فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ وَالذَّهَبِ

رقم الحديث 1654 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فِي الْخَطَإِ، أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ، وَيَصِحَّ وَأَنَّهُ إِنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْجَسَدِ خَطَأً، فَبَرَأَ وَصَحَّ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ، فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ، فَإِنْ نَقَصَ أَوْ كَانَ فِيهِ عَثَلٌ فَفِيهِ مِنْ عَقْلِهِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ مِمَّا جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلٌ مُسَمًّى، فَبِحِسَابِ مَا فَرَضَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ مِمَّا لَمْ يَأْتِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلٌ مُسَمًّى، وَلَمْ تَمْضِ فِيهِ سُنَّةٌ، وَلَا عَقْلٌ مُسَمًّى، فَإِنَّهُ يُجْتَهَدُ فِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ فِي الْجِرَاحِ فِي الْجَسَدِ إِذَا كَانَتْ خَطَأً عَقْلٌ إِذَا بَرَأَ الْجُرْحُ، وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَثَلٌ أَوْ شَيْنٌ، فَإِنَّهُ يُجْتَهَدُ فِيهِ إِلَّا الْجَائِفَةَ، فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَ دِيَةِ النَّفْسِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ عَقْلٌ، وَهِيَ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ.
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ الطَّبِيبَ إِذَا خَتَنَ، فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ إِنَّ عَلَيْهِ الْعَقْلَ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَطَإِ الَّذِي تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا أَخْطَأَ بِهِ الطَّبِيبُ أَوْ تَعَدَّى إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ، فَفِيهِ الْعَقْلُ.



( عقل الجراح في الخطأ)

جمع جرح وهو هنا ما دون النفس.

( مالك أن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل) أي لا يؤخذ عقله أي ديته ( حتى يبرأ المجروح ويصح) عطف تفسير لئلا يؤدي الجرح إلى الموت ( وأنه إن كسر عظم من الإنسان يد أو رجل أو غير ذلك من الجسد خطأ فبرأ وصح وعاد لهيئته) لصفته الذي كان عليها قبل ( فليس فيه عقل فإن نقص) أي برأ على نقص ( وكان فيه عثل) بفتح المهملة والمثلثة ولام أي برأ على غير استواء ( ففيه من عقله بحساب ما نقص منه وإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم عقل مسمى فبحساب ما فرض فيه النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان مما لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم عقل مسمى ولم تمض فيه سنة) طريقة للسلف ( ولا عقل مسمى فإنه يجتهد فيه وليس في الجراح في الجسد إذا كانت خطأ عقل إذا برأ الجرح وعاد لهيئته) الأولى ( فإن كان في شيء من ذلك عثل) بفتح العين والمثلثة عدم استواء ( أو شين فإنه يجتهد فيه إلا الجائفة فإن فيها ثلث دية النفس) لنص الحديث ( وليس في منقلة الجسد) بكسر القاف الشديدة وفتحها قيل وهو أولى لأنها محل الأجراح وهكذا ضبطه ابن السكيت وهي التي ينقل منها فراش العظام وهي ما رق منها وضبطه الفارابي والجوهري بالكسر على إرادة نفس الضربة لأنها تكسر العظم وتنقله ( عقل وهي مثل موضحة الجسد) أي لا عقل فيها ( والأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة أن عليه العقل) الدية كاملة ( وأن ذلك) الفعل ( من الخطأ الذي تحمله العاقلة وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك فيه العقل) فإن تعمد فالقصاص إذا لم يتعمد ذلك.



رقم الحديث 1654 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ: كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْمِشْقِ وَالْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ، لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ.
قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِي الْمَلَاحِفِ الْمُعَصْفَرَةِ فِي الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ، وَفِي الْأَفْنِيَةِ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَرَامًا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ اللِّبَاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.


( ما جاء في لبس الثياب المصبغة والذهب)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يلبس) بفتح الباء ( الثوب المصبوغ بالمشق) بكسر الميم وفتحها وإسكان الشين المعجمة وقاف أي المغرة ( والمصبوغ بالزعفران) عملاً بما رواه أعني ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالورس والزعفران ثيابه حتى عمامته أخرجه أبو داود ورواه أيضًا عن أم سلمة ولا يعارضه حديث الصحيحين عن أنس نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل وفي أن النهي للونه أو لرائحته تردد لأنه للكراهة وفعله لبيان الجواز أو النهي محمول على تزعفر الجسد لا الثوب أو على المحرم بحج أو عمرة لأنه من الطيب وقد نهي المحرم عنه ( مالك وأنا أكره) تنزيهًا ( أن يلبس الغلمان) غير البالغين ( شيئًا من الذهب لأنه بلغني) وأخرجه الشيخان عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تختم الذهب) أي لبس خاتم الذهب للرجال لقوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير هذان حرامان على رجال أمتي حل لإناثهم ( وأنا أكرهه للرجل الكبير) البالغ ( منهم) كراهة تحريم ( والصغير) تنزيهًا ( مالك في الملاحف) جمع ملحفة بكسر الميم الملاءة التي يلتحف بها ( المعصفرة) المصبوغة بالعصفر ( في البيوت للرجال وفي الأفنية) أي أفنية الدور ( قال لا أعلم من ذلك شيئًا حرامًا و) لكن ( غير ذلك من اللباس) الذي لأعصفر فيه أحب إلي ومقتضاه الإباحة في البيوت والأفنية والكراهة في المحافل والأسواق ونحوها وروي ذلك عنه نصًا وعنه الجواز مطلقًا والكراهة مطلقًا وهي المشهورة ففي المدونة كره مالك الثوب المعصفر المقدم للرجال في غير الإحرام والمقدم بضم الميم وسكون الفاء وفتح الدال المهملة القوي الصبغ الذي رد في العصفر مرة بعد أخرى قال في التوضيح وأما المعصفر غير المقدم والمزعفر فيجوز لبسهما في غير الإحرام نص على الأول في المدونة وعلى الثاني في غيرها قال مالك لا بأس بالمزعفر لغير الإحرام وكنت ألبسه.