فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم} [التوبة: 102]

( بابُُ قَوْلِهِ: { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحا وَآخَرَ سَيِّئا عَسَى الله أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} ( التَّوْبَة: 102)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَآخَرُونَ} الْآيَة وسيقت الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الْآيَة.
وَلما أخبر الله تَعَالَى عَن حَال الْمُنَافِقين المتخلفين عَن الْغُزَاة رَغْبَة عَنْهَا وتكذيبا.
شرع فِي بَيَان حَال الَّذين تَأَخَّرُوا عَن الْجِهَاد كسلاً وميلاً إِلَى الرَّاحَة مَعَ إِيمَانهم وتصديقهم بِالْحَقِّ، فَقَالَ: { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} أَي: أقرُّوا بهَا واعترفوا فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم وَلَهُم أَعمال أخر صَالِحَة خلطوا هَذِه بِتِلْكَ فَهَؤُلَاءِ تَحت عَفْو الله وغفرانه.
فَهَذِهِ الْآيَة وَإِن كَانَت نزلت فِي إناس مُعينين إِلَّا أَنَّهَا عَامَّة فِي كل المذنبين الْخَطَّائِينَ المخلطين المتلوثين.

     وَقَالَ  مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نزلت فِي أبي لبابَُُة وَجَمَاعَة من أَصْحَابه تخلفوا عَن غَزْوَة تَبُوك.
فَقَالَ بَعضهم: أَبُو لبابَُُة وَخَمْسَة مَعَه، وَقيل: وَسَبْعَة مَعَه، وَقيل: وَتِسْعَة مَعَه.
)
[ قــ :4419 ... غــ :4674 ]
- ح دَّثنا مُؤَمَّلٌ هُوَ ابنُ هِشامٍ حدَّثنا إسْماعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا عَوْفٌ حدَّثنا أبُو رَجَاءٍ حدَّثنا سَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ رَضِي الله عنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَنَا أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيان فَابْتَعَثَانِي فَانْتَهَيَا إلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبَ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَتَلقَّانا رِجالٌ شطر مِنْ خَلْقِهِمْ كأحْسَنِ مَا أنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كأقْبَحِ مَا أنْتَ رَاءٍ قَالا لَهُمْ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذالِكَ النَّهْرِ فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذالِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أحْسَنِ صُورَةٍ قَالا لِي هاذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذا مَنْزِلُكَ قَالا أمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحا وَآخَرَ صَيِّتا تَجَاوَزَ الله عَنْهُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: { فَإِنَّهُم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} ومؤمل بِضَم الْمِيم وَفتح الْهمزَة وَكسر الْمِيم، وَفتحهَا، وَإِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم هُوَ إِسْمَاعِيل بن علية، وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي وَأَبُو رَجَاء ضد الْيَأْس.
عمرَان العطاردي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ مقطعا فِي الصَّلَاة وَفِي الْجَنَائِز وَفِي الْبيُوع وَفِي الْجِهَاد فِي بَدْء الْخلق وَفِي صَلَاة اللَّيْل وَفِي الْأَدَب وَفِي الصَّلَاة، وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء وَفِي التَّفْسِير وَفِي التَّعْبِير عَن مُؤَمل بن هِشَام، وَقد ذكرنَا فِي الْمَوَاضِع الْمَاضِيَة مَا فِيهِ الْكِفَايَة.

قَوْله: ( آتيان) ، أَي: ملكان.
قَوْله: ( فابتعثاني) أَي: من النّوم.
قَوْله: ( شطر) أَي: نصف.
قَوْله: ( أما الْقَوْم) قسيمه هُوَ قَوْله: هَذَا مَنْزِلك.
قَوْله: ( الَّذين) ويروى: الَّذِي، بِالْإِفْرَادِ ويؤول بِمَا يؤول بِهِ.
قَوْله: ( وخضتم كَالَّذي خَاضُوا) ( التَّوْبَة: 69) قَوْله: ( كَانُوا شطر مِنْهُم حسن) ، الْقيَاس كَانَ شطر مِنْهُم حسنا.
وَلَكِن كَانَ تَامَّة.
وَشطر مُبْتَدأ: وَحسن، خَبره وَالْجُمْلَة حَال بِدُونِ الْوَاو وَهُوَ فصيح كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} .