فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْقَضَاءِ فِي الدَّعْوَى

رقم الحديث 1417 قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ، أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ، فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا: نَظَرَ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلَابَسَةٌ أَحْلَفَ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ
قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّهُ مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِدَعْوَى، نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلَابَسَةٌ أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْهُ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ، وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي، فَحَلَفَ طَالِبُ الْحَقِّ، أَخَذَ حَقَّهُ.


( القضاء في الدعوى)

( مالك عن جميل) بفتح الجيم وكسر الميم ( بن عبد الرحمن المؤذن) المدني أمه من ذرية سعد القرظ وكان يؤذن معهم ويقال اسم أبيه عبد الله بن سويد أو سوادة والصواب عبد الرحمن قاله ابن الحذاء ( أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس فإذا جاءه الرجل يدعي على الرجل حقًا نظر فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف الذي ادعي عليه وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا) وقال به الفقهاء السبعة وغيرهم ( أنه) أي الشأن ( من ادعى على رجل بدعوى نظر فإن كانت بينهما مخالطة) مثل التجار، ومن نصب نفسه للشراء والبيع ( أو ملابسة أحلف المدعى عليه فإن حلف بطل ذلك الحق عنه) أي لم يتوجه عليه ( وإن أبى أن يحلف ورد اليمين على المدعي فحلف طالب الحق أخذ حقه) وذهب الأئمة الثلاثة وغيرهم إلى توجه اليمين على المدعى عليه سواء كان بينهما خلطة أم لا لعموم حديث ابن عباس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين على المدعى عليه، لكن حمله مالك وموافقوه على ما إذا كانت خلطة لئلا يبتذل أهل السفه أهل الفضل بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد فاشترطت الخلطة لهذه المفسدة، واستدل ابن عبد البر لذلك بقوله تعالى { { إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ } } الآيات وقال ابن عباس: لما أتى يعقوب بقميص يوسف ولم ير فيه خرقًا كذبهم وقال: لو أكله السبع لخرق قميصه وقال الشعبي كان في قميص يوسف ثلاث آيات فزاد حين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرًا وهذا أصل في ثبوت الخلطة.