فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام هل يسهم له

( بابٌُ إِذا بَعَثَ الإمامُ رسولاٍ فِي حاجَةٍ أوْ أمَرَهُ بالْمُقَامِ هَلْ يُسْهَم لَهُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا بعث ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( بالْمقَام) ، أَي: بِالْإِقَامَةِ.
قَوْله: ( هَل يُسهم لَهُ) ، أَي: من الْغَنِيمَة، أَو لَا يُسهم وَجَوَاب إِذا يفهم من حَدِيث الْبابُُ، وَفِيه خلاف ذكره فِي بابُُ الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة.



[ قــ :2989 ... غــ :3130 ]
- حدَّثنا مُوسَى قَالَ حدَّثنا أَبُو عَوَانِةَ قالَ حدَّثَنا عُثْمانُ بنُ مَوْهَب عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ إنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عنْ بَدْرٍ فإنَّهُ كانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ لَكَ أجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرَاً وسَهْمَهُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِن لَك أجر رجل) إِلَى آخِره، وَبِه يحصل الْجَواب للتَّرْجَمَة، ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل الْمنْقري الْمَعْرُوف بالتبوذكي، وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين: اسْمه الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعُثْمَان بن موهب على وزن جَعْفَر هُوَ عُثْمَان بن عبد الله بن موهب الْأَعْرَج الطليحي التَّيْمِيّ الْقرشِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ مطولا فِي الْمَغَازِي عَن عَبْدَانِ، وَفِي فضل عُثْمَان أَيْضا عَن مُوسَى.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن صَالح بن عبد الله التِّرْمِذِيّ عَن أبي عوَانَة.

قَوْله: ( عُثْمَان بن موهب عَن ابْن عمر) قَالَ أَبُو عَليّ الجياني: وَقع فِي نُسْخَة أبي مُحَمَّد عَن أبي أَحْمد يَعْنِي: الْأصيلِيّ عَن الْجِرْجَانِيّ عَمْرو ابْن عبد الله، وَهُوَ غلط وَصَوَابه: عُثْمَان بن موهب.
قَوْله: ( إِنَّمَا تغيب عُثْمَان) أَي: تكلّف الْغَيْبَة، لأجل تمريض بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لم يحضر بَدْرًا لأجل ذَلِك وعد ابْن اسحاق الَّذين غَابُوا عَن بدر ثَمَانِيَة أَو تِسْعَة وهم عُثْمَان بن عَفَّان تخلف لذَلِك، وَطَلْحَة بن عبيد الله كَانَ بِالشَّام فَضرب لَهُ سَهْمه وأجره، وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل كَانَ بِالشَّام أَيْضا، وَأَبُو لبابَُُة بشير بن عبد الْمُنْذر رده رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الروحاء حِين بلغه خُرُوج النفير من مَكَّة فَاسْتَعْملهُ على الْمَدِينَة، والْحَارث بن حَاطِب بن عبيد رده أَيْضا من الطَّرِيق، والْحَارث بن الصمَّة انْكَسَرَ بِالرَّوْحَاءِ فَرجع، وخوات ابْن جُبَير لم يحضر الْوَقْعَة، وَأَبُو الصَّباح بن ثَابت خرج مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأصَاب سَاقه نصل حجر فَرجع، وَسعد بن مَالك تجهز ليخرج فَمَاتَ، وَقيل: إِنَّه مَاتَ فِي الروحاء فَضرب لكل وَاحِد مِنْهُم سَهْمه وأجره.
قَوْله: ( كَانَت تَحْتَهُ) أَي: تَحت عُثْمَان بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي رقية، توفيت وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بدر، ثمَّ زوجه أم كُلْثُوم فَتُوُفِّيَتْ تَحْتَهُ سنة تسع، وَهِي الَّتِي غسلتها أم عَطِيَّة.
وَاحْتج أَبُو حنيفَة بِهَذَا الحَدِيث أَن من بَعثه الإِمَام لحَاجَة حَتَّى غنم الإِمَام أَنه يُسهم لَهُ، وَكَذَلِكَ المدد يلحقون أَرض الْحَرْب، وَهُوَ قَول الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالثَّوْري، وَالْحكم بن عتيبة وَالْأَوْزَاعِيّ، والْحَدِيث حجَّة على اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد حَيْثُ قَالُوا: لَا يُسهم من الْغَنِيمَة إلاَّ لمن حضر الْوَقْعَة.
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أبان بن سعيد على سَرِيَّة من الْمَدِينَة قبل نجد، فَقدم أبان وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر بَعْدَمَا فتحهَا ... الحَدِيث، وَفِيه: أَجْلِس يَا أبان، فَلم يقسم لَهُم شَيْئا، وَأجَاب الطَّحَاوِيّ عَنهُ بقوله: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه أبان إِلَى نجد قبل أَن يتهيأ خُرُوجه إِلَى خَيْبَر، فَتوجه أبان فِي ذَلِك ثمَّ حدث من خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر مَا حدث، فَكَانَ مَا غَابَ فِيهِ أبان من ذَلِك عَن حُضُور خَيْبَر لَيْسَ هُوَ شغل شغله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حُضُورهَا،.

