فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْعَمَلِ فِي الْعَقِيقَةِ

رقم الحديث 1079 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: مَا فَرَى الْأَوْدَاجَ فَكُلُوهُ.


( ما يجوز من الذكاة على حال الضرورة)

( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) قال أبو عمر مرسل عند جميع الرواة، ووصله أبو العباس محمد بن إسحاق السراج من طريق أيوب والبزار من طريق جرير بن حازم كلاهما عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري ( أن رجلاً من الأنصار من بني حارثة) بطن من الأوس ( كان يرعى لقحة) بكسر اللام وفتحها ناقة ذات لبن ( له بأحد) بضم الهمزة والحاء الجبل المعروف بالمدينة ( فأصابها الموت) أي أسبابه ( فذكاها بشظاظ) بكسر الشين المعجمة وإعجام الظاءين، عود محدد الطرف وفي رواية أيوب فنحرها بوتد فقلت لزيد: وتد من حديد أو من خشب؟ قال: بل من خشب.
وفي رواية يعقوب بن جعفر عن زيد عن عطاء، فأخذها الموت فلم يجد شيئًا ينحرها به فأخذ وتدًا فوجأها به حتى إهراق دمها، فعلى هذا فالشظاظ الوتد وقال ابن حبيب: الشظاظ العود الذي يجمع به بين عروتي الغزارتين على ظهر الدابة قاله في التمهيد ( فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ليس بها بأس فكلوها) أمر إباحة وفي رواية أيوب فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأمره بأكلها.

( مالك عن نافع عن رجل من الأنصار) يحتمل أنه ابن كعب بن مالك كما في رواية البخاري عن عبيد الله عن نافع عن ابن لكعب بن مالك عن أبيه والابن عبد الرحمن كما رجحه الحافظ وقيل عبد الله وبه جزم المزي في الأطراف ( عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ) كذا وقع على الشك وذكره ابن منده وأبو نعيم وابن فتحون في الصحابة قاله في الإصابة ( أن جارية) لم تسم ( لكعب بن مالك) الأنصاري الصحابي الشهير ( كانت ترعى غنمًا لها بسلع) بفتح المهملة وسكون اللام وعين مهملة جبل بالمدينة ( فأصيبت شاة منها فأدركتها) قبل الموت ( فذكتها) وفي رواية فذبحتها ( بحجر) وفي رواية للبخاري فكسرت حجرًا فذبحتها به ( فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) وفي رواية للبخاري فقال كعب لأهله: لا تأكلوا حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله أو حتى أرسل إليه من يسأله فأتاه أو بعث إليه ( فقال: لا بأس بها فكلوها) أمر إباحة وفيه التذكية بالحجر، وجواز ما ذبحته المرأة حرة أو أمة، كبيرة أو صغيرة، طاهرة أو غير طاهرة، لأنه صلى الله عليه وسلم أباح ما ذبحته ولم يستفصل، وهذا قول الجمهور ومالك في المدونة والشافعي ونقل ابن عبد الحكم عن مالك الكراهة وأخرجه البخاري عن إسماعيل عن مالك به وتابعه عبيد الله وجويرية بن أسماء عند البخاري والليث بن سعد عند الإسماعيلي وعلقه البخاري الثلاثة عن نافع نحوه.

( مالك عن ثور) بفتح المثلثة ( بن زيد الديلي) بكسر الدال وإسكان التحتية ( عن عبد الله بن عباس) قال أبو عمر يرويه ثور عن عكرمة عن ابن عباس كما رواه الدراوردي وغيره وهو محفوظ من وجوه عن ابن عباس ( أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال لا بأس بها) لقوله تعالى: { { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } } وهم اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم قال ابن عباس طعامهم ذبائحهم، رواه البيهقي وعلقه البخاري لأن سائر الأطعمة لا يختص حلها بالملة ( وتلا هذه الآية { { وَمَن يَتَوَلَّهُم) } } يواددهم ويواليهم { { مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } } من جملتهم ولعل مراده بتلاوتها أنه وإن جاز أكل ذبائحهم لكن لا ينبغي للمسلم أن يتخذهم ذباحين لأن في ذلك موالاة لهم.

( مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول ما فرى) قطع ( الأوداج فكلوه) لحديث الصحيح عن رافع بن خديج أنه قال: يا رسول الله ليس لنا مدى فقال: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر أما الظفر فمدى الحبشة وأما السن فعظم.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول ما ذبح به إذا بضع) بفتحتين قطع الحلقوم والودجين ( لا بأس به إذا اضطررت إليه) وإلا فالمستحب الحديد المشحوذ لحديث وليحد أحدكم شفرته.



رقم الحديث 1079 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ عَقِيقَةً، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَكَانَ يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ عَنِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.


( العمل في العقيقة)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياها) لأنه كان من أشد الصحابة اتباعًا للسنة فيحب نشرها ( وكان يعق) بضم العين من باب نصر ( عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث) لكل شاة اتباعًا للفعل النبوي وقياسًا على الأضحية فإن الذكر والأنثى فيها سواء.

( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن إبراهيم بن الحارث) بن خالد ( التيمي) تيم قريش أبي عبد الله المدني مات سنة عشرين ومائة على الصحيح ( أنه قال سمعت أبي يستحب) وفي نسخة يقول تستحب ( العقيقة ولو بعصفور) قال ابن عبد البر: كلام أخرج على التقليد والمبالغة كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر في الفرس: ولو أعطاكه بدرهم وكقوله في الأمة: ثم إذا زنت فبيعوها ولو بظفير للإجماع على أنه لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافه انتهى.

( مالك أنه بلغه أنه عق عن حسن وحسين ابني علي بن أبي طالب) أخرجه أبو داود من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا وأخرجه النسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عق صلى الله عليه وسلم بكبشين كبشين.

( مالك عن هشام بن عروة أن أباه عروة بن الزبير كان يعق) بضم العين ( عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة) عن كل واحد.

( قال مالك الأمر عندنا في العقيقة أن من عق فإنما يعق عن ولده بشاة شاة الذكور والإناث) قياسًا على الضحية فإن الذكر والأنثى فيها متساويان خلافًا لمن قال: يعق عن الغلام بشاتين قال ابن رشد: من عمل به فما أخطأ ولقد أصاب لما صححه الترمذي عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يعق عن الغلام شاتان متكافيتان، وعن الجارية بشاة انتهى.
لكن حجة مالك ومن وافقه أنه لما اختلفت الرواية فيما عق به عن الحسنين ترجح تساوي الذكور والإناث بالعمل والقياس على الأضحية ( وليست العقيقة بواجبة) كالأضحية بجامع أن كلا إراقة دم بغير جناية ولأنه صلى الله عليه وسلم وكل ذلك إلى محبة الأب فلو وجبت ما قال ذلك ( ولكنها يستحب العمل بها) اتباعًا للفعل النبوي وحملاً لأمره على الاستحباب لأن القاعدة أن الأمر إذا لم يصلح حمله على الوجوب حمل على الندب وقال الليث وأبو الزناد وداود واجبة ( وهي من الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا) فلا ينبغي تركها وفيه رد على من زعم نسخها، ومن زعم أنها بدعة إذ لو نسخت ما عمل بها الصحابة فمن بعدهم بالمدينة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى ويحلق رأسه.

رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم والبيهقي عن سمرة وصححه الترمذي والحاكم وأعله بعضهم بأنه من رواية الحسن عن سمرة وهو مدلس لكن في البخاري أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة قال الحافظ: فكأنه عنى هذا.
قال الإمام أحمد: مرتهن أي محتبس عن الشفاعة لوالديه إذا مات طفلاً أي فشبهه في عدم انفكاكه منها بالرهن في يد مرتهنه قال الخطابي: وهو جيد وتعقب بأن شفاعة الولد لوالده ليست بأولى من العكس وبأنه يقال لمن يشفع لغيره مرتهن فالأولى أن المراد أن العقيقة تخليص له من الشيطان الذي طعنه حين خروجه من حبسه له في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته.

