فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِفْلَاسِ الْغَرِيمِ

رقم الحديث 1381 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا، فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) القرشي المخزومي الفقيه التابعي الوسط ولأبيه رؤية فهو صحابي من حيثها تابعي كبير من حيث الرواية وجده من فضلاء الصحابة سأل عن كيفية الوحي كما مر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن عبد البر: هكذا في جميع الموطآت ولجميع الرواة عن مالك مرسلاً إلا عبد الرزاق بخلف عنه فوصله عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا اختلف أصحاب الزهري عنه في إرساله ووصله ورواية من وصله صحيحة فقد رواه عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبشير بن نهيك وهشام بن يحيى كلاهما عن أبي هريرة مرفوعًا الثلاثة في الفلس دون ذكر حكم الموت، والحديث محفوظ لأبي هريرة لا يرويه غيره فيما علمت اهـ ملخصًا.

( قال أيما) مركبة من أي وهي اسم ينوب مناب حرف الشرط، ومن ما المبهمة المزيدة قال الطيبي: من المقحمات التي يستغنى بها عن تفصيل غير حاصر أو عن تطويل غير ممل ( رجل) بجره بإضافة أي إليه ورفعه بدل من أي وليس المبدل منه على نية الطرح وما زائدة وذكره غالبي والمراد إنسان ( باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه) اشتراه وقوله ( منه) كذا ليحيى وسقط لغيره ( ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجده) أي متاعه ( بعينه فهو أحق به) من الغرماء لأن المفلس يمكن أن تطرأ له ذمة بخلاف الميت ولذا قال ( وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء) وبهذا قال مالك وأحمد لنصه صلى الله عليه وسلم على الفرق بين الفلس والموت وهو قاطع لموضع الخلاف.
وقال الكوفيون: ليس أحق به فيهما.
وقال الشافعي: هو أحق به فيهما لحديث أبي داود وابن ماجه وغيرهما عن أبي المعتمر عمرو بن نافع عن عمر بن خلدة الزرقي قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس فقال أبو هريرة: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه.

وأجيب بأن أبا المعتمر ليس بمعروف بحمل العلم، وقد قال أبو داود عقب روايته من يأخذ بهذا؟ أبو المعتمر من هو؟ يعني أنه لا يعرفه.
وفي التقريب أنه مجهول الحال فحديث التفريق أرجح فوجب العمل به وتقديمه ولو سلم صلاحيته للحجية فقد قال المازري: أنه لم يذكر فيه بيعًا فيحمل على أنه في الودائع أو غصبًا أو تعديًا وأيضًا فإنه لم يذكر فيه لفظه صلى الله عليه وسلم ولو ذكره لأمكن فيه التأويل.
وقال بعض أصحابنا لعله لما تبين فلسه قام وطلب فلسه فبادر الموت.
ووجه الفرق بين الفلس والموت من جهة المعنى أن ذمة المشتري عينت في الفلس فصار البائع بمنزلة من اشترى سلعة فوجد بها عيبًا فله ردها واسترجاع شيئه ولا ضرر على بقية الغرماء لبقاء ذمة المشتري وفي الموت وإن عينت الذمة أيضًا لكنها ذهبت رأسًا فلو اختص البائع بسلعته عظم الضرر على بقية الغرماء لخراب ذمة الميت وذهابها وإنما يكون لرب السلعة استرجاعها في الفلس إذا لم يعطه الغرماء الثمن فإن أعطوه فذلك لهم لأن استرجاعها إنما كان لعلة وقد زالت.
وقال الشافعي: لا يسقط حقه في استرجاعها ولو دفع له الغرماء الثمن لأنه قد يطرأ غريم فلا يرضى ما صنع هؤلاء اهـ.
ولأنه ليس للمفلس ولا ورثته أخذها لأن الحديث جعل صاحبها أحق بها منهم فالغرماء أبعد من ذلك وإنما الخيار لصاحب السلعة إن شاء أخذها وإن شاء تركها وحاصص بثمنها.
وبه قال أحمد وأبو ثور وجماعة.

