فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَمَّةِ

رقم الحديث 1091 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: فِي الْبَازِي، وَالْعُقَابِ، وَالصَّقْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَفْقَهُ كَمَا تَفْقَهُ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْ مِمَّا صَادَتْ، إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَى إِرْسَالِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يَتَخَلَّصُ الصَّيْدَ مِنْ مَخَالِبِ الْبَازِي، أَوْ مِنَ الْكَلْبِ ثُمَّ يَتَرَبَّصُ بِهِ فَيَمُوتُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا قُدِرَ عَلَى ذَبْحِهِ وَهُوَ فِي مَخَالِبِ الْبَازِي أَوْ فِي الْكَلْبِ فَيَتْرُكُهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ الْبَازِي أَوِ الْكَلْبُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الَّذِي يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَنَالُهُ وَهُوَ حَيٌّ، فَيُفَرِّطُ فِي ذَبْحِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَرْسَلَ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ الضَّارِيَ فَصَادَ أَوْ قَتَلَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا فَأَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُذَكِّهِ الْمُسْلِمُ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِشَفْرَةِ الْمَجُوسِيِّ، أَوْ يَرْمِي بِقَوْسِهِ أَوْ بِنَبْلِهِ فَيَقْتُلُ بِهَا فَصَيْدُهُ ذَلِكَ، وَذَبِيحَتُهُ حَلَالٌ، لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَإِذَا أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ الضَّارِيَ عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ إِلَّا أَنْ يُذَكَّى، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ قَوْسِ الْمُسْلِمِ، وَنَبْلِهِ يَأْخُذُهَا الْمَجُوسِيُّ فَيَرْمِي بِهَا الصَّيْدَ فَيَقْتُلُهُ، وَبِمَنْزِلَةِ شَفْرَةِ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِهَا الْمَجُوسِيُّ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.


( ما جاء في صيد المعلمات)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في الكلب المعلم) وهو الذي إذا زجر انزجر وإذا أرسل أطاع والتعليم شرط لقوله تعالى { { وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } } قال ابن حبيب: والتكليب التعليم وقيل التسليط ( كل ما أمسك عليك إن قتل وإن لم يقتل) لقوله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم: إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت فكل فعمومه يشمل ما إذا لم يقتل لكنه يذكى وفيه مشروعية التسمية، وهي محل وفاق، وإنما اختلف هل هي شرط في حل الأكل فذهب الشافعي في جماعة وروي عن مالك أنها ليست شرطًا فلا يقدح تركها، وذهب أحمد إلى الوجوب لجعلها شرطًا في حديث عدي، وذهب أبو حنيفة ومالك والجمهور إلى أنها شرطًا على الذاكر القادر فيجوز متروكها سهوًا وعجزًا، ويدل له أن المعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم والشرط أقوى من الوصف، ويؤيد القول بالوجوب بشرطه أن الأصل تحريم الميتة وما أذن فيه منها يراعى صفته فالمسمى عليها وافق الوصف وغير المسمى باق على أصل التحريم وفي قوله إذا أرسلت اشتراط الإرسال للحل.

( مالك أنه سمع نافعًا يقول قال عبد الله بن عمر) كل ما أمسك عليك ( وإن أكل وإن لم يأكل) لما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أعرابيًا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إن لي كلابًا مكلبة فأفتني في صيدها؟ قال: كل مما أمسكن عليك قال: وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه، ولا يعارضه حديث عدي في الصحيحين قلت: فإن أكل؟ قال: فلا تأكل فإنه لم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه لحمل النهي على الكراهة جمعًا بين الحديثين، وقواه ابن المواز بأن حديث الأكل صحبه العمل، وقال به من الصحابة علي وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم وما صحبه العمل أولى.
وقال الباجي: حمل شيوخنا حديث عدي على ما إذا أدركه الكلب ميتًا من الجري أو الصدم فأكل منه فإنه صار إلى صفة لا تعلق للإمساك بها ويبين هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم لعدي ما أمسك عليك فكل فإن أخذ الكلب ذكاة انتهى.
وأخذ بسكون الخاء مصدر مضاف لفاعله والمفعول محذوف أي الصيد وذكاة خبر إن.

