فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا

رقم الحديث 1249 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّتْ.
فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ، لَحَلَّتْ.


( عدة المتوفى عنها زوجها)

( مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس) بن عمرو الأنصاري أخي يحيى مات سنة تسع وثلاثين ومائة وقيل بعدها له في الموطأ ثلاثة أحاديث مرفوعة هذا ثالثها: ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أنه قال سئل) بالبناء للمجهول، وفي البخاري أن السائل رجل قال الحافظ: لم أقف على اسمه ( عبد الله بن عباس وأبو هريرة) وكان هو وأبو سلمة عند ابن عباس كما في الصحيحين ( عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ( فقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها، وبالنصب، أي تتربص آخر الأجلين أربعة أشهر وعشرًا إن ولدت قبلها فإن مضت ولم تلد تربصت حتى تلد جمعًا بين آيتي البقرة والطلاق.

( وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت) تخصيصًا لآية البقرة بآية الطلاق ( فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن) مع كريب أو وحده لإفتائه بالحل معارضًا لابن عباس ( على أم سلمة) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة ولدت سبيعة) بضم السين المهملة وفتح الموحدة وإسكان التحتية فعين مهملة فهاء تأنيث ابنة الحارث ( الأسلمية) الصحابية ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة، في حجة الوداع كما في مسلم وغيره عن سبيعة أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع ( بنصف شهر) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة فوضعت بعد موته بأربعين ليلة.
وفي مسلم عن الزهري عن عبيد الله عن سبيعة: فلم تنشب أن وضعت.
وفي مصنف عبد الرزاق عن عروة: بسبع ليال، وعن إبراهيم التيمي: بسبع عشرة ليلة أو قال بعشرين ليلة وعن عكرمة: بخمس وأربعين ليلة وعن معمر قال: يقول بعضهم: مكثت سبع عشرة ليلة ومنهم من يقول أربعين ليلة، وعند أحمد عن سبيعة فلم أمكث إلا شهرًا حتى وضعت.
وفي النسائي عشرين ليلة وروى غير ذلك مما يتعذر فيه الجمع لاتحاد القصة ولعل ذلك السر في إبهام من أبهم المدة ( فخطبها رجلان أحدهما شاب) هو أبو البشر، بفتحتين، ابن الحارث العبدري من بني عبد الدار كما أفاده ابن وضاح ( والآخر كهل) هو أبو السنابل، بفتح السين المهملة والنون فألف فموحدة مكسورة فلام، ابن بعكك، بموحدة ثم مهملة ثم كافين، وزن جعفر كما سمي في الصحيحين وغيرهما، ابن الحارث القرشي العبدري اسمه حبة بموحدة وقيل نون وقيل عمرو وقيل عامر وقيل غير ذلك ( فحطت) بفتح الحاء والطاء المهملتين، أي مالت ونزلت بقلبها ( إلى الشاب) على عادة النساء ( فقال الشيخ) أبو السنابل المعبر عنه أولاً بكهل ( لم تحلي بعد) بضم الدال ( وكان أهلها غيبًا) بفتحتين، جمع غائب كخادم وخدم ( ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها) يقدمونه على غيره.

وفي البخاري ومسلم فلما تعدّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر، وتعدت بفتح العين المهملة وشد الدال أي خرجت ( فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسألته عن ذلك ( فقال قد حللت فانكحي من شئت) زاد في رواية الأسود عن أبي السنابل: ولو رغم أنف أبي السنابل.
رواه أبو القاسم البغوي قال ابن سعد أسلم أبو السنابل يوم الفتح وكان شاعرًا وبقي زمانًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر ابن البرقي أنه تزوج سبيعة بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل.
لكن نقل الترمذي عن البخاري أنه قال لا نعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رواه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك به، وتابعه شعبة عن عبد ربه قال: سمعت أبا سلمة فذكره عند أصحاب السنن.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر إذا وضعت حملها فقد حلت) لقوله تعالى: { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } فقد بين صلى الله عليه وسلم بإفتائه لسبيعة أنه مخصص لقوله: { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } } ( فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن) أباه ( عمر بن الخطاب قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد) أي قبل دفنه ( لحلت) بالوضع عملاً بالآية.

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور) بكسر الميم وسكون السين وفتح الواو وبالراء ( بن مخرمة) بفتح الميم وإسكان المعجمة له ولأبيه صحبة ( أنه أخبره أن سبيعة الأسلمية) نسبة إلى أسلم قبيلة شهيرة ( نفست) بضم النون على المشهور وفي لغة بفتحها وكسر الفاء أي ولدت ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة ( بليال) سبق الخلاف في قدرها لأنه لا يمكن الجمع لاتحاد القصة، وأن ذلك لعله السر في إبهامها في نحو هذه الرواية زاد يحيى بن قزعة فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل.

