فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أراد أن يعتكف، ثم بدا له أن يخرج

( بابُُ منْ أرَادَ أنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أنْ يَخْرُجَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان شَأْن من أَرَادَ الِاعْتِكَاف، ثمَّ بدا لَهُ أَي: ظهر لَهُ أَن يخرج، وَمرَاده أَن يتْرك وَلَا يُبَاشر.



[ قــ :1961 ... غــ :2045 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلِ أبُو الحَسَن قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا الأوْزَاعِيُّ قَالَ حدَّثني يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَكَرَ أنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الأوَاخِرَ منْ رَمَضَانَ فاسْتَأذَنَتْهُ عائِشَة فأذِنَ لَها وسألَتْ حَفْصَةُ عائِشَةَ أنْ تَسْتَأذِنَ لَها فَفَعَلَتْ فلمَّا رَأتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابنَةُ جَحْشٍ أمَرَتْ بِبِناءٍ فبُنِيَ لَهَا قالَتْ وكانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا صَلَّى انْصَرَفَ إلَى بِنَائِهِ فبَصُرَ بالأبْنِيَةِ فَقَالَ مَا هَذَا قالُوا بِناءُ عائِشَةَ وحفْصَةَ وزَيْنَبَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلْبِرَّ أرَدْنَ بِهَذَا مَا أنَا بِمُعْتَكِفٍ فرَجَعَ فلَمَّا أفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرا مِنْ شَوَّالٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذكر أَن يعْتَكف ثمَّ بدا لَهُ من جِهَة أبنية نِسَائِهِ، فَرجع وَلم يعْتَكف.
وَعبد الله هُوَ ابْن لمبارك، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ.
ومباحث هَذَا الحَدِيث قد مَضَت مستقصاة.

قَوْله: ( ذكر) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للنَّاس أَنه يُرِيد أَن يعْتَكف.
قَوْله: ( فاستأذنته عَائِشَة) فِي موافقتها لَهُ فِي الِاعْتِكَاف ( فَأذن لَهَا) قَوْله: ( أمرت بِبِنَاء) ، أَي: بِضَرْب خيمة لَهَا أَيْضا فِي الْمَسْجِد.
قَوْله: ( بالأبنية) جمع بِنَاء، وَالْمرَاد هِيَ: الخيم.
قَوْله: ( آلبر؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَبِالنَّصبِ بقوله: ( أردن؟) أنكر عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِك لأحد الْأَسْبابُُ الْمَذْكُورَة فِي: بابُُ الِاعْتِكَاف لَيْلًا.
قَوْله: ( فَرجع) ، أَي: من الِاعْتِكَاف أَي: تَركه.

قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: تقدم أَنه اعْتكف الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمَا التَّوْفِيق بَينهمَا؟ قلت: لَا بُد من الْتِزَام اخْتِلَاف الْوَقْتَيْنِ جمعا بَين الْحَدِيثين.

وَفِيه: إِشَارَة إِلَى الْجَزْم بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يدْخل فِي الِاعْتِكَاف ثمَّ خرج مِنْهُ، بل تَركه قبل الدُّخُول فِيهِ وَهُوَ ظَاهر، خلافًا لمن خَالف فِيهِ.