فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل

(بابُُ الرُّكُوبِ علَى الدَّابَّةِ الصَّعْبَةِ والفَحُولَةِ مِنَ الخَيْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الرّكُوب على الدَّابَّة الصعبة إِذا كَانَ من أهل ذَلِك، والصعبة، بِسُكُون الْعين: الشَّدِيدَة والفحولة، بِفَتْح الْفَاء والحاء الْمُهْملَة: جمع فَحل،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَلَعَلَّ التَّاء فِيهِ لتأكيد الْجمع كَمَا فِي: الْمَلَائِكَة.

وَقَالَ رَاشِدُ بنُ سَعْدٍ كانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ الفَحُولَةَ لأِنَّهَا أجْرَأ وأجْسَرُ

رَاشد بن سعد المقرئي، بِضَم الْمِيم وَفتحهَا وَسُكُون الْقَاف وَفتح الرَّاء بعْدهَا همزَة، نِسْبَة إِلَى: مقرأ، قَرْيَة من قرى دمشق، وَهُوَ تَابِعِيّ وَرُوِيَ عَن ثَوْبَان مولى سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي أُمَامَة وَمُعَاوِيَة وَغَيرهم، مَاتَ سنة ثَلَاثَة عشر وَمِائَة، وَالصَّحِيح أَنه مَاتَ سنة ثَمَان وَمِائَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْأَثر الْوَاحِد.
قَوْله: (السّلف) ، أَي: من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ.
قَوْله: (لِأَنَّهَا أجرأ) ، أفعل من الجراءة، وَيكون أَيْضا من الجري لَكِن الأول بِالْهَمْز وَالثَّانِي بِدُونِهِ.
قَوْله: (وأجسر) أفعل من الجسارة، بِالْجِيم وَالسِّين الْمُهْملَة، والمفضل عَلَيْهِ مَحْذُوف لدلَالَة الْقَرِينَة عَلَيْهِ، تَقْدِيره: أجرأ وأجسر من الْإِنَاث، أَو من المخصية.

وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ: أَن ركُوب الفحولة أفضل للرُّكُوب من الْإِنَاث لشدتها وجرأتها، وَمَعْلُوم أَن الْمَدِينَة لم تخل من إناث الْخَيل وَلم ينْقل عَن سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا جملَة أَصْحَابه أَنهم ركبُوا غير الفحول، وَلم يكن ذَلِك إلاَّ لفضلها إِلَّا مَا ذكر عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ لَهُ فرس أُنْثَى بلقاء، وَذكر سيف فِي (الْفتُوح) : أَنَّهَا الَّتِي ركبهَا أَبُو محجن حِين كَانَ عِنْد سعد مُقَيّدا بالعراق، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) عَن الْمِقْدَاد، قَالَ: غزوت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر على فرس لي أُنْثَى، وروى الْوَلِيد بن مُسلم فِي الْجِهَاد لَهُ من طَرِيق عبَادَة بن نسي، بِضَم النُّون وَفتح السِّين الْمُهْملَة، اَوْ ابْن محيريز: أَنهم كَانُوا يستحبون إناث الْخَيل فِي الغارات والبيات، وَلما خَفِي من أُمُور الْحَرْب، ويستحبون الفحولة فِي الصُّفُوف والحصون، وَلما ظهر من أُمُور الْحَرْب، وَرُوِيَ عَن خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ لَا يُقَاتل إلاَّ على أُنْثَى، لِأَنَّهَا تدفع الْبَوْل، وَهِي أقل صهيلاً، والفحل يحْبسهُ فِي جريه حَتَّى ينفتق ويؤذي بصهيله، وروى أَبُو عبد الرَّحْمَن عَن معَاذ بن الْعَلَاء عَن يحيى بن أبي كثير يرفعهُ: عَلَيْكُم بإناث الْخَيل، فَإِن ظُهُورهَا عز وبطونها كنز، وَفِي لفظ: ظُهُورهَا حرز.



[ قــ :2735 ... غــ :2862 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخْبرَنا شُعْبَةُ عنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كانَ بالمَدِينَةِ فَزَعٌ فاسْتَعَارَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَساً لأبي طَلْحَةَ يُقالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَرَكِبَهُ.

     وَقَالَ  مَا رَأيْنَا مِنْ فَزَعٍ وإنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرَاً..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (والفحولة من الْخَيل) وَأحمد بن مُحَمَّد، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت بن عصمان الْخُزَاعِيّ أَبُو الْحُسَيْن بن شبويه، وَذكر فِي (رجال الصَّحِيحَيْنِ) : هُوَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى أَبُو الْعَبَّاس، يُقَال لَهُ: مرْدَوَيْه السمسار الْمروزِي، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَعبد الله: هُوَ ابْن الْمُبَارك.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ اسْم الْفرس وَالْحمار، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.