     وَقَالَ  الْجَصَّاص: لَا حجَّة فِيهِ لِأَن خَيْبَر صَارَت دَار الْإِسْلَام لظُهُور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ، وَقيل: كَانَت خَيْبَر لأهل الْحُدَيْبِيَة خَاصَّة شهدوها أَو لم يشهدوها دون من سواهُم، لِأَن الله تَعَالَى كَانَ وعدهم إِيَّاهَا بقوله: { وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا قد أحَاط الله بهَا} ( الْفَتْح: 02) .
بعد قَوْله: { وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} ( الْفَتْح: 02) .
فَإِن قَالُوا: إِن أعطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُثْمَان وَهُوَ لم يحضر بَدْرًا خُصُوص لَهُ، قُلْنَا: يحْتَاج إِلَى دَلِيل الْخُصُوص، فَإِن قَالُوا: أعْطى عُثْمَان من سَهْمه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْخمس.
قُلْنَا: كَانَ ذَلِك يَوْم حنين حَيْثُ قَالَ: مَا لي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم إِلَّا الْخمس، وَهُوَ مَرْدُود فِيكُم.
قُلْنَا: يحْتَاج إِلَى ذليل على أَن إِعْطَاء عُثْمَان وَمن غَابَ أَيْضا من بدر أَنه كَانَ من سَهْمه بعد حنين.



(بابٌُ ومِنَ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِنَوائِبِ المُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوازِنُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَضَاعِهِ فِيهِم فتَحَلَّلَ مِنَ المُسْلِمِينَ وَمَا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعِدُ النَّاسَ أنْ يُعْطِيهُمْ مِنَ الفَيْءِ والأنْفَالِ مِنَ الخُمُسِ وَمَا أعْطَى الأنْصَارَ وَمَا أعْطَى جابِرَ بنَ عَبْدِ الله مِنْ تَمْرَ خَيْبَرَ)

بابُُ، مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ، وَمن الدَّلِيل ... إِلَى آخِره.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَمن الدَّلِيل، عطف على التَّرْجَمَة الَّتِي قبل ثَمَانِيَة أَبْوَاب حَيْثُ قَالَ: الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.

     وَقَالَ  هُنَا: لنوائب الْمُسلمين،.