( مالك أنه بلغه عن سعد بن أبي وقاص) مالك الزهري ( أنه سئل عن الكلب المعلم إذا قتل الصيد فقال كل وإن لم تبق) بفوقية فموحدة ( إلا بضعة) بفتح الموحدة وتكسر وتضم وضاد معجمة قطعة ( واحدة) وبهذا قال مالك في المشهور عنه، والشافعي في القديم وغيرهما، وهو ظاهر قوله تعالى { { فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } } فإن الباقي بعد أكله قد أمسكه علينا، فحل على ظاهر الآية وهو نص حديث ابن عمرو وعن مالك والشافعي في الجديد لا يؤكل لنص حديث عدي لكن قد أمكن الجمع بينهما فوجب المصير إليه كما رأيت.

( مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول في البازي) بزنة القاضي فيعرب إعراب المنقوص، والجمع بزاة كقضاة، وفي لغة باز بزنة باب فيعرب بالحركات الثلاث ويجمع على أبواز كأبواب وبيزان كبيبان ( والعقاب) من الجوارح أنثى ويسافده طائر من غير جنسه وقيل الثعلب قال يهجو:

ما أنت إلا كالعقاب فأمه
معروفة وله أب مجهول

( والصقر) من الجوارح يسمى القطامي بضم القاف وفتحها وبه سمي الشاعر والأنثى صقرة بالهاء قاله ابن الأنباري ( وما أشبه ذلك) من كل ما يقبل التعليم ( أنه إذا كان يفقه) يفهم ( كما تفقه الكلاب المعلمة فلا بأس بأكل ما قتلت مما صادت إذا ذكر اسم الله على إرسالها) لقوله تعالى { { وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ } } وأما قوله صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك المعلم.
فخرج جوابًا لسؤال عدي عن الكلب.

( قال مالك أحسن ما سمعت في الذي يتخلص) بالتثقيل يأخذ ( الصيد من مخالب) جمع مخلب بالكسر وهو للطائر والسبع كالظفر للإنسان لأن الطائر يخلب بمخالبه الجلد أي يقطعه ( البازي أو من في الكلب ثم يتربص به فيموت أنه لا يحل أكله) لأنه ميتة.

( قال مالك وكذلك كل ما قدر على ذبحه وهو في مخالب البازي أو في) أي فم ( الكلب) وإن لم يقدر على تخليصه منها ( فيتركه صاحبه وهو قادر على ذبحه حتى يقتله البازي أو الكلب فإنه لا يحل أكله) لأنه لا يؤكل بالعقر إلا ما عجز عن تذكيته والفرض أنه قادر عليها ( وكذلك الذي يرمي الصيد) بسهمه ( فيناله وهو حي فيفرط في ذبحه حتى يموت فإنه لا يحل أكله) لأنه ترك ذبحه مع إمكانه.

( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا) بدار الهجرة ( أن المسلم إذا أرسل كلب المجوسي الضاري) بالضاد المعجمة صفة لكلب أي المعود بالصيد ( فصاد أو قتل أنه إذا كان معلمًا) جملة بين بها معنى الضاري ( فأكل ذلك الصيد حلال لا بأس به) أي لا كراهة فيه إذ حلال بمعنى جائز قد يجامع الكراهة ( وإن لم يذكه) من التذكية ولابن وضاح يدركه من الإدراك ( المسلم) جملة حالية إذ ما أدركه حيًا وذكاه لا يتوهم عدم حله ( وإنما مثل ذلك مثل المسلم يذبح بشفرة المجوسي) بفتح الشين السكين العريض جمعها شفار ككتاب وشفرات كسجدات ( أو يرمي بقوسه أو نبله) سهامه مؤنثة لا واحد لها من لفظها ( فيقتل بها فصيده ذلك وذبيحته حلال لا بأس بأكله) لأن العبرة بنفس الصائد والذابح لا بمالك الآلة ( وإذا أرسل المجوسي كلب المسلم الضاري على صيده فأخذه فإنه لا يؤكل ذلك الصيد إلا أن) يدرك حيًا و ( يذكى) أي يذكيه المسلم فيحل له أكله ( وإنما مثل ذلك مثل قوس المسلم ونبله يأخذها المجوسي فيرمي بها الصيد فيقتله وبمنزلة شفرة) سكين ( المسلم يذبح بها المجوسي فلا يحل أكل شيء من ذلك) لأن العبرة بالفاعل لا الآلة.



