فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ

رقم الحديث 1318 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُوهُ لِي، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا يَبِيعُونَنِي الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعًا بِصَاعٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.


( ما يكره من بيع التمر)

( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) مرسل.
قال ابن عبد البر وصله داود بن قيس عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري ( أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمر بالتمر مثلاً بمثل) مصدر في موضع الحال، أي موزونًا وفي رواية بالرفع ( فقيل له: إن عاملك على خيبر) سواد بن غزية كما يأتي ( يأخذ الصاع) من التمر الجيد ( بالصاعين) من التمر الرديء ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوه لي فدعي له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتأخذ الصاع بالصاعين فقال: يا رسول الله لا يبيعونني الجنيب) بفتح الجيم وكسر النون وإسكان التحتية فموحدة نوع من جيد التمر ( بالجمع) بفتح الجيم وسكون الميم، تمر رديء مجموع من أنواع مختلفة ( صاعًا بصاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) لا تفعل ( بع الجمع) التمر الرديء ( بالدراهم ثم ابتع) اشتر ( بالدراهم) تمرًا ( جنيبًا) فلا يدخله الربا فنهاه عما فعل وعذره فلم يعنفه ولم يرد فعله السابق لأنه فعله باجتهاد قبل نزول آية الربا وقبل أن يتقدم إليه صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التفاضل ولذا سأله عن فعله ليعلمه بما أحدث الله فيه ولم يأمره بفسخه وجاء عن بلال وأبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم أمر برد هذا البيع قاله ابن عبد البر أي برد مثله بعد نزول النهي عن التفاضل فلا يخالف ما قبله بناء على تعدد القصة كما يأتي عنه في تاليه.

( مالك عن عبد الحميد) بالمهملة ثم الميم، رواه يحيى وابن نافع وابن يوسف؛ وقال جمهور رواة الموطأ عبد المجيد بميم تليها جيم وهو المعروف وكذا ذكره البخاري والعقيلي وهو الصواب والحق الذي لا شك فيه والأول غلط قاله أبو عمر، ( بن سهيل) بالتصغير، زوج الثريا بنت عبد الله الذي يقول فيه عمر بن ربيعة:

أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يمان

( بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ثقة حجة روى عنه مالك وابن عيينة وسليمان بن بلال والدراوردي وله مرفوعًا في الموطأ هذا الحديث الواحد.
( عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد) بكسر العين، سعد بسكونها، ابن مالك بن سنان ( الخدري) الصحابي ابن الصحابي ( وعن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر أو عمرو بن عامر قولان مرجحان قال أبو عمر: ذكر أبي هريرة لا يوجد في غير رواية عبد المجيد، وإنما المحفوظ عن أبي سعيد كما رواه قتادة عن ابن المسيب عنه ويحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وعقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد اهـ.
وهي زيادة من ثقة غير منافية فليست بشاذة كما ادعاه بقوله المحفوظ إذ يقابله الشاذ ولذا لم يلتفت الشيخان لذلك ورويا الحديث، ومن اقتصر على أبي سعيد فقد قصر فلا يقضى به على من ذكرهما، وكأن أبا عمر استشعر هذا بعد ذلك، فقال في الاستذكار الحديث محفوظ عن أبي سعيد وأبي هريرة.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً) هو سواد بخفة الواو، ابن غزية بمعجمتين بوزن عطية كما سماه الدراوردي عن عبد المجيد عند أبي عوانة والدارقطني ( على خيبر) أي جعله أميرًا عليها ( فجاءه بتمر جنيب) بجيم مفتوحة ونون مكسورة وتحتية ساكنة فموحدة، نوع من أغلى التمر قيل الكبيس وقيل: الطيب وقيل: الصلب وقيل: الذي خرج منه حشفه ورد به وقيل الذي لا يخلط بغيره ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا فقال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا) الجنيب ( بالصاعين) من الجمع كما زاده سليمان بن بلال عن عبد المجيد عند الشيخين ( والصاعين) من الجنيب ( بالثلاثة) من الجمع، وفي رواية بالثلاث بدون تاء وهما جائزان لأن الصاع يذكر ويؤنث ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل بع الجمع) بفتح فسكون، التمر الرديء المجموع من أنواع مختلفة ( بالدراهم ثم ابتع) اشتر ( بالدراهم) تمرًا ( جنيبًا) ليكون صفقتين فلا يدخله الربا فليس هذا حيلة في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً لأنه حرام بل توصل إلى تحصيل تملكه.
وفي رواية سليمان بن بلال فقال: لا تفعلوا ولكن مثلاً بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان.
قال ابن عبد البر: كل من روى عن عبد المجيد هذا الحديث ذكر آخره وكذلك الميزان سوى مالك، وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين أهل العلم فيه وأجمعوا على أن التمر بالتمر لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل، سواء الطيب والدون، وأنه كله على اختلاف أنواعه واحد.
وأما سكوت من سكت من الرواة عن فسخ البيع المذكور فلا يدل على عدم الوقوع.
وقد ورد الفسخ من طريق أخرى عند مسلم فقال: هذا الربا فرده.
ويحتمل تعدد القصة وأن التي لم يقع فيها الرد كانت قبل تحريم ربا الفضل اهـ.

