فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمُكَاتَبِ

رقم الحديث 1498 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.


القضاء في المكاتب

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء) ولو قل وقد رواه ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وقد ورد مرفوعا أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو في أثناء حديث ( مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء) وقد روى ابن أبي شيبة وابن سعد عن سليمان بن يسار قال استأذنت على عائشة فعرفت صوتي فقالت سليمان فقلت سليمان فقالت أديت ما بقي عليك من كتابتك قلت نعم إلا شيئا يسيرا قالت ادخل فإنك عبد ما بقي عليك شيء وروى الشافعي وسعيد بن منصور عن زيد بن ثابت المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ( قال مالك وهو رأيي) وقاله الجمهور وكان فيه خلاف عن السلف فعن علي إذا أدى الشطر فهو غريم وعنه يعتق منه بقدر ما أدى وعن ابن مسعود لو كاتبه على مائتين وقيمته مائة فأدى المائة عتق وعن عطاء إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته عتق وروى النسائي عن ابن عباس مرفوعا المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ورجال إسناده ثقات لكن اختلف في إرساله ووصله وحجة الجمهور حديث عائشة وهو أقوى ووجه الدلالة منه أن بريرة بيعت بعد أن كوتبت ولولا أن المكاتب يصير بنفس الكتابة حرا لمنع بيعها وقد ناظر زيد بن ثابت عليا فقال أترجمه ولو زنى أو تجيز شهادته إن شهد فقال علي لا فقال زيد فهو عبد ما بقي عليه شيء ( قال مالك فإن هلك المكاتب وترك مالا أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في) زمن ( كتابته) أي بعد عقدها ( أو) كانوا موجودين قبلها و( كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته) إلى سيده ( مالك عن حميد بن قيس المكي) الأعرج القاري ( أن مكاتبا) اسمه عباد ( كان لابن المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته وديونا للناس) عليه ( وترك ابنته فأشكل على عامل) أي أمير ( مكة) يومئذ ( القضاء فيه) لعدم علمه به ( فكتب إلى عبد الملك بن مروان) الخليفة إذ ذاك ( يسأله عن ذلك) وأرسله إلى الشام ( فكتب إليه عبد الملك أن ابدأ بديون الناس) فاقضها لهم ( ثم اقبض ما بقي من كتابته) لسيده ( ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه) معتقه الذي كاتبه نصفين قال أبو عمر قضى بذلك معاوية قبله ذكر معمر عن قتادة عن معبد الجهني قال سألني عبد الملك عن المكاتب يموت وله ولدا حرار فقلت قضى عمر أن ماله كله لسيده وقضى معاوية أن سيده يعطى بقية كتابته ثم ما بقي لولده الأحرار ومالك لا يقول بهذا لأنه جاء من وجوه أن بنته كانت حرة أمها حرة والمكاتب لا يرثه وارثه الحر إذا مات قبل العتق وإنما يرثه من معه من ورثته في كتابته وإلا فكله لسيده كما قضى به عمر وقاله زيد بن ثابت انتهى ملخصا ( قال مالك الأمر عندنا أنه ليس) يجب ( على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك) وإنما يستحب ( ولم أسمع أن أحدا من الأئمة أكره رجلا على أن يكاتب عبده) وفي البخاري تعليقا وأخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن وعبد الرزاق وغيرهما أن سيرين والد محمد سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فاستعداه عليه فقال عمر لأنس كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا عمر { { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } } فكاتبه أنس وروى ابن سعد عن محمد بن سيرين قال كاتب أنس أبي على أربعين ألف درهم وروى البيهقي عن أنس بن سيرين عن أبيه قال كاتبني أنس على عشرين ألف درهم قال الحافظ فإن كانا محفوظين جمع بينهما بحمل أحدهما على الوزن والآخر على العدد ولابن أبي شيبة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال هذه مكاتبة أنس عندنا هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين على كذا وكذا ألفا وعلى غلامين يعملان مثل عمله فظاهر ضرب عمر لأنس حين امتنع أنه كان يرى وجوب الكتابة إذا سألها العبد وليس ذلك بلازم لاحتمال أنه أدبه على ترك المندوب المؤكد وكذلك ما رواه عبد الرزاق أن عثمان قال لمن سأله الكتابة لولا آية من كتاب الله تعالى ما فعلت لا يدل على أنه يرى الوجوب قال ابن القصار إنما علا عمر أنسا بالدرة على وجه النصح لأنس ولو لزمته ما أبى وإنما ندبه عمر إلى الأفضل وكذا قال ابن عبد البر يحتمل أن يكون فعل عمر بأنس على الاختيار والاستحسان لا على الوجوب وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له أن الله تبارك وتعالى يقول { { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } } قيل مالا وقيل صلاحا وقيل غناء وأداء وقيل صدقا ووفاء وقوة قال أبو عمر دل حديث بريرة أنه الكسب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسألها