فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف

(بابُُ صَلاَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجالِ فِي الكُسُوفِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان صَلَاة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي صَلَاة الْكُسُوف،.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى رد قَول من منع ذَلِك،.

     وَقَالَ : يصلين فُرَادَى، وَهُوَ مَنْقُول عَن الثَّوْريّ والكوفيين.
قلت: إِن أَرَادَ بالكوفيين أَبَا حنيفَة وَأَصْحَابه فَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن أَبَا حنيفَة يرى بِخُرُوج الْعَجَائِز فِيهَا، غير أَنَّهُنَّ يَقِفن وَرَاء صُفُوف الرِّجَال، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يخْرجن فِي جَمِيع الصَّلَوَات لعُمُوم الْمُصِيبَة، فَلَا يخْتَص ذَلِك بِالرِّجَالِ، وروى الْقُرْطُبِيّ عَن مَالك: إِن الْكُسُوف يُخَاطب بِهِ من يُخَاطب بِالْجمعَةِ، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَرخّص مَالك والكوفيون للعجائز وكرهوا للشابة.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: لَا أكره لمن لَا هَيْئَة لَهُ بارعة من النِّسَاء وَلَا للصبية شُهُود صَلَاة الْكُسُوف مَعَ الإِمَام، بل أحب لَهُنَّ ونحب لَهُنَّ ونحب لذات الْهَيْئَة أَن تصليها فِي بَيتهَا، وَرَأى إِسْحَاق أَن يخْرجن، شبابًُُا كن أَو عَجَائِز، وَلَو كن حيضا، وتعتزل الْحيض الْمَسْجِد وَلَا يقربن مِنْهُ.



[ قــ :1020 ... غــ :1053 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكُ عنْ هِشَام بنِ عُرْوَةَ عنِ امْرَأتِهِ فاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ عنْ أسْمَاءَ بنتِ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَهَا قالَتْ أتَيْتُ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فإذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإذَا هيَ قَائِمَةٌ فَقُلْتُ مَا لِلَّنَاسِ فأشارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ وقالَتْ سُبْحَانَ الله فقُلْتُ آيَة فأشارَتْ أيْ نَعَمْ قالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِي الغَشْيُ فَجَعَلْتُ أصُبُّ فَوْقَ رَأسِي المَاءَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَمِدَ الله وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قالَ مَا منْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أرَهُ إلاّ قَدْ رَأيْتُهُ فِي مَقَامِي هاذا حَتَّى الجَنَّةَ والنَّارَ ولَقَدْ أوحِيَ إلَيَّ أنَّكُمْ تُفْتِنُونَ فِي القُبُورِ مِثْلَ أوْ قَرِيبا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لاَ أدْرِي أيَّتُهُمَا قالَتْ أسْمَاءُ يُؤتَى أحدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهاذا الرَّجُلِ فأمَّا المُؤمِنُ أوِ المُوقِنُ لَا أدْرِي أيَّ ذالِكَ قالتْ أسْمَاءُ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءَنا بالبَيِّنَاتِ وَالْهدى فاجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا فَيُقالُ لَهُ نَمْ صالِحا فَقَدْ عَلِمْنَا إنْ كُنْتَ لَمُوقِنا وَأمَّا المُنَافِقُ أوِ المُرْتَابُ لاَ أدْرِي أيَّتُهُمَا قالَتْ أسْمَاءُ فيَقُولِ لاَ أدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئا فَقُلْتُهُ.
[/ نه.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِذا النَّاس قيام يصلونَ (وَإِذا هِيَ قَائِمَة تصلي) ، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ من أجَاب الْفتيا بِإِشَارَة الْيَد وَالرَّأْس، فِي كتاب الْعلم.
وَأخرجه هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن وهيب عَن هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ أَن البُخَارِيّ أخرجه فِي مَوَاضِع.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْكُسُوف، وَقد ذكرنَا مَا يتَعَلَّق بِهِ هُنَاكَ مستقصىً، وَفَاطِمَة بنت الْمُنْذر بن الزبير بن الْعَوام، وَأَسْمَاء بنت أبي بكر الصّديق، هِيَ جدة فَاطِمَة وَهِشَام لأبويهما.

قَوْله: (فَأَشَارَتْ أَي نعم) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (أَن نعم) ، بالنُّون بدل الْيَاء آخر الْحُرُوف.
وَالله أعلم.