فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ

رقم الحديث 540 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ.


( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي) بفتح النون على المشهور وقيل بكسر وخفة الجيم وأخطأ من شددها وتشديد آخره وحكى المطرزي التخفيف ورجحه الصغاني وهو لقب لكل من ملك الحبشة واسمه أصحمة بن بحر ملك الحبشة أسلم على عهده صلى الله عليه وسلم ولم يهاجر إليه وكان ردأ للمسلمين نافعًا وأصحمة بوزن أربعة وحاؤه مهملة وقيل معجمة وقيل بموحدة بدل الميم وقيل صحمة بلا ألف وقيل كذلك لكن بتقديم الميم على الصاد وقيل بميم أوله بدل الألف فتحصل من هذا الخلاف في اسمه ستة ألفاظ لم أرها مجموعة ومعناه بالعربية عطية قاله في الإصابة ( للناس) أي أخبرهم بموته ( في اليوم الذي مات فيه) في رجب سنة تسع قاله ابن جرير وجماعة وقيل كان قبل الفتح ففيه جواز الإعلام بالجنازة ليجتمع الناس للصلاة والنعي المنهي عنه هو الذي يكون معه صياح خلافًا لمن تأوله على الإعلام بالموت للاجتماع لجنازته وفي حديث من صلى على جنازة كان له من الأجر كذا وقوله صلى الله عليه وسلم لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه دليل على الإباحة وشهود الجنائز خير والدعاء إلى الخير خير إجماعًا قاله ابن عبد البر وقال ابن العربي يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات الأولى إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة الثانية دعوة الجفلى للمفاخرة فهذا يكره الثالثة الإعلام بالنياحة ونحوها فهذا يحرم وفي البخاري عن عقيل وصالح بن كيسان عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة نعى لنا النجاشي يوم مات فقال استغفروا لأخيكم ( وخرج بهم إلى المصلى) مكان ببطحان فقوله في رواية ابن ماجه من طريق معمر عن ابن شهاب فخرج وأصحابه إلى البقيع أو بقيع بطحان أو المراد بالمصلى موضع معد للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين والأول أظهر قاله الحافظ وفي الصحيحين عن جابر قال صلى الله عليه وسلم قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه وللبخاري فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة ولمسلم مات عبد لله صالح أصحمة وفي الإصابة جاء من طريق زمعة بن صالح عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أصبحنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه جبريل فقال إن أخاك أصحمة النجاشي قد توفي فصلوا عليه فوثب صلى الله عليه وسلم ووثبنا معه حتى جاء المصلى ( فصف بهم) لازم والباء بمعنى مع أي صف معهم أو متعد والباء زائدة للتوكيد أي صفهم لأن الظاهر أن الإمام متقدم فلا يوصف بأنه صاف معهم إلا على المعنى الآخر ولم يذكر كم صفهم وفي النسائي عن جابر كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وفيه أن للصفوف على الجنازة تأثيرًا ولو كثر الجمع لأن الظاهر أنه خرج معه صلى الله عليه وسلم عدد كثير والمصلى فضاء لا يضيق بهم لو صفوا فيه صفًا واحدًا ومع ذلك صفهم وهذا ما فهمه مالك بن عميرة الصحابي فكان صف من يحضر صلاة الجنازة ثلاثة صفوف سواء قلوا أو كثروا ويبقى النظر إذا تعددت الصفوف والعدد قليل أو كان الصف واحدًا والعدد كثير أيهما أفضل قاله الحافظ ( وكبر أربع تكبيرات) ففيه أن تكبير صلاة الجنازة أربع وهو المقصود من الحديث واعترض بأن هذا صلاة على غائب لا على الجنازة وأجيب بأن ذلك يفهم بطريق الأولى وروى ابن أبي داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر أربعًا وقال لم أر في شيء من الأحاديث الصحيحة أنه كبر على جنازة أربعًا إلا في هذا قال وإنما ثبت أنه كبر على النجاشي أربعًا وعلى قبر أربعًا وأما على الجنازة هكذا فلا إلا هذا الحديث والظاهر أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه وإشاعة لموته على الإسلام لأن بعض الناس لم يعلم أنه أسلم روى ابن أبي حاتم والدارقطني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على النجاشي قال بعض أصحابه صلى على علج من الحبشة فنزلت { { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم } } إلى آخر السورة وله شاهد من حديث وحشي في الطبراني الكبير وآخر في الأوسط عن أبي سعيد وفيه أن قائل ذلك كان منافقًا وفيه الصلاة على الميت الغائب عن البلد وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر السلف وقال الحنفية والمالكية لا تشرع ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء وإنهم قالوا ذلك خصوصية له صلى الله عليه وسلم قال ودلائل الخصوصية واضحة لا يجوز أن يشركه فيها غيره لأنه والله أعلم أحضر روحه بين يديه أو رفعت له جنازته حتى شاهدها كما رفع له بيت المقدس حين سألته قريش عن صفته وعبر غيره عن ذلك بأنه كشف له عنه حتى رآه فتكون صلاته كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها وقول ابن دقيق العيد يحتاج هذا النقل تعقب بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع ويؤيده ما ذكره الواحدي بلا إسناد عن ابن عباس قال كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه ولابن حبان عن عمران بن حصين فقاموا وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه ولأبي عوانة عن عمران فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا وأجيب أيضًا بأن ذلك خاص بالنجاشي لإشاعة أنه مات مسلمًا أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته إذ لم يأت في حديث صحيح أنه صلى على ميت غائب غيره وأما حديث صلاته على معاوية بن معاوية الليثي فجاء من طرق لا تخلو من مقال وعلى تسليم صلاحيته للحجية بالنظر إلى مجموع طرقه دفع بما ورد أنه صلى الله عليه وسلم رفعت له الحجب حتى شاهد جنازته وقول الكرماني قولهم رفع الحجاب عن النجاشي ممنوع وإن سلم فكان غائبًا عن الصحابة رد بما تقدم أنه يصلي كالميت الذي يصلى عليه الإمام وهو يراه دون المأموم فإنه جائز اتفاقًا وأما ابن العربي إمام المالكية فتحامل عليهم فقال قولهم إنما ذلك لمحمد قلنا وما عمل به محمد تعمل به أمته قالوا طويت الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه قلنا إن ربنا عليه لقادر ونبينا لأهل لذلك ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثًا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف فإنها سبيل إلى تلاف ما ليس له تلاف وقد علمت جوابه بأن الاحتمال يكفي في مثل هذا من جهة المانع خصوصًا وقد جاء ما يؤيده بإسنادين صحيحين من حديث عمران فما حدثنا إلا بالثابتات وقول بعضهم ولو فتح باب الخصوص لانسد كثير من ظواهر الشرع مع أنه لو كان شيء مما ذكره لتوفرت الدواعي على نقله ممنوع فإنما جوزنا الخصوصية لأنها قضية عين يتطرق إليها الاحتمال إذ لم يثبت أنه صلى على غائب غيره ومثل هذا لا يلزم توفر الدواعي عليه وأجيب أيضًا بأنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك فإنه لم يصل على أحد مات غائبًا من أصحابه وبهذا جزم أبو داود واستحسنه الروياني قال الحافظ وهو محتمل إلا أني لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد اهـ وهو مشترك الإلزام فلم يرو في شيء من الأخبار أنه صلى عليه أحد في بلده كما جزم به أبو داود ومحله في اتساع الحفظ معلوم والحديث أخرجه البخاري في موضعين هنا عن إسماعيل وعبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وطرقه كثيرة في الصحيحين وغيرهما عن ابن شهاب ( مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة) بضم الهمزة اسمه أسعد ( ابن سهل) بفتح فسكون ( ابن حنيف) بضم المهملة وفتح النون وسكون التحتية وبالفاء سماه النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد قبل موته بسنتين باسم جده لأمه أسعد بن زرارة وكناه ومسح رأسه فهو صحابي من حيث الرؤية تابعي من حيث الرواية ومات سنة مائة وأبوه صحابي شهير بدري ( أنه أخبره) لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ووصله موسى بن محمد القرشي عن مالك فزاد عن رجل من الأنصار وموسى متروك ووصله سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة عن أبيه أخرجه ابن أبي شيبة وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري باتفاق فالصواب عن أبي أمامة مرسل نعم الحديث صحيح جاء من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد ثابتة ( أن مسكينة) وفي حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد بقاف مضمومة أي تجمع القمامة وهي الكناسة وفي لفظ كانت تنقي المسجد من الأذى ولابن خزيمة كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد وللبيهقي بإسناد حسن عن بريدة أن أم محجن كانت مولعة بلقط القذى من المسجد بقاف ومعجمة مقصور في العين والشراب ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان قليلاً وفي الإصابة محجنة وقيل أم محجن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ذكرت في الصحيح بلا تسمية ( مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها) قال الباجي فيه اهتباله بأخبار ضعفاء المسلمين ولذا كان يخبر بمرضاهم وذلك من تواضعه وقال أبو عمر فيه التحدث بأحوال الناس عند العالم إذا لم يكن مكروه فيكون غيبة ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين ويسأل عنهم) لمزيد تواضعه وحسن خلقه ففيه عيادة النساء وإن لم يكن محرمًا إن كانت متجالة وإلا فلا إلا أن يسأل عنها ولا ينظر إليها قاله أبو عمر ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ماتت فآذنوني) بالمد أعلموني بها لشهود جنازتها والاستغفار لها لأن لها من الحق في بركة دعائه صلى الله عليه وسلم ما للأغنياء قاله الباجي فماتت ( فخرج بجنازتها ليلاً) لجوازه وإن كان الأفضل تأخيرها للنهار ليكثر من يحضرها دون مشقة ولا تكلف فإن كان لضرورة فلا بأس به ولابن أبي شيبة فأتوه ليؤذنوه فوجدوه نائمًا وقد ذهب الليل ( فكرهوا أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم) إجلالاً له لأنه كان لا يوقظ لأنه لا يدري ما يحدث له في نومه زاد ابن أبي شيبة وتخوفوا عليه ظلمة الليل وهوام الأرض قال فدفناها ( فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بالذي كان من شأنها) بعد سؤاله فلابن أبي شيبة فلما أصبح سأل عنها وكذا في حديث أبي هريرة في الصحيح وفي حديث بريدة عند البيهقي أن الذي أجابه صلى الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق ( فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها) قال ذلك تذكيرًا لهم بأمره ونهيًا عن العود لمثله ( فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلاً ونوقظك) ولابن أبي شيبة فقالوا أتيناك لنؤذنك بها فوجدناك نائمًا فكرهنا أن نوقظك وتخوفنا عليك ظلمة الليل وهوام الأرض ولا ينافي هذا قوله في حديث أبي هريرة عند البخاري فحقروا شأنها ولمسلم وكأنهم صغروا أمرها زاد عامر بن ربيعة فقال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا ادعوني لجنائزكم رواه ابن ماجه وفي حديث زيد بن ثابت قال فلا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة أخرجه أحمد ( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها) فصلى ( وكبر أربع تكبيرات) وفي حديث ابن عباس عند الطبراني وقال إني رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد وهذا مقصود الترجمة وأما الصلاة على القبر فقال بمشروعيته الجمهور ومنهم الشافعي وأحمد بن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة والمشهور عنه منعه وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة وعنهم إن دفن قبل الصلاة شرع وإلا فلا وأجابوا بأن ذلك من خصائصه ورده ابن حبان بأن ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر دليل على جوازه لغيره وأنه ليس من خصائصه وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلاً للأصالة والدليل على الخصوصية ما زاده مسلم وابن حبان في حديث أبي هريرة فصلى على القبر ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم وفي حديث زيد بن ثابت فإن صلاتي عليه له رحمة وهذا لا يتحقق في غيره وقال مالك ليس العمل على حديث السوداء قال أبو عمر يريد عمل المدينة وما حكي عن بعض الصحابة والتابعين من الصلاة على القبر إنما هي آثار بصرية وكوفية ولم نجد على مدني من الصحابة فمن بعدهم أنه صلى على القبر انتهى واستدل به على رد التفصيل بين من صلى عليه فلا يصلى عليه بأن القصة وردت فيمن صلى عليه وأجيب بأن الخصوصية تنسحب على ذلك ابن عبد البر أجمع من يرى الصلاة على القبر أنه لا يصلى عليه إلا بقرب دفنه وأكثر ما قالوا في ذلك شهر وقال غيره اختلف في أمد ذلك فقيده بعضهم بشهر وقيل ما لم تبل الجثة وقيل يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته وهذا هو الراجح عند الشافعية وقيل يجوز أبدًا ومحل الخلاف ما عدا قبور الأنبياء فلا يجوز الصلاة عليها لأنا لم نكن من أهل الصلاة عند موتهم قال الإمام أحمد رويت الصلاة على القبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه حسان كلها قال ابن عبد البر بل من تسعة كلها حسان وساقها كلها بأسانيده في تمهيده من حديث سهل بن حنيف وأبي هريرة وعامر بن ربيعة وابن عباس وزيد بن ثابت والخمسة في صلاته على المسكينة وسعد بن عبادة في صلاة المصطفى على أم سعد بعد دفنها بشهر وحديث الحصين بن وحوح في صلاته عليه الصلاة والسلام على قبر طلحة بن البراء ثم رفع يديه وقال اللهم الق طلحة يضحك إليك وتضحك إليه وحديث أبي أمامة بن ثعلبة أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد توفيت أم أبي أمامة فصلى عليها وحديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة بعدما دفنت وهو محتمل للمسكينة وغيرها وكذا ورد من حديث بريدة عند البيهقي بإسناد حسن كما قدمنا وهو في المسكينة فهي عشرة أوجه ( مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة ويفوته بعضه فقال يقضي ما فاته من ذلك) بعد سلام الإمام وبه قال مالك وأكثر الفقهاء وقال ابن عمر والحسن وربيعة والأوزاعي لا يقضي واختلف الأولون فقال مالك والليث وابن المسيب يقضي نسقًا بلا دعاء بين التكبير وقال أبو حنيفة: يدعو بين تكبير القضاء واختلف فيه عن الشافعي.


رقم الحديث 541 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرَضِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ الْمَسَاكِينَ، وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا، فَخُرِجَ بِجَنَازَتِهَا لَيْلًا، فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا.
فَقَالَ: أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِهَا؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا، وَنُوقِظَكَ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا.
وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ.


( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي) بفتح النون على المشهور وقيل بكسر وخفة الجيم وأخطأ من شددها وتشديد آخره وحكى المطرزي التخفيف ورجحه الصغاني وهو لقب لكل من ملك الحبشة واسمه أصحمة بن بحر ملك الحبشة أسلم على عهده صلى الله عليه وسلم ولم يهاجر إليه وكان ردأ للمسلمين نافعًا وأصحمة بوزن أربعة وحاؤه مهملة وقيل معجمة وقيل بموحدة بدل الميم وقيل صحمة بلا ألف وقيل كذلك لكن بتقديم الميم على الصاد وقيل بميم أوله بدل الألف فتحصل من هذا الخلاف في اسمه ستة ألفاظ لم أرها مجموعة ومعناه بالعربية عطية قاله في الإصابة ( للناس) أي أخبرهم بموته ( في اليوم الذي مات فيه) في رجب سنة تسع قاله ابن جرير وجماعة وقيل كان قبل الفتح ففيه جواز الإعلام بالجنازة ليجتمع الناس للصلاة والنعي المنهي عنه هو الذي يكون معه صياح خلافًا لمن تأوله على الإعلام بالموت للاجتماع لجنازته وفي حديث من صلى على جنازة كان له من الأجر كذا وقوله صلى الله عليه وسلم لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه دليل على الإباحة وشهود الجنائز خير والدعاء إلى الخير خير إجماعًا قاله ابن عبد البر وقال ابن العربي يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات الأولى إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة الثانية دعوة الجفلى للمفاخرة فهذا يكره الثالثة الإعلام بالنياحة ونحوها فهذا يحرم وفي البخاري عن عقيل وصالح بن كيسان عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة نعى لنا النجاشي يوم مات فقال استغفروا لأخيكم ( وخرج بهم إلى المصلى) مكان ببطحان فقوله في رواية ابن ماجه من طريق معمر عن ابن شهاب فخرج وأصحابه إلى البقيع أو بقيع بطحان أو المراد بالمصلى موضع معد للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين والأول أظهر قاله الحافظ وفي الصحيحين عن جابر قال صلى الله عليه وسلم قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه وللبخاري فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة ولمسلم مات عبد لله صالح أصحمة وفي الإصابة جاء من طريق زمعة بن صالح عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أصبحنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه جبريل فقال إن أخاك أصحمة النجاشي قد توفي فصلوا عليه فوثب صلى الله عليه وسلم ووثبنا معه حتى جاء المصلى ( فصف بهم) لازم والباء بمعنى مع أي صف معهم أو متعد والباء زائدة للتوكيد أي صفهم لأن الظاهر أن الإمام متقدم فلا يوصف بأنه صاف معهم إلا على المعنى الآخر ولم يذكر كم صفهم وفي النسائي عن جابر كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وفيه أن للصفوف على الجنازة تأثيرًا ولو كثر الجمع لأن الظاهر أنه خرج معه صلى الله عليه وسلم عدد كثير والمصلى فضاء لا يضيق بهم لو صفوا فيه صفًا واحدًا ومع ذلك صفهم وهذا ما فهمه مالك بن عميرة الصحابي فكان صف من يحضر صلاة الجنازة ثلاثة صفوف سواء قلوا أو كثروا ويبقى النظر إذا تعددت الصفوف والعدد قليل أو كان الصف واحدًا والعدد كثير أيهما أفضل قاله الحافظ ( وكبر أربع تكبيرات) ففيه أن تكبير صلاة الجنازة أربع وهو المقصود من الحديث واعترض بأن هذا صلاة على غائب لا على الجنازة وأجيب بأن ذلك يفهم بطريق الأولى وروى ابن أبي داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر أربعًا وقال لم أر في شيء من الأحاديث الصحيحة أنه كبر على جنازة أربعًا إلا في هذا قال وإنما ثبت أنه كبر على النجاشي أربعًا وعلى قبر أربعًا وأما على الجنازة هكذا فلا إلا هذا الحديث والظاهر أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه وإشاعة لموته على الإسلام لأن بعض الناس لم يعلم أنه أسلم روى ابن أبي حاتم والدارقطني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على النجاشي قال بعض أصحابه صلى على علج من الحبشة فنزلت { { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم } } إلى آخر السورة وله شاهد من حديث وحشي في الطبراني الكبير وآخر في الأوسط عن أبي سعيد وفيه أن قائل ذلك كان منافقًا وفيه الصلاة على الميت الغائب عن البلد وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر السلف وقال الحنفية والمالكية لا تشرع ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء وإنهم قالوا ذلك خصوصية له صلى الله عليه وسلم قال ودلائل الخصوصية واضحة لا يجوز أن يشركه فيها غيره لأنه والله أعلم أحضر روحه بين يديه أو رفعت له جنازته حتى شاهدها كما رفع له بيت المقدس حين سألته قريش عن صفته وعبر غيره عن ذلك بأنه كشف له عنه حتى رآه فتكون صلاته كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها وقول ابن دقيق العيد يحتاج هذا النقل تعقب بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع ويؤيده ما ذكره الواحدي بلا إسناد عن ابن عباس قال كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه ولابن حبان عن عمران بن حصين فقاموا وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه ولأبي عوانة عن عمران فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا وأجيب أيضًا بأن ذلك خاص بالنجاشي لإشاعة أنه مات مسلمًا أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته إذ لم يأت في حديث صحيح أنه صلى على ميت غائب غيره وأما حديث صلاته على معاوية بن معاوية الليثي فجاء من طرق لا تخلو من مقال وعلى تسليم صلاحيته للحجية بالنظر إلى مجموع طرقه دفع بما ورد أنه صلى الله عليه وسلم رفعت له الحجب حتى شاهد جنازته وقول الكرماني قولهم رفع الحجاب عن النجاشي ممنوع وإن سلم