فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ تَرْكِ الشَّفَاعَةِ لِلسَّارِقِ إِذَا بَلَغَ السُّلْطَانَ

رقم الحديث 1541 قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي جِنَايَةِ الْعَبِيدِ.
أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَ الْعَبْدُ مِنْ جُرْحٍ جَرَحَ بِهِ إِنْسَانًا.
أَوْ شَيْءٍ اخْتَلَسَهُ.
أَوْ حَرِيسَةٍ احْتَرَسَهَا، أَوْ تَمْرٍ مُعَلَّقٍ جَذَّهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ سَرِقَةٍ سَرَقَهَا لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِيهَا، إِنَّ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ.
لَا يَعْدُو ذَلِكَ الرَّقَبَةَ.
قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ غُلَامُهُ، أَوْ أَفْسَدَ أَوْ عَقْلَ مَا جَرَحَ، أَعْطَاهُ.
وَأَمْسَكَ غُلَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَسَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ.



ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا

( مالك السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح) بالضم مصدر ( جرح) بالفتح فعل ( به إنسانا أو شيء اختلسه) أخذه بخفية ( أو حريسة) فعيلة بمعنى مفعولة أي محروسة ( احترسها) سرقها وحريسة الجبل الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل فلا قطع فيها لأن الجبل ليس بحرز ( أو ثمر معلق جده) قطعه ( أو أفسده) وأن لم يجده ( أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها) لفقد شرطه ( إن ذلك في رقبة العبد لا تعدو ذلك الرقبة قل ذلك أو كثر) عن قيمة رقبته ( فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل) أي دية ( ما جرح أعطاه وأمسك غلامه وإن شاء أن يسلمه أسلمه وليس عليه شيء غير ذلك فسيده في ذلك بالخيار) بين فدائه وإسلامه.



رقم الحديث 1541 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدِينَةَ فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ.
وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ.
فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ.
فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ.


( ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان)

( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن صفوان بن عبد الله بن صفوان) بن أمية الأموي التابعي الثقة قال ابن عبد البر رواه جمهور أصحاب مالك مرسلاً ورواه أبو عاصم النبيل وحده عن مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن جده فوصله ورواه شبابة بن سوار عن مالك عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه ( أن صفوان بن أمية) بن خلف بن وهب بن قدامة بن جمح القرشي المكي صحابي من المؤلفة مات أيام قتل عثمان وقيل سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ( قيل له إنه من لم يهاجر هلك) وكأن قائل ذلك لم يسمع قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح وفي رواية أخرجها أبو عمر أنه قيل له إنه لا يدخل الجنة إلا من قد هاجر فقال لا أنزل منزلي حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم ( فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد) النبوي ( وتوسد رداءه) جعله وسادة تحت رأسه ( فجاء سارق فأخذ رداءه فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده فقال صفوان لم أرد هذا يا رسول الله) وإنما أردت تأديبه أو نحو ذلك ( هو عليه صدقة) مني كأنه ظن أن القطع موكول إلي إرادته لأن ذلك كان قبل أن يتفقه في الدين ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا) بشد اللام ( قبل أن تأتيني به) فإن الحدود إذا انتهت إلي فليس لها مترك كما زاده في بعض طرق حديث المخزومية وعند الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع سارق رداء صفوان من المفصل أي مفصل الكوع وعند النسائي من وجه آخر عن صفوان قال كنت نائمًا في المسجد على خميصة لي ثمن ثلاثين درهمًا فجاء رجل فاختلسها مني فأخذ الرجل فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه فقلت له أتقطعه من أجل ثلاثين درهمًا أنا أمتعه ثمنها فقال فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني ( أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقًا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله) يطلقه ولا يذهب به إلى السلطان ( فقال لا حتى أبلغ به السلطان فقال الزبير إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع) عنده ( والمشفع) بكسر الفاء شديدة أي قابل شفاعته وهو السلطان وقد روى الدارقطني عن الزبير مرفوعًا اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه قال ابن عبد البر لا أعلم خلافًا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة ما لم تبلغ السلطان وأن عليه إذا بلغته إقامتها.



رقم الحديث 1542 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، لَقِيَ رَجُلًا قَدْ أَخَذَ سَارِقًا.
وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ.
فَشَفَعَ لَهُ الزُّبَيْرُ لِيُرْسِلَهُ.
فَقَالَ: لَا حَتَّى أَبْلُغَ بِهِ السُّلْطَانَ.
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: إِذَا بَلَغْتَ بِهِ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ.


( ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان)

( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن صفوان بن عبد الله بن صفوان) بن أمية الأموي التابعي الثقة قال ابن عبد البر رواه جمهور أصحاب مالك مرسلاً ورواه أبو عاصم النبيل وحده عن مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن جده فوصله ورواه شبابة بن سوار عن مالك عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه ( أن صفوان بن أمية) بن خلف بن وهب بن قدامة بن جمح القرشي المكي صحابي من المؤلفة مات أيام قتل عثمان وقيل سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ( قيل له إنه من لم يهاجر هلك) وكأن قائل ذلك لم يسمع قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح وفي رواية أخرجها أبو عمر أنه قيل له إنه لا يدخل الجنة إلا من قد هاجر فقال لا أنزل منزلي حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم ( فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد) النبوي ( وتوسد رداءه) جعله وسادة تحت رأسه ( فجاء سارق فأخذ رداءه فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده فقال صفوان لم أرد هذا يا رسول الله) وإنما أردت تأديبه أو نحو ذلك ( هو عليه صدقة) مني كأنه ظن أن القطع موكول إلي إرادته لأن ذلك كان قبل أن يتفقه في الدين ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا) بشد اللام ( قبل أن تأتيني به) فإن الحدود إذا انتهت إلي فليس لها مترك كما زاده في بعض طرق حديث المخزومية وعند الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع سارق رداء صفوان من المفصل أي مفصل الكوع وعند النسائي من وجه آخر عن صفوان قال كنت نائمًا في المسجد على خميصة لي ثمن ثلاثين درهمًا فجاء رجل فاختلسها مني فأخذ الرجل فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه فقلت له أتقطعه من أجل ثلاثين درهمًا أنا أمتعه ثمنها فقال فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني ( أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقًا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله) يطلقه ولا يذهب به إلى السلطان ( فقال لا حتى أبلغ به السلطان فقال الزبير إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع) عنده ( والمشفع) بكسر الفاء شديدة أي قابل شفاعته وهو السلطان وقد روى الدارقطني عن الزبير مرفوعًا اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه قال ابن عبد البر لا أعلم خلافًا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة ما لم تبلغ السلطان وأن عليه إذا بلغته إقامتها.