أمعك مال أم لا ولم ينهها عن السؤال وقد يكون الكسب بالمسألة وقد قيل المسألة آخر كسب المؤمن وقال بعض أهل النظر لا يحتمل أن الخير في الآية المال لأنه لا يجوز لغة أن يقال في العبد مال أو في الأمة مال لأن المال لا يكون في الإنسان إنما يكون له وعنده وفي يده لا فيه قال وقول من قال يعني دينا وأمانة وصدقا ووفاء أولى فظاهر الأمر الوجوب كما قال به مسروق وعطاء والضحاك وعمرو بن دينار وعكرمة وداود وأتباعه واختاره ابن جرير وأجيب بأن الأمر ليس للوجوب لأن الكتابة إما بيع أو عتق وكلاهما لا يجب والأمر جاء في القرآن لغير الوجوب ولذا كان بعض العلماء { { يتلو هاتين الآيتين وإذا حللتم فاصطادوا } } والصيد بعد الإحلال لا يجب إجماعا فهو أمر إباحة { { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } } والانتشار والابتغاء لا يجبان بعد انقضاء الصلاة فهو للإباحة ولذا ( قال مالك وإنما ذلك أمر أذن الله فيه للناس وليس بواجب عليهم) لأن الكتابة عقد غرر فالأصل أن لا تجوز فلما أذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ولا يرد عليه أنها مستحبة لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى وقال أبو عمر لما لم يجب على السيد بيعه بإجماع وفي الكتابة إخراج ملكه عنه بغير رضا ولا طيب نفس كانت الكتابة أحرى أن لا تجب ودل ذلك على أن الآية على الندب لا على الإيجاب وقال أبو سعيد الإصطخري القرينة الصارفة له عن الوجوب الشرط في قوله { { إن علمتم فيهم خيرا } } فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى الموالي ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه فدل على أنه غير واجب وقال القرطبي لما ثبت أن العبد وكسبه ملك للسيد دل على أن الأمر بكتابته غير واجب لأن قوله خذ كسبي وأعتقني بمنزلة أعتقني بلا شيء وذلك لا يجب اتفاقا قال مالك وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله تبارك وتعالى { { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } } أمر للموالي أن يبذلوا لهم شيئًا من أموالهم للوجوب عند الأكثر والندب عند مالك وجماعة لأنه في معنى صدقة التطوع والإعانة على العتق وكل منهما لا يجب وفي معنى الإيتاء حط جزء من مال الكتابة كما قال ( إن ذاك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع) يحط ( عنه من آخر كتابته شيئا مسمى) وهو الجزء الأخير لأن به يخرج حرا فتظهر ثمرته ( قال فهذا الذي سمعت من أهل العلم) أي بعضهم كما عبر به أولا ( وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا وقد بلغني) لعله من نافع أو ابن دينار ( أن عبد الله بن عمر كاتب غلاما له على خمسة وثلاثين ألف درهم) فضة ( ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم) فخرج حرا ( والأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله) لأنها في معنى العتق وهو يتبعه إذا أعتقه ولم يستثنه ( ولم يتبعه ولده) لأنهم ذوات أخر ( إلا أن يشترطهم في كتابته) فيدخلون لأنه بالشرط كأن الكتابة وقعت على الجميع ( مالك في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل) بفتح الحاء والموحدة أي حمل ( منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته فإنه لا يتبعه ذلك الولد لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده فأما الجارية فإنها للمكاتب لأنها من ماله) وهو يتبعه ماله ( مالك في رجل ورث مكاتبا من امرأته) متعلق بورث ( هو) أي الرجل ( وابنها) أي المرأة ( أن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته) اقتسما ميراثه ( على كتاب الله) للزوج الربع وللابن الباقي لأنه بموته قبل قضاء الكتابة بان أنه موروث عن المرأة ( وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة ليس للزوج من ميراثه شيء) لأنه إنما ورث بالولاء وليس للزوج فيه دخل ( والمكاتب) بفتح التاء ( يكاتب عبده ينظر في ذلك فإن كان إنما أراد المحاباة) المسامحة مأخوذ من حبوته إذا أعطيته ( لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه) في قدر الكتابة والباء سببية ( فلا يجوز ذلك وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وابتغاء) طلب ( الفضل) الزيادة ( والعون على كتابته فذلك جائز له) لأنه أحرز نفسه وماله بالكتابة فصار كالحر في تصرفه إلا في التبرعات والمحاباة المؤدية إلى عجزه ( مالك في رجل) ولغير يحيى قال مالك لا ينبغي أن يطأ الرجل مكاتبته فإن جهل و( وطئ مكاتبة له أنها إن حملت فهي بالخيار إن شاءت كانت أم ولد) وإن كان لها مال كثير ظاهر وقوة على السعي للاختلاف فيها فقد قال ابن المسيب إذا حملت بطلت كتابتها وصارت أم ولد ( وإن شاءت قرت على كتابتها) ونفقتها على السيد مدة حملها كالمبتوتة ( فإن لم تحمل فهي على كتابتها) باقية ويؤدب السيد في وطء مكاتبته إلا أن يعذر بجهل كما في المدونة ( والأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين أن أحدهما لا يكاتب نصيبه) أي حصته ( منه أذن بذلك صاحبه) أي شريكه ( أو لم يأذن إلا أن يكاتبا جميعا) فيجوز وعلل ما قبل الاستثناء بقوله ( لأن ذلك يعقد له عتقا ويصبر إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه) لأن السراية بالتكميل أو التقويم إنما هي بالعتق الناجز لا بالكتابة ( فذلك خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا) بكسر فسكون نصيبا ( له في عبد قوم عليه قيمة العدل) أي يلزم لو قيل بالجواز مخالفته الحديث ( فإن جهل ذلك) أي لم يعلم بكتابة أحد الشريكين نصيبه ( حتى يؤدي المكاتب أو قبل أن يؤدي رد عليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما) لأنه مملوك لهما ( وبطلت كتابته وكان عبدا لهما على حاله الأولى) التي قبل الكتابة ( قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه وأبى الآخر أن ينظره) يؤخره ( فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه ثم مات المكاتب وترك ما ليس فيه وفاء من كتابته قال مالك يتحاصان) أي يقتسمان ( ما تركه بقدر ما بقي لهما عليه يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته) بيان للتحاصص ( فإن ترك المكاتب فضلا) زيادة ( عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة وكان ما بقي بينهما بالسواء) أي بقدر حصصهما ( فإن عجز المكاتب وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين) إذا كان ملكهما له كذلك ( ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه) فكان تركه له ( وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه ثم عجز فهو بينهما ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه) أي له ( شيئا لأنه إنما اقتضى الذي له عليه) وذلك أسقط ماله ( وذلك بمنزلة الدين يكون للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد فينظره أحدهما ويشح) أي يأبى ( الآخر فيقضي بعض حقه ثم يفلس الغريم فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئا مما أخذ) لأنه إنما أخذ ماله.



رقم الحديث 1499 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، كَانَا يَقُولَانِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ رَأْيِي.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ، وَتَرَكَ مَالًا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ.
وَلَهُ وَلَدٌ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ.
أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَرِثُوا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ.


القضاء في المكاتب

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء) ولو قل وقد رواه ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وقد ورد مرفوعا أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو في أثناء حديث ( مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء) وقد روى ابن أبي شيبة وابن سعد عن سليمان بن يسار قال استأذنت على عائشة فعرفت صوتي فقالت سليمان فقلت سليمان فقالت أديت ما بقي عليك من كتابتك قلت نعم إلا شيئا يسيرا قالت ادخل فإنك عبد ما بقي عليك شيء وروى الشافعي وسعيد بن منصور عن زيد بن ثابت المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ( قال مالك وهو رأيي) وقاله الجمهور وكان فيه خلاف عن السلف فعن علي إذا أدى الشطر فهو غريم وعنه يعتق منه بقدر ما أدى وعن ابن مسعود لو كاتبه على مائتين وقيمته مائة فأدى المائة عتق وعن عطاء إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته عتق وروى النسائي عن ابن عباس مرفوعا المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ورجال إسناده ثقات لكن اختلف في إرساله ووصله وحجة الجمهور حديث عائشة وهو أقوى ووجه الدلالة منه أن بريرة بيعت بعد أن كوتبت ولولا أن المكاتب يصير بنفس الكتابة حرا لمنع بيعها وقد ناظر زيد بن ثابت عليا فقال أترجمه ولو زنى أو تجيز شهادته إن شهد فقال علي لا فقال زيد فهو عبد ما بقي عليه شيء ( قال مالك فإن هلك المكاتب وترك مالا أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في) زمن ( كتابته) أي بعد عقدها ( أو) كانوا موجودين قبلها و( كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته) إلى سيده ( مالك عن حميد بن قيس المكي) الأعرج القاري ( أن مكاتبا) اسمه عباد ( كان لابن المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته وديونا للناس) عليه ( وترك ابنته فأشكل على عامل) أي أمير ( مكة) يومئذ ( القضاء فيه) لعدم علمه به ( فكتب إلى عبد الملك بن مروان) الخليفة إذ ذاك ( يسأله عن ذلك) وأرسله إلى الشام ( فكتب إليه عبد الملك أن ابدأ بديون الناس) فاقضها لهم ( ثم اقبض ما بقي من كتابته) لسيده ( ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه) معتقه الذي