شكّ فِيهِ، وَإِذا تميز مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا من مَال الآخر فَلَا خلْطَة، فعلى قَول أبي حنيفَة: لَا يجب على أحد من الشَّرِيكَيْنِ أَو الشُّرَكَاء فِيمَا يملك إلاَّ مثل الَّذِي كَانَ يجب عَلَيْهِ لَو لم يكن خلط، وَذكر فِي ( الْمَبْسُوط) ، وعام كتب أَصْحَابنَا: أَن الخليطين يعْتَبر لكل وَاحِد نِصَاب كَامِل كَحال الِانْفِرَاد، وَلَا تَأْثِير للخلطة فِيهَا سَوَاء كَانَت شركَة ملك بِالْإِرْثِ وَالْهِبَة وَالشِّرَاء وَنَحْوهَا، أَو شركَة عقد كالعنان والمفاوضة.
ذكره الوبري.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: اخْتلفُوا فِي رجلَيْنِ بَينهمَا مَاشِيَة نِصَاب وَاحِد، قَالَت طَائِفَة: لَا زَكَاة عَلَيْهِمَا، قَالَ: هَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَأبي ثَوْر وَأهل الْعرَاق،.

     وَقَالَ  ابْن حزم فِي ( الْمحلى) : وَبِه قَالَ شريك بن عبد الله وَالْحسن بن حَيّ،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَابْن حَنْبَل وَإِسْحَاق تجب عَلَيْهِمَا الزَّكَاة وَلَو كَانُوا أَرْبَعِينَ رجلا لكل وَاحِد شَاة تجب عَلَيْهِم شَاة،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: الأول أصح، يَعْنِي عدم وجوب الزَّكَاة،.

     وَقَالَ  ابْن حزم فِي ( الْمحلى) : الْخلطَة لَا تحيل حكم الزَّكَاة هُوَ الصَّحِيح.
.

     وَقَالَ  الطرطوشي: لَا تصح الْخلطَة إلاَّ أَن يكون لكل وَاحِد مِنْهُمَا نِصَاب كَامِل، والمعاني الْمُعْتَبرَة فِيهَا: الرَّاعِي والفحل والمراح والدلو وَالْمَبِيت، ذكرهَا مَالك فِي ( الْمُدَوَّنَة) وَمِنْهُم من ذكر: الحلاب، مَكَان الْمبيت، وَحُصُول جَمِيعهَا لَيْسَ بِشَرْط، والحلاب مَعْنَاهُ أَن يكون الْحَالِف وَاحِدًا إِلَّا أَن يخلط الألبان، وَلَو كَانَ أَحدهمَا عبدا أَو كَافِرًا.
قَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: لم تصح الْخلطَة،.

     وَقَالَ  ابْن الْمَاجشون: تصح وَلَا تشْتَرط الْخلطَة فِي جَمِيع الْحول،.

     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم: لَو اختلطا قبل الْحول بشهرين فَأَقل فهما خليطان.
.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: أدناه شهر.
.

     وَقَالَ  أَبُو مُحَمَّد: إِذا لم يقْصد الْفِرَار صَحَّ، وَرَأى الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَأَبُو الْحسن بن الْمُفلس من الظَّاهِرِيَّة، الْخلطَة فِي الْمَوَاشِي لَا غير، وَرَأى الشَّافِعِي حكم الْخلطَة الَّتِي قَالَ بِهِ جَارِيا فِي الْمَوَاشِي والزروع وَالثِّمَار وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير،.