     وَقَالَ  بعد بابُُ: وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس للْإِمَام.
انْتهى.
قلت: لَا وَجه لدعوى هَذَا الْعَطف الْبعيد المتخلل بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ أَبْوَاب بأحديثها، فَإِن اضْطر إِلَى القَوْل بِهَذَا لأجل الْوَاو، فَيُقَال لَهُ: هَذِه لَيْسَ بواو الْعَطف، وَإِنَّمَا مثل هَذَا يَأْتِي كثيرا بِدُونِ أَن يكون مَعْطُوفًا على شَيْء، فَيُقَال: هَذِه وَاو الاستفتاح، وَهُوَ المسموع من الأساتذة الْكِبَار، وَلما ذكر أَولا الْخمس لنوائب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ ذكر لنوائب الْمُسلمين، ثمَّ ذكر أَن الْخمس للْإِمَام فطريق التَّوْفِيق بَينهَا أَن الْخمس لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ للْإِمَام بعده يَتَوَلَّاهُ مثل مَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَوَلَّاهُ، وَأما قَوْله هُنَا: لنوائب الْمُسلمين، هُوَ أَنه لَا يكون إلاَّ مَعَ تولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمته، وَله أَن يَأْخُذ مِنْهُ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِقدر كِفَايَته، وَكَذَلِكَ من يتَوَلَّى بعده،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَجوز الْكرْمَانِي أَن يكون كل تَرْجَمَة على وفْق مَذْهَب من الْمذَاهب، وَفِيه بعد، لِأَن أحدا لم يقل: إِن الْخمس للْمُسلمين دون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدون الإِمَام وَلَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون الْمُسلمين، وَكَذَا للْإِمَام.
انْتهى.
قلت: عبارَة الْكرْمَانِي هَكَذَا.
فَإِن قلت: ترْجم هَذِه الْمَسْأَلَة أَولا بقوله: وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَثَانِيا: بقوله: وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب الْمُسلمين.
وثالثاً: إِن الْخمس للْإِمَام، فَمَا التلفيق بَينهَا؟ قلت: الْمذَاهب فِيهِ مُخْتَلفَة، فبوب لكل مَذْهَب بابُُا وَترْجم لَهُ، وَلَا تفَاوت فِي الْمَعْنى إِذْ نَوَائِب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ نَوَائِب الْمُسلمين، وَلَا شكّ أَن التَّصَرُّف فِيهِ لَهُ وَلمن يقوم مقَامه.
انْتهى.
قلت: قَوْله: وَلَا تفَاوت فِي الْمَعْنى، ينبىء عَن وَجه التَّوْفِيق مثل مَا ذَكرْنَاهُ، غير أَنه قَالَ: لكل مَذْهَب بابُُا بِحَسب النّظر إِلَى الظَّاهِر، وَأما بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى فَمَا قَالَه، على أَنا نقُول: فِي هَذَا الْبابُُ مَذَاهِب.
وَذكر الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} (الْأَنْفَال: 14) .
قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ: عَن الرّبيع عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي، قَالَ: (كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُؤْتى بِالْغَنِيمَةِ فَيقسمهَا على خَمْسَة يكون أَرْبَعَة أخماسها لمن شَهِدَهَا، ثمَّ يَأْخُذ الْخمس فَيضْرب بِيَدِهِ فِيهِ، فَيَأْخُذ مِنْهُ الَّذِي قبض كَفه فَيَجْعَلهُ للكعبة، وَهُوَ سهم الله، ثمَّ يقسم مَا بَقِي على خَمْسَة أسْهم، فَيكون سهم للرسول، وَسَهْم لِذَوي الْقُرْبَى، وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين، وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل.
وروى عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (كَانَت الْغَنِيمَة تقسم على خَمْسَة أَخْمَاس فَأَرْبَعَة مِنْهَا بَين من قَاتل عَلَيْهَا، وَخمْس وَاحِد على أَرْبَعَة أَخْمَاس: فربع لله وَلِلرَّسُولِ، فَمَا كَانَ لله وَلِلرَّسُولِ فَهُوَ لقرابة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يَأْخُذ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْخمس شَيْئا.
وروى ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله ابْن بُرَيْدَة فِي قَوْله: { وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم} (الْأَنْفَال: 14) .
الْآيَة، قَالَ: الَّذِي لله فلنبيه، وَالَّذِي للرسول فلأزواجه.
وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عَمْرو ببن عَنْبَسَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم إِلَى بعير من الْمغنم، فَلَمَّا سلم أَخذ وبرة من ذَلِك الْبَعِير، ثمَّ قَالَ: وَلَا يحل لي من غنائمكم مثل هَذَا إلاَّ الْخمس، وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم.
.

     وَقَالَ  جمَاعَة: إِن الْخمس يتَصَرَّف فِيهِ الإِمَام بِالْمَصْلَحَةِ للْمُسلمين، كَمَا يتَصَرَّف فِي مَال الْفَيْء.
.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: يصرف فِي مصَالح الْمُسلمين.
.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: بل هُوَ مَرْدُود على بَقِيَّة الْأَصْنَاف: ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل،.

