فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب افتراش الحرير

( بابُُ افْتِرَاشِ الحَرِيرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم افتراش الْحَرِير: هَل هُوَ حرَام كلبسه أم لَا؟ وَحكمه أَنه حرَام كلبسه، وَفِيه خلاف نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَحَدِيث الْبابُُ يُوضح الحكم فِي التَّرْجَمَة.

وَقَالَ عَبِيدَةَ: هُوَ كَلْبْسِهِ
عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين ابْن عَمْرو السَّلمَانِي بِسُكُون اللَّام، ومذهبه أَنه لَا فرق بَين لبس الْحَرِير وافتراشه فَإِنَّهُمَا فِي الْحُرْمَة سَوَاء، وَوصل تَعْلِيقه هَذَا الْحَارِث بن أبي أُسَامَة من طَرِيق مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: قلت لعبيدة: افتراش الْحَرِير كلبسه؟ قَالَ: نعم.



[ قــ :5523 ... غــ :5837 ]
- حدَّثنا عَلِيٌّ حدَّثنا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ حَدثنَا أبي قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ أبي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ عَنِ ابنِ أبي لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ نَبهاناٍ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وأنْ نأكُلَ فِيها وعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ والدِّباجِ وأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَأَن نجلس عَلَيْهِ) .
وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ووهب بن جرير يروي عَن أَبِيه جرير بن حَازِم بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي الْأَزْدِيّ، وَابْن أبي نجيح اسْمه عبد الله، وَأَبُو نجيح بِفَتْح النُّون وَكسر الْجِيم اسْمه يسَار ضد الْيَمين وَابْن أبي ليلى هُوَ عبد الرَّحْمَن وَاسم أبي ليلى يسَار مثل إسم أبي نجيح.

والْحَدِيث مضى فِي الْأَطْعِمَة وَفِي الْأَشْرِبَة فِي موضِعين وَفِي اللبَاس فِي موضِعين وَمضى الْكَلَام فِيهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا كُله لفظ: ( وَأَن نجلس عَلَيْهِ) إلاَّ هَهُنَا.

وَهُوَ من مُفْرَدَات البُخَارِيّ، وَلِهَذَا لم يذكرهُ الْحميدِي، وَاحْتج بِهِ الْجُمْهُور من الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة على تَحْرِيم الْجُلُوس على الْحَرِير، وَأَجَازَهُ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ، وَابْن الْمَاجشون وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة وَابْنه عبد الْملك فَإِنَّهُم احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ وَكِيع عَن مسعر عَن رَاشد مولى بني تَمِيم قَالَ: رَأَيْت فِي مجْلِس ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، مرفقة حَرِير، وروى ابْن سعد: أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء أخبرنَا عَمْرو بن أبي الْمِقْدَام عَن مُؤذن بني ودَاعَة، قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس وَهُوَ متكىء على مرفقة حَرِير وَسَعِيد ابْن جُبَير عِنْد رجلَيْهِ وَهُوَ يُقَال لَهُ: انْظُر كَيفَ تحدث عني فَإنَّك حفظت عني كثيرا، وَأَجَابُوا بِأَن لفظ: نهى، لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّحْرِيم، وَيحْتَمل أَن يكون النَّهْي ورد عَن مَجْمُوع اللّبْس وَالْجُلُوس لَا عَن الْجُلُوس بمفرده، وَأَيْضًا فَإِن الْجُلُوس لَيْسَ بِلبْس فَإِن قَالُوا: فِي حَدِيث أنس: فَقُمْت إِلَى حَصِير لناقد أسود من طول مَا لبس، قُلْنَا: مَعْنَاهُ من طول مَا اسْتعْمل، لِأَن لبس كل شَيْء بِحَسبِهِ، والمرفقة بِكَسْر الْمِيم: الوسادة.