فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

رقم الحديث 655 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ إِذَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، تَقُولُ: وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ.


( ما جاء في التشديد في القبلة للصائم)

( مالك أنه بلغه أن عائشة) أخرجه البخاري ومسلم عن طريق الأسود ومسلم من طريق القاسم وعلقمة ومسروق الأربعة عن عائشة ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل) بعض أزواجه عائشة وحفصة في مسلم وأم سلمة في البخاري زاد في رواية البخاري ويباشر وكذا لمسلم من طريق مسروق أي يلمس بشرته بشرة المرأة ونحو ذلك لا الجماع ( وهو صائم تقول وأيكم أملك لنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة والمباشرة ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثله صلى الله عليه وسلم في استباحتها لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الانكفاف عنها وبرواية الموطأ هذه فسر الترمذي رواية الصحيحين أيكم يملك إربه فقال معناه نفسه قال الحافظ العراقي وهو أولى بالصواب لأن أولى ما فسر به الغريب ما ورد في بعض طرق الحديث انتهى وإربه بكسر الهمزة وإسكان الراء رواه الأكثر كما قال الخطابي وعياض قال النووي وهو الأشهر وروي بفتح الهمزة والراء وقدمه الحافظ وقال إنه الأشهر وإلى ترجيحه أشار البخاري وهما بمعنى وطره وحاجته أي أغلب لهواه وحاجته ويطلق أيضًا بفتح الهمزة والراء على العضو الخاص قاله عياض قال التوربشتي لكن حمله في الحديث على العضو غير سديد لا يغتر به إلا جاهل بوجوه حسن الخطاب مائل عن سنن الأدب ونهج الصواب ورده الطيبي بأنها ذكرت أنواع الشهوة مرتقية من الأدنى إلى الأعلى فبدأت بمقدمتها التي هي القبلة ثم ثنت بالمباشرة من نحو المداعبة والمعانقة وأرادت أن تعبر عن المجامعة فكنت عنها بالإرب وأي عبارة أحسن منها اهـ وأخذ الظاهرية بظاهر هذا الحديث فجعلوا القبلة للصائم سنة وقربة من القرب اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم ورد بأنه كان يملك نفسه فليس كغيره وكيفما كان لا يفطر إلا بإنزال المني فلو أمذى وجب القضاء عند مالك ولا شيء عليه عند أبي حنيفة والشافعي وشذ قوم فقالوا مجرد القبلة يبطل الصوم ( قال مالك قال هشام بن عروة قال عروة بن الزبير لم أر القبلة للصائم تدعو إلى خير) لما يخاف من الإنزال أو الجماع ( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ) لأن الغالب انكسار شهوته ( وكرهها للشاب) لأن الغالب قوتها وبالفرق قال مالك في رواية والشافعي وأبو حنيفة وعن مالك كراهتها في الفرض دون النفل والمشهور عنه كراهتها مطلقًا قال ابن عبد البر أظن من فرق بينهما ذهب إلى قول عائشة أيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أملك لنفسه وشهوته اهـ وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للشيخ وهو صائم ونهى عنها الشاب وقال الشيخ يملك إربه والشاب يفسد صومه ففهم من التعليل أنه دائر مع تحريك الشهوة بالمعنى المذكور وأن التعبير بالشيخ والشاب جرى على الغالب من أحوال الشيوخ في انكسار شهوتهم وأحوال الشباب في قوتها فلو انعكس الأمر انعكس الحكم ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان ينهى عن القبلة) على الفم أو الخد أو غيرهما ( والمباشرة) بنحو لمس البشرة بلا جماع ( للصائم) لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.



رقم الحديث 657 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ؟ فَأَرْخَصَ فِيهَا لِلشَّيْخِ، وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ.


( ما جاء في التشديد في القبلة للصائم)

( مالك أنه بلغه أن عائشة) أخرجه البخاري ومسلم عن طريق الأسود ومسلم من طريق القاسم وعلقمة ومسروق الأربعة عن عائشة ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل) بعض أزواجه عائشة وحفصة في مسلم وأم سلمة في البخاري زاد في رواية البخاري ويباشر وكذا لمسلم من طريق مسروق أي يلمس بشرته بشرة المرأة ونحو ذلك لا الجماع ( وهو صائم تقول وأيكم أملك لنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة والمباشرة ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثله صلى الله عليه وسلم في استباحتها لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الانكفاف عنها وبرواية الموطأ هذه فسر الترمذي رواية الصحيحين أيكم يملك إربه فقال معناه نفسه قال الحافظ العراقي وهو أولى بالصواب لأن أولى ما فسر به الغريب ما ورد في بعض طرق الحديث انتهى وإربه بكسر الهمزة وإسكان الراء رواه الأكثر كما قال الخطابي وعياض قال النووي وهو الأشهر وروي بفتح الهمزة والراء وقدمه الحافظ وقال إنه الأشهر وإلى ترجيحه أشار البخاري وهما بمعنى وطره وحاجته أي أغلب لهواه وحاجته ويطلق أيضًا بفتح الهمزة والراء على العضو الخاص قاله عياض قال التوربشتي لكن حمله في الحديث على العضو غير سديد لا يغتر به إلا جاهل بوجوه حسن الخطاب مائل عن سنن الأدب ونهج الصواب ورده الطيبي بأنها ذكرت أنواع الشهوة مرتقية من الأدنى إلى الأعلى فبدأت بمقدمتها التي هي القبلة ثم ثنت بالمباشرة من نحو المداعبة والمعانقة وأرادت أن تعبر عن المجامعة فكنت عنها بالإرب وأي عبارة أحسن منها اهـ وأخذ الظاهرية بظاهر هذا الحديث فجعلوا القبلة للصائم سنة وقربة من القرب اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم ورد بأنه كان يملك نفسه فليس كغيره وكيفما كان لا يفطر إلا بإنزال المني فلو أمذى وجب القضاء عند مالك ولا شيء عليه عند أبي حنيفة والشافعي وشذ قوم فقالوا مجرد القبلة يبطل الصوم ( قال مالك قال هشام بن عروة قال عروة بن الزبير لم أر القبلة للصائم تدعو إلى خير) لما يخاف من الإنزال أو الجماع ( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ) لأن الغالب انكسار شهوته ( وكرهها للشاب) لأن الغالب قوتها وبالفرق قال مالك في رواية والشافعي وأبو حنيفة وعن مالك كراهتها في الفرض دون النفل والمشهور عنه كراهتها مطلقًا قال ابن عبد البر أظن من فرق بينهما ذهب إلى قول عائشة أيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أملك لنفسه وشهوته اهـ وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للشيخ وهو صائم ونهى عنها الشاب وقال الشيخ يملك إربه والشاب يفسد صومه ففهم من التعليل أنه دائر مع تحريك الشهوة بالمعنى المذكور وأن التعبير بالشيخ والشاب جرى على الغالب من أحوال الشيوخ في انكسار شهوتهم وأحوال الشباب في قوتها فلو انعكس الأمر انعكس الحكم ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان ينهى عن القبلة) على الفم أو الخد أو غيرهما ( والمباشرة) بنحو لمس البشرة بلا جماع ( للصائم) لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.



رقم الحديث 658 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ.


( ما جاء في التشديد في القبلة للصائم)

( مالك أنه بلغه أن عائشة) أخرجه البخاري ومسلم عن طريق الأسود ومسلم من طريق القاسم وعلقمة ومسروق الأربعة عن عائشة ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل) بعض أزواجه عائشة وحفصة في مسلم وأم سلمة في البخاري زاد في رواية البخاري ويباشر وكذا لمسلم من طريق مسروق أي يلمس بشرته بشرة المرأة ونحو ذلك لا الجماع ( وهو صائم تقول وأيكم أملك لنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة والمباشرة ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثله صلى الله عليه وسلم في استباحتها لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الانكفاف عنها وبرواية الموطأ هذه فسر الترمذي رواية الصحيحين أيكم يملك إربه فقال معناه نفسه قال الحافظ العراقي وهو أولى بالصواب لأن أولى ما فسر به الغريب ما ورد في بعض طرق الحديث انتهى وإربه بكسر الهمزة وإسكان الراء رواه الأكثر كما قال الخطابي وعياض قال النووي وهو الأشهر وروي بفتح الهمزة والراء وقدمه الحافظ وقال إنه الأشهر وإلى ترجيحه أشار البخاري وهما بمعنى وطره وحاجته أي أغلب لهواه وحاجته ويطلق أيضًا بفتح الهمزة والراء على العضو الخاص قاله عياض قال التوربشتي لكن حمله في الحديث على العضو غير سديد لا يغتر به إلا جاهل بوجوه حسن الخطاب مائل عن سنن الأدب ونهج الصواب ورده الطيبي بأنها ذكرت أنواع الشهوة مرتقية من الأدنى إلى الأعلى فبدأت بمقدمتها التي هي القبلة ثم ثنت بالمباشرة من نحو المداعبة والمعانقة وأرادت أن تعبر عن المجامعة فكنت عنها بالإرب وأي عبارة أحسن منها اهـ وأخذ الظاهرية بظاهر هذا الحديث فجعلوا القبلة للصائم سنة وقربة من القرب اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم ورد بأنه كان يملك نفسه فليس كغيره وكيفما كان لا يفطر إلا بإنزال المني فلو أمذى وجب القضاء عند مالك ولا شيء عليه عند أبي حنيفة والشافعي وشذ قوم فقالوا مجرد القبلة يبطل الصوم ( قال مالك قال هشام بن عروة قال عروة بن الزبير لم أر القبلة للصائم تدعو إلى خير) لما يخاف من الإنزال أو الجماع ( مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ) لأن الغالب انكسار شهوته ( وكرهها للشاب) لأن الغالب قوتها وبالفرق قال مالك في رواية والشافعي وأبو حنيفة وعن مالك كراهتها في الفرض دون النفل والمشهور عنه كراهتها مطلقًا قال ابن عبد البر أظن من فرق بينهما ذهب إلى قول عائشة أيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أملك لنفسه وشهوته اهـ وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للشيخ وهو صائم ونهى عنها الشاب وقال الشيخ يملك إربه والشاب يفسد صومه ففهم من التعليل أنه دائر مع تحريك الشهوة بالمعنى المذكور وأن التعبير بالشيخ والشاب جرى على الغالب من أحوال الشيوخ في انكسار شهوتهم وأحوال الشباب في قوتها فلو انعكس الأمر انعكس الحكم ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان ينهى عن القبلة) على الفم أو الخد أو غيرهما ( والمباشرة) بنحو لمس البشرة بلا جماع ( للصائم) لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.