فكان غائبًا عن الصحابة رد بما تقدم أنه يصلي كالميت الذي يصلى عليه الإمام وهو يراه دون المأموم فإنه جائز اتفاقًا وأما ابن العربي إمام المالكية فتحامل عليهم فقال قولهم إنما ذلك لمحمد قلنا وما عمل به محمد تعمل به أمته قالوا طويت الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه قلنا إن ربنا عليه لقادر ونبينا لأهل لذلك ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثًا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف فإنها سبيل إلى تلاف ما ليس له تلاف وقد علمت جوابه بأن الاحتمال يكفي في مثل هذا من جهة المانع خصوصًا وقد جاء ما يؤيده بإسنادين صحيحين من حديث عمران فما حدثنا إلا بالثابتات وقول بعضهم ولو فتح باب الخصوص لانسد كثير من ظواهر الشرع مع أنه لو كان شيء مما ذكره لتوفرت الدواعي على نقله ممنوع فإنما جوزنا الخصوصية لأنها قضية عين يتطرق إليها الاحتمال إذ لم يثبت أنه صلى على غائب غيره ومثل هذا لا يلزم توفر الدواعي عليه وأجيب أيضًا بأنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك فإنه لم يصل على أحد مات غائبًا من أصحابه وبهذا جزم أبو داود واستحسنه الروياني قال الحافظ وهو محتمل إلا أني لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد اهـ وهو مشترك الإلزام فلم يرو في شيء من الأخبار أنه صلى عليه أحد في بلده كما جزم به أبو داود ومحله في اتساع الحفظ معلوم والحديث أخرجه البخاري في موضعين هنا عن إسماعيل وعبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وطرقه كثيرة في الصحيحين وغيرهما عن ابن شهاب ( مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة) بضم الهمزة اسمه أسعد ( ابن سهل) بفتح فسكون ( ابن حنيف) بضم المهملة وفتح النون وسكون التحتية وبالفاء سماه النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد قبل موته بسنتين باسم جده لأمه أسعد بن زرارة وكناه ومسح رأسه فهو صحابي من حيث الرؤية تابعي من حيث الرواية ومات سنة مائة وأبوه صحابي شهير بدري ( أنه أخبره) لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ووصله موسى بن محمد القرشي عن مالك فزاد عن رجل من الأنصار وموسى متروك ووصله سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة عن أبيه أخرجه ابن أبي شيبة وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري باتفاق فالصواب عن أبي أمامة مرسل نعم الحديث صحيح جاء من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد ثابتة ( أن مسكينة) وفي حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد بقاف مضمومة أي تجمع القمامة وهي الكناسة وفي لفظ كانت تنقي المسجد من الأذى ولابن خزيمة كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد وللبيهقي بإسناد حسن عن بريدة أن أم محجن كانت مولعة بلقط القذى من المسجد بقاف ومعجمة مقصور في العين والشراب ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان قليلاً وفي الإصابة محجنة وقيل أم محجن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ذكرت في الصحيح بلا تسمية ( مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها) قال الباجي فيه اهتباله بأخبار ضعفاء المسلمين ولذا كان يخبر بمرضاهم وذلك من تواضعه وقال أبو عمر فيه التحدث بأحوال الناس عند العالم إذا لم يكن مكروه فيكون غيبة ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين ويسأل عنهم) لمزيد تواضعه وحسن خلقه ففيه عيادة النساء وإن لم يكن محرمًا إن كانت متجالة وإلا فلا إلا أن يسأل عنها ولا ينظر إليها قاله أبو عمر ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ماتت فآذنوني) بالمد أعلموني بها لشهود جنازتها والاستغفار لها لأن لها من الحق في بركة دعائه صلى الله عليه وسلم ما للأغنياء قاله الباجي فماتت ( فخرج بجنازتها ليلاً) لجوازه وإن كان الأفضل تأخيرها للنهار ليكثر من يحضرها دون مشقة ولا تكلف فإن كان لضرورة فلا بأس به ولابن أبي شيبة فأتوه ليؤذنوه فوجدوه نائمًا وقد ذهب الليل ( فكرهوا أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم) إجلالاً له لأنه كان لا يوقظ لأنه لا يدري ما يحدث له في نومه زاد ابن أبي شيبة وتخوفوا عليه ظلمة الليل وهوام الأرض قال فدفناها ( فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بالذي كان من شأنها) بعد سؤاله فلابن أبي شيبة فلما أصبح سأل عنها وكذا في حديث أبي هريرة في الصحيح وفي حديث بريدة عند البيهقي أن الذي أجابه صلى الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق ( فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها) قال ذلك تذكيرًا لهم بأمره ونهيًا عن العود لمثله ( فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلاً ونوقظك) ولابن أبي شيبة فقالوا أتيناك لنؤذنك بها فوجدناك نائمًا فكرهنا أن نوقظك وتخوفنا عليك ظلمة الليل وهوام الأرض ولا ينافي هذا قوله في حديث أبي هريرة عند البخاري فحقروا شأنها ولمسلم وكأنهم صغروا أمرها زاد عامر بن ربيعة فقال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا ادعوني لجنائزكم رواه ابن ماجه وفي حديث زيد بن ثابت قال فلا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة أخرجه أحمد ( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها) فصلى ( وكبر أربع تكبيرات) وفي حديث ابن عباس عند الطبراني وقال إني رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد وهذا مقصود الترجمة وأما الصلاة على القبر فقال بمشروعيته الجمهور ومنهم الشافعي وأحمد بن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة والمشهور عنه منعه وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة وعنهم إن دفن قبل الصلاة شرع وإلا فلا وأجابوا بأن ذلك من خصائصه ورده ابن حبان بأن ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر دليل على جوازه لغيره وأنه ليس من خصائصه وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلاً للأصالة والدليل على الخصوصية ما زاده مسلم وابن حبان في حديث أبي هريرة فصلى على القبر ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم وفي حديث زيد بن ثابت فإن صلاتي عليه له رحمة وهذا لا يتحقق في غيره وقال مالك ليس العمل على حديث السوداء قال أبو عمر يريد عمل المدينة وما حكي عن بعض الصحابة والتابعين من الصلاة على القبر إنما هي آثار بصرية وكوفية ولم نجد على مدني من الصحابة فمن بعدهم أنه صلى على القبر انتهى واستدل به على رد التفصيل بين من صلى عليه فلا يصلى عليه بأن القصة وردت فيمن صلى عليه وأجيب بأن الخصوصية تنسحب على ذلك ابن عبد البر أجمع من يرى الصلاة على القبر أنه لا يصلى عليه إلا بقرب دفنه وأكثر ما قالوا في ذلك شهر وقال غيره اختلف في أمد ذلك فقيده بعضهم بشهر وقيل ما لم تبل الجثة وقيل يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته وهذا هو الراجح عند الشافعية وقيل يجوز أبدًا ومحل الخلاف ما عدا قبور الأنبياء فلا يجوز الصلاة عليها لأنا لم نكن من أهل الصلاة عند موتهم قال الإمام أحمد رويت الصلاة على القبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه حسان كلها قال ابن عبد البر بل من تسعة كلها حسان وساقها كلها بأسانيده في تمهيده من حديث سهل بن حنيف وأبي هريرة وعامر بن ربيعة وابن عباس وزيد بن ثابت والخمسة في صلاته على المسكينة وسعد بن عبادة في صلاة المصطفى على أم سعد بعد دفنها بشهر وحديث الحصين بن وحوح في صلاته عليه الصلاة والسلام على قبر طلحة بن البراء ثم رفع يديه وقال اللهم الق طلحة يضحك إليك وتضحك إليه وحديث أبي أمامة بن ثعلبة أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد توفيت أم أبي أمامة فصلى عليها وحديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة بعدما دفنت وهو محتمل للمسكينة وغيرها وكذا ورد من حديث بريدة عند البيهقي بإسناد حسن كما قدمنا وهو في المسكينة فهي عشرة أوجه ( مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة ويفوته بعضه فقال يقضي ما فاته من ذلك) بعد سلام الإمام وبه قال مالك وأكثر الفقهاء وقال ابن عمر والحسن وربيعة والأوزاعي لا يقضي واختلف الأولون فقال مالك والليث وابن المسيب يقضي نسقًا بلا دعاء بين التكبير وقال أبو حنيفة: يدعو بين تكبير القضاء واختلف فيه عن الشافعي.


رقم الحديث 542 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَيَفُوتُهُ بَعْضُهُ، فَقَالَ: يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ.


( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي) بفتح النون على المشهور وقيل بكسر وخفة الجيم وأخطأ من شددها وتشديد آخره وحكى المطرزي التخفيف ورجحه الصغاني وهو لقب لكل من ملك الحبشة واسمه أصحمة بن بحر ملك الحبشة أسلم على عهده صلى الله عليه وسلم ولم يهاجر إليه وكان ردأ للمسلمين نافعًا وأصحمة بوزن أربعة وحاؤه مهملة وقيل معجمة وقيل بموحدة بدل الميم وقيل صحمة بلا ألف وقيل كذلك لكن بتقديم الميم على الصاد وقيل بميم أوله بدل الألف فتحصل من هذا الخلاف في اسمه ستة ألفاظ لم أرها مجموعة ومعناه بالعربية عطية قاله في الإصابة ( للناس) أي أخبرهم بموته ( في اليوم الذي مات فيه) في رجب سنة تسع قاله ابن جرير وجماعة وقيل كان قبل الفتح ففيه جواز الإعلام بالجنازة ليجتمع الناس للصلاة والنعي المنهي عنه هو الذي يكون معه صياح خلافًا لمن تأوله على الإعلام بالموت للاجتماع لجنازته وفي حديث من صلى على جنازة كان له من الأجر كذا وقوله صلى الله عليه وسلم لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه دليل على الإباحة وشهود الجنائز خير والدعاء إلى الخير خير إجماعًا قاله ابن عبد البر وقال ابن العربي يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات الأولى إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة الثانية دعوة الجفلى للمفاخرة فهذا يكره الثالثة الإعلام بالنياحة ونحوها فهذا يحرم وفي البخاري عن عقيل وصالح بن كيسان عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة نعى لنا النجاشي يوم مات فقال استغفروا لأخيكم ( وخرج بهم إلى المصلى) مكان ببطحان فقوله في رواية ابن ماجه من طريق معمر عن ابن شهاب فخرج وأصحابه إلى البقيع أو بقيع بطحان أو المراد بالمصلى موضع معد للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين والأول أظهر قاله الحافظ وفي الصحيحين عن جابر قال صلى الله عليه وسلم قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه وللبخاري فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة ولمسلم مات عبد لله صالح أصحمة وفي الإصابة جاء من طريق زمعة بن صالح عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أصبحنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه جبريل فقال إن أخاك أصحمة النجاشي قد توفي فصلوا عليه فوثب صلى الله عليه وسلم ووثبنا معه حتى جاء المصلى ( فصف بهم) لازم والباء بمعنى مع أي صف معهم أو متعد والباء زائدة للتوكيد أي صفهم لأن الظاهر أن الإمام متقدم فلا يوصف بأنه صاف معهم إلا على المعنى الآخر ولم يذكر كم صفهم وفي النسائي عن جابر كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وفيه أن للصفوف على