لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
وقال القرطبي في المفهم الرواية صواب فالهاء عوض عن واو القسم لأن العرب تقول في القسم الله لأفعلن بمدّ الهمزة وقصرها فكأنهم عوضوا من الهمزة هاء فقالوا ها الله لتقارب مخرجيهما ولذا قالوا بالمدّ والقصر، وتحقيقه أن الذي مدّ مع الهاء كأنه نطق بهمزتين أبدل من إحداهما ألفًا استثقالاً لاجتماعهما كما تقول أألله والذي قصر كأنه نطق بهمزة واحدة كما تقول ألله، وأما إذًا فهي بلا شك حرف جزاء وتعليل مثل قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا جف؟ قالوا: نعم قال: فلا إذًا.
فلو قال: فلا والله إذًا لساوى ما هنا من كل وجه لكنه لم يحتج للقسم فتركه.
فقد وضح تقدير الكلام ومناسبته من غير حاجة إلى تكلف بعيد يخرج عن البلاغة ولا سيما من جعل الهاء للتنبيه وذا للإشارة وفصل بينهما بالمقسم به وليس هذا قياسًا فيطرد ولا فصيحًا فيحمل عليه كلام الفصيح ولا مرويًا برواية ثابتة، وما وجد للعذري والعبدري في مسلم أنه لاها الله ذا فإصلاح ممن اغتر بكلام النحاة والحق أحق أن يتبع.
وقال أبو جعفر الغرناطي: ممن أدركناه استرسل جماعة من القدماء إلى أن اتهموا الأثبات بالتصحيف فقالوا: الصواب ذا باسم الإشارة ويا عجبًا من قوم يقبلون التشكيك على الروايات الثابتة، ويطلبون لها تأويلات وجوابهم: أن ها الله لا يستلزم اسم الإشارة كما قال ابن مالك وأما جعل لا يعمد جواب فأرضه فهو سبب الغلط ولا يصح وإنما هو جواب شرط مقدر دل عليه قوله صدق فأرضه فكأن أبا بكر قال: إذًا صدق في أنه صاحب السلب إذًا لا يعمد فيعطيك حقه فالجزاء صحيح لأن صدقه سبب أن لا يفعل ذلك وهذا واضح لا تكلف فيه انتهى.
وهو توجيه حسن والذي قبله أقعد، ويؤيده كثرة وقوع هذه الجملة في كثير من الأحاديث كحديث عائشة في قصة بريرة لما ذكرت أن أهلها يشترطون الولاء قالت: فقلت لا والله إذًا.
وفي قصة جليبيب بالجيم وموحدتين مصغر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عليه امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال: حتى استأمر أمّها قال: فنعم إذًا فذهب إلى امرأته فقالت: لا هاء الله إذًا وقد منعناها فلانًا.
صححه ابن حبان عن أنس.
وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن دينار أنه قال للحسن: يا أبا سعيد لو لبست مثل عباءتي هذه قال: لا هاء الله إذًا لا ألبس مثل عباءتك هذه.
وفي تهذيب الكمال في ترجمة ابن أبي عتيق أنه دخل على عائشة في مرضها فقال: كيف أصبحت جعلني الله فداك؟ قالت: أصبحت ذاهبة.
قال: فلا إذًا.
وكان فيه دعابة ووقع أيضًا في كثير من الأحاديث في سياق الإثبات بقسم وبغير قسم كحديث عائشة في قصة صفية لما قال صلى الله عليه وسلم: أحابستنا هي؟ فقيل: إنها طافت.
فقال: فلا إذًا.
وحديث عمرو بن العاصي في سؤاله عن أحب الناس فقال: عائشة قال: لم أعن النساء.
قال: فأبوها إذًا.
وحديث ابن عباس في قصة الأعرابي الذي أصابته الحمى فقال: بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور قال: فنعم إذًا.
وروى الفاكهي عن سفيان: لقيت لبطة بن الفرزدق فقلت: أسمعت هذا الحديث من أبيك؟ قال: إي ها الله إذًا سمعت أبي يقول.
وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء أرأيت لو أني فرغت من صلاتي فلم أرض كمالها أفلا أعود لها؟ قال: بلى ها الله إذًا انتهى ما اقتطفته من فتح الباري فقد أطال النفس في ذلك جزاه الله خيرًا ثم أراد بيان السبب في ذلك.
( لَا يَعْمِدُ) بالتحتية وكسر الميم أي لا يقصد النبي صلى الله عليه وسلم ( إِلَى أَسَدٍ) بفتحتين أي إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة ( مِنْ أُسْدِ اللَّهِ) بضم الهمزة والسين ( يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) أي صدور قتاله عن رضا الله ورسوله أي بسببهما كقوله تعالى { { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } } أو المعنى يقاتل ذبًا عن دين الله إعلاء لكلمة الله ناصرًا لأولياء الله أو يقاتل لنصر دين الله وشريعة رسوله لتكون كلمة الله هي العليا.
( فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ) أي سلب قتيله الذي قتله بغير طيب نفسه وإضافة إليه باعتبار أنه ملكه قال الحافظ ضبط للأكثر بالتحتية في يعمد ويعطي.
وضبطه النووي بالنون فيهما انتهى.
وعبارة النووي ضبطوهما بالياء والنون وكلاهما ظاهر.
( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ) أبو بكر ( فَأَعْطِهِ) بهمزة قطع أمر للذي اعترف بأن السلب عنده ( إِيَّاهُ) أي السلب وفي هذه منقبة جليلة لأبي قتادة حيث سماه الصدّيق من أسد الله وصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ( فَأَعْطَانِيهِ فَبِعْتُ الدِّرْعَ) بكسر الدال وراء وعين مهملتين.
ذكر الواقدي أن الذي اشتراه منه حاطب بن أبي بلتعة بسبع أواق فضة ( فَاشْتَرَيْتُ بِهِ مَخْرَفًا) بفتح الميم والراء ويجوز كسر الراء أي بستانًا سمي به لأنه يخترف منه الثمر أي يجتني.
وأما بكسر الميم فهو اسم الآلة التي يخترف بها قاله الحافظ.
وظاهر قوله ويجوز أن الرواية بالأول فقط ولا كذلك، قال النووي: مخرف بفتح الميم والراء على المشهور.
وقال عياض: رويناه بفتح الميم والراء على المشهور.
وقال عياض: رويناه بفتح الميم وكسر الراء كالمسجد أي البستان، وقيل السكة من النخل يكون صفين يخترف من أيها شاء، أي يجتني.
وقال ابن وهب: هي الجنينة الصغيرة.
وقال غيره: هي نخلات يسيرة انتهى.
وفي رواية الليث: خرافًا بكسر أوله وهو الثمر الذي يخترف أي يجتنى وأطلقه على البستان مجازًا فكأنه قال بستان خراف.
وذكر الواقدي أن البستان المذكور كان يقال له الوديين ( فِي بَنِي سَلِمَةَ) بكسر اللام بطن من الأنصار وهم قوم أبي قتادة ( فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ) بفوقية فألف فمثلثة أي اقتنيته وأصلته وأثلة كل شيء أصله ( فِي الْإِسْلَامِ) وفي رواية ابن إسحاق: أول مال اعتقدته أي جعلته عقدة، والأصل فيه من العقد لأن من ملك شيئًا عقد عليه.
قال الحافظ أبو عبد الله الحميدي الأندلسي: سمعت بعض أهل العلم يقول عند ذكر هذا الحديث لو لم يكن من فضيلة الصديق إلا هذا فإنه لثاقب علمه وشدة صرامته وقوة إنصافه وصحة توفيقه وصدق تحقيقه بادر إلى القول الحق فزجر وأفتى وأمضى وأخبر في الشريعة عنه صلى الله عليه وسلم بحضرته وبين يديه بما صدقه فيه وأجراه على قوله وهذا من خصائصه الكبرى إلى ما لا يحصى من فضائله الأخرى انتهى.
ووقع في حديث أنس أن الذي قال ذلك عمر.
أخرجه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: من قتل كافرًا فله سلبه.
فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم.
وقال أبو قتادة: إني ضربت رجلاً على حبل العاتق وعليه درع فأعجلت عنه، فقام رجل فقال: أخذتها فأرضه منها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئًا إلا أعطاه أو سكت فسكت.
فقال عمر: والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها.
فقال صلى الله عليه وسلم صدق عمر.
قال الحافظ وهذا الإسناد قد أخرج به مسلم وأبو داود بعض هذا الحديث.
ولكن الراجح أن قائل ذلك أبو بكر كما رواه أبو قتادة وهو صاحب القصة فهو أتقن لما وقع فيها من غيره، ويحتمل الجمع بأن يكون عمر أيضًا قال ذلك تقوية لقول أبي بكر واستدل به على أن السلب يستحقه القاتل من كل مقتول بشرط أن يكون من المقاتلة عند الجمهور.
وقال أبو ثور وابن المنذر: ولو كان امرأة.
وهذا الحديث أخرجه البخاري هنا، وفي البيع عن القعنبي، وفي المغازي عن التنيسي.
ومسلم من طريق ابن وهب ثلاثتهم عن مالك به وتابعه الليث بن سعد في الصحيحين وهشيم عند مسلم كلاهما عن يحيى بن سعيد.
( مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) بن الصديق ( أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا) لم يسم ( يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْأَنْفَالِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ قَالَ) القاسم ( ثُمَّ عَادَ الرَّجُلُ لِمَسْأَلَتِهِ) كأنه لم يرض الجواب ( فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ) { { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ } } ( مَا هِيَ) لأن جوابك مجمل.
وقد روى أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس أن المشيخة يوم بدر ثبتوا تحت الرايات وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردءًا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت { { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ } } الآية فقسم صلى الله عليه وسلم الغنائم بينهم على السواء.
ولابن جرير عن مجاهد أنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت الآية فهذا ابن عباس نفسه روى أن المراد بالأنفال في الآية الغنائم ولكنه لم يفصح للرجل بذلك لأنه رآه متعنتًا.
( قَالَ الْقَاسِمُ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ) قارب ( أَنْ يُحْرِجَهُ) بضم الياء وإسكان المهملة وكسر الراء وفتح الجيم أي يضيق عليه، وسقطت أن في رواية وهو أفصح.
( ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا) أي صفته ( مَثَلُ صَبِيغٍ) بصاد مهملة فموحدة فتحتية فغين معجمة بوزن عظيم، ابن عسل بكسر العين وإسكان السين المهملتين، ويقال بالتصغير.
ويقال: ابن سهل التميمي الحنظلي له إدراك ومثله به لأنه رآه متعنتًا غير مصغ للعلم فأشار إلى أنه حقيق أن يصنع به مثل صبيغ ( الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) .
أخرج إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا ابن أبي أويس ثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه سأل رجلاً قدم من الشام عن الناس فقال: إن فيها رجلاً يسأل عن متشابه القرآن يقال له صبيغ يريد قدوم المدينة.
فقال عمر: لئن لم تأتني به لأفعلّن بك.
فجعل الرجل يختلف إلى الثنية يسأل عن صبيغ حتى طلع بعير، وقد لهج بأن يقول من يلبس الفقه بفقهه إليه، فانتزع الرجل خطامًا من يده حتى أتى به عمر فضربه ضربًا شديدًا ثم حبسه ثم ضربه أيضًا، فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فأجهز عليّ، وإن كنت تريد شفاي فقد شفيتني شفاك الله، فأرسله عمر.
وروى الدارمي عن سليمان بن يسار ونافع قالا: قدم المدينة رجل فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وأعدّ له عراجين النخل فقال من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ قال: وأنا عبد الله عمر فضربه حتى دمى رأسه فقال: حسبك يا أمير المؤمنين قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي ثم نفاه إلى البصرة.
ورواه الخطيب وابن عساكر عن أنس والسائب بن يزيد وأبي عثمان النهدي وزادوا عن الثالث وكتب إلينا عمر لا تجالسوه فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا.
وروى إسماعيل القاضي عن محمد بن سيرين قال: كتب عمر إلى أبي موسى لا تجالس صبيغًا وأحرمه عطاءه.
وأخرج ابن الأنباري وغيره بسند صحيح عن السائب بن يزيد قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر فسأله عن الذاريات الحديث.
وفيه فأمر عمر فضرب مائة سوط فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى ثم حمله على قتب وكتب إلى أبي موسى حرم على الناس مجالسته فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له أنه لا يجد في نفسه شيئًا فكتب إلى عمر أنه صلح حاله فكتب إليه خل بينه وبين الناس فلم يزل صبيغ وضيعًا في قومه بعد أن كان سيدًا فيهم.
قال العسكري: اتهمه عمر برأي الخوارج.
وذكر ابن دريد أنه كان أحمق وأنه وفد على معاوية قال أبو عمر: كان صبيغ من الخوارج في مذاهبهم.
قال: وإنما أتى مالك بحديث ابن عباس بعد حديث أبي قتادة تفسيرًا للسلب لأن سلب قتيله كان درعًا وزاد ابن عباس من قوله الفرس وفي رواية غير مالك والرمح وذلك كله آلات المقاتل لا ذهب وفضة لأنهما ليسا من آلاته.
( وَسُئِلَ مالكٌ عَمَّنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنَ الْعَدُوِّ أَيَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ) أي أمير الجيش ( وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْإِمَامِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ) منه بما يراه مصلحة ووافقه على ذلك أبو حنيفة وطائفة.
وعن مالك أيضًا يخير الإمام بين أن يعطيه السلب أو يخمسه، واختاره إسماعيل القاضي.
وعن مكحول والثوري والشافعي يخمس مطلقًا لعموم قوله { { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ } } ولم يستثن شيئًا.
وذهب الجمهور إلى أن القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش من قتل قتيلاً فله سلبه أو لا وأجابوا عن عموم الآية بأنه مخصوص بحديث من قتل قتيلاً إلخ وتعقب بقوله ( وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ إِلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ) وهي آخر مغازيه التي وقع فيها قتال وغنيمة وأجيب بأن ذلك حفظ عنه صلى الله عليه وسلم يوم بدر كما في الصحيحين أنه قضى بسلب أبي جهل لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
وعند البيهقي أن حاطب بن أبي بلتعة قتل رجلاً يوم أحد فسلم له النبي صلى الله عليه وسلم سلبه.
وحديث جابر أن عقيل بن أبي طالب قتل يوم مؤتة رجلاً فنفله النبي صلى الله عليه وسلم سلبه ثم كان ذلك مقررًا عند الصحابة كما في مسلم عن عوف بن مالك وإنكاره على خالد بن الوليد أخذ السلب من القاتل.
وروى الحاكم والبيهقي بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: تعال بنا ندعوا فقال سعد: اللهم ارزقني رجلاً شديدًا بأسه فأقاتله ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه الحديث.
وفي مغازي ابن إسحاق أن عمر قال لعلي لما قتل عمرو بن عبد ودّ هلا استلبت درعه فإنه ليس للعرب خير منها فقال إنه اتقاني بسوأته ولأحمد بإسناد قوي عن عبد الله بن الزبير قال: كانت صفية في حصن حسان يوم الخندق فذكر الحديث في قصة قتلها اليهودي وقولها لحسان: انزل فاسلبه فقال مالي بسلبه من حاجة كذا في فتح الباري.
وليس في هذا كله أنه قال من قتل قتيلاً فله سلبه قبل يوم حنين وإعطاؤه السلب في هذه المواطن لأنه للإمام يجتهد فيه بما شاء وإنما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعد انقضاء القتال كما هو صريح حديث أبي قتادة ولذا قال مالك في المدونة يكره أن يقول الإمام ذلك قبل انقضاء القتال لئلا تضعف نيات المجاهدين واختلف في أن الكراهة على بابها أو على التحريم وإذا قاله قبله أو في أثنائه استحقه القاتل وعن الحنفية لا كراهة في ذلك.