واحتج بالحديث من أجاز بيع الطعام من رجل بنقد ويبتاع منه بذلك النقد طعامًا قبل الافتراق وبعده لأنه لم يخص فيه بائع الطعام ولا مبتاعه من غيره.
وبه قال الحنفي والشافعي ومنعه المالكية.
وأجابوا: بأن الحديث مطلق لا يشمل ما ذكر فإذا عمل به في صورة سقط الاحتجاج به فيما عداها بإجماع الأصوليين، وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل وابتع ممن اشترى الجمع بل خرج الكلام غير متعرض لعين البائع من هو فلا يدل على المدعي.
وقال ابن عبد البر: بيع التمر الجمع بالدراهم وشراء الجنيب بها من رجل واحد في وقت واحد يدخله ما يدخل الصرف في بيع الذهب بدراهم ويشتري بها ذهبًا من رجل واحد في وقت، والمراعى في ذلك كلمة واحدة فمالك يكره ذلك على أصله، وكل من قال بالذرائع كذلك وغيره يراعي السلامة في ذلك لا يفسخ بيعًا قد انعقد إلا بيقين وقصد اهـ.
وذكر بعضهم أن الشافعية استدلوا به على جواز الحيلة في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً بأن يبيعه من صاحبه بدراهم، أو عرض ويشتري منه بالدراهم، أو يقرض كل منهما صاحبه ويبريه، أو يتواهبا أو يهب الفاضل مالكه لصاحبه بعد شرائه منه ما عداه بما يساويه فكل هذا جائز إذا لم يشترط في بيعه وإقراضه وهبته ما يفعله الآخر نعم هي مكروهة إذا نويا ذلك لأن كل شرط أفسد التصريح به العقد يكره إذا نواه كما لو تزوج بشرط أن يطلق لم ينعقد فإن قصد ذلك كره ثم هذه الطرق ليست حيلاً في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً لأنه حرام بل حيل في تمليكه لتحصيل ذلك ففي التعبير بذلك تسامح اهـ.
ورواه البخاري هنا عن قتيبة وفي الوكالة عن عبد الله بن يوسف وفي المغازي عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلهم عن مالك به وتابعه سليمان بن بلال عند الشيخين.