قال ابن عبد البر: هذا الحديث صحيح ثابت من رواية الحجازيين والبصريين وأجمع على القول بجملته فقهاء المدينة والحجاز والبصرة والشام، وإن اختلفوا في بعض فروعه.
ودفعه الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه وهو مما يعد عليهم من السنن التي ردوها بغير سنة صاروا إليها وأدخلوا النظر حيث لا مدخل له مع صحيح الأثر وحجتهم أن السلعة مال المشتري وثمنها في ذمته فغرماؤه أحق بها كسائر ماله، وهذا ما لا يخفى على أحد لولا أن صاحب الشريعة جعل لصاحب السلعة إذا وجدها بعينها أخذها { { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } } { { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } } الآية: ولو جاز مثل رد هذه السنة المشهورة عند علماء المدينة وغيرهم بإمكان الوهم والغلط فيها لجاز ذلك في سائر السنن حتى لا تبقى سنة إلا قليل مما أجمع عليه وهذه السنة أصل برأسها فلا سبيل أن ترد إلى غيرها لأن الأصول لا تنقاس، وإنما تنقاس الفروع ردًا على أصولها ولا أعلم للكوفيين سلفًا، إلا ما رواه قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: هو فيها أسوة الغرماء إذا وجدها بعينها وأحاديث خلاس عن علي ضعيفة ليس في شيء منها إذا انفرد حجة وروى مثله عن إبراهيم النخعي وليس في قوله حجة على الجمهور إذ الواجب عليه الرجوع للسنة فكيف يقلد ويتبع.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( بن حزم) بالمهملة والزاي ( عن عمر بن عبد العزيز) بن مروان الأموي الخليفة العادل ( عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي وفي هذا السند أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أفلس فأدرك) أي وجد ( الرجل) الذي باعه وأقرضه ( ماله بعينه فهو أحق به من غيره) من غرماء المفلس وبهذا قال الجمهور: وخالف الحنفية فقالوا إنه كالغرماء لقوله تعالى { { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } } فاستحق النظرة إليها بالآية وليس له الطلب قبلها ولأن العقد يوجب ملك الثمن للبائع في ذمة المشتري وهو الدين وذلك وصف في الذمة فلا يتصور قبضه.
وحملوا حديث الباب على المغصوب والعواري والإجارة والرهن وما أشبهها فإن ذلك ماله بعينه فهو أحق به وليس المبيع مال البائع ولا متاعًا له، وإنما هو مال المشتري إذ هو قد خرج عن ملكه وعن ضمانه بالبيع والقبض.
واستدل الطحاوي لذلك بحديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سرق له متاع أو ضاع له متاع فوجده في يد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن رواه ابن ماجه والطبراني.

وأجيب: بأن في سنده الحجاج بن أرطاة وهو كثير الخطأ والتدليس.
قال ابن معين ليس بالقوي وإن روى له مسلم فمقرون بغيره، ولنا أنه وقع النص في حديث الباب أنه في صورة البيع فأخرج ابن خزيمة وابن حبان من طريق سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد: إذا ابتاع الرجل سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء.
ولمسلم من رواية ابن أبي حسين عن أبي بكر بن محمد بسنده في الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يعرفه: إنه لصاحبه الذي باعه، فتبين أن الحديث وارد في صورة البيع فلا وجه لتخصيصه بما قاله الحنفية، ولا خلاف أن صاحب الوديعة وما أشبهها أحق بها سواء وجدها عند المفلس أو غيره، وقد شرط الإفلاس في الحديث.
قال البيهقي: وهذه الرواية الصحيحة الصريحة في البيع والسلعة تمنع من حمل الحكم فيها على الودائع والعواري والمغصوب مع تعليقه إياه في جميع الروايات بالإفلاس اهـ.
وأيضًا؟ فصاحب الشرع جعل لصاحب المتاع الرجوع إذا وجده بعينه والمودع أحق بعينه سواء كان على صفته أو تغير عنها فلم يجز حمل الحديث عليه، ووجب حمله على البائع لأنه إنما يرجع بعينه إذا كان على صفته لم يتغير، فإذا تغير فلا رجوع له، وأيضًا لا مدخل للقياس إلا إذا عدمت السنة فإن وجدت فهي حجة على من خالفها.
وهذا الحديث تابع مالكًا عليه زهير بن معاوية عند البخاري وسفيان الثوري في جامعه كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوه.