الجنازة تأثيرًا ولو كثر الجمع لأن الظاهر أنه خرج معه صلى الله عليه وسلم عدد كثير والمصلى فضاء لا يضيق بهم لو صفوا فيه صفًا واحدًا ومع ذلك صفهم وهذا ما فهمه مالك بن عميرة الصحابي فكان صف من يحضر صلاة الجنازة ثلاثة صفوف سواء قلوا أو كثروا ويبقى النظر إذا تعددت الصفوف والعدد قليل أو كان الصف واحدًا والعدد كثير أيهما أفضل قاله الحافظ ( وكبر أربع تكبيرات) ففيه أن تكبير صلاة الجنازة أربع وهو المقصود من الحديث واعترض بأن هذا صلاة على غائب لا على الجنازة وأجيب بأن ذلك يفهم بطريق الأولى وروى ابن أبي داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر أربعًا وقال لم أر في شيء من الأحاديث الصحيحة أنه كبر على جنازة أربعًا إلا في هذا قال وإنما ثبت أنه كبر على النجاشي أربعًا وعلى قبر أربعًا وأما على الجنازة هكذا فلا إلا هذا الحديث والظاهر أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه وإشاعة لموته على الإسلام لأن بعض الناس لم يعلم أنه أسلم روى ابن أبي حاتم والدارقطني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على النجاشي قال بعض أصحابه صلى على علج من الحبشة فنزلت { { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم } } إلى آخر السورة وله شاهد من حديث وحشي في الطبراني الكبير وآخر في الأوسط عن أبي سعيد وفيه أن قائل ذلك كان منافقًا وفيه الصلاة على الميت الغائب عن البلد وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر السلف وقال الحنفية والمالكية لا تشرع ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء وإنهم قالوا ذلك خصوصية له صلى الله عليه وسلم قال ودلائل الخصوصية واضحة لا يجوز أن يشركه فيها غيره لأنه والله أعلم أحضر روحه بين يديه أو رفعت له جنازته حتى شاهدها كما رفع له بيت المقدس حين سألته قريش عن صفته وعبر غيره عن ذلك بأنه كشف له عنه حتى رآه فتكون صلاته كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها وقول ابن دقيق العيد يحتاج هذا النقل تعقب بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع ويؤيده ما ذكره الواحدي بلا إسناد عن ابن عباس قال كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه ولابن حبان عن عمران بن حصين فقاموا وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه ولأبي عوانة عن عمران فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا وأجيب أيضًا بأن ذلك خاص بالنجاشي لإشاعة أنه مات مسلمًا أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته إذ لم يأت في حديث صحيح أنه صلى على ميت غائب غيره وأما حديث صلاته على معاوية بن معاوية الليثي فجاء من طرق لا تخلو من مقال وعلى تسليم صلاحيته للحجية بالنظر إلى مجموع طرقه دفع بما ورد أنه صلى الله عليه وسلم رفعت له الحجب حتى شاهد جنازته وقول الكرماني قولهم رفع الحجاب عن النجاشي ممنوع وإن سلم فكان غائبًا عن الصحابة رد بما تقدم أنه يصلي كالميت الذي يصلى عليه الإمام وهو يراه دون المأموم فإنه جائز اتفاقًا وأما ابن العربي إمام المالكية فتحامل عليهم فقال قولهم إنما ذلك لمحمد قلنا وما عمل به محمد تعمل به أمته قالوا طويت الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه قلنا إن ربنا عليه لقادر ونبينا لأهل لذلك ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثًا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف فإنها سبيل إلى تلاف ما ليس له تلاف وقد علمت جوابه بأن الاحتمال يكفي في مثل هذا من جهة المانع خصوصًا وقد جاء ما يؤيده بإسنادين صحيحين من حديث عمران فما حدثنا إلا بالثابتات وقول بعضهم ولو فتح باب الخصوص لانسد كثير من ظواهر الشرع مع أنه لو كان شيء مما ذكره لتوفرت الدواعي على نقله ممنوع فإنما جوزنا الخصوصية لأنها قضية عين يتطرق إليها الاحتمال إذ لم يثبت أنه صلى على غائب غيره ومثل هذا لا يلزم توفر الدواعي عليه وأجيب أيضًا بأنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك فإنه لم يصل على أحد مات غائبًا من أصحابه وبهذا جزم أبو داود واستحسنه الروياني قال الحافظ وهو محتمل إلا أني لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد اهـ وهو مشترك الإلزام فلم يرو في شيء من الأخبار أنه صلى عليه أحد في بلده كما جزم به أبو داود ومحله في اتساع الحفظ معلوم والحديث أخرجه البخاري في موضعين هنا عن إسماعيل وعبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به وطرقه كثيرة في الصحيحين وغيرهما عن ابن شهاب ( مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة) بضم الهمزة اسمه أسعد ( ابن سهل) بفتح فسكون ( ابن حنيف) بضم المهملة وفتح النون وسكون التحتية وبالفاء سماه النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد قبل موته بسنتين باسم جده لأمه أسعد بن زرارة وكناه ومسح رأسه فهو صحابي من حيث الرؤية تابعي من حيث الرواية ومات سنة مائة وأبوه صحابي شهير بدري ( أنه أخبره) لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ووصله موسى بن محمد القرشي عن مالك فزاد عن رجل من الأنصار وموسى متروك ووصله سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة عن أبيه أخرجه ابن أبي شيبة وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري باتفاق فالصواب عن أبي أمامة مرسل نعم الحديث صحيح جاء من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد ثابتة ( أن مسكينة) وفي حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد بقاف مضمومة أي تجمع القمامة وهي الكناسة وفي لفظ كانت تنقي المسجد من الأذى ولابن خزيمة كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد وللبيهقي بإسناد حسن عن بريدة أن أم محجن كانت مولعة بلقط القذى من المسجد بقاف ومعجمة مقصور في العين والشراب ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان قليلاً وفي الإصابة محجنة وقيل أم محجن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ذكرت في الصحيح بلا تسمية ( مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها) قال الباجي فيه اهتباله بأخبار ضعفاء المسلمين ولذا كان يخبر بمرضاهم وذلك من تواضعه وقال أبو عمر فيه التحدث بأحوال الناس عند العالم إذا لم يكن مكروه فيكون غيبة ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين ويسأل عنهم) لمزيد تواضعه وحسن خلقه ففيه عيادة النساء وإن لم يكن محرمًا إن كانت متجالة وإلا فلا إلا أن يسأل عنها ولا ينظر إليها قاله أبو عمر ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ماتت فآذنوني) بالمد أعلموني بها لشهود جنازتها والاستغفار لها لأن لها من الحق في بركة دعائه صلى الله عليه وسلم ما للأغنياء قاله الباجي فماتت ( فخرج بجنازتها ليلاً) لجوازه وإن كان الأفضل تأخيرها للنهار ليكثر من يحضرها دون مشقة ولا تكلف فإن كان لضرورة فلا بأس به ولابن أبي شيبة فأتوه ليؤذنوه فوجدوه نائمًا وقد ذهب الليل ( فكرهوا أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم) إجلالاً له لأنه كان لا يوقظ لأنه لا يدري ما يحدث له في نومه زاد ابن أبي شيبة وتخوفوا عليه ظلمة الليل وهوام الأرض قال فدفناها ( فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بالذي كان من شأنها) بعد سؤاله فلابن أبي شيبة فلما أصبح سأل عنها وكذا في حديث أبي هريرة في الصحيح وفي حديث بريدة عند البيهقي أن الذي أجابه صلى الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق ( فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها) قال ذلك تذكيرًا لهم بأمره ونهيًا عن العود لمثله ( فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلاً ونوقظك) ولابن أبي شيبة فقالوا أتيناك لنؤذنك بها فوجدناك نائمًا فكرهنا أن نوقظك وتخوفنا عليك ظلمة الليل وهوام الأرض ولا ينافي هذا قوله في حديث أبي هريرة عند البخاري فحقروا شأنها ولمسلم وكأنهم صغروا أمرها زاد عامر بن ربيعة فقال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا ادعوني لجنائزكم رواه ابن ماجه وفي حديث زيد بن ثابت قال فلا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة أخرجه أحمد ( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها) فصلى ( وكبر أربع تكبيرات) وفي حديث ابن عباس عند الطبراني وقال إني رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد وهذا مقصود الترجمة وأما الصلاة على القبر فقال بمشروعيته الجمهور ومنهم الشافعي وأحمد بن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة والمشهور عنه منعه وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة وعنهم إن دفن قبل الصلاة شرع وإلا فلا وأجابوا بأن ذلك من خصائصه ورده ابن حبان بأن ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر دليل على جوازه لغيره وأنه ليس من خصائصه وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلاً للأصالة والدليل على الخصوصية ما زاده مسلم وابن حبان في حديث أبي هريرة فصلى على القبر ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم وفي حديث زيد بن ثابت فإن صلاتي عليه له رحمة وهذا لا يتحقق في غيره وقال مالك ليس العمل على حديث السوداء قال أبو عمر يريد عمل المدينة وما حكي عن بعض الصحابة والتابعين من الصلاة على القبر إنما هي آثار بصرية وكوفية ولم نجد على مدني من الصحابة فمن بعدهم أنه صلى على القبر انتهى واستدل به على رد التفصيل بين من صلى عليه فلا يصلى عليه بأن القصة وردت فيمن صلى عليه وأجيب بأن الخصوصية تنسحب على ذلك ابن عبد البر أجمع من يرى الصلاة على القبر أنه لا يصلى عليه إلا بقرب دفنه وأكثر ما قالوا في ذلك شهر وقال غيره اختلف في أمد ذلك فقيده بعضهم بشهر وقيل ما لم تبل الجثة وقيل يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته وهذا هو الراجح عند الشافعية وقيل يجوز أبدًا ومحل الخلاف ما عدا قبور الأنبياء فلا يجوز الصلاة عليها لأنا لم نكن من أهل الصلاة عند موتهم قال الإمام أحمد رويت الصلاة على القبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه حسان كلها قال ابن عبد البر بل من تسعة كلها حسان وساقها كلها بأسانيده في تمهيده من حديث سهل بن حنيف وأبي هريرة وعامر بن ربيعة وابن عباس وزيد بن ثابت والخمسة في صلاته على المسكينة وسعد بن عبادة في صلاة المصطفى على أم سعد بعد دفنها بشهر وحديث الحصين بن وحوح في صلاته عليه الصلاة والسلام على قبر طلحة بن البراء ثم رفع يديه وقال اللهم الق طلحة يضحك إليك وتضحك إليه وحديث أبي أمامة بن ثعلبة أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد توفيت أم أبي أمامة فصلى عليها وحديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة بعدما دفنت وهو محتمل للمسكينة وغيرها وكذا ورد من حديث بريدة عند البيهقي بإسناد حسن كما قدمنا وهو في المسكينة فهي عشرة أوجه ( مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة ويفوته بعضه فقال يقضي ما فاته من ذلك) بعد سلام الإمام وبه قال مالك وأكثر الفقهاء وقال ابن عمر والحسن وربيعة والأوزاعي لا يقضي واختلف الأولون فقال مالك والليث وابن المسيب يقضي نسقًا بلا دعاء بين التكبير وقال أبو حنيفة: يدعو بين تكبير القضاء واختلف فيه عن الشافعي.