( فمن عق عن ولده فإنما هي بمنزلة النسك) الهدايا ( والضحايا) فتجوز بالغنم والإبل والبقر خلافًا لمن قصرها على الغنم لورود الشاة في الأحاديث السابقة، لكن روى الطبراني عن أنس مرفوعًا يعق عنه من الإبل والبقر والغنم ( لا يجوز فيها عوراء) بالمد تأنيث أعور ( ولا عجفاء) بالمد الضعيفة ( ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ويكسر عظامها) جوازًا تكذيبًا للجاهلية في تحرجهم من ذلك وتفصيلهم إياها من المفاصل إذ لا فائدة في ذلك إلا اتباع الباطل، ولا يلتفت إلى من يقول فائدته التفاؤل بسلامة الصبي وبقائه إذ لا أصل له من كتاب ولا سنة ولا عمل ( ويأكل أهلها من لحمها ويتصدقون منها ولا يمس الصبي بشيء من دمها) أي يكره لخبر البخاري عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى فسره بعضهم بترك ما كانت الجاهلية تفعله من تلطيخ رأسه بدمها ولو فسر بإماطة الشعر، فكذلك لأنا إذا أمرنا به للنظافة بإجماع فلأن لا نقربه بالدم النجس أولى.

وروى أبو داود عن بريدة الصحابي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وإليه أشار في الرسالة بقوله وإن حلق رأسه بخلوق بدلاً من الدم الذي كانت تفعله الجاهلية فلا بأس بذلك.



رقم الحديث 1080 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي: يَسْتَحِبُّ الْعَقِيقَةَ ولَوْ بِعُصْفُورٍ.


( العمل في العقيقة)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياها) لأنه كان من أشد الصحابة اتباعًا للسنة فيحب نشرها ( وكان يعق) بضم العين من باب نصر ( عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث) لكل شاة اتباعًا للفعل النبوي وقياسًا على الأضحية فإن الذكر والأنثى فيها سواء.

( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن إبراهيم بن الحارث) بن خالد ( التيمي) تيم قريش أبي عبد الله المدني مات سنة عشرين ومائة على الصحيح ( أنه قال سمعت أبي يستحب) وفي نسخة يقول تستحب ( العقيقة ولو بعصفور) قال ابن عبد البر: كلام أخرج على التقليد والمبالغة كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر في الفرس: ولو أعطاكه بدرهم وكقوله في الأمة: ثم إذا زنت فبيعوها ولو بظفير للإجماع على أنه لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافه انتهى.

( مالك أنه بلغه أنه عق عن حسن وحسين ابني علي بن أبي طالب) أخرجه أبو داود من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا وأخرجه النسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عق صلى الله عليه وسلم بكبشين كبشين.

( مالك عن هشام بن عروة أن أباه عروة بن الزبير كان يعق) بضم العين ( عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة) عن كل واحد.

( قال مالك الأمر عندنا في العقيقة أن من عق فإنما يعق عن ولده بشاة شاة الذكور والإناث) قياسًا على الضحية فإن الذكر والأنثى فيها متساويان خلافًا لمن قال: يعق عن الغلام بشاتين قال ابن رشد: من عمل به فما أخطأ ولقد أصاب لما صححه الترمذي عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يعق عن الغلام شاتان متكافيتان، وعن الجارية بشاة انتهى.
لكن حجة مالك ومن وافقه أنه لما اختلفت الرواية فيما عق به عن الحسنين ترجح تساوي الذكور والإناث بالعمل والقياس على الأضحية ( وليست العقيقة بواجبة) كالأضحية بجامع أن كلا إراقة دم بغير جناية ولأنه صلى الله عليه وسلم وكل ذلك إلى محبة الأب فلو وجبت ما قال ذلك ( ولكنها يستحب العمل بها) اتباعًا للفعل النبوي وحملاً لأمره على الاستحباب لأن القاعدة أن الأمر إذا لم يصلح حمله على الوجوب حمل على الندب وقال الليث وأبو الزناد وداود واجبة ( وهي من الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا) فلا ينبغي تركها وفيه رد على من زعم نسخها، ومن زعم أنها بدعة إذ لو نسخت ما عمل بها الصحابة فمن بعدهم بالمدينة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى ويحلق رأسه.

رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم والبيهقي عن سمرة وصححه الترمذي والحاكم وأعله بعضهم بأنه من رواية الحسن عن سمرة وهو مدلس لكن في البخاري أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة قال الحافظ: فكأنه عنى هذا.
قال الإمام أحمد: مرتهن أي محتبس عن الشفاعة لوالديه إذا مات طفلاً أي فشبهه في عدم انفكاكه منها بالرهن في يد مرتهنه قال الخطابي: وهو جيد وتعقب بأن شفاعة الولد لوالده ليست بأولى من العكس وبأنه يقال لمن يشفع لغيره مرتهن فالأولى أن المراد أن العقيقة تخليص له من الشيطان الذي طعنه حين خروجه من حبسه له في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته.

( فمن عق عن ولده فإنما هي بمنزلة النسك) الهدايا ( والضحايا) فتجوز بالغنم والإبل والبقر خلافًا لمن قصرها على الغنم لورود الشاة في الأحاديث السابقة، لكن روى الطبراني عن أنس مرفوعًا يعق عنه من الإبل والبقر والغنم ( لا يجوز فيها عوراء) بالمد تأنيث أعور ( ولا عجفاء) بالمد الضعيفة ( ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ويكسر عظامها) جوازًا تكذيبًا للجاهلية في تحرجهم من ذلك وتفصيلهم إياها من المفاصل إذ لا فائدة في ذلك إلا اتباع الباطل، ولا يلتفت إلى من يقول فائدته التفاؤل بسلامة الصبي وبقائه إذ لا أصل له من كتاب ولا سنة ولا عمل ( ويأكل أهلها من لحمها ويتصدقون منها ولا يمس الصبي بشيء من دمها) أي يكره لخبر البخاري عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى فسره بعضهم بترك ما كانت الجاهلية تفعله من تلطيخ رأسه بدمها ولو فسر بإماطة الشعر، فكذلك لأنا إذا أمرنا به للنظافة بإجماع فلأن لا نقربه بالدم النجس أولى.

وروى أبو داود عن بريدة الصحابي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وإليه أشار في الرسالة بقوله وإن حلق رأسه بخلوق بدلاً من الدم الذي كانت تفعله الجاهلية فلا بأس بذلك.



رقم الحديث 1081 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّهُ: عُقَّ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.


( العمل في العقيقة)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياها) لأنه كان من أشد الصحابة اتباعًا للسنة فيحب نشرها ( وكان يعق) بضم العين من باب نصر ( عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث) لكل شاة اتباعًا للفعل النبوي وقياسًا على الأضحية فإن الذكر والأنثى فيها سواء.

( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن إبراهيم بن الحارث) بن خالد ( التيمي) تيم قريش أبي عبد الله المدني مات سنة عشرين ومائة على الصحيح ( أنه قال سمعت أبي يستحب) وفي نسخة يقول تستحب ( العقيقة ولو بعصفور) قال ابن عبد البر: كلام أخرج على التقليد والمبالغة كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر في الفرس: ولو أعطاكه بدرهم وكقوله في الأمة: ثم إذا زنت فبيعوها ولو بظفير للإجماع على أنه لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافه انتهى.

( مالك أنه بلغه أنه عق عن حسن وحسين ابني علي بن أبي طالب) أخرجه أبو داود من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا وأخرجه النسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عق صلى الله عليه وسلم بكبشين كبشين.

( مالك عن هشام بن عروة أن أباه عروة بن الزبير كان يعق) بضم العين ( عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة) عن كل واحد.

( قال مالك الأمر عندنا في العقيقة أن من عق فإنما يعق عن ولده بشاة شاة الذكور والإناث) قياسًا على الضحية فإن الذكر والأنثى فيها متساويان خلافًا لمن قال: يعق عن الغلام بشاتين قال ابن رشد: من عمل به فما أخطأ ولقد أصاب لما صححه الترمذي عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يعق عن الغلام شاتان متكافيتان، وعن الجارية بشاة انتهى.
لكن حجة مالك ومن وافقه أنه لما اختلفت الرواية فيما عق به عن الحسنين ترجح تساوي الذكور والإناث بالعمل والقياس على الأضحية ( وليست العقيقة بواجبة) كالأضحية بجامع أن كلا إراقة دم بغير جناية ولأنه صلى الله عليه وسلم وكل ذلك إلى محبة الأب فلو وجبت ما قال ذلك ( ولكنها يستحب العمل بها) اتباعًا للفعل النبوي وحملاً لأمره على الاستحباب لأن القاعدة أن الأمر إذا لم يصلح حمله على الوجوب حمل على الندب وقال الليث وأبو الزناد وداود واجبة ( وهي من الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا) فلا ينبغي تركها وفيه رد على من زعم نسخها، ومن زعم أنها بدعة إذ لو نسخت ما عمل بها الصحابة فمن بعدهم بالمدينة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى ويحلق رأسه.

رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم والبيهقي عن سمرة وصححه الترمذي والحاكم وأعله بعضهم بأنه من رواية الحسن عن سمرة وهو مدلس لكن في البخاري أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة قال الحافظ: فكأنه عنى هذا.
قال الإمام أحمد: مرتهن أي محتبس عن الشفاعة لوالديه إذا مات طفلاً أي فشبهه في عدم انفكاكه منها بالرهن في يد مرتهنه قال الخطابي: وهو جيد وتعقب بأن شفاعة الولد لوالده ليست بأولى من العكس وبأنه يقال لمن يشفع لغيره مرتهن فالأولى أن المراد أن العقيقة تخليص له من الشيطان الذي طعنه حين خروجه من حبسه له في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته.

( فمن عق عن ولده فإنما هي بمنزلة النسك) الهدايا ( والضحايا) فتجوز بالغنم والإبل والبقر خلافًا لمن قصرها على الغنم لورود الشاة في الأحاديث السابقة، لكن روى الطبراني عن أنس مرفوعًا يعق عنه من الإبل والبقر والغنم ( لا يجوز فيها عوراء) بالمد تأنيث أعور ( ولا عجفاء) بالمد الضعيفة ( ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ويكسر عظامها) جوازًا تكذيبًا للجاهلية في تحرجهم من ذلك وتفصيلهم إياها من المفاصل إذ لا فائدة في ذلك إلا اتباع الباطل، ولا يلتفت إلى من يقول فائدته التفاؤل بسلامة الصبي وبقائه إذ لا أصل له من كتاب ولا سنة ولا عمل ( ويأكل أهلها من لحمها ويتصدقون منها ولا يمس الصبي بشيء من دمها) أي يكره لخبر البخاري عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى فسره بعضهم بترك ما كانت الجاهلية تفعله من تلطيخ رأسه بدمها ولو فسر بإماطة الشعر، فكذلك لأنا إذا أمرنا به للنظافة بإجماع فلأن لا نقربه بالدم النجس أولى.

وروى أبو داود عن بريدة الصحابي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وإليه أشار في الرسالة بقوله وإن حلق رأسه بخلوق بدلاً من الدم الذي كانت تفعله الجاهلية فلا بأس بذلك.



رقم الحديث 1082 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ: يَعُقُّ عَنْ بَنِيهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِشَاةٍ شَاةٍ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَقِيقَةِ أَنَّ: مَنْ عَقَّ فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ، وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا، وَهِيَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا، فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ، فَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ وَالضَّحَايَا لَا يَجُوزُ فِيهَا عَوْرَاءُ وَلَا عَجْفَاءُ، وَلَا مَكْسُورَةٌ وَلَا مَرِيضَةٌ، وَلَا يُبَاعُ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ، وَلَا جِلْدُهَا وَيُكْسَرُ عِظَامُهَا، وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِهَا، وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا، وَلَا يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا.


( العمل في العقيقة)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياها) لأنه كان من أشد الصحابة اتباعًا للسنة فيحب نشرها ( وكان يعق) بضم العين من باب نصر ( عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث) لكل شاة اتباعًا للفعل النبوي وقياسًا على الأضحية فإن الذكر والأنثى فيها سواء.

( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن إبراهيم بن الحارث) بن خالد ( التيمي) تيم قريش أبي عبد الله المدني مات سنة عشرين ومائة على الصحيح ( أنه قال سمعت أبي يستحب) وفي نسخة يقول تستحب ( العقيقة ولو بعصفور) قال ابن عبد البر: كلام أخرج على التقليد والمبالغة كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر في الفرس: ولو أعطاكه بدرهم وكقوله في الأمة: ثم إذا زنت فبيعوها ولو بظفير للإجماع على أنه لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافه انتهى.