وهذا الحديث رواه البخاري عن يحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي والمهملة عن مالك به.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن سليمان بن يسار) المدني ( أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ( اختلفا في المرأة تنفس) بضم التاء وسكون النون وفتح الفاء أي تلد ( بعد وفاة زوجها بليال) تنقص عن أربعة أشهر وعشر ما عدتها ( فقال أبو سلمة إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت) لآية الطلاق ( وقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها يعني إن كان الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشر انتظرته وإن وضعت قبلها انتظرتها لآية البقرة.
ووجه الاختلاف أنهما عمومان تعارضا فجمع ابن عباس بينهما بذلك.
وفي البخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة فقال ابن عباس آخر الأجلين فقلت: أنا وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن زاد الإسماعيلي فقال ابن عباس: إنما ذاك في الطلاق.
( فجاء أبو هريرة) لعله كان قام لحاجة وإلا فقد كان جالسًا عند ابن عباس لما استفتي كما في البخاري وغيره ( فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة) قاله على عادة العرب إذ ليس ابن أخيه حقيقة ( فبعثوا كريبًا) بضم الكاف وفتح الراء وإسكان التحتية وموحدة ( مولى عبد الله بن عباس) وفي البخاري فأرسل ابن عباس غلامه كريبًا ( إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن ذلك) ولا معارضة بين هذا وبين ما مر أن أبا سلمة دخل عليها فسألها لاحتمال أنه دخل معه أو بعده حتى يسمع منها بلا واسطة ولا بين كون الاختلاف في السابق بين أبي هريرة وبين ابن عباس، وهنا بينه وبين أبي سلمة لأن أصل الاختلاف بينهما وأبو هريرة وافق أبا سلمة فلا معارضة بهذين الأمرين كما ظن أبو عمر ( فجاءهم) كريب ( فأخبرهم أنها قالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت) بسكون التاء، سبيعة ( ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) لما قال لها أبو السنابل: ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر.
وفي رواية للبخاري فخطبها أبو السنابل فأبت أن تنكحه فقال والله ما يصلح أن تنكحين حتى تعتدي آخر الأجلين فمكثت قريبًا من عشر ليال ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقال: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل فبين مراد الله فلا معنى لمن خالفه، وفيه أن الحجة عند التنازع السنة فيما لا نص فيه من الكتاب وفيما فيه نص إذا احتمل التخصيص لأن السنة تبين مراد الكتاب.

قال الشافعي: من عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن حفظ القرآن نبل قدره، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
وفيه أن المناظرة وطلب الدليل وموقع الحجة كان قديمًا من زمن الصحابة ولا ينكره إلا جاهل وأن الكبير لا يرتفع على الصغير ولا يمنع إذا علم أن ينطق بما علم ورب صغير السن كبير العلم وجلالة أبي سلمة وإن كان يفتي مع الصحابة وهو القائل لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علمًا.
وليس هذا الحديث عند القعنبي وابن بكير في الموطأ، وهو عند غيرهما وقد أخرجه النسائي عن قتيبة ومن طريق القاسم كلاهما عن مالك به، وتابعه عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن هارون والليث الثلاثة عن يحيى بن سعيد عند مسلم قائلاً غير أن الليث قال: فأرسلوا إلى أم سلمة ولم يسم كريبًا وله طرق في الصحيحين والسنن.

( قال مالك وهذا الأمر عندنا الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم عندنا) أنها تحل بوضع الحمل وأجمع عليه جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار إلا ما روي عن علي من وجه منقطع أن عدتها آخر الأجلين وما جاء عن ابن عباس هنا لكن جاء عنه أنه رجع إلى حديث أم سلمة في قصة سبيعة قال ابن عبد البر ويصححه أن أصحابه عكرمة وعطاء وطاوسًا وغيرهم على أن عدتها الوضع وعليه العلماء كافة وقد روى عبد الرزاق عن ابن مسعود من شاء باهلته أو لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ } } قال وبلغه أن عليًا قال هي آخر الأجلين فقال ذلك اهـ.
وفي البخاري عن ابن مسعود أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة سورة النساء القصرى بعد الطولى ومراده أنها مخصصة لها لا ناسخة وقد احتج للقائل بآخر الأجلين بأنهما عدتان مجتمعتان بصفتين وقد اجتمعتا في المتوفى زوجها عنها فلا تخرج من عدتها إلا بيقين وهو آخر الأجلين وأجيب بأنه لما كان المقصود الأصلي من العدة براءة الرحم ولا سيما من تحيض حصل المطلوب بالوضع وحديث سبيعة من آخر حكمه صلى الله عليه وسلم لأنه بعد حجة الوداع والله أعلم.



رقم الحديث 1251 قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى حُرٍّ وَلَا عَبْدٍ طَلَّقَا مَمْلُوكَةً، وَلَا عَلَى عَبْدٍ طَلَّقَ حُرَّةً طَلَاقًا بَائِنًا، نَفَقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ عَلَى حُرٍّ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِابْنِهِ، وَهُوَ عَبْدُ قَوْمٍ آخَرِينَ، وَلَا عَلَى عَبْدٍ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.