     وَقَالَ  ابْن جرير: وَهُوَ قَول جمَاعَة من أهل الْعرَاق، وَقيل: إِن الْخمس جَمِيعه لِذَوي الْقُرْبَى، كَمَا رَوَاهُ ابْن جرير: حَدثنَا الْحَارِث بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا عبد الْغفار حَدثنَا الْمنْهَال بن عمر سَأَلت عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ وَعلي بن الْحُسَيْن عَن الْخمس، فَقَالَا: هُوَ لنا.
فَقلت لعباس: إِن الله يَقُول: { واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} (الْأَنْفَال: 14) .
فَقَالَ: يتامانا ومساكيننا.
قَوْله: (لنوائب الْمُسلمين) ، النوائب جمع نائبة، وَقد فسرناها بِأَنَّهَا مَا يَنُوب الْإِنْسَان من الْحَوَادِث.
قَوْله: (مَا سَأَلَ) فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وَخَبره، قَوْله: وَمن الدَّلِيل.
قَوْله: (هوَازن) ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل سَأَلَ، وَهُوَ أَبُو قَبيلَة، وَهُوَ هوَازن بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن قيس غيلَان.
قَالَ الرشاطي: فِي هوَازن بطُون كَثِيرَة وأفخاذ، وَفِي خُزَاعَة أَيْضا هوَازن بن أسلم بن أفصى.
قَوْله: (النَّبِي) ، مَنْصُوب بقوله: سَأَلَ.
قَوْله: (برضاعة فيهم) ، أَي: بِسَبَب رضاعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم، ويروى: برضاعة، بِلَفْظ الْمصدر والتنوين، وَذَلِكَ أَن حليمة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة: السعدية الَّتِي أرضعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم إِذْ هِيَ بنت أبي ذُؤَيْب، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة: عبد الله بن الْحَارِث بن شجنة، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْجِيم وَفتح النُّون: ابْن صابر بن رزام، بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الزَّاي: ابْن ناضرة، بالنُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَالرَّاء: ابْن سعد بن بكر بن هوَازن.
قَوْله: (فتحلل من الْمُسلمين) ، أَي: اسْتحلَّ من الْغَانِمين أقسامهم من هوَازن، أَو طلب النُّزُول عَن حَقهم، وَقد مر تَحْقِيقه فِي كتاب الْعتْق فِي: بابُُ من ملك من الْعَرَب رَقِيقا.
قَوْله: (وَمَا كَانَ) ، عطف على قَوْله: مَا سَأَلَ.
قَوْله: (من الْفَيْء والأنفال) ، الْفَيْء: مَا يحصل من الْكفَّار بِغَيْر قتال، والأنفال: جمع نفل بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ مَا شَرط الْأَمِير المتعاطي خطر من مَال الْمصَالح وَهُوَ الْغَنِيمَة، هَذَا فِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء، وَأما فِي اللُّغَة فَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْفَيْء الْخراج وَالْغنيمَة، وَالنَّفْل الْغَنِيمَة.
يُقَال: نفلته تنفيلاً أَي أَعْطيته نفلا.
قَوْله: (مَا أعْطى الْأَنْصَار) عطف على قَوْله: وَمَا كَانَ.
وَقَوله: (وَمَا أعْطى جَابر بن عبد الله) ، عطف على مَا قبله.
قَوْله: (من تمر خَيْبَر) ، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق أَو بالثاء الْمُثَلَّثَة.



[ قــ :989 ... غــ :313 ]
- حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرِ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ وزَعَمَ عُرْوَةُ أنَّ مَرْوَانَ بنَ الحَكَمِ ومِسْوَر بنَ مَخْرَمَةَ أخْبَرَاهُ أنَّ رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِينَ جاءَهُ وفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسألُوهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ أمْوَالَهُمْ وسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رسولُ لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحَبُّ الحَدِيثِ إلَيَّ أصْدَقُهُ فاخْتَارُوا إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إمَّا السَّبْيَ وإمَّا المالَ وقَدْ كُنْتُ اسْتَأنَيْتُ بِهِمْ وقَدْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ فلَمَّا تبَيَّنَ لَهُمْ أنَّ رسوُلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيْرُ رَادٍ إلَيْهِمْ إلاَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فإنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنا فقامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المُسْلِمِينَ فأثْنَى على الله بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ قالَ أمَّا بَعْدُ فإنَّ إخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جاؤُنا تائِبِينَ وإنِّي قَدْ رأيْتُ أنْ أرُد إلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ مَنْ أحَبَّ أنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ ومَنْ أحَبَّ مِنْكُمْ أنْ يَكُونَ علَى حَظِّهِ حتَّى نُعْطِيَهُ إيَّاهُ مِنْ أوَّلِ مَا يُفِيءُ الله علَيْنَا فَلْيَفْعَلْ فقالَ النَّاسُ قد طَيَّبْنا ذَلِكَ يَا رسولَ الله لَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أذِنَ مِنْكُمْ فِي ذلِكَ مِمَّنْ لَمْ يأذَنْ فارْجَعُوا حتَّى يَرْفَعَ إلَيْنَا عُرَفَاؤكُمْ أمْرَكُمْ فرَجَعَ النَّاسُ فكَلَّمَهُمْ عُرَفَاءُهُم ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرُوهُ أنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا فأذِنُوا فَهَذَا الَّذِي بلَغَنا عنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَمن الدَّلِيل، إِلَى قَوْله: فتحلل من الْمُسلمين.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْعتْق فِي: بابُُ من ملك من الْعَرَب رَقِيقا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن ابْن أبي مَرْيَم عَن اللَّيْث ... إِلَى آخِره نَحوه، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.

قَوْله: (اسْتَأْنَيْت) أَي: انتظرت، والعرفاء جمع عريف وَهُوَ الْقَائِم بِأُمُور الْقَوْم المتعرف لأحوالهم.
قَوْله: (فَهَذَا الَّذِي بلغنَا) من كَلَام ابْن شهَاب، وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.