( قال مالك في رجل باع من رجل متاعًا فأفلس المبتاع فإن البائع إذا وجد شيئًا من متاعه بعينه أخذه) إذا وجده كله ( وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من الغرماء لا يمنعه ما فرق المبتاع منه أن يأخذ ما وجد) بنصيبه من الثمن ( بعينه) لصدق الحديث بذلك ويحاصص بنصيب الغائب وإن شاء سلم ما وجد وحاص بالثمن كله وقال الشافعي وأحمد: ليس له أن يرد من الثمن شيئًا وإنما له أخذ ما بقي من سلعته لأنه لو قبض جميع الثمن لم يرده ويأخذ السلعة فكذا هنا قال الباجي: وهذا لا يلزمنا لأنه إذا قبض جميع الثمن فقد سلم العقد بأخذ العوض، وإذا قبض بعضه فقد أدرك بقية الثمن عيب الفلس فله أن يرد ما أخذ بتقسط على المبيع لئلا يدخل فيه ضرر الشركة لأنه إذا باع عبدًا فرجع إليه جزء منه لحقه ضرر الشركة ( فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئًا) قبل الفلس ( فأحب أن يرده ويقبض ما وجد من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فذلك له) وإن أحب أن لا يأخذ ما وجد ويحاص بما بقي له فله ذلك أيضًا ( ومن اشترى سلعة من السلع غزلاً أو متاعًا أو بقعة) بضم الباء قطعة ( من الأرض ثم أحدث في ذلك المشترى عملاً) كما إذا ( بنى البقعة دارًا أو نسج الغزل ثوبًا ثم أفلس الذي ابتاع ذلك فقال رب البقعة أنا آخذ البقعة وما فيها من البنيان إن ذلك ليس له) لأنها ليست متاعه بعينه فلم تدخل في الحديث ( ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح المشتري) فيقال: ما قيمة هذه الدار مبنية؟ ( ثم ينظر كم ثمن البقعة) بأن يقال ما قيمتها براحا ( وكم ثمن البنيان من تلك القيمة ثم يكونان شريكين في ذلك لصاحب البقعة بقدر حصته ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان وتفسير ذلك) أي بيانه بالمثال ( أن تكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم فتكون قيمة البقعة خمسمائة درهم وقيمة البنيان ألف درهم فيكون لصاحب البقعة الثلث ويكون للغرماء الثلثان) والتقويم يوم الحكم ( وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا ولحق المشتري دين لا وفاء له عنده و)

( هذا العمل فيه فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها المبتاع شيئًا إلا أن تلك السلعة نفقت) راجت ( وارتفع) زاد ( ثمنها فصاحبها يرغب فيها والغرماء يريدون إمساكها فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصون شيئًا) وتكون لهم الزيادة الحاصلة فيها ( وبين أن يسلموا إليه سلعته) لأنه إنما باعها بذلك الثمن فلم يجز تنقيصه عنه ( وإن كان قد نقص ثمنها فالذي باعها بالخيار إن شاء أن يأخذ سلعته ولا تباعة) بكسر الفوقية، بزنة كتابة الشيء الذي لك فيه بقية شبه ظلامة ونحوها كما في القاموس والمراد هنا لا رجوع ( له في شيء من مال غريمه فذلك له وإن شاء أن يكون غريمًا من الغرماء يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته فذلك له) فخيرته تنفي ضرره.