( مالك عن عبد الله بن يزيد) بتحتية قبل الزاي، المخزومي مولاهم المدني زاد الشافعي وأبو مصعب وغيرهما مولى الأسود بن سفيان ( أن زيدًا أبا عياش) بتحتانية ومعجمة كنيته، واسم أبيه عياش المدني تابعي صدوق، نقل عن مالك أنه مولى سعد بن أبي وقاص وقيل إنه مولى بني مخزوم، قال أبو عمر زعم بعضهم أنه مجهول لا يعرف ولم يذكر إلا في هذا الحديث ولم يرو عنه إلا عبد الله بن يزيد هذا الحديث فقط.
وقيل: بل روى عنه أيضًا عمران بن أنس وقيل: إن أبا عياش هو ابن عياش الزرقي، واسمه عند طائفة زيد بن الصامت صحابي صغير حفظ عنه صلى الله عليه وسلم وشهد معه بعض مشاهده اهـ.
( أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن) بيع ( البيضاء) أي الشعير كما ورد بوجه آخر ولا خلاف فيه عن مالك ووهم وكيع فقال عنه الذرة ولم يقله غيره والبيضاء عند العرب الشعير والسمرة عندهم البر، قاله أبو عمر.
( بالسلت) بضم السين وإسكان اللام، حب بين الحنطة والشعير ولا قشر له كقشر الشعير فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته، قاله الأزهري.
وقال الجوهري: قيل إنه ضرب من الشعير لا قشر له ويكون في الغور والحجاز ( فقال له سعد: أيتهما أفضل) قال مالك: أي أكثر في الكيل، ويدل له احتجاج سعد ( فقال البيضاء) أي الشعير ( فنهاه عن ذلك) أي بيعها بها متفاضلاً لتقاربهما في المنفعة والخلقة وغيرهما ( وقال سعد) محتجًا لفتواه بالمنع: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمن حوله كما في رواية: ( أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا: نعم فنهى عن ذلك) لعدم التماثل فقاس سعد ما سئل عنه من الشعير والسلت على ما سئل عنه المصطفى من التمر بالرطب بجامع تقارب المنفعة.



رقم الحديث 1319 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.


( ما يكره من بيع التمر)

( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) مرسل.
قال ابن عبد البر وصله داود بن قيس عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري ( أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمر بالتمر مثلاً بمثل) مصدر في موضع الحال، أي موزونًا وفي رواية بالرفع ( فقيل له: إن عاملك على خيبر) سواد بن غزية كما يأتي ( يأخذ الصاع) من التمر الجيد ( بالصاعين) من التمر الرديء ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوه لي فدعي له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتأخذ الصاع بالصاعين فقال: يا رسول الله لا يبيعونني الجنيب) بفتح الجيم وكسر النون وإسكان التحتية فموحدة نوع من جيد التمر ( بالجمع) بفتح الجيم وسكون الميم، تمر رديء مجموع من أنواع مختلفة ( صاعًا بصاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) لا تفعل ( بع الجمع) التمر الرديء ( بالدراهم ثم ابتع) اشتر ( بالدراهم) تمرًا ( جنيبًا) فلا يدخله الربا فنهاه عما فعل وعذره فلم يعنفه ولم يرد فعله السابق لأنه فعله باجتهاد قبل نزول آية الربا وقبل أن يتقدم إليه صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التفاضل ولذا سأله عن فعله ليعلمه بما أحدث الله فيه ولم يأمره بفسخه وجاء عن بلال وأبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم أمر برد هذا البيع قاله ابن عبد البر أي برد مثله بعد نزول النهي عن التفاضل فلا يخالف ما قبله بناء على تعدد القصة كما يأتي عنه في تاليه.

( مالك عن عبد الحميد) بالمهملة ثم الميم، رواه يحيى وابن نافع وابن يوسف؛ وقال جمهور رواة الموطأ عبد المجيد بميم تليها جيم وهو المعروف وكذا ذكره البخاري والعقيلي وهو الصواب والحق الذي لا شك فيه والأول غلط قاله أبو عمر، ( بن سهيل) بالتصغير، زوج الثريا بنت عبد الله الذي يقول فيه عمر بن ربيعة:

أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يمان

( بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ثقة حجة روى عنه مالك وابن عيينة وسليمان بن بلال والدراوردي وله مرفوعًا في الموطأ هذا الحديث الواحد.
( عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد) بكسر العين، سعد بسكونها، ابن مالك بن سنان ( الخدري) الصحابي ابن الصحابي ( وعن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر أو عمرو بن عامر قولان مرجحان قال أبو عمر: ذكر أبي هريرة لا يوجد في غير رواية عبد المجيد، وإنما المحفوظ عن أبي سعيد كما رواه قتادة عن ابن المسيب عنه ويحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وعقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد اهـ.
وهي زيادة من ثقة غير منافية فليست بشاذة كما ادعاه بقوله المحفوظ إذ يقابله الشاذ ولذا لم يلتفت الشيخان لذلك ورويا الحديث، ومن اقتصر على أبي سعيد فقد قصر فلا يقضى به على من ذكرهما، وكأن أبا عمر استشعر هذا بعد ذلك، فقال في الاستذكار الحديث محفوظ عن أبي سعيد وأبي هريرة.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً) هو سواد بخفة الواو، ابن غزية بمعجمتين بوزن عطية كما سماه الدراوردي عن عبد المجيد عند أبي عوانة والدارقطني ( على خيبر) أي جعله أميرًا عليها ( فجاءه بتمر جنيب) بجيم مفتوحة ونون مكسورة وتحتية ساكنة فموحدة، نوع من أغلى التمر قيل الكبيس وقيل: الطيب وقيل: الصلب وقيل: الذي خرج منه حشفه ورد به وقيل الذي لا يخلط بغيره ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا فقال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا) الجنيب ( بالصاعين) من الجمع كما زاده سليمان بن بلال عن عبد المجيد عند الشيخين ( والصاعين) من الجنيب ( بالثلاثة) من الجمع، وفي رواية بالثلاث بدون تاء وهما جائزان لأن الصاع يذكر ويؤنث ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل بع الجمع) بفتح فسكون، التمر الرديء المجموع من أنواع مختلفة ( بالدراهم ثم ابتع) اشتر ( بالدراهم) تمرًا ( جنيبًا) ليكون صفقتين فلا يدخله الربا فليس هذا حيلة في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً لأنه حرام بل توصل إلى تحصيل تملكه.
وفي رواية سليمان بن بلال فقال: لا تفعلوا ولكن مثلاً بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان.
قال ابن عبد البر: كل من روى عن عبد المجيد هذا الحديث ذكر آخره وكذلك الميزان سوى مالك، وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين أهل العلم فيه وأجمعوا على أن التمر بالتمر لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل، سواء الطيب والدون، وأنه كله على اختلاف أنواعه واحد.
وأما سكوت من سكت من الرواة عن فسخ البيع المذكور فلا يدل على عدم الوقوع.
وقد ورد الفسخ من طريق أخرى عند مسلم فقال: هذا الربا فرده.
ويحتمل تعدد القصة وأن التي لم يقع فيها الرد كانت قبل تحريم ربا الفضل اهـ.

واحتج بالحديث من أجاز بيع الطعام من رجل بنقد ويبتاع منه بذلك النقد طعامًا قبل الافتراق وبعده لأنه لم يخص فيه بائع الطعام ولا مبتاعه من غيره.
وبه قال الحنفي والشافعي ومنعه المالكية.
وأجابوا: بأن الحديث مطلق لا يشمل ما ذكر فإذا عمل به في صورة سقط الاحتجاج به فيما عداها بإجماع الأصوليين، وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل وابتع ممن اشترى الجمع بل خرج الكلام غير متعرض لعين البائع من هو فلا يدل على المدعي.
وقال ابن عبد البر: بيع التمر الجمع بالدراهم وشراء الجنيب بها من رجل واحد في وقت واحد يدخله ما يدخل الصرف في بيع الذهب بدراهم ويشتري بها ذهبًا من رجل واحد في وقت، والمراعى في ذلك كلمة واحدة فمالك يكره ذلك على أصله، وكل من قال بالذرائع كذلك وغيره يراعي السلامة في ذلك لا يفسخ بيعًا قد انعقد إلا بيقين وقصد اهـ.
وذكر بعضهم أن الشافعية استدلوا به على جواز الحيلة في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً بأن يبيعه من صاحبه بدراهم، أو عرض ويشتري منه بالدراهم، أو يقرض كل منهما صاحبه ويبريه، أو يتواهبا أو يهب الفاضل مالكه لصاحبه بعد شرائه منه ما عداه بما يساويه فكل هذا جائز إذا لم يشترط في بيعه وإقراضه وهبته ما يفعله الآخر نعم هي مكروهة إذا نويا ذلك لأن كل شرط أفسد التصريح به العقد يكره إذا نواه كما لو تزوج بشرط أن يطلق لم ينعقد فإن قصد ذلك كره ثم هذه الطرق ليست حيلاً في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً لأنه حرام بل حيل في تمليكه لتحصيل ذلك ففي التعبير بذلك تسامح اهـ.
ورواه البخاري هنا عن قتيبة وفي الوكالة عن عبد الله بن يوسف وفي المغازي عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلهم عن مالك به وتابعه سليمان بن بلال عند الشيخين.