( نفقة الأمة إذا طلقت وهي حامل)

( مالك ليس على حر ولا على عبد طلقا مملوكة) طلاقًا بائنًا ( ولا على عبد طلق حرة طلاقًا بائنًا) أي بائنًا بالثلاث، أو بالخلع ( نفقة وإن كانت حاملاً) لأن إنفاق العبد على ولده إتلاف لمال السيد فيما لا يعود على سيده منه منفعة ولأن ولد الأمة رقيق لسيدها وليس على الحر أن ينفق على ملك غيره، ولا ينقض بالنفقة على الزوجة الأمة لأنها في مقابلة الاستمتاع فهي من باب المعاوضات، فإن قيل هنا موجبان الأبوة والملك فلم اختص أحدهما بذلك دون الآخر، أجيب بأن من القواعد الأخذ بأقوى الموجبين وإسقاط ما عداه ولا شك أن موجب الملك أقوى لأن السيد يتصرف فيه ما لا يتصرف الأب من تزويج ونزع مال وحوز ميراث وأخذ قيمة جراح وعفو عنها ولا تكلم للأب معه حرًا أو عبدًا له أو لغيره ومحل عدم النفقة ( إذا لم يكن له) أي زوج الأمة حرًا أو عبدًا وزوج الحرة العبد ( عليها رجعة) فتجب النفقة لأن الرجعية في حكم الزوجية ( وليس على حر أن يسترضع لابنه وهو عبد قوم آخرين) بل رضاعه عليهم لأنه ملكهم ( ولا على عبد أن ينفق من ماله على من يملك سيده) لأنه إتلاف لماله بلا فائدة ( إلا بإذن سيده) فيجوز.



رقم الحديث 1251 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ.


( عدة المتوفى عنها زوجها)

( مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس) بن عمرو الأنصاري أخي يحيى مات سنة تسع وثلاثين ومائة وقيل بعدها له في الموطأ ثلاثة أحاديث مرفوعة هذا ثالثها: ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أنه قال سئل) بالبناء للمجهول، وفي البخاري أن السائل رجل قال الحافظ: لم أقف على اسمه ( عبد الله بن عباس وأبو هريرة) وكان هو وأبو سلمة عند ابن عباس كما في الصحيحين ( عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ( فقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها، وبالنصب، أي تتربص آخر الأجلين أربعة أشهر وعشرًا إن ولدت قبلها فإن مضت ولم تلد تربصت حتى تلد جمعًا بين آيتي البقرة والطلاق.

( وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت) تخصيصًا لآية البقرة بآية الطلاق ( فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن) مع كريب أو وحده لإفتائه بالحل معارضًا لابن عباس ( على أم سلمة) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة ولدت سبيعة) بضم السين المهملة وفتح الموحدة وإسكان التحتية فعين مهملة فهاء تأنيث ابنة الحارث ( الأسلمية) الصحابية ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة، في حجة الوداع كما في مسلم وغيره عن سبيعة أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع ( بنصف شهر) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة فوضعت بعد موته بأربعين ليلة.
وفي مسلم عن الزهري عن عبيد الله عن سبيعة: فلم تنشب أن وضعت.
وفي مصنف عبد الرزاق عن عروة: بسبع ليال، وعن إبراهيم التيمي: بسبع عشرة ليلة أو قال بعشرين ليلة وعن عكرمة: بخمس وأربعين ليلة وعن معمر قال: يقول بعضهم: مكثت سبع عشرة ليلة ومنهم من يقول أربعين ليلة، وعند أحمد عن سبيعة فلم أمكث إلا شهرًا حتى وضعت.
وفي النسائي عشرين ليلة وروى غير ذلك مما يتعذر فيه الجمع لاتحاد القصة ولعل ذلك السر في إبهام من أبهم المدة ( فخطبها رجلان أحدهما شاب) هو أبو البشر، بفتحتين، ابن الحارث العبدري من بني عبد الدار كما أفاده ابن وضاح ( والآخر كهل) هو أبو السنابل، بفتح السين المهملة والنون فألف فموحدة مكسورة فلام، ابن بعكك، بموحدة ثم مهملة ثم كافين، وزن جعفر كما سمي في الصحيحين وغيرهما، ابن الحارث القرشي العبدري اسمه حبة بموحدة وقيل نون وقيل عمرو وقيل عامر وقيل غير ذلك ( فحطت) بفتح الحاء والطاء المهملتين، أي مالت ونزلت بقلبها ( إلى الشاب) على عادة النساء ( فقال الشيخ) أبو السنابل المعبر عنه أولاً بكهل ( لم تحلي بعد) بضم الدال ( وكان أهلها غيبًا) بفتحتين، جمع غائب كخادم وخدم ( ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها) يقدمونه على غيره.

وفي البخاري ومسلم فلما تعدّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر، وتعدت بفتح العين المهملة وشد الدال أي خرجت ( فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسألته عن ذلك ( فقال قد حللت فانكحي من شئت) زاد في رواية الأسود عن أبي السنابل: ولو رغم أنف أبي السنابل.
رواه أبو القاسم البغوي قال ابن سعد أسلم أبو السنابل يوم الفتح وكان شاعرًا وبقي زمانًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر ابن البرقي أنه تزوج سبيعة بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل.
لكن نقل الترمذي عن البخاري أنه قال لا نعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رواه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك به، وتابعه شعبة عن عبد ربه قال: سمعت أبا سلمة فذكره عند أصحاب السنن.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر إذا وضعت حملها فقد حلت) لقوله تعالى: { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } فقد بين صلى الله عليه وسلم بإفتائه لسبيعة أنه مخصص لقوله: { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } } ( فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن) أباه ( عمر بن الخطاب قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد) أي قبل دفنه ( لحلت) بالوضع عملاً بالآية.

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور) بكسر الميم وسكون السين وفتح الواو وبالراء ( بن مخرمة) بفتح الميم وإسكان المعجمة له ولأبيه صحبة ( أنه أخبره أن سبيعة الأسلمية) نسبة إلى أسلم قبيلة شهيرة ( نفست) بضم النون على المشهور وفي لغة بفتحها وكسر الفاء أي ولدت ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة ( بليال) سبق الخلاف في قدرها لأنه لا يمكن الجمع لاتحاد القصة، وأن ذلك لعله السر في إبهامها في نحو هذه الرواية زاد يحيى بن قزعة فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل.

وهذا الحديث رواه البخاري عن يحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي والمهملة عن مالك به.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن سليمان بن يسار) المدني ( أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ( اختلفا في المرأة تنفس) بضم التاء وسكون النون وفتح الفاء أي تلد ( بعد وفاة زوجها بليال) تنقص عن أربعة أشهر وعشر ما عدتها ( فقال أبو سلمة إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت) لآية الطلاق ( وقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها يعني إن كان الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشر انتظرته وإن وضعت قبلها انتظرتها لآية البقرة.
ووجه الاختلاف أنهما عمومان تعارضا فجمع ابن عباس بينهما بذلك.
وفي البخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة فقال ابن عباس آخر الأجلين فقلت: أنا وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن زاد الإسماعيلي فقال ابن عباس: إنما ذاك في الطلاق.
( فجاء أبو هريرة) لعله كان قام لحاجة وإلا فقد كان جالسًا عند ابن عباس لما استفتي كما في البخاري وغيره ( فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة) قاله على عادة العرب إذ ليس ابن أخيه حقيقة ( فبعثوا كريبًا) بضم الكاف وفتح الراء وإسكان التحتية وموحدة ( مولى عبد الله بن عباس) وفي البخاري فأرسل ابن عباس غلامه كريبًا ( إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن ذلك) ولا معارضة بين هذا وبين ما مر أن أبا سلمة دخل عليها فسألها لاحتمال أنه دخل معه أو بعده حتى يسمع منها بلا واسطة ولا بين كون الاختلاف في السابق بين أبي هريرة وبين ابن عباس، وهنا بينه وبين أبي سلمة لأن أصل الاختلاف بينهما وأبو هريرة وافق أبا سلمة فلا معارضة بهذين الأمرين كما ظن أبو عمر ( فجاءهم) كريب ( فأخبرهم أنها قالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت) بسكون التاء، سبيعة ( ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) لما قال لها أبو السنابل: ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر.
وفي رواية للبخاري فخطبها أبو السنابل فأبت أن تنكحه فقال والله ما يصلح أن تنكحين حتى تعتدي آخر الأجلين فمكثت قريبًا من عشر ليال ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقال: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل فبين مراد الله فلا معنى لمن خالفه، وفيه أن الحجة عند التنازع السنة فيما لا نص فيه من الكتاب وفيما فيه نص إذا احتمل التخصيص لأن السنة تبين مراد الكتاب.

قال الشافعي: من عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن حفظ القرآن نبل قدره، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
وفيه أن المناظرة وطلب الدليل وموقع الحجة كان قديمًا من زمن الصحابة ولا ينكره إلا جاهل وأن الكبير لا يرتفع على الصغير ولا يمنع إذا علم أن ينطق بما علم ورب صغير السن كبير العلم وجلالة أبي سلمة وإن كان يفتي مع الصحابة وهو القائل لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علمًا.
وليس هذا الحديث عند القعنبي وابن بكير في الموطأ، وهو عند غيرهما وقد أخرجه النسائي عن قتيبة ومن طريق القاسم كلاهما عن مالك به، وتابعه عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن هارون والليث الثلاثة عن يحيى بن سعيد عند مسلم قائلاً غير أن الليث قال: فأرسلوا إلى أم سلمة ولم يسم كريبًا وله طرق في الصحيحين والسنن.

( قال مالك وهذا الأمر عندنا الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم عندنا) أنها تحل بوضع الحمل وأجمع عليه جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار إلا ما روي عن علي من وجه منقطع أن عدتها آخر الأجلين وما جاء عن ابن عباس هنا لكن جاء عنه أنه رجع إلى حديث أم سلمة في قصة سبيعة قال ابن عبد البر ويصححه أن أصحابه عكرمة وعطاء وطاوسًا وغيرهم على أن عدتها الوضع وعليه العلماء كافة وقد روى عبد الرزاق عن ابن مسعود من شاء باهلته أو لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ } } قال وبلغه أن عليًا قال هي آخر الأجلين فقال ذلك اهـ.
وفي البخاري عن ابن مسعود أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة سورة النساء القصرى بعد الطولى ومراده أنها مخصصة لها لا ناسخة وقد احتج للقائل بآخر الأجلين بأنهما عدتان مجتمعتان بصفتين وقد اجتمعتا في المتوفى زوجها عنها فلا تخرج من عدتها إلا بيقين وهو آخر الأجلين وأجيب بأنه لما كان المقصود الأصلي من العدة براءة الرحم ولا سيما من تحيض حصل المطلوب بالوضع وحديث سبيعة من آخر حكمه صلى الله عليه وسلم لأنه بعد حجة الوداع والله أعلم.



رقم الحديث 1252 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تُنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَقَدْ حَلَّتْ،.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ.
فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ: ولدت سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ قَالَ مالِكٍ: وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا.


( عدة المتوفى عنها زوجها)

( مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس) بن عمرو الأنصاري أخي يحيى مات سنة تسع وثلاثين ومائة وقيل بعدها له في الموطأ ثلاثة أحاديث مرفوعة هذا ثالثها: ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أنه قال سئل) بالبناء للمجهول، وفي البخاري أن السائل رجل قال الحافظ: لم أقف على اسمه ( عبد الله بن عباس وأبو هريرة) وكان هو وأبو سلمة عند ابن عباس كما في الصحيحين ( عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ( فقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها، وبالنصب، أي تتربص آخر الأجلين أربعة أشهر وعشرًا إن ولدت قبلها فإن مضت ولم تلد تربصت حتى تلد جمعًا بين آيتي البقرة والطلاق.

( وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت) تخصيصًا لآية البقرة بآية الطلاق ( فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن) مع كريب أو وحده لإفتائه بالحل معارضًا لابن عباس ( على أم سلمة) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة ولدت سبيعة) بضم السين المهملة وفتح الموحدة وإسكان التحتية فعين مهملة فهاء تأنيث ابنة الحارث ( الأسلمية) الصحابية ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة، في حجة الوداع كما في مسلم وغيره عن سبيعة أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع ( بنصف شهر) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة فوضعت بعد موته بأربعين ليلة.
وفي مسلم عن الزهري عن عبيد الله عن سبيعة: فلم تنشب أن وضعت.
وفي مصنف عبد الرزاق عن عروة: بسبع ليال، وعن إبراهيم التيمي: بسبع عشرة ليلة أو قال بعشرين ليلة وعن عكرمة: بخمس وأربعين ليلة وعن معمر قال: يقول بعضهم: مكثت سبع عشرة ليلة ومنهم من يقول أربعين ليلة، وعند أحمد عن سبيعة فلم أمكث إلا شهرًا حتى وضعت.
وفي النسائي عشرين ليلة وروى غير ذلك مما يتعذر فيه الجمع لاتحاد القصة ولعل ذلك السر في إبهام من أبهم المدة ( فخطبها رجلان أحدهما شاب) هو أبو البشر، بفتحتين، ابن الحارث العبدري من بني عبد الدار كما أفاده ابن وضاح ( والآخر كهل) هو أبو السنابل، بفتح السين المهملة والنون فألف فموحدة مكسورة فلام، ابن بعكك، بموحدة ثم مهملة ثم كافين، وزن جعفر كما سمي في الصحيحين وغيرهما، ابن الحارث القرشي العبدري اسمه حبة بموحدة وقيل نون وقيل عمرو وقيل عامر وقيل غير ذلك ( فحطت) بفتح الحاء والطاء المهملتين، أي مالت ونزلت بقلبها ( إلى الشاب) على عادة النساء ( فقال الشيخ) أبو السنابل المعبر عنه أولاً بكهل ( لم تحلي بعد) بضم الدال ( وكان أهلها غيبًا) بفتحتين، جمع غائب كخادم وخدم ( ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها) يقدمونه على غيره.

وفي البخاري ومسلم فلما تعدّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر، وتعدت بفتح العين المهملة وشد الدال أي خرجت ( فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسألته عن ذلك ( فقال قد حللت فانكحي من شئت) زاد في رواية الأسود عن أبي السنابل: ولو رغم أنف أبي السنابل.
رواه أبو القاسم البغوي قال ابن سعد أسلم أبو السنابل يوم الفتح وكان شاعرًا وبقي زمانًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر ابن البرقي أنه تزوج سبيعة بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل.
لكن نقل الترمذي عن البخاري أنه قال لا نعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رواه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك به، وتابعه شعبة عن عبد ربه قال: سمعت أبا سلمة فذكره عند أصحاب السنن.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر إذا وضعت حملها فقد حلت) لقوله تعالى: { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } فقد بين صلى الله عليه وسلم بإفتائه لسبيعة أنه مخصص لقوله: { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } } ( فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن) أباه ( عمر بن الخطاب قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد) أي قبل دفنه ( لحلت) بالوضع عملاً بالآية.

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور) بكسر الميم وسكون السين وفتح الواو وبالراء ( بن مخرمة) بفتح الميم وإسكان المعجمة له ولأبيه صحبة ( أنه أخبره أن سبيعة الأسلمية) نسبة إلى أسلم قبيلة شهيرة ( نفست) بضم النون على المشهور وفي لغة بفتحها وكسر الفاء أي ولدت ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة ( بليال) سبق الخلاف في قدرها لأنه لا يمكن الجمع لاتحاد القصة، وأن ذلك لعله السر في إبهامها في نحو هذه الرواية زاد يحيى بن قزعة فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل.

وهذا الحديث رواه البخاري عن يحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي والمهملة عن مالك به.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن سليمان بن يسار) المدني ( أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ( اختلفا في المرأة تنفس) بضم التاء وسكون النون وفتح الفاء أي تلد ( بعد وفاة زوجها بليال) تنقص عن أربعة أشهر وعشر ما عدتها ( فقال أبو سلمة إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت) لآية الطلاق ( وقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها يعني إن كان الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشر انتظرته وإن وضعت قبلها انتظرتها لآية البقرة.
ووجه الاختلاف أنهما عمومان تعارضا فجمع ابن عباس بينهما بذلك.
وفي البخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة فقال ابن عباس آخر الأجلين فقلت: أنا وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن زاد الإسماعيلي فقال ابن عباس: إنما ذاك في الطلاق.
( فجاء أبو هريرة) لعله كان قام لحاجة وإلا فقد كان جالسًا عند ابن عباس لما استفتي كما في البخاري وغيره ( فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة) قاله على عادة العرب إذ ليس ابن أخيه حقيقة ( فبعثوا كريبًا) بضم الكاف وفتح الراء وإسكان التحتية وموحدة ( مولى عبد الله بن عباس) وفي البخاري فأرسل ابن عباس غلامه كريبًا ( إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن ذلك) ولا معارضة بين هذا وبين ما مر أن أبا سلمة دخل عليها فسألها لاحتمال أنه دخل معه أو بعده حتى يسمع منها بلا واسطة ولا بين كون الاختلاف في السابق بين أبي هريرة وبين ابن عباس، وهنا بينه وبين أبي سلمة لأن أصل الاختلاف بينهما وأبو هريرة وافق أبا سلمة فلا معارضة بهذين الأمرين كما ظن أبو عمر ( فجاءهم) كريب ( فأخبرهم أنها قالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت) بسكون التاء، سبيعة ( ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) لما قال لها أبو السنابل: ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر.
وفي رواية للبخاري فخطبها أبو السنابل فأبت أن تنكحه فقال والله ما يصلح أن تنكحين حتى تعتدي آخر الأجلين فمكثت قريبًا من عشر ليال ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقال: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل فبين مراد الله فلا معنى لمن خالفه، وفيه أن الحجة عند التنازع السنة فيما لا نص فيه من الكتاب وفيما فيه نص إذا احتمل التخصيص لأن السنة تبين مراد الكتاب.

قال الشافعي: من عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن حفظ القرآن نبل قدره، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
وفيه أن المناظرة وطلب الدليل وموقع الحجة كان قديمًا من زمن الصحابة ولا ينكره إلا جاهل وأن الكبير لا يرتفع على الصغير ولا يمنع إذا علم أن ينطق بما علم ورب صغير السن كبير العلم وجلالة أبي سلمة وإن كان يفتي مع الصحابة وهو القائل لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علمًا.
وليس هذا الحديث عند القعنبي وابن بكير في الموطأ، وهو عند غيرهما وقد أخرجه النسائي عن قتيبة ومن طريق القاسم كلاهما عن مالك به، وتابعه عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن هارون والليث الثلاثة عن يحيى بن سعيد عند مسلم قائلاً غير أن الليث قال: فأرسلوا إلى أم سلمة ولم يسم كريبًا وله طرق في الصحيحين والسنن.

( قال مالك وهذا الأمر عندنا الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم عندنا) أنها تحل بوضع الحمل وأجمع عليه جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار إلا ما روي عن علي من وجه منقطع أن عدتها آخر الأجلين وما جاء عن ابن عباس هنا لكن جاء عنه أنه رجع إلى حديث أم سلمة في قصة سبيعة قال ابن عبد البر ويصححه أن أصحابه عكرمة وعطاء وطاوسًا وغيرهم على أن عدتها الوضع وعليه العلماء كافة وقد روى عبد الرزاق عن ابن مسعود من شاء باهلته أو لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ } } قال وبلغه أن عليًا قال هي آخر الأجلين فقال ذلك اهـ.
وفي البخاري عن ابن مسعود أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة سورة النساء القصرى بعد الطولى ومراده أنها مخصصة لها لا ناسخة وقد احتج للقائل بآخر الأجلين بأنهما عدتان مجتمعتان بصفتين وقد اجتمعتا في المتوفى زوجها عنها فلا تخرج من عدتها إلا بيقين وهو آخر الأجلين وأجيب بأنه لما كان المقصود الأصلي من العدة براءة الرحم ولا سيما من تحيض حصل المطلوب بالوضع وحديث سبيعة من آخر حكمه صلى الله عليه وسلم لأنه بعد حجة الوداع والله أعلم.



رقم الحديث 1253 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرَ الْأَجَلَيْنِ،.

     وَقَالَ  أَبُو هُرَيْرَةَ: إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ.
فَدَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ، فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا شَابٌّ، وَالْآخَرُ كَهْلٌ، فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابِّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: لَمْ تَحِلِّي بَعْدُ، وَكَانَ أَهْلُهَا غَيَبًا، وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ حَلَلْتِ، فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ.


( عدة المتوفى عنها زوجها)

( مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس) بن عمرو الأنصاري أخي يحيى مات سنة تسع وثلاثين ومائة وقيل بعدها له في الموطأ ثلاثة أحاديث مرفوعة هذا ثالثها: ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أنه قال سئل) بالبناء للمجهول، وفي البخاري أن السائل رجل قال الحافظ: لم أقف على اسمه ( عبد الله بن عباس وأبو هريرة) وكان هو وأبو سلمة عند ابن عباس كما في الصحيحين ( عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ( فقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها، وبالنصب، أي تتربص آخر الأجلين أربعة أشهر وعشرًا إن ولدت قبلها فإن مضت ولم تلد تربصت حتى تلد جمعًا بين آيتي البقرة والطلاق.

( وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت) تخصيصًا لآية البقرة بآية الطلاق ( فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن) مع كريب أو وحده لإفتائه بالحل معارضًا لابن عباس ( على أم سلمة) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة ولدت سبيعة) بضم السين المهملة وفتح الموحدة وإسكان التحتية فعين مهملة فهاء تأنيث ابنة الحارث ( الأسلمية) الصحابية ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة، في حجة الوداع كما في مسلم وغيره عن سبيعة أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع ( بنصف شهر) .
وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة فوضعت بعد موته بأربعين ليلة.
وفي مسلم عن الزهري عن عبيد الله عن سبيعة: فلم تنشب أن وضعت.
وفي مصنف عبد الرزاق عن عروة: بسبع ليال، وعن إبراهيم التيمي: بسبع عشرة ليلة أو قال بعشرين ليلة وعن عكرمة: بخمس وأربعين ليلة وعن معمر قال: يقول بعضهم: مكثت سبع عشرة ليلة ومنهم من يقول أربعين ليلة، وعند أحمد عن سبيعة فلم أمكث إلا شهرًا حتى وضعت.
وفي النسائي عشرين ليلة وروى غير ذلك مما يتعذر فيه الجمع لاتحاد القصة ولعل ذلك السر في إبهام من أبهم المدة ( فخطبها رجلان أحدهما شاب) هو أبو البشر، بفتحتين، ابن الحارث العبدري من بني عبد الدار كما أفاده ابن وضاح ( والآخر كهل) هو أبو السنابل، بفتح السين المهملة والنون فألف فموحدة مكسورة فلام، ابن بعكك، بموحدة ثم مهملة ثم كافين، وزن جعفر كما سمي في الصحيحين وغيرهما، ابن الحارث القرشي العبدري اسمه حبة بموحدة وقيل نون وقيل عمرو وقيل عامر وقيل غير ذلك ( فحطت) بفتح الحاء والطاء المهملتين، أي مالت ونزلت بقلبها ( إلى الشاب) على عادة النساء ( فقال الشيخ) أبو السنابل المعبر عنه أولاً بكهل ( لم تحلي بعد) بضم الدال ( وكان أهلها غيبًا) بفتحتين، جمع غائب كخادم وخدم ( ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها) يقدمونه على غيره.

وفي البخاري ومسلم فلما تعدّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر، وتعدت بفتح العين المهملة وشد الدال أي خرجت ( فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسألته عن ذلك ( فقال قد حللت فانكحي من شئت) زاد في رواية الأسود عن أبي السنابل: ولو رغم أنف أبي السنابل.
رواه أبو القاسم البغوي قال ابن سعد أسلم أبو السنابل يوم الفتح وكان شاعرًا وبقي زمانًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر ابن البرقي أنه تزوج سبيعة بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل.
لكن نقل الترمذي عن البخاري أنه قال لا نعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رواه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك به، وتابعه شعبة عن عبد ربه قال: سمعت أبا سلمة فذكره عند أصحاب السنن.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر إذا وضعت حملها فقد حلت) لقوله تعالى: { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } فقد بين صلى الله عليه وسلم بإفتائه لسبيعة أنه مخصص لقوله: { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } } ( فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن) أباه ( عمر بن الخطاب قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد) أي قبل دفنه ( لحلت) بالوضع عملاً بالآية.

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور) بكسر الميم وسكون السين وفتح الواو وبالراء ( بن مخرمة) بفتح الميم وإسكان المعجمة له ولأبيه صحبة ( أنه أخبره أن سبيعة الأسلمية) نسبة إلى أسلم قبيلة شهيرة ( نفست) بضم النون على المشهور وفي لغة بفتحها وكسر الفاء أي ولدت ( بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة ( بليال) سبق الخلاف في قدرها لأنه لا يمكن الجمع لاتحاد القصة، وأن ذلك لعله السر في إبهامها في نحو هذه الرواية زاد يحيى بن قزعة فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل.

وهذا الحديث رواه البخاري عن يحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي والمهملة عن مالك به.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن سليمان بن يسار) المدني ( أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري ( اختلفا في المرأة تنفس) بضم التاء وسكون النون وفتح الفاء أي تلد ( بعد وفاة زوجها بليال) تنقص عن أربعة أشهر وعشر ما عدتها ( فقال أبو سلمة إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت) لآية الطلاق ( وقال ابن عباس آخر الأجلين) عدتها يعني إن كان الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشر انتظرته وإن وضعت قبلها انتظرتها لآية البقرة.
ووجه الاختلاف أنهما عمومان تعارضا فجمع ابن عباس بينهما بذلك.
وفي البخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة فقال ابن عباس آخر الأجلين فقلت: أنا وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن زاد الإسماعيلي فقال ابن عباس: إنما ذاك في الطلاق.
( فجاء أبو هريرة) لعله كان قام لحاجة وإلا فقد كان جالسًا عند ابن عباس لما استفتي كما في البخاري وغيره ( فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة) قاله على عادة العرب إذ ليس ابن أخيه حقيقة ( فبعثوا كريبًا) بضم الكاف وفتح الراء وإسكان التحتية وموحدة ( مولى عبد الله بن عباس) وفي البخاري فأرسل ابن عباس غلامه كريبًا ( إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن ذلك) ولا معارضة بين هذا وبين ما مر أن أبا سلمة دخل عليها فسألها لاحتمال أنه دخل معه أو بعده حتى يسمع منها بلا واسطة ولا بين كون الاختلاف في السابق بين أبي هريرة وبين ابن عباس، وهنا بينه وبين أبي سلمة لأن أصل الاختلاف بينهما وأبو هريرة وافق أبا سلمة فلا معارضة بهذين الأمرين كما ظن أبو عمر ( فجاءهم) كريب ( فأخبرهم أنها قالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت) بسكون التاء، سبيعة ( ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) لما قال لها أبو السنابل: ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر.
وفي رواية للبخاري فخطبها أبو السنابل فأبت أن تنكحه فقال والله ما يصلح أن تنكحين حتى تعتدي آخر الأجلين فمكثت قريبًا من عشر ليال ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقال: قد حللت فانكحي من شئت) لانقضاء عدتك بوضع الحمل فبين مراد الله فلا معنى لمن خالفه، وفيه أن الحجة عند التنازع السنة فيما لا نص فيه من الكتاب وفيما فيه نص إذا احتمل التخصيص لأن السنة تبين مراد الكتاب.

قال الشافعي: من عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن حفظ القرآن نبل قدره، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
وفيه أن المناظرة وطلب الدليل وموقع الحجة كان قديمًا من زمن الصحابة ولا ينكره إلا جاهل وأن الكبير لا يرتفع على الصغير ولا يمنع إذا علم أن ينطق بما علم ورب صغير السن كبير العلم وجلالة أبي سلمة وإن كان يفتي مع الصحابة وهو القائل لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علمًا.
وليس هذا الحديث عند القعنبي وابن بكير في الموطأ، وهو عند غيرهما وقد أخرجه النسائي عن قتيبة ومن طريق القاسم كلاهما عن مالك به، وتابعه عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن هارون والليث الثلاثة عن يحيى بن سعيد عند مسلم قائلاً غير أن الليث قال: فأرسلوا إلى أم سلمة ولم يسم كريبًا وله طرق في الصحيحين والسنن.

( قال مالك وهذا الأمر عندنا الذي لم يزل) أي استمر ( عليه أهل العلم عندنا) أنها تحل بوضع الحمل وأجمع عليه جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار إلا ما روي عن علي من وجه منقطع أن عدتها آخر الأجلين وما جاء عن ابن عباس هنا لكن جاء عنه أنه رجع إلى حديث أم سلمة في قصة سبيعة قال ابن عبد البر ويصححه أن أصحابه عكرمة وعطاء وطاوسًا وغيرهم على أن عدتها الوضع وعليه العلماء كافة وقد روى عبد الرزاق عن ابن مسعود من شاء باهلته أو لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى { { وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } } نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة { { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ } } قال وبلغه أن عليًا قال هي آخر الأجلين فقال ذلك اهـ.
وفي البخاري عن ابن مسعود أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة سورة النساء القصرى بعد الطولى ومراده أنها مخصصة لها لا ناسخة وقد احتج للقائل بآخر الأجلين بأنهما عدتان مجتمعتان بصفتين وقد اجتمعتا في المتوفى زوجها عنها فلا تخرج من عدتها إلا بيقين وهو آخر الأجلين وأجيب بأنه لما كان المقصود الأصلي من العدة براءة الرحم ولا سيما من تحيض حصل المطلوب بالوضع وحديث سبيعة من آخر حكمه صلى الله عليه وسلم لأنه بعد حجة الوداع والله أعلم.