كاتبه نصفين قال أبو عمر قضى بذلك معاوية قبله ذكر معمر عن قتادة عن معبد الجهني قال سألني عبد الملك عن المكاتب يموت وله ولدا حرار فقلت قضى عمر أن ماله كله لسيده وقضى معاوية أن سيده يعطى بقية كتابته ثم ما بقي لولده الأحرار ومالك لا يقول بهذا لأنه جاء من وجوه أن بنته كانت حرة أمها حرة والمكاتب لا يرثه وارثه الحر إذا مات قبل العتق وإنما يرثه من معه من ورثته في كتابته وإلا فكله لسيده كما قضى به عمر وقاله زيد بن ثابت انتهى ملخصا ( قال مالك الأمر عندنا أنه ليس) يجب ( على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك) وإنما يستحب ( ولم أسمع أن أحدا من الأئمة أكره رجلا على أن يكاتب عبده) وفي البخاري تعليقا وأخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن وعبد الرزاق وغيرهما أن سيرين والد محمد سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فاستعداه عليه فقال عمر لأنس كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا عمر { { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } } فكاتبه أنس وروى ابن سعد عن محمد بن سيرين قال كاتب أنس أبي على أربعين ألف درهم وروى البيهقي عن أنس بن سيرين عن أبيه قال كاتبني أنس على عشرين ألف درهم قال الحافظ فإن كانا محفوظين جمع بينهما بحمل أحدهما على الوزن والآخر على العدد ولابن أبي شيبة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال هذه مكاتبة أنس عندنا هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين على كذا وكذا ألفا وعلى غلامين يعملان مثل عمله فظاهر ضرب عمر لأنس حين امتنع أنه كان يرى وجوب الكتابة إذا سألها العبد وليس ذلك بلازم لاحتمال أنه أدبه على ترك المندوب المؤكد وكذلك ما رواه عبد الرزاق أن عثمان قال لمن سأله الكتابة لولا آية من كتاب الله تعالى ما فعلت لا يدل على أنه يرى الوجوب قال ابن القصار إنما علا عمر أنسا بالدرة على وجه النصح لأنس ولو لزمته ما أبى وإنما ندبه عمر إلى الأفضل وكذا قال ابن عبد البر يحتمل أن يكون فعل عمر بأنس على الاختيار والاستحسان لا على الوجوب وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له أن الله تبارك وتعالى يقول { { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } } قيل مالا وقيل صلاحا وقيل غناء وأداء وقيل صدقا ووفاء وقوة قال أبو عمر دل حديث بريرة أنه الكسب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسألها أمعك مال أم لا ولم ينهها عن السؤال وقد يكون الكسب بالمسألة وقد قيل المسألة آخر كسب المؤمن وقال بعض أهل النظر لا يحتمل أن الخير في الآية المال لأنه لا يجوز لغة أن يقال في العبد مال أو في الأمة مال لأن المال لا يكون في الإنسان إنما يكون له وعنده وفي يده لا فيه قال وقول من قال يعني دينا وأمانة وصدقا ووفاء أولى فظاهر الأمر الوجوب كما قال به مسروق وعطاء والضحاك وعمرو بن دينار وعكرمة وداود وأتباعه واختاره ابن جرير وأجيب بأن الأمر ليس للوجوب لأن الكتابة إما بيع أو عتق وكلاهما لا يجب والأمر جاء في القرآن لغير الوجوب ولذا كان بعض العلماء { { يتلو هاتين الآيتين وإذا حللتم فاصطادوا } } والصيد بعد الإحلال لا يجب إجماعا فهو أمر إباحة { { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } } والانتشار والابتغاء لا يجبان بعد انقضاء الصلاة فهو للإباحة ولذا ( قال مالك وإنما ذلك أمر أذن الله فيه للناس وليس بواجب عليهم) لأن الكتابة عقد غرر فالأصل أن لا تجوز فلما أذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ولا يرد عليه أنها مستحبة لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى وقال أبو عمر لما لم يجب على السيد بيعه بإجماع وفي الكتابة إخراج ملكه عنه بغير رضا ولا طيب نفس كانت الكتابة أحرى أن لا تجب ودل ذلك على أن الآية على الندب لا على الإيجاب وقال أبو سعيد الإصطخري القرينة الصارفة له عن الوجوب الشرط في قوله { { إن علمتم فيهم خيرا } } فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى الموالي ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه فدل على أنه غير واجب وقال القرطبي لما ثبت أن العبد وكسبه ملك للسيد دل على أن الأمر بكتابته غير واجب لأن قوله خذ كسبي وأعتقني بمنزلة أعتقني بلا شيء وذلك لا يجب اتفاقا قال مالك وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله تبارك وتعالى { { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } } أمر للموالي أن يبذلوا لهم شيئًا من أموالهم للوجوب عند الأكثر والندب عند مالك وجماعة لأنه في معنى صدقة التطوع والإعانة على العتق وكل منهما لا يجب وفي معنى الإيتاء حط جزء من مال الكتابة كما قال ( إن ذاك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع) يحط ( عنه من آخر كتابته شيئا مسمى) وهو الجزء الأخير لأن به يخرج حرا فتظهر ثمرته ( قال فهذا الذي سمعت من أهل العلم) أي بعضهم كما عبر به أولا ( وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا وقد بلغني) لعله من نافع أو ابن دينار ( أن عبد الله بن عمر كاتب غلاما له على خمسة وثلاثين ألف درهم) فضة ( ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم) فخرج حرا ( والأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله) لأنها في معنى العتق وهو يتبعه إذا أعتقه ولم يستثنه ( ولم يتبعه ولده) لأنهم ذوات أخر ( إلا أن يشترطهم في كتابته) فيدخلون لأنه بالشرط كأن الكتابة وقعت على الجميع ( مالك في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل) بفتح الحاء والموحدة أي حمل ( منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته فإنه لا يتبعه ذلك الولد لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده فأما الجارية فإنها للمكاتب لأنها من ماله) وهو يتبعه ماله ( مالك في رجل ورث مكاتبا من امرأته) متعلق بورث ( هو) أي الرجل ( وابنها) أي المرأة ( أن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته) اقتسما ميراثه ( على كتاب الله) للزوج الربع وللابن الباقي لأنه بموته قبل قضاء الكتابة بان أنه موروث عن المرأة ( وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة ليس للزوج من ميراثه شيء) لأنه إنما ورث بالولاء وليس للزوج فيه دخل ( والمكاتب) بفتح التاء ( يكاتب عبده ينظر في ذلك فإن كان إنما أراد المحاباة) المسامحة مأخوذ من حبوته إذا أعطيته ( لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه) في قدر الكتابة والباء سببية ( فلا يجوز ذلك وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وابتغاء) طلب ( الفضل) الزيادة ( والعون على كتابته فذلك جائز له) لأنه أحرز نفسه وماله بالكتابة فصار كالحر في تصرفه إلا في التبرعات والمحاباة المؤدية إلى عجزه ( مالك في رجل) ولغير يحيى قال مالك لا ينبغي أن يطأ الرجل مكاتبته فإن جهل و( وطئ مكاتبة له أنها إن حملت فهي بالخيار إن شاءت كانت أم ولد) وإن كان لها مال كثير ظاهر وقوة على السعي للاختلاف فيها فقد قال ابن المسيب إذا حملت بطلت كتابتها وصارت أم ولد ( وإن شاءت قرت على كتابتها) ونفقتها على السيد مدة حملها كالمبتوتة ( فإن لم تحمل فهي على كتابتها) باقية ويؤدب السيد في وطء مكاتبته إلا أن يعذر بجهل كما في المدونة ( والأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين أن أحدهما لا يكاتب نصيبه) أي حصته ( منه أذن بذلك صاحبه) أي شريكه ( أو لم يأذن إلا أن يكاتبا جميعا) فيجوز وعلل ما قبل الاستثناء بقوله ( لأن ذلك يعقد له عتقا ويصبر إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه) لأن السراية بالتكميل أو التقويم إنما هي بالعتق الناجز لا بالكتابة ( فذلك خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا) بكسر فسكون نصيبا ( له في عبد قوم عليه قيمة العدل) أي يلزم لو قيل بالجواز مخالفته الحديث ( فإن جهل ذلك) أي لم يعلم بكتابة أحد الشريكين نصيبه ( حتى يؤدي المكاتب أو قبل أن يؤدي رد عليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما) لأنه مملوك لهما ( وبطلت كتابته وكان عبدا لهما على حاله الأولى) التي قبل الكتابة ( قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه وأبى الآخر أن ينظره) يؤخره ( فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه ثم مات المكاتب وترك ما ليس فيه وفاء من كتابته قال مالك يتحاصان) أي يقتسمان ( ما تركه بقدر ما بقي لهما عليه يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته) بيان للتحاصص ( فإن ترك المكاتب فضلا) زيادة ( عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة وكان ما بقي بينهما بالسواء) أي بقدر حصصهما ( فإن عجز المكاتب وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين) إذا كان ملكهما له كذلك ( ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه) فكان تركه له ( وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه ثم عجز فهو بينهما ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه) أي له ( شيئا لأنه إنما اقتضى الذي له عليه) وذلك أسقط ماله ( وذلك بمنزلة الدين يكون للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد فينظره أحدهما ويشح) أي يأبى ( الآخر فيقضي بعض حقه ثم يفلس الغريم فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئا مما أخذ) لأنه إنما أخذ ماله.



رقم الحديث 1501 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّ مُكَاتَبًا، كَانَ لِابْنِ الْمُتَوَكِّلِ هَلَكَ بِمَكَّةَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ.
وَدُيُونًا لِلنَّاسِ.
وَتَرَكَ ابْنَتَهُ.
فَأَشْكَلَ عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِيهِ.
فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنِ ابْدَأْ بِدُيُونِ النَّاسِ ثُمَّ اقْضِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ.
ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَمَوْلَاهُ
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يُكَاتِبَهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ.
وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: { { فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } } يَتْلُو هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ { { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } } قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَمْرٌ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ: وسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } } إِنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا مُسَمًّى.
قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَأَدْرَكْتُ عَمَلَ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْ مُكَاتَبَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ تَبِعَهُ مَالُهُ.
وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ.
قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ جَارِيَةٌ بِهَا حَبَلٌ مِنْهُ: لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هُوَ وَلَا سَيِّدُهُ يَوْمَ كِتَابَتِهِ.
فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ.
لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ.
وَهُوَ لِسَيِّدِهِ.
فَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنَّهَا لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ.
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَرِثَ مُكَاتَبًا مِنِ امْرَأَتِهِ هُوَ وَابْنُهَا: إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ.
اقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ.
فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ.
وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ، وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ.
فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَطَلَبِ الْمَالِ، وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَطِئَ مُكَاتَبَةً لَهُ: إِنَّهَا إِنْ حَمَلَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ.
إِنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ.
وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا.
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ: إِنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُكَاتِبُ نَصِيبَهُ مِنْهُ.
أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ.
إِلَّا أَنْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا.
لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْقِدُ لَهُ عِتْقًا.
وَيَصِيرُ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ.
إِلَى أَنْ يَعْتِقَ نِصْفُهُ.
وَلَا يَكُونُ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ بَعْضَهُ، أَنْ يَسْتَتِمَّ عِتْقَهُ فَذَلِكَ خِلَافُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ رَدَّ إِلَيْهِ الَّذِي كَاتَبَهُ.
مَا قَبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ.
فَاقْتَسَمَهُ هُوَ وَشَرِيكُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا.
وَبَطَلَتْ كِتَابَتُهُ.
وَكَانَ عَبْدًا لَهُمَا عَلَى حَالِهِ الْأُولَى.
قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ: فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ.
ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: يَتَحَاصَّانِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُمَا عَلَيْهِ.
يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ.
فَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَضْلًا عَنْ كِتَابَتِهِ، أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ.
وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقَدِ اقْتَضَى الَّذِي لَمْ يُنْظِرْهُ أَكْثَرَ مِمَّا اقْتَضَى صَاحِبُهُ، كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَلَا يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلَ مَا اقْتَضَى.
لِأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.
وَإِنْ وَضَعَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا الَّذِي لَهُ ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ بَعْضَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ.
وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ.
فَيُنْظِرُهُ أَحَدُهُمَا وَيَشِحُّ الْآخَرُ فَيَقْتَضِي بَعْضَ حَقِّهِ.
ثُمَّ يُفْلِسُ الْغَرِيمُ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى.
أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ.


القضاء في المكاتب