( مالك عن عبد الله بن يزيد) بتحتية قبل الزاي، المخزومي مولاهم المدني زاد الشافعي وأبو مصعب وغيرهما مولى الأسود بن سفيان ( أن زيدًا أبا عياش) بتحتانية ومعجمة كنيته، واسم أبيه عياش المدني تابعي صدوق، نقل عن مالك أنه مولى سعد بن أبي وقاص وقيل إنه مولى بني مخزوم، قال أبو عمر زعم بعضهم أنه مجهول لا يعرف ولم يذكر إلا في هذا الحديث ولم يرو عنه إلا عبد الله بن يزيد هذا الحديث فقط.
وقيل: بل روى عنه أيضًا عمران بن أنس وقيل: إن أبا عياش هو ابن عياش الزرقي، واسمه عند طائفة زيد بن الصامت صحابي صغير حفظ عنه صلى الله عليه وسلم وشهد معه بعض مشاهده اهـ.
( أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن) بيع ( البيضاء) أي الشعير كما ورد بوجه آخر ولا خلاف فيه عن مالك ووهم وكيع فقال عنه الذرة ولم يقله غيره والبيضاء عند العرب الشعير والسمرة عندهم البر، قاله أبو عمر.
( بالسلت) بضم السين وإسكان اللام، حب بين الحنطة والشعير ولا قشر له كقشر الشعير فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته، قاله الأزهري.
وقال الجوهري: قيل إنه ضرب من الشعير لا قشر له ويكون في الغور والحجاز ( فقال له سعد: أيتهما أفضل) قال مالك: أي أكثر في الكيل، ويدل له احتجاج سعد ( فقال البيضاء) أي الشعير ( فنهاه عن ذلك) أي بيعها بها متفاضلاً لتقاربهما في المنفعة والخلقة وغيرهما ( وقال سعد) محتجًا لفتواه بالمنع: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمن حوله كما في رواية: ( أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا: نعم فنهى عن ذلك) لعدم التماثل فقاس سعد ما سئل عنه من الشعير والسلت على ما سئل عنه المصطفى من التمر بالرطب بجامع تقارب المنفعة.



رقم الحديث 1320 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ؟ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ الْبَيْضَاءُ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ،.

     وَقَالَ  سَعْدٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنِ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.


( ما يكره من بيع التمر)

( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) مرسل.
قال ابن عبد البر وصله داود بن قيس عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري ( أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمر بالتمر مثلاً بمثل) مصدر في موضع الحال، أي موزونًا وفي رواية بالرفع ( فقيل له: إن عاملك على خيبر) سواد بن غزية كما يأتي ( يأخذ الصاع) من التمر الجيد ( بالصاعين) من التمر الرديء ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوه لي فدعي له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتأخذ الصاع بالصاعين فقال: يا رسول الله لا يبيعونني الجنيب) بفتح الجيم وكسر النون وإسكان التحتية فموحدة نوع من جيد التمر ( بالجمع) بفتح الجيم وسكون الميم، تمر رديء مجموع من أنواع مختلفة ( صاعًا بصاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) لا تفعل ( بع الجمع) التمر الرديء ( بالدراهم ثم ابتع) اشتر ( بالدراهم) تمرًا ( جنيبًا) فلا يدخله الربا فنهاه عما فعل وعذره فلم يعنفه ولم يرد فعله السابق لأنه فعله باجتهاد قبل نزول آية الربا وقبل أن يتقدم إليه صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التفاضل ولذا سأله عن فعله ليعلمه بما أحدث الله فيه ولم يأمره بفسخه وجاء عن بلال وأبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم أمر برد هذا البيع قاله ابن عبد البر أي برد مثله بعد نزول النهي عن التفاضل فلا يخالف ما قبله بناء على تعدد القصة كما يأتي عنه في تاليه.