( مالك أنه بلغه أنه عق عن حسن وحسين ابني علي بن أبي طالب) أخرجه أبو داود من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا وأخرجه النسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عق صلى الله عليه وسلم بكبشين كبشين.

( مالك عن هشام بن عروة أن أباه عروة بن الزبير كان يعق) بضم العين ( عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة) عن كل واحد.

( قال مالك الأمر عندنا في العقيقة أن من عق فإنما يعق عن ولده بشاة شاة الذكور والإناث) قياسًا على الضحية فإن الذكر والأنثى فيها متساويان خلافًا لمن قال: يعق عن الغلام بشاتين قال ابن رشد: من عمل به فما أخطأ ولقد أصاب لما صححه الترمذي عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يعق عن الغلام شاتان متكافيتان، وعن الجارية بشاة انتهى.
لكن حجة مالك ومن وافقه أنه لما اختلفت الرواية فيما عق به عن الحسنين ترجح تساوي الذكور والإناث بالعمل والقياس على الأضحية ( وليست العقيقة بواجبة) كالأضحية بجامع أن كلا إراقة دم بغير جناية ولأنه صلى الله عليه وسلم وكل ذلك إلى محبة الأب فلو وجبت ما قال ذلك ( ولكنها يستحب العمل بها) اتباعًا للفعل النبوي وحملاً لأمره على الاستحباب لأن القاعدة أن الأمر إذا لم يصلح حمله على الوجوب حمل على الندب وقال الليث وأبو الزناد وداود واجبة ( وهي من الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا) فلا ينبغي تركها وفيه رد على من زعم نسخها، ومن زعم أنها بدعة إذ لو نسخت ما عمل بها الصحابة فمن بعدهم بالمدينة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى ويحلق رأسه.

رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم والبيهقي عن سمرة وصححه الترمذي والحاكم وأعله بعضهم بأنه من رواية الحسن عن سمرة وهو مدلس لكن في البخاري أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة قال الحافظ: فكأنه عنى هذا.
قال الإمام أحمد: مرتهن أي محتبس عن الشفاعة لوالديه إذا مات طفلاً أي فشبهه في عدم انفكاكه منها بالرهن في يد مرتهنه قال الخطابي: وهو جيد وتعقب بأن شفاعة الولد لوالده ليست بأولى من العكس وبأنه يقال لمن يشفع لغيره مرتهن فالأولى أن المراد أن العقيقة تخليص له من الشيطان الذي طعنه حين خروجه من حبسه له في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته.

( فمن عق عن ولده فإنما هي بمنزلة النسك) الهدايا ( والضحايا) فتجوز بالغنم والإبل والبقر خلافًا لمن قصرها على الغنم لورود الشاة في الأحاديث السابقة، لكن روى الطبراني عن أنس مرفوعًا يعق عنه من الإبل والبقر والغنم ( لا يجوز فيها عوراء) بالمد تأنيث أعور ( ولا عجفاء) بالمد الضعيفة ( ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ويكسر عظامها) جوازًا تكذيبًا للجاهلية في تحرجهم من ذلك وتفصيلهم إياها من المفاصل إذ لا فائدة في ذلك إلا اتباع الباطل، ولا يلتفت إلى من يقول فائدته التفاؤل بسلامة الصبي وبقائه إذ لا أصل له من كتاب ولا سنة ولا عمل ( ويأكل أهلها من لحمها ويتصدقون منها ولا يمس الصبي بشيء من دمها) أي يكره لخبر البخاري عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى فسره بعضهم بترك ما كانت الجاهلية تفعله من تلطيخ رأسه بدمها ولو فسر بإماطة الشعر، فكذلك لأنا إذا أمرنا به للنظافة بإجماع فلأن لا نقربه بالدم النجس أولى.

وروى أبو داود عن بريدة الصحابي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وإليه أشار في الرسالة بقوله وإن حلق رأسه بخلوق بدلاً من الدم الذي كانت تفعله الجاهلية فلا بأس بذلك.