     وَقَالَ  ابْن حزم، وَرَأى أَن مِائَتي نفس لَو ملكوا مِائَتي دِرْهَم كل وَاحِد درهما يجب عَلَيْهِم فِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الْخلطَة، بِضَم الْخَاء، سَوَاء كَانَت خلْطَة شيوع واشتراك فِي الْأَعْيَان، أَو خلْطَة أَوْصَاف وَجَوَاز فِي الْمَكَان بِشُرُوط تِسْعَة: أَن يكون الشُّرَكَاء من أهل وجوب الزَّكَاة، وَأَن يكون المَال بعد الْخَلْط نِصَابا، وَأَن يمْضِي عَلَيْهِ بعد الْخَلْط حول كَامِل، وَأَن لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر فِي المراح وَفِي المسرح وَفِي المشرب كالبئر وَالنّهر والحوض وَالْعين، أَو كَانَت الْمِيَاه مُخْتَلفَة بِحَيْثُ لَا تخْتَص غنم أَحدهمَا بِشَيْء، وَالسَّابِع: الرَّاعِي، وَالثَّامِن: الْفَحْل، وَالتَّاسِع فِي المحلب، وَلَا يشْتَرط خلط اللَّبن.
.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاق الْمروزِي: يشْتَرط فِيهِ فيحلب أَحدهمَا فَوق لبن الآخر، قَالَ صَاحب ( الْبَيَان) : هُوَ أصح الْوُجُوه الثَّلَاثَة، وَفِي وَجه: يشْتَرط أَن يحلبا مَعًا ويخلطا اللَّبن ثمَّ يقتسمانه،.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْمُفِيد) : وَيشْتَرط عِنْده اتِّحَاد الدَّلْو وَالْكَلب، وَقيل: لَيْسَ ذَلِك بمذهبه، وَحكى الرَّافِعِيّ عَن الحناطي أَنه حكى أَن خلط الْجوَار لَا أثر لَهَا وَغلط، والمسرح المرعى.
وَقيل: طريقها إِلَى المرعى.
وَقيل: الْموضع الَّذِي تَجْتَمِع فِيهِ لتستريح، والمحلب، بِالْكَسْرِ، هُنَا وَهُوَ الْإِنَاء الَّذِي تحلب فِيهِ.

وَفِي بعض كتب الْحَنَابِلَة ذكر للخلطة سِتّ شَرَائِط، ثمَّ أَنه قد يكون أثر الْخلطَة فِي إِيجَابهَا، وَقد يكون فِي تكثيرها، وَقد يكون فِي تقليلها.
مِثَال الأول: خمس من الْإِبِل أَو أَرْبَعُونَ من الْغنم بَين اثْنَيْنِ تجب فيهمَا الزَّكَاة، وَلَو انْفَرَدت لَا تجب.
وَمِثَال الثَّانِي: لكل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة شَاة وشَاة تجب على كل وَاحِد شَاة وَنصف، وَلَو انْفَرَدت تجب على كل وَاحِد شَاة، وَمِثَال الثَّالِث: وَهُوَ التقليل مائَة وَعِشْرُونَ شَاة بَين ثَلَاثَة يجب على كل وَاحِد ثلث شَاة، وَلَو انْفَرَدت لوَجَبَ على كل وَاحِد شَاة، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث الْبابُُ السَّابِق، وَلنَا أَنه قد ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ( لَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة) الحَدِيث، وَجَمِيع النُّصُوص الْوَارِدَة فِي نصب الزَّكَاة تمنع الْوُجُوب فِيمَا دونهَا، وَلِأَنَّهُ لَا حق لأَحَدهمَا فِي ملك الآخر، وَمَاله غير زكوي لنقصانه عَن النّصاب، وَمثله مَال الآخر،.