( مالك عن عبد الحميد) بالمهملة ثم الميم، رواه يحيى وابن نافع وابن يوسف؛ وقال جمهور رواة الموطأ عبد المجيد بميم تليها جيم وهو المعروف وكذا ذكره البخاري والعقيلي وهو الصواب والحق الذي لا شك فيه والأول غلط قاله أبو عمر، ( بن سهيل) بالتصغير، زوج الثريا بنت عبد الله الذي يقول فيه عمر بن ربيعة:

أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يمان

( بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ثقة حجة روى عنه مالك وابن عيينة وسليمان بن بلال والدراوردي وله مرفوعًا في الموطأ هذا الحديث الواحد.
( عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد) بكسر العين، سعد بسكونها، ابن مالك بن سنان ( الخدري) الصحابي ابن الصحابي ( وعن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر أو عمرو بن عامر قولان مرجحان قال أبو عمر: ذكر أبي هريرة لا يوجد في غير رواية عبد المجيد، وإنما المحفوظ عن أبي سعيد كما رواه قتادة عن ابن المسيب عنه ويحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وعقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد اهـ.
وهي زيادة من ثقة غير منافية فليست بشاذة كما ادعاه بقوله المحفوظ إذ يقابله الشاذ ولذا لم يلتفت الشيخان لذلك ورويا الحديث، ومن اقتصر على أبي سعيد فقد قصر فلا يقضى به على من ذكرهما، وكأن أبا عمر استشعر هذا بعد ذلك، فقال في الاستذكار الحديث محفوظ عن أبي سعيد وأبي هريرة.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً) هو سواد بخفة الواو، ابن غزية بمعجمتين بوزن عطية كما سماه الدراوردي عن عبد المجيد عند أبي عوانة والدارقطني ( على خيبر) أي جعله أميرًا عليها ( فجاءه بتمر جنيب) بجيم مفتوحة ونون مكسورة وتحتية ساكنة فموحدة، نوع من أغلى التمر قيل الكبيس وقيل: الطيب وقيل: الصلب وقيل: الذي خرج منه حشفه ورد به وقيل الذي لا يخلط بغيره ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا فقال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا) الجنيب ( بالصاعين) من الجمع كما زاده سليمان بن بلال عن عبد المجيد عند الشيخين ( والصاعين) من الجنيب ( بالثلاثة) من الجمع، وفي رواية بالثلاث بدون تاء وهما جائزان لأن الصاع يذكر ويؤنث ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل بع الجمع) بفتح فسكون، التمر الرديء المجموع من أنواع مختلفة ( بالدراهم ثم ابتع) اشتر ( بالدراهم) تمرًا ( جنيبًا) ليكون صفقتين فلا يدخله الربا فليس هذا حيلة في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً لأنه حرام بل توصل إلى تحصيل تملكه.
وفي رواية سليمان بن بلال فقال: لا تفعلوا ولكن مثلاً بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان.
قال ابن عبد البر: كل من روى عن عبد المجيد هذا الحديث ذكر آخره وكذلك الميزان سوى مالك، وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين أهل العلم فيه وأجمعوا على أن التمر بالتمر لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل، سواء الطيب والدون، وأنه كله على اختلاف أنواعه واحد.
وأما سكوت من سكت من الرواة عن فسخ البيع المذكور فلا يدل على عدم الوقوع.
وقد ورد الفسخ من طريق أخرى عند مسلم فقال: هذا الربا فرده.
ويحتمل تعدد القصة وأن التي لم يقع فيها الرد كانت قبل تحريم ربا الفضل اهـ.