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء) ولو قل وقد رواه ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وقد ورد مرفوعا أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو في أثناء حديث ( مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء) وقد روى ابن أبي شيبة وابن سعد عن سليمان بن يسار قال استأذنت على عائشة فعرفت صوتي فقالت سليمان فقلت سليمان فقالت أديت ما بقي عليك من كتابتك قلت نعم إلا شيئا يسيرا قالت ادخل فإنك عبد ما بقي عليك شيء وروى الشافعي وسعيد بن منصور عن زيد بن ثابت المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ( قال مالك وهو رأيي) وقاله الجمهور وكان فيه خلاف عن السلف فعن علي إذا أدى الشطر فهو غريم وعنه يعتق منه بقدر ما أدى وعن ابن مسعود لو كاتبه على مائتين وقيمته مائة فأدى المائة عتق وعن عطاء إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته عتق وروى النسائي عن ابن عباس مرفوعا المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ورجال إسناده ثقات لكن اختلف في إرساله ووصله وحجة الجمهور حديث عائشة وهو أقوى ووجه الدلالة منه أن بريرة بيعت بعد أن كوتبت ولولا أن المكاتب يصير بنفس الكتابة حرا لمنع بيعها وقد ناظر زيد بن ثابت عليا فقال أترجمه ولو زنى أو تجيز شهادته إن شهد فقال علي لا فقال زيد فهو عبد ما بقي عليه شيء ( قال مالك فإن هلك المكاتب وترك مالا أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في) زمن ( كتابته) أي بعد عقدها ( أو) كانوا موجودين قبلها و( كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته) إلى سيده ( مالك عن حميد بن قيس المكي) الأعرج القاري ( أن مكاتبا) اسمه عباد ( كان لابن المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته وديونا للناس) عليه ( وترك ابنته فأشكل على عامل) أي أمير ( مكة) يومئذ ( القضاء فيه) لعدم علمه به ( فكتب إلى عبد الملك بن مروان) الخليفة إذ ذاك ( يسأله عن ذلك) وأرسله إلى الشام ( فكتب إليه عبد الملك أن ابدأ بديون الناس) فاقضها لهم ( ثم اقبض ما بقي من كتابته) لسيده ( ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه) معتقه الذي كاتبه نصفين قال أبو عمر قضى بذلك معاوية قبله ذكر معمر عن قتادة عن معبد الجهني قال سألني عبد الملك عن المكاتب يموت وله ولدا حرار فقلت قضى عمر أن ماله كله لسيده وقضى معاوية أن سيده يعطى بقية كتابته ثم ما بقي لولده الأحرار ومالك لا يقول بهذا لأنه جاء من وجوه أن بنته كانت حرة أمها حرة والمكاتب لا يرثه وارثه الحر إذا مات قبل العتق وإنما يرثه من معه من ورثته في كتابته وإلا فكله لسيده كما قضى به عمر وقاله زيد بن ثابت انتهى ملخصا ( قال مالك الأمر عندنا أنه ليس) يجب ( على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك) وإنما يستحب ( ولم أسمع أن أحدا من الأئمة أكره رجلا على أن يكاتب عبده) وفي البخاري تعليقا وأخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن وعبد الرزاق وغيرهما أن سيرين والد محمد سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فاستعداه عليه فقال عمر لأنس كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا عمر { { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } } فكاتبه أنس وروى ابن سعد عن محمد بن سيرين قال كاتب أنس أبي على أربعين ألف درهم وروى البيهقي عن أنس بن سيرين عن أبيه قال كاتبني أنس على عشرين ألف درهم قال الحافظ فإن كانا محفوظين جمع بينهما بحمل أحدهما على الوزن والآخر على العدد ولابن أبي شيبة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال هذه مكاتبة أنس عندنا هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين على كذا وكذا ألفا وعلى غلامين يعملان مثل عمله فظاهر ضرب عمر لأنس حين امتنع أنه كان يرى وجوب الكتابة إذا سألها العبد وليس ذلك بلازم لاحتمال أنه أدبه على ترك المندوب المؤكد وكذلك ما رواه عبد الرزاق أن عثمان قال لمن سأله الكتابة لولا آية من كتاب الله تعالى ما فعلت لا يدل على أنه يرى الوجوب قال ابن القصار إنما علا عمر أنسا بالدرة على وجه النصح لأنس ولو لزمته ما أبى وإنما ندبه عمر إلى الأفضل وكذا قال ابن عبد البر يحتمل أن يكون فعل عمر بأنس على الاختيار والاستحسان لا على الوجوب وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له أن الله تبارك وتعالى يقول { { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } } قيل مالا وقيل صلاحا وقيل غناء وأداء وقيل صدقا ووفاء وقوة قال أبو عمر دل حديث بريرة أنه الكسب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسألها أمعك مال أم لا ولم ينهها عن السؤال وقد يكون الكسب بالمسألة وقد قيل المسألة آخر كسب المؤمن وقال بعض أهل النظر لا يحتمل أن الخير في الآية المال لأنه لا يجوز لغة أن يقال في العبد مال أو في الأمة مال لأن المال لا يكون في الإنسان إنما يكون له وعنده وفي يده لا فيه قال وقول من قال يعني دينا وأمانة وصدقا ووفاء أولى فظاهر الأمر الوجوب كما قال به مسروق وعطاء والضحاك وعمرو بن دينار وعكرمة وداود وأتباعه واختاره ابن جرير وأجيب بأن الأمر ليس للوجوب لأن الكتابة إما بيع أو عتق وكلاهما لا يجب والأمر جاء في القرآن لغير الوجوب ولذا كان بعض العلماء { { يتلو هاتين الآيتين وإذا حللتم فاصطادوا } } والصيد بعد الإحلال لا يجب إجماعا فهو أمر إباحة { { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } } والانتشار والابتغاء لا يجبان بعد انقضاء الصلاة فهو للإباحة ولذا ( قال مالك وإنما ذلك أمر أذن الله فيه للناس وليس بواجب عليهم) لأن الكتابة عقد غرر فالأصل أن لا تجوز فلما أذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ولا يرد عليه أنها مستحبة لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى وقال أبو عمر لما لم يجب على السيد بيعه بإجماع وفي الكتابة إخراج ملكه عنه بغير رضا ولا طيب نفس كانت الكتابة أحرى أن لا