     وَقَالَ  أَبُو مُحَمَّد: وَرَأَوا فِي خَمْسَة أنفس لكل وَاحِد بنت مَخَاض تجب على كل مُسلم خمس شَاة، وَفِي عشرَة بَينهم خمس من الْإِبِل لكل وَاحِد نصف بعير تجب على كل وَاحِد مِنْهُم عُشر شَاة مَعَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَيْسَ فِي أَربع من الْإِبِل شَيْء) فَهَذِهِ زَكَاة مَا أوجبهَا الله تَعَالَى فَقَط، وَحكم بِخِلَاف حكم الله تَعَالَى، وَحكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجعلُوا لمَال أَحدهمَا حكما فِي مَال الآخر، وَهَذَا بَاطِل، وَخلاف الْقُرْآن وَالسّنَن، وَاشْتِرَاط الشُّرُوط التِّسْعَة الْمَذْكُورَة، وَغَيرهَا تحكم بِلَا دَلِيل أصلا لَا من قُرْآن وَلَا من سنة وَلَا من قَول صَاحب قِيَاس وَلَا من وَجه مَعْقُول، وليت شعري من جعل الْخلطَة مَقْصُورَة على الْوُجُوه الَّتِي ذكروها دون أَن يُرِيد بِهِ الْخلطَة فِي الْمنزل أَو فِي الصِّنَاعَة أَو فِي الشّركَة أَو فِي الْمغنم، كَمَا قَالَ طَاوُوس وَعَطَاء.
وَلَو وَجَبت بالاختلاط فِي المرعى لَوَجَبَتْ فِي كل مَاشِيَة فِي الأَرْض، لِأَن المراعي مُتَّصِلَة فِي أَكثر الدُّنْيَا، إلاَّ أَن يقطع بَينهَا بحرا ونهرا وَعمارَة.
قَالَ: وَأما تَقْدِير الْمَالِكِيَّة الِاخْتِلَاط بالشهر والشهرين فتحكم بَارِد، وَقَوله ظَاهر الإحالة جدا لِأَنَّهُ خص بهَا الْمَوَاشِي فَقَط دون الْخلطَة فِي الثِّمَار والزروع والنقدين، وَلَيْسَ ذَلِك فِي الْخَبَر.
فَإِن قلت: روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الخليطان مَا اجْتمعَا على الْحَوْض والراعي والفحل) .
قلت: فِي سَنَده عبد الله بن لَهِيعَة وَهُوَ ضَعِيف فَلَا يجوز التَّمَسُّك بِهِ، كَذَا ذكره عبد الْحق فِي ( الْأَحْكَام الْكُبْرَى) وأعجب الْأُمُور أَن الْبَيْهَقِيّ إِذا كَانَ الحَدِيث لَهُم يسكت عَن ابْن لَهِيعَة وَمثله، وَإِذا كَانَ عَلَيْهِم يتَكَلَّم فيهم بالباع والذراع.
قَوْله: ( فَإِنَّهُمَا يتراجعان) أَي: فَإِن الخليطين يتراجعان بَينهمَا، مَعْنَاهُ أَن السَّاعِي إِذا أَخذ من مَال أَحدهمَا جَمِيع الْوَاجِب فَإِنَّهُ يرجع على شَرِيكه بِحِصَّتِهِ، مثلا، إِذا كَانَ بَينهمَا أَرْبَعُونَ شَاة لكل وَاحِد مِنْهُمَا عشرُون، وَقد عرف كل مِنْهُمَا عين مَاله فَأخذ الْمُصدق من أَحدهمَا شَاة فَإِن الْمَأْخُوذ من مَاله يرجع على خليطه بِقِيمَة نصف شَاة، وَهَذِه تسمى خلْطَة الْجوَار، وَيَقَع التراجع فِيهَا.
وَقد يَقع قَلِيلا فِي خلْطَة الشُّيُوع.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : والتراجع مُقْتَضَاهُ من اثْنَيْنِ.
قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَنَّهُ من: بابُُ التفاعل، وَمُقْتَضَاهُ من اثْنَيْنِ وَجَمَاعَة، وَالَّذِي من اثْنَيْنِ فَقَط يكون من: بابُُ المفاعلة، كَمَا علم فِي مَوْضِعه.

وَقَالَ طاوُوس وَعَطَاءٌ إذَا عَلِمَ الخَلِيطَانِ أمْوَالَهُمَا فَلاَ يُجْمَعُ مالُهُمَا

طَاوُوس بن الْيَمَانِيّ وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَهَذَا تَعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : عَن مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج: أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوُوس، قَالَ: إِذا كَانَ كَانَ الخليطان يعلمَانِ أموالهما فَلَا تجمع أموالهما فِي الصَّدَقَة، وَحدثنَا مُحَمَّد ابْن أبي بكر عَن ابْن جريج، قَالَ: أخْبرت عَطاء عَن قَول طَاوُوس، فَقَالَ: مَا أرَاهُ إلاَّ حَقًا، وَاعْترض ابْن الْمُنْذر،.

     وَقَالَ : قَول طَاوُوس وَعَطَاء غَفلَة مِنْهُمَا، إِذْ غير جَائِز أَن يتراجعا بِالسَّوِيَّةِ وَالْمَال بَينهمَا لَا يعرف أحد مَاله من مَال صَاحبه.
قَوْله: ( إِذا علم الخليطان) يَعْنِي: لَا يكون المَال بَينهمَا مشَاعا، وَهَذَا يُسمى بخلطة الْجوَار، فمذهب طَاوُوس وَعَطَاء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، هُوَ خلْطَة الشُّيُوع.

وقالَ سُفْيَانُ لاَ تَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهاذا أرْبَعُونَ شَاة وَلِهاذا أرْبَعُونَ شَاة

أَي: قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ، رَحمَه الله تَعَالَى: لَا تجب الزَّكَاة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَي لَا تثبت الْخلطَة، وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَنهُ،.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: كَانَ سُفْيَان لَا يرى للخلطة تَأْثِيرا كَمَا لَا يرَاهُ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَقَول مَالك كَقَوْل عَطاء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.