واحتج بالحديث من أجاز بيع الطعام من رجل بنقد ويبتاع منه بذلك النقد طعامًا قبل الافتراق وبعده لأنه لم يخص فيه بائع الطعام ولا مبتاعه من غيره.
وبه قال الحنفي والشافعي ومنعه المالكية.
وأجابوا: بأن الحديث مطلق لا يشمل ما ذكر فإذا عمل به في صورة سقط الاحتجاج به فيما عداها بإجماع الأصوليين، وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل وابتع ممن اشترى الجمع بل خرج الكلام غير متعرض لعين البائع من هو فلا يدل على المدعي.
وقال ابن عبد البر: بيع التمر الجمع بالدراهم وشراء الجنيب بها من رجل واحد في وقت واحد يدخله ما يدخل الصرف في بيع الذهب بدراهم ويشتري بها ذهبًا من رجل واحد في وقت، والمراعى في ذلك كلمة واحدة فمالك يكره ذلك على أصله، وكل من قال بالذرائع كذلك وغيره يراعي السلامة في ذلك لا يفسخ بيعًا قد انعقد إلا بيقين وقصد اهـ.
وذكر بعضهم أن الشافعية استدلوا به على جواز الحيلة في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً بأن يبيعه من صاحبه بدراهم، أو عرض ويشتري منه بالدراهم، أو يقرض كل منهما صاحبه ويبريه، أو يتواهبا أو يهب الفاضل مالكه لصاحبه بعد شرائه منه ما عداه بما يساويه فكل هذا جائز إذا لم يشترط في بيعه وإقراضه وهبته ما يفعله الآخر نعم هي مكروهة إذا نويا ذلك لأن كل شرط أفسد التصريح به العقد يكره إذا نواه كما لو تزوج بشرط أن يطلق لم ينعقد فإن قصد ذلك كره ثم هذه الطرق ليست حيلاً في بيع الربوي بجنسه متفاضلاً لأنه حرام بل حيل في تمليكه لتحصيل ذلك ففي التعبير بذلك تسامح اهـ.
ورواه البخاري هنا عن قتيبة وفي الوكالة عن عبد الله بن يوسف وفي المغازي عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلهم عن مالك به وتابعه سليمان بن بلال عند الشيخين.

( مالك عن عبد الله بن يزيد) بتحتية قبل الزاي، المخزومي مولاهم المدني زاد الشافعي وأبو مصعب وغيرهما مولى الأسود بن سفيان ( أن زيدًا أبا عياش) بتحتانية ومعجمة كنيته، واسم أبيه عياش المدني تابعي صدوق، نقل عن مالك أنه مولى سعد بن أبي وقاص وقيل إنه مولى بني مخزوم، قال أبو عمر زعم بعضهم أنه مجهول لا يعرف ولم يذكر إلا في هذا الحديث ولم يرو عنه إلا عبد الله بن يزيد هذا الحديث فقط.
وقيل: بل روى عنه أيضًا عمران بن أنس وقيل: إن أبا عياش هو ابن عياش الزرقي، واسمه عند طائفة زيد بن الصامت صحابي صغير حفظ عنه صلى الله عليه وسلم وشهد معه بعض مشاهده اهـ.
( أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن) بيع ( البيضاء) أي الشعير كما ورد بوجه آخر ولا خلاف فيه عن مالك ووهم وكيع فقال عنه الذرة ولم يقله غيره والبيضاء عند العرب الشعير والسمرة عندهم البر، قاله أبو عمر.
( بالسلت) بضم السين وإسكان اللام، حب بين الحنطة والشعير ولا قشر له كقشر الشعير فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته، قاله الأزهري.
وقال الجوهري: قيل إنه ضرب من الشعير لا قشر له ويكون في الغور والحجاز ( فقال له سعد: أيتهما أفضل) قال مالك: أي أكثر في الكيل، ويدل له احتجاج سعد ( فقال البيضاء) أي الشعير ( فنهاه عن ذلك) أي بيعها بها متفاضلاً لتقاربهما في المنفعة والخلقة وغيرهما ( وقال سعد) محتجًا لفتواه بالمنع: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمن حوله كما في رواية: ( أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا: نعم فنهى عن ذلك) لعدم التماثل فقاس سعد ما سئل عنه من الشعير والسلت على ما سئل عنه المصطفى من التمر بالرطب بجامع تقارب المنفعة.