تجب ودل ذلك على أن الآية على الندب لا على الإيجاب وقال أبو سعيد الإصطخري القرينة الصارفة له عن الوجوب الشرط في قوله { { إن علمتم فيهم خيرا } } فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى الموالي ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه فدل على أنه غير واجب وقال القرطبي لما ثبت أن العبد وكسبه ملك للسيد دل على أن الأمر بكتابته غير واجب لأن قوله خذ كسبي وأعتقني بمنزلة أعتقني بلا شيء وذلك لا يجب اتفاقا قال مالك وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله تبارك وتعالى { { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } } أمر للموالي أن يبذلوا لهم شيئًا من أموالهم للوجوب عند الأكثر والندب عند مالك وجماعة لأنه في معنى صدقة التطوع والإعانة على العتق وكل منهما لا يجب وفي معنى الإيتاء حط جزء من مال الكتابة كما قال ( إن ذاك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع) يحط ( عنه من آخر كتابته شيئا مسمى) وهو الجزء الأخير لأن به يخرج حرا فتظهر ثمرته ( قال فهذا الذي سمعت من أهل العلم) أي بعضهم كما عبر به أولا ( وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا وقد بلغني) لعله من نافع أو ابن دينار ( أن عبد الله بن عمر كاتب غلاما له على خمسة وثلاثين ألف درهم) فضة ( ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم) فخرج حرا ( والأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله) لأنها في معنى العتق وهو يتبعه إذا أعتقه ولم يستثنه ( ولم يتبعه ولده) لأنهم ذوات أخر ( إلا أن يشترطهم في كتابته) فيدخلون لأنه بالشرط كأن الكتابة وقعت على الجميع ( مالك في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل) بفتح الحاء والموحدة أي حمل ( منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته فإنه لا يتبعه ذلك الولد لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده فأما الجارية فإنها للمكاتب لأنها من ماله) وهو يتبعه ماله ( مالك في رجل ورث مكاتبا من امرأته) متعلق بورث ( هو) أي الرجل ( وابنها) أي المرأة ( أن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته) اقتسما ميراثه ( على كتاب الله) للزوج الربع وللابن الباقي لأنه بموته قبل قضاء الكتابة بان أنه موروث عن المرأة ( وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة ليس للزوج من ميراثه شيء) لأنه إنما ورث بالولاء وليس للزوج فيه دخل ( والمكاتب) بفتح التاء ( يكاتب عبده ينظر في ذلك فإن كان إنما أراد المحاباة) المسامحة مأخوذ من حبوته إذا أعطيته ( لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه) في قدر الكتابة والباء سببية ( فلا يجوز ذلك وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وابتغاء) طلب ( الفضل) الزيادة ( والعون على كتابته فذلك جائز له) لأنه أحرز نفسه وماله بالكتابة فصار كالحر في تصرفه إلا في التبرعات والمحاباة المؤدية إلى عجزه ( مالك في رجل) ولغير يحيى قال مالك لا ينبغي أن يطأ الرجل مكاتبته فإن جهل و( وطئ مكاتبة له أنها إن حملت فهي بالخيار إن شاءت كانت أم ولد) وإن كان لها مال كثير ظاهر وقوة على السعي للاختلاف فيها فقد قال ابن المسيب إذا حملت بطلت كتابتها وصارت أم ولد ( وإن شاءت قرت على كتابتها) ونفقتها على السيد مدة حملها كالمبتوتة ( فإن لم تحمل فهي على كتابتها) باقية ويؤدب السيد في وطء مكاتبته إلا أن يعذر بجهل كما في المدونة ( والأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين أن أحدهما لا يكاتب نصيبه) أي حصته ( منه أذن بذلك صاحبه) أي شريكه ( أو لم يأذن إلا أن يكاتبا جميعا) فيجوز وعلل ما قبل الاستثناء بقوله ( لأن ذلك يعقد له عتقا ويصبر إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه) لأن السراية بالتكميل أو التقويم إنما هي بالعتق الناجز لا بالكتابة ( فذلك خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا) بكسر فسكون نصيبا ( له في عبد قوم عليه قيمة العدل) أي يلزم لو قيل بالجواز مخالفته الحديث ( فإن جهل ذلك) أي لم يعلم بكتابة أحد الشريكين نصيبه ( حتى يؤدي المكاتب أو قبل أن يؤدي رد عليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما) لأنه مملوك لهما ( وبطلت كتابته وكان عبدا لهما على حاله الأولى) التي قبل الكتابة ( قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه وأبى الآخر أن ينظره) يؤخره ( فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه ثم مات المكاتب وترك ما ليس فيه وفاء من كتابته قال مالك يتحاصان) أي يقتسمان ( ما تركه بقدر ما بقي لهما عليه يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته) بيان للتحاصص ( فإن ترك المكاتب فضلا) زيادة ( عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة وكان ما بقي بينهما بالسواء) أي بقدر حصصهما ( فإن عجز المكاتب وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين) إذا كان ملكهما له كذلك ( ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه) فكان تركه له ( وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه ثم عجز فهو بينهما ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه) أي له ( شيئا لأنه إنما اقتضى الذي له عليه) وذلك أسقط ماله ( وذلك بمنزلة الدين يكون للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد فينظره أحدهما ويشح) أي يأبى ( الآخر فيقضي بعض حقه ثم يفلس الغريم فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئا مما أخذ) لأنه إنما أخذ ماله.