[ قــ :1394 ... غــ :1451 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حدَّثني أبي قَالَ حدَّثني ثمامَةُ أنَّ أنَسا حدَّثَهُ أنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ كتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا كانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإنَّهُمَا يَترَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ..
حَدِيث أنس هَذَا قطعه البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَذكره فِي سِتَّة مَوَاضِع هَهُنَا بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد.
الأول: فِي: بابُُ الْعرض فِي الزَّكَاة.
وَالثَّانِي: فِي: بابُُ لَا يجمع بَين متفرق.
وَالثَّالِث: فِي هَذَا الْبابُُ.
وَالرَّابِع: فِي: بابُُ من بلغت عِنْده.
وَالْخَامِس: فِي بابُُ زَكَاة الْغنم.
وَالسَّادِس: فِي: بابُُ لَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة، وَقد ذكرنَا فِي: بابُُ الْعرض فِي الزَّكَاة أَن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث فِي عشرَة مَوَاضِع بِإِسْنَاد وَاحِد مقطعا، وَذكره فِي كتاب الزَّكَاة فِي سِتَّة مَوَاضِع، وَالْأَرْبَعَة فِي الْخمس وَالشَّرِكَة واللباس، وَفِي ترك الْحِيَل، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي مَوضِع وَاحِد بِتَمَامِهِ، قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد قَالَ: أخذت من ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس كتابا زعم أَن أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتبه لأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَلِيهِ خَاتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَعثه مُصدقا وَكتبه لَهُ، فَإِذا فِيهِ: هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فَرضهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمُسلمين الَّتِي أَمر الله بهَا نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمن سئلها من الْمُسلمين على وَجههَا فليعطها، وَمن سُئِلَ فَوْقهَا فَلَا يُعْطه فِيمَا دون خمس وَعشْرين من الْإِبِل وَالْغنم، فِي كل خمس ذود شَاة فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض إِلَى أَن تبلغ خمْسا وَثَلَاثِينَ، فَإِن لم يكن فِيهَا بنت مَخَاض فَابْن لبون ذكر، فَإِذا بلغت سِتا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بنت لبون إِلَى خمس وَأَرْبَعين، فَإِذا بلغت سِتا وَأَرْبَعين فَفِيهَا حقة طروقة الْفَحْل إِلَى سِتِّينَ، فَإِذا بلغت إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَة إِلَى خمس وَسبعين، فَإِذا بلغت سِتا وَسبعين فَفِيهَا ابنتا لبون إِلَى تسعين، فَإِذا بلغت إِحْدَى وَتِسْعين فَفِيهَا حقتان طروقتا الْفَحْل إِلَى عشْرين وَمِائَة، فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون، وَفِي كل خمسين حقة، فَإِذا تبَاين أَسْنَان الْإِبِل فِي فَرَائض الصَّدقَات فَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الجزعة وَلَيْسَت عِنْده جزعة وَعِنْده حقة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ، وَأَن يَجْعَل مَعهَا شَاتين إِن استيسرتا لَهُ، أَو عشْرين درهما، وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة وَلَيْسَت عِنْده حقة وَعِنْده جَذَعَة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما، أَو شَاتين، وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة وَلَيْسَ عِنْده حقة وَعِنْده بنت لبون وَلَيْسَت عِنْد اللاحقة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ إِلَى هَهُنَا ثمَّ أيقنت وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة بنت لبون فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَمن هَهُنَا لم أضبط عَن مُوسَى كَمَا أحب، وَيجْعَل مَعهَا شَاتين إِن استيسرتا لَهُ أَو عشْرين درهما، وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة بنت لبون وَلَيْسَ عِنْده إلاَّ بنت مَخَاض فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وشاتين أَو عشْرين درهما، وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة بنت مَخَاض وَلَيْسَ عِنْده إلاَّ ابْن لبون ذكر فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَه شَيْء، وَمن لم يكن عِنْده إِلَّا أَربع فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء إلاَّ أَن يَشَاء رَبهَا، وَفِي سَائِمَة الْغنم إِذا كَانَت أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاة إِلَى عشْرين وَمِائَة، فَإِذا زَادَت على عشريني وَمِائَة فَفِيهَا شاتاة إِلَى أَن تبلغ مِائَتَيْنِ، فَإِذا زَادَت على مِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَن تبلغ ثلثمِائة، فَإِذا زَادَت على ثَلَاثمِائَة فَفِي كل مائَة شَاة شَاة، وَلَا تُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة وَلَا زَادَت عوار من الْغنم وَلَا تَيْس الْغنم إلاَّ أَن يَشَاء المصدِّق، وَلَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة، وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ، فَإِن لم تبلغ سَائِمَة الرجل أَرْبَعِينَ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء إلاَّ أَن يَشَاء رَبهَا، وَفِي الرقة ربع الْعشْر، فَإِن لم يكن المَال إلاَّ تسعين وَمِائَة فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء إلاَّ أَن يَشَاء رَبهَا.