رقم الحديث 1091 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ كَانَ قَدِيمًا، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ مِرْسَي أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ، قَالَ: يَا يَرْفَا هَلُمَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ.
لِكِتَابٍ كَتَبَهُ فِي شَأْنِ الْعَمَّةِ، فَنَسْأَلَ عَنْهَا وَنَسْتَخْبِرَ عَنْهَا، فَأَتَاهُ بِهِ يَرْفَا.
فَدَعَا بِتَوْرٍ أَوْ قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ.
فَمَحَا ذَلِكَ الْكِتَابَ فِيهِ.
ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ وَارِثَةً أَقَرَّكِ لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ.


( ما جاء في العمة)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) بالمهملة والزاي الأنصاري النجاري المدني قاضيها ( عن عبد الرحمن بن حنظلة الزرقي) بضم الزاي وفتح الراء وبالقاف بطن من الأنصار ( أنه أخبره عن مولى لقريش كان قديمًا يقال له ابن مرسي) بكسر الميم وإسكان الراء وسين مهملة فتحتية آخره ( أنه قال كنت جالسًا عند عمر بن الخطاب فلما صلى الظهر قال) لحاجبه ومولاه ( يا يرفا) بفتح التحتية وإسكان الراء وبالفاء آخره ألف مخضرم أدرك الجاهلية وحج مع عمر في خلافة أبي بكر تقدم في الصلاة ( هلم) احضر ( ذلك الكتاب لكتاب كتبه في شأن العمة فنسأل) بالنصب في جواب الأمر ( عنها ونستخبر) بموحدة من الاستخبار ( فيها) الناس ( فأتى به يرفا) وكأنه بعدما أتاه تغير ما كان رآه من سؤال الناس فصمم على محوه ( فدعا بتور) بفتح الفوقية إناء يشبه الطشت ( أو قدح) بالشك أو المراد طلب ما تيسر منهما ( فيه ماء فمحا ذلك الكتاب) ثم قال ( لو رضيك الله وارثة أقرك) أثبتك في كتابه كما أقر النساء الوارثات فيه ( لو رضيك الله أقرك) أعاده للتأكيد وقيل أقرك حتى أسأل وأستخبر.

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن حزم) نسبه لجده لشهرته ( أنه سمع أباه كثيرًا يقول كان عمر بن الخطاب يقول عجبًا للعمة تورث) أي يرثها أبناء أخيها ( ولا ترث) منهم شيئًا.



رقم الحديث 1092 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ كَثِيرًا يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: عَجَبًا لِلْعَمَّةِ تُورَثُ وَلَا تَرِثُ.


( ما جاء في العمة)

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) بالمهملة والزاي الأنصاري النجاري المدني قاضيها ( عن عبد الرحمن بن حنظلة الزرقي) بضم الزاي وفتح الراء وبالقاف بطن من الأنصار ( أنه أخبره عن مولى لقريش كان قديمًا يقال له ابن مرسي) بكسر الميم وإسكان الراء وسين مهملة فتحتية آخره ( أنه قال كنت جالسًا عند عمر بن الخطاب فلما صلى الظهر قال) لحاجبه ومولاه ( يا يرفا) بفتح التحتية وإسكان الراء وبالفاء آخره ألف مخضرم أدرك الجاهلية وحج مع عمر في خلافة أبي بكر تقدم في الصلاة ( هلم) احضر ( ذلك الكتاب لكتاب كتبه في شأن العمة فنسأل) بالنصب في جواب الأمر ( عنها ونستخبر) بموحدة من الاستخبار ( فيها) الناس ( فأتى به يرفا) وكأنه بعدما أتاه تغير ما كان رآه من سؤال الناس فصمم على محوه ( فدعا بتور) بفتح الفوقية إناء يشبه الطشت ( أو قدح) بالشك أو المراد طلب ما تيسر منهما ( فيه ماء فمحا ذلك الكتاب) ثم قال ( لو رضيك الله وارثة أقرك) أثبتك في كتابه كما أقر النساء الوارثات فيه ( لو رضيك الله أقرك) أعاده للتأكيد وقيل أقرك حتى أسأل وأستخبر.

( مالك عن محمد بن أبي بكر بن حزم) نسبه لجده لشهرته ( أنه سمع أباه كثيرًا يقول كان عمر بن الخطاب يقول عجبًا للعمة تورث) أي يرثها أبناء أخيها ( ولا ترث) منهم شيئًا.