( وقال مالك فيمن اشترى جارية أو دابة فولدت عنده ثم أفلس المشتري فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع إلا أن يرغب الغرماء في ذلك فيعطونه) حقه ( كاملاً ويمسكون ذلك) فإن فات الولد ببيع فلمالك في الموازية له أخذ الأم بجميع الثمن أو يسلمها ويحاص الغرماء وله في العتبية يقسم الثمن على الأم والولد فيأخذ الأم بحصتها ويحاص بما أصاب الولد.



رقم الحديث 1381 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٍ: وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ، ثُمَّ يَشْتَرِي الرَّجُلُ بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ، مِنْ بَيْعِهِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْحِنْطَةَ، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ الَّتِي بَاعَ بِهَا الْحِنْطَةَ إِلَى أَجَلٍ تَمْرًا، مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ، وَيُحِيلَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ التَّمْرَ عَلَى غَرِيمِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ بِالذَّهَبِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فِي ثَمَرِ التَّمْرِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا.


( ما يكره من بيع الطعام إلى أجل)

( مالك عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار ينهيان أن يبيع الرجل) أو المرأة ( حنطة بذهب إلى أجل ثم يشتري بالذهب تمرًا قبل أن يقبض الذهب) من مشتري الحنطة للتهمة ( مالك عن كثير) بلفظ ضد قليل ( بن فرقد) بفتح الفاء وإسكان الراء وقاف ودال مهملة، المدني نزيل مصر من الثقات ( أنه سأل أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الرجل يبيع الطعام من الرجل) أي إليه ( بذهب إلى أجل ثم يشتري بالذهب تمرًا قبل أن يقبض الذهب فكره ذلك ونهى عنه) منعه.

( مالك عن ابن شهاب بمثل ذلك) أنه كرهه ( قال مالك وإنما نهى سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبو بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( بن حزم) بمهملة وزاي ( وابن شهاب عن أن لا) زائدة للتأكيد نحو { { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } } ( يبيع الرجل حنطة بذهب ثم يشتري الرجل بالذهب تمرًا قبل أن يقبض الذهب من بيعه) بشدّ الياء ( الذي اشترى منه الحنطة فأما أن يشتري بالذهب التي باع بها) أي الذهب لأنه يؤنث ويذكر ( الحنطة إلى أجل) تمرًا ( من غير بائعه) المعبر عنه قبله ببيعه بالتثقيل لأنه يقال لغة بائع وبيع ( الذي باع منه الحنطة قبل أن يقبض الذهب ويحيل الذي اشترى منه التمر على غريمه الذي باع منه الحنطة بالذهب التي له عليه في ثمر التمر فلا بأس بذلك) لعدم التهمة ( وقد سألت عن ذلك غير واحد من أهل العلم فلم يروا به بأسًا) والمعنى أنهم وافقوه على ما أدّاه إليه اجتهاده لا أنه قلدهم.



رقم الحديث 1382 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ، فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ بَعْضَهُ، وَفَرَّقَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ، لَا يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ، أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ، فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئًا فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ مِنْ مَتَاعِهِ، وَيَكُونَ فِيمَا لَمْ يَجِدْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ غَزْلًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ بُقْعَةً مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى عَمَلًا بَنَى الْبُقْعَةَ دَارًا، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ ثَوْبًا، ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَبُّ الْبُقْعَةِ أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ، إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ وَمَا فِيهَا، مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الْبُقْعَةِ؟ وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ؟ ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ، بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَتَكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلُثُ، وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ، إِذَا دَخَلَهُ هَذَا، وَلَحِقَ الْمُشْتَرِيَ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ عِنْدَهُ، وَهَذَا الْعَمَلُ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ شَيْئًا، إِلَّا أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ، وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا، فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا، وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إِمْسَاكَهَا، فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ: يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ، وَلَا يُنَقِّصُوهُ شَيْئًا، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا، فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ، وَلَا تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ، فَذَلِكَ لَهُ.
وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ، وَلَا يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ فَذَلِكَ لَهُ وقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلًا، وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ.


( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) القرشي المخزومي الفقيه التابعي الوسط ولأبيه رؤية فهو صحابي من حيثها تابعي كبير من حيث الرواية وجده من فضلاء الصحابة سأل عن كيفية الوحي كما مر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن عبد البر: هكذا في جميع الموطآت ولجميع الرواة عن مالك مرسلاً إلا عبد الرزاق بخلف عنه فوصله عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا اختلف أصحاب الزهري عنه في إرساله ووصله ورواية من وصله صحيحة فقد رواه عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبشير بن نهيك وهشام بن يحيى كلاهما عن أبي هريرة مرفوعًا الثلاثة في الفلس دون ذكر حكم الموت، والحديث محفوظ لأبي هريرة لا يرويه غيره فيما علمت اهـ ملخصًا.

( قال أيما) مركبة من أي وهي اسم ينوب مناب حرف الشرط، ومن ما المبهمة المزيدة قال الطيبي: من المقحمات التي يستغنى بها عن تفصيل غير حاصر أو عن تطويل غير ممل ( رجل) بجره بإضافة أي إليه ورفعه بدل من أي وليس المبدل منه على نية الطرح وما زائدة وذكره غالبي والمراد إنسان ( باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه) اشتراه وقوله ( منه) كذا ليحيى وسقط لغيره ( ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجده) أي متاعه ( بعينه فهو أحق به) من الغرماء لأن المفلس يمكن أن تطرأ له ذمة بخلاف الميت ولذا قال ( وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء) وبهذا قال مالك وأحمد لنصه صلى الله عليه وسلم على الفرق بين الفلس والموت وهو قاطع لموضع الخلاف.
وقال الكوفيون: ليس أحق به فيهما.
وقال الشافعي: هو أحق به فيهما لحديث أبي داود وابن ماجه وغيرهما عن أبي المعتمر عمرو بن نافع عن عمر بن خلدة الزرقي قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس فقال أبو هريرة: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه.

وأجيب بأن أبا المعتمر ليس بمعروف بحمل العلم، وقد قال أبو داود عقب روايته من يأخذ بهذا؟ أبو المعتمر من هو؟ يعني أنه لا يعرفه.
وفي التقريب أنه مجهول الحال فحديث التفريق أرجح فوجب العمل به وتقديمه ولو سلم صلاحيته للحجية فقد قال المازري: أنه لم يذكر فيه بيعًا فيحمل على أنه في الودائع أو غصبًا أو تعديًا وأيضًا فإنه لم يذكر فيه لفظه صلى الله عليه وسلم ولو ذكره لأمكن فيه التأويل.
وقال بعض أصحابنا لعله لما تبين فلسه قام وطلب فلسه فبادر الموت.
ووجه الفرق بين الفلس والموت من جهة المعنى أن ذمة المشتري عينت في الفلس فصار البائع بمنزلة من اشترى سلعة فوجد بها عيبًا فله ردها واسترجاع شيئه ولا ضرر على بقية الغرماء لبقاء ذمة المشتري وفي الموت وإن عينت الذمة أيضًا لكنها ذهبت رأسًا فلو اختص البائع بسلعته عظم الضرر على بقية الغرماء لخراب ذمة الميت وذهابها وإنما يكون لرب السلعة استرجاعها في الفلس إذا لم يعطه الغرماء الثمن فإن أعطوه فذلك لهم لأن استرجاعها إنما كان لعلة وقد زالت.
وقال الشافعي: لا يسقط حقه في استرجاعها ولو دفع له الغرماء الثمن لأنه قد يطرأ غريم فلا يرضى ما صنع هؤلاء اهـ.
ولأنه ليس للمفلس ولا ورثته أخذها لأن الحديث جعل صاحبها أحق بها منهم فالغرماء أبعد من ذلك وإنما الخيار لصاحب السلعة إن شاء أخذها وإن شاء تركها وحاصص بثمنها.
وبه قال أحمد وأبو ثور وجماعة.

قال ابن عبد البر: هذا الحديث صحيح ثابت من رواية الحجازيين والبصريين وأجمع على القول بجملته فقهاء المدينة والحجاز والبصرة والشام، وإن اختلفوا في بعض فروعه.
ودفعه الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه وهو مما يعد عليهم من السنن التي ردوها بغير سنة صاروا إليها وأدخلوا النظر حيث لا مدخل له مع صحيح الأثر وحجتهم أن السلعة مال المشتري وثمنها في ذمته فغرماؤه أحق بها كسائر ماله، وهذا ما لا يخفى على أحد لولا أن صاحب الشريعة جعل لصاحب السلعة إذا وجدها بعينها أخذها { { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } } { { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } } الآية: ولو جاز مثل رد هذه السنة المشهورة عند علماء المدينة وغيرهم بإمكان الوهم والغلط فيها لجاز ذلك في سائر السنن حتى لا تبقى سنة إلا قليل مما أجمع عليه وهذه السنة أصل برأسها فلا سبيل أن ترد إلى غيرها لأن الأصول لا تنقاس، وإنما تنقاس الفروع ردًا على أصولها ولا أعلم للكوفيين سلفًا، إلا ما رواه قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: هو فيها أسوة الغرماء إذا وجدها بعينها وأحاديث خلاس عن علي ضعيفة ليس في شيء منها إذا انفرد حجة وروى مثله عن إبراهيم النخعي وليس في قوله حجة على الجمهور إذ الواجب عليه الرجوع للسنة فكيف يقلد ويتبع.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( بن حزم) بالمهملة والزاي ( عن عمر بن عبد العزيز) بن مروان الأموي الخليفة العادل ( عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي وفي هذا السند أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أفلس فأدرك) أي وجد ( الرجل) الذي باعه وأقرضه ( ماله بعينه فهو أحق به من غيره) من غرماء المفلس وبهذا قال الجمهور: وخالف الحنفية فقالوا إنه كالغرماء لقوله تعالى { { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } } فاستحق النظرة إليها بالآية وليس له الطلب قبلها ولأن العقد يوجب ملك الثمن للبائع في ذمة المشتري وهو الدين وذلك وصف في الذمة فلا يتصور قبضه.
وحملوا حديث الباب على المغصوب والعواري والإجارة والرهن وما أشبهها فإن ذلك ماله بعينه فهو أحق به وليس المبيع مال البائع ولا متاعًا له، وإنما هو مال المشتري إذ هو قد خرج عن ملكه وعن ضمانه بالبيع والقبض.
واستدل الطحاوي لذلك بحديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سرق له متاع أو ضاع له متاع فوجده في يد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن رواه ابن ماجه والطبراني.

وأجيب: بأن في سنده الحجاج بن أرطاة وهو كثير الخطأ والتدليس.
قال ابن معين ليس بالقوي وإن روى له مسلم فمقرون بغيره، ولنا أنه وقع النص في حديث الباب أنه في صورة البيع فأخرج ابن خزيمة وابن حبان من طريق سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد: إذا ابتاع الرجل سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء.
ولمسلم من رواية ابن أبي حسين عن أبي بكر بن محمد بسنده في الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يعرفه: إنه لصاحبه الذي باعه، فتبين أن الحديث وارد في صورة البيع فلا وجه لتخصيصه بما قاله الحنفية، ولا خلاف أن صاحب الوديعة وما أشبهها أحق بها سواء وجدها عند المفلس أو غيره، وقد شرط الإفلاس في الحديث.
قال البيهقي: وهذه الرواية الصحيحة الصريحة في البيع والسلعة تمنع من حمل الحكم فيها على الودائع والعواري والمغصوب مع تعليقه إياه في جميع الروايات بالإفلاس اهـ.
وأيضًا؟ فصاحب الشرع جعل لصاحب المتاع الرجوع إذا وجده بعينه والمودع أحق بعينه سواء كان على صفته أو تغير عنها فلم يجز حمل الحديث عليه، ووجب حمله على البائع لأنه إنما يرجع بعينه إذا كان على صفته لم يتغير، فإذا تغير فلا رجوع له، وأيضًا لا مدخل للقياس إلا إذا عدمت السنة فإن وجدت فهي حجة على من خالفها.
وهذا الحديث تابع مالكًا عليه زهير بن معاوية عند البخاري وسفيان الثوري في جامعه كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوه.

( قال مالك في رجل باع من رجل متاعًا فأفلس المبتاع فإن البائع إذا وجد شيئًا من متاعه بعينه أخذه) إذا وجده كله ( وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من الغرماء لا يمنعه ما فرق المبتاع منه أن يأخذ ما وجد) بنصيبه من الثمن ( بعينه) لصدق الحديث بذلك ويحاصص بنصيب الغائب وإن شاء سلم ما وجد وحاص بالثمن كله وقال الشافعي وأحمد: ليس له أن يرد من الثمن شيئًا وإنما له أخذ ما بقي من سلعته لأنه لو قبض جميع الثمن لم يرده ويأخذ السلعة فكذا هنا قال الباجي: وهذا لا يلزمنا لأنه إذا قبض جميع الثمن فقد سلم العقد بأخذ العوض، وإذا قبض بعضه فقد أدرك بقية الثمن عيب الفلس فله أن يرد ما أخذ بتقسط على المبيع لئلا يدخل فيه ضرر الشركة لأنه إذا باع عبدًا فرجع إليه جزء منه لحقه ضرر الشركة ( فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئًا) قبل الفلس ( فأحب أن يرده ويقبض ما وجد من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فذلك له) وإن أحب أن لا يأخذ ما وجد ويحاص بما بقي له فله ذلك أيضًا ( ومن اشترى سلعة من السلع غزلاً أو متاعًا أو بقعة) بضم الباء قطعة ( من الأرض ثم أحدث في ذلك المشترى عملاً) كما إذا ( بنى البقعة دارًا أو نسج الغزل ثوبًا ثم أفلس الذي ابتاع ذلك فقال رب البقعة أنا آخذ البقعة وما فيها من البنيان إن ذلك ليس له) لأنها ليست متاعه بعينه فلم تدخل في الحديث ( ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح المشتري) فيقال: ما قيمة هذه الدار مبنية؟ ( ثم ينظر كم ثمن البقعة) بأن يقال ما قيمتها براحا ( وكم ثمن البنيان من تلك القيمة ثم يكونان شريكين في ذلك لصاحب البقعة بقدر حصته ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان وتفسير ذلك) أي بيانه بالمثال ( أن تكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم فتكون قيمة البقعة خمسمائة درهم وقيمة البنيان ألف درهم فيكون لصاحب البقعة الثلث ويكون للغرماء الثلثان) والتقويم يوم الحكم ( وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا ولحق المشتري دين لا وفاء له عنده و)

( هذا العمل فيه فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها المبتاع شيئًا إلا أن تلك السلعة نفقت) راجت ( وارتفع) زاد ( ثمنها فصاحبها يرغب فيها والغرماء يريدون إمساكها فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصون شيئًا) وتكون لهم الزيادة الحاصلة فيها ( وبين أن يسلموا إليه سلعته) لأنه إنما باعها بذلك الثمن فلم يجز تنقيصه عنه ( وإن كان قد نقص ثمنها فالذي باعها بالخيار إن شاء أن يأخذ سلعته ولا تباعة) بكسر الفوقية، بزنة كتابة الشيء الذي لك فيه بقية شبه ظلامة ونحوها كما في القاموس والمراد هنا لا رجوع ( له في شيء من مال غريمه فذلك له وإن شاء أن يكون غريمًا من الغرماء يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته فذلك له) فخيرته تنفي ضرره.

( وقال مالك فيمن اشترى جارية أو دابة فولدت عنده ثم أفلس المشتري فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع إلا أن يرغب الغرماء في ذلك فيعطونه) حقه ( كاملاً ويمسكون ذلك) فإن فات الولد ببيع فلمالك في الموازية له أخذ الأم بجميع الثمن أو يسلمها ويحاص الغرماء وله في العتبية يقسم الثمن على الأم والولد فيأخذ الأم بحصتها ويحاص بما أصاب الولد.