فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد

( بابُُ مَنْ أسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ لِحاجَةٍ أوْ قَصْد)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَمر من أسْرع فِي مشيته بِكَسْر الْمِيم على وزن فعلة بِالْكَسْرِ وَهِي صِيغَة تدل على نوع مَخْصُوص من الْفِعْل.
قَوْله: لحَاجَة، أَي: لحَاجَة مَقْصُودَة، وَحكمه أَنه لَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ عمدا لَا لحَاجَة فَلَا، وَكَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يسْرع الْمَشْي وَيَقُول: هُوَ أبعد من الزهو وأسرع فِي الْحَاجة، وَقيل: فِيهِ اشْتِغَال عَن النّظر إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي التشاغل بِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: الْمَشْي على قدر الْحَاجة هُوَ السّنة إسراعاً وبطءاً لَا التصنع فِيهِ وَلَا التهور.
قَوْله: أَو قصدا، أَي: أَو أسْرع لأجل قصد أَي مَقْصُود من مَعْرُوف،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْقَصْد إِيثَار الشَّيْء وَالْعدْل، ويروى: أَو قصد، على صِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي أَي: أَو قصد الْمَعْرُوف فِي إسراعه.



[ قــ :5944 ... غــ :6275 ]
- حدَّثنا أبُو عاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيدٍ عَنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ أنَّ عُقْبَةَ بنَ الحارِثِ حدَّثَهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: العَصْرَ فأسْرَعَ ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فأسرع) وَكَانَ إسراعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لأجل صَدَقَة أحب أَن يفرقها.

وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل هُوَ الضَّحَّاك بن مخلد الْبَصْرِيّ، وَعمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن الْقرشِي النَّوْفَلِي الْمَكِّيّ يروي عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم واسْمه زُهَيْر، وَعقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف وبالباء الْمُوَحدَة ابْن الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل بن عبد منَاف بن قصي الْقرشِي النَّوْفَلِي أَبُو سروعة الْمَكِّيّ، أسلم يَوْم فتح مَكَّة.

والْحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ من صلى بِالنَّاسِ فَذكر حَاجَة فتخطاهم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد قَالَ: أخبرنَا عِيسَى بن يُونُس عَن عمر بن سعيد قَالَ: أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة عَن عقبَة، قَالَ: صليت وَرَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْر، فَسلم ثمَّ قَامَ مسرعاً فتخطى رِقَاب النَّاس إِلَى بعض حجر نِسَائِهِ، فَفَزعَ النَّاس من سرعته فَخرج عَلَيْهِم فَرَأى أَنهم قد عجبوا من سرعته، فَقَالَ: ذكرت شَيْئا من تبر عندنَا فَكرِهت أَن يحبسني، فَأمرت بقسمته، وَأخرجه أَيْضا فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ من أحب تَعْجِيل الصَّدَقَة من يَوْمهَا: عَن أبي عَاصِم عَن عمر بن سعيد عَن ابْن أبي مليكَة إِلَى أَن قَالَ: ثمَّ دخل الْبَيْت فَلم يلبث أَن خرج، فَقلت: أَو قيل لَهُ، فَقَالَ: كنت خلفت فِي الْبَيْت تبراً من الصَّدَقَة فَكرِهت أَن أبيته فقسمته.

وَفِيه: جَوَاز إسراع السُّلْطَان والعالم فِي حوائجهم والمبادرة إِلَيْهَا.
وَفِيه: فضل تَعْجِيل إِيصَال الْبر وَترك تَأْخِيره.