فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يذكر في المسك

( بابُُ مَا يُذْكَرُ فِي المِسْكِ) أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يذكر فِي الْمسك، وَوجه ذكر هَذَا الْبابُُ هُنَا مثل مَا ذَكرْنَاهُ.



[ قــ :5607 ... غــ :5927 ]
- حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا هِشامٌ أخبرنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابنِ المُسَيَّبِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فإنَّهُ لي وَأَنا أجْزِي بِهِ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ريح الْمسك) وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير الْهَمدَانِي الْكُوفِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَهِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ يروي عَن معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّوْم من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بأتم مِنْهُ، وَمن طَرِيق أبي صَالح الزيات عَنهُ بأطول مِنْهُ فِي أَوَائِل الصَّوْم.

قَوْله: ( فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ) ، ظَاهر سِيَاقه أَنه من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا هُوَ من كَلَام الله عز وَجل، وَهُوَ من رِوَايَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ربه عز وَجل، كَذَلِك أخرجه البُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد من رِوَايَة مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يرويهِ عَن ربكُم عز وَجل قَالَ: لكل عمل كَفَّارَة وَالصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ ... الحَدِيث، وَهُوَ من جملَة الْأَحَادِيث القدسية.
قيل: كل الْعِبَادَات لله تَعَالَى فَمَا معنى الْإِضَافَة لَهُ؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ لم يعبد بِهِ غَيره عز وَجل إِذْ لم يعظم الْكفَّار معبودهم فِي وَقت من الْأَوْقَات بالصيام لَهُ، وَقيل: لِأَنَّهُ عمل سري لَا يدْخل الرِّيَاء فِيهِ، وَقيل: هُوَ الْمجَازِي لكل الْأَعْمَال.
وَأجِيب: بِأَن الْغَرَض بَيَان كَثْرَة الثَّوَاب إِذْ عَظمَة الْمُعْطى دَلِيل على عَظمَة الْمُعْطِي.
قَوْله ( ولخلوف) بِضَم الْخَاء على الْمَشْهُور وَهُوَ تغير رَائِحَة الْفَم.
قَوْله: ( أطيب) قيل: الأطيبية لَا تتَصَوَّر بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله تَعَالَى إِذْ هُوَ منزه عَن أَمْثَاله.
وَأجِيب: بِأَن الطّيب مُسْتَلْزم للقبول، أَي: خلوفه أقبل عِنْد الله من قبُول ريح الْمسك عنْدكُمْ، أَو وَهُوَ على سَبِيل الْفَرْض أَي: لَو تصور الطّيب عِنْده لَكَانَ الخلوف أطيب أَو الْمُضَاف مَحْذُوف أَي: عِنْد مَلَائِكَة الله، وَله أجوبة أُخْرَى مضى مِنْهَا شَيْء